باب ما جاء في اللات والعزى وما جاء في بدوهما كيف كان |
حدّثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن محمد بن السايب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رجلاً
(1)
ممن مضى كان يقعد على صخرة لثقيف
(2)
يبيع السمن من الحاج إذا مروا فيلت سويقهم وكان ذا غنم فسميت صخرة اللات فمات، فلما فقده الناس قال لهم عمرو: إن ربكم كان اللات فدخل في جوف الصخرة، وكان العزى ثلاث شجرات سمرات بنخلة
(3)
وكان أول من دعا إلى عبادتها عمرو بن ربيعة والحارث بن كعب وقال لهم عمرو: إن ربكم يتصيف باللات لبرد الطايف، ويشتوا بالعزى لحر تهامة، وكان في كل واحدة شيطان يعبد، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بعث بعد الفتح خالد بن الوليد إلى العزى ليقطعها فقطعها. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأيت فيهن؟ قال: لا شيء، قال: ما قطعتهن فارجع فاقطع، فرجع فقطع، فوجد تحت أصلها امرأة ناشرة شعرها قايمة عليهن كأنها تنوح عليهن فرجع فقال: إني رأيت كذا وكذا قال: صدقت. |
حدّثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرنا محمد بن إسحاق أن عمرو بن لحي اتخذ العزى بنخلة فكانوا إذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة لم يحلوا حتى يأتوا العزى فيطوفون بها، ويحلون عندها، ويعكفون عندها يوماً، وكانت لخزاعة. وكانت قريش وبنو كنانة كلها يعظم العزى مع خزاعة وجميع مضر وكان سدنتها الذين يحجبونها بنو
(4)
شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، وقال عثمان: وأخبرنا محمد بن السايب الكلبي قال: كانت بنو نصر
(5)
وجشم، وسعد بن بكر وهم عجز هوازن يعبدون العزى. قال الكلبي: وكانت اللات والعزى ومناة في كل واحدة منهن شيطانة تكلمهم وترايا للسدنة - وهم الحجبة - وذلك من صنيع
(6)
إبليس وأمره. |
حدّثني جدي عن محمد بن إدريس عن الواقدي عن عبد الله بن يزيد عن سعيد بن عمرو الهذلي قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من شهر رمضان فبث السرايا في كل وجه وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام، فخرج هشام بن العاصي في مايتين قبل يلملم، وخرج خالد ابن سعيد بن العاصي في ثلاثماية قبل عرنة
(7)
وبعث خالد بن الوليد إلى العزى يهدمها فخرج خالد في ثلاثين فارساً من أصحابه إلى العزى حتى انتهى إليها فهدمها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أهدمت؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: هل رأيت شيئاً؟ قال: لا، قال: فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها فخرج خالد بن الوليد وهو متغيظ فلما انتهى إليها جرد سيفه فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة شعرها فجعل السادن
(8)
يصيح بها، قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري فجعل يصيح بها ويقول: |
أعزا
(9)
شدى شدة لا تكذبي |
أعزي ألقى القناع
(10)
وشمري |
أعزى إن لم تقتلي المرء خالداً |
فبوئي بإثم
(11)
عاجل أو تنصري
(12)
|
|
فأقبل خالد بن الوليد بالسيف إليها وهو يقول: |
يا عز
(13)
كفرانك لا سبحانك |
إني رأيت الله قد أهانك |
|
قال: فضربها بالسيف فجزلها باثنتين ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: نعم تلك العزى قد أيست أن تعبد ببلادكم أبداً. ثم قال خالد: يا رسول الله الحمد لله الذي أكرمنا بك وأنقذنا بك
(14)
من الهلكة لقد كنت أرى أبي يأتي العزى
(15)
بخير ماله من الإبل والغنم فيذبحها للعزى ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً ونظرت إلى ما مات عليه أبي وإلى ذلك الرأي الذي كان يعاش في فضله وكيف خدع حتى صار يذبح لما لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الأمر إلى الله فمن يسره للهدى تيسر له، ومن يسره للضلالة كان فيها، وكان هدمها لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان وكان سادنها أفلح بن النضر السلمي من بني سليم؛ فلما حضرته الوفاة دخل عليه أبو لهب يعوده وهو حزين فقال له:
(16)
مالي أراك حزيناً؟ قال: أخاف أن تضيع العزى من بعدي، قال له أبو لهب: فلا تحزن فأنا أقوم عليها بعدك. فجعل أبو لهب يقول لكل من لقي: إن تظهر العزى كنت قد اتخذت عندها يداً بقيامي عليها، وإن يظهر محمد على العزى وما أراه يظهر فابن أخي، فأنزل الله تبارك وتعالى تبت يدا أبي لهب وتب. |
حدّثني جدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عمن حدثه قال: جاء حسان ابن ثابت الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: يا رسول الله أيذن لي أن أقول فإني لا أقول إلا حقاً، قال: قل: فأنشأ يقول: |
شهدت بإذن الله أن محمداً |
رسول الذي
(17)
فوق السموات من عل |
|
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أشهد. فقال حسان بن ثابت: |
وإن أبا يحيى ويحيى كليهما
(18)
|
له عمل في دينه متقبل |
|
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أشهد. فقال حسان بن ثابت: |
وإن الذي عاد اليهود ابن مريم |
رسول أتى من عند ذي العرش مرسل |
|
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا أشهد، فقال حسان بن ثابت: |
وأن أخا الأحقاف إذ يعذلونه
(19)
|
يجاهد في ذات الإله ويعدل
(20)
|
|
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أشهد، فقال حسان بن ثابت: |
وإن التي
(21)
بالجزع
(22)
من بطن نخلة |
ومن دانها فل
(23)
عن الحق معزل
(24)
|
|
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا أشهد. قال سفيان: يعني العزى. وأما مناة فكانت بالمشلل من قديد* |
|