شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة دولة السيد محمد أحمد النعمان ))
ثم تحدث المحتفى به دولة السيد محمد أحمد النعمان فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين.. الذي جمعنا في هذا المكان لتطمئن قلوبنا بصفاء النفوس والقلوب، وإن الإِنسان ليكاد يذوب خجلاً مما يسمع من الثناء والتقدير.. كما قال شوقي:
فلا تذب من حياء حين تستمع (1) ...
- ويمكن أن يعود الإِنسان إلى ما كان السلف الصالح عليه، إذا مُدح الواحد منهم أو أُثني عليه قال: "اللهم اغفر لي مالا يعلمون، واجعلني خيراً مما يظنون، ولا تؤاخذني بما يقولون" إلا أن الإِنسان في طبيعته يرتاح حينما يسمع كلمة الثناء والتقدير، وتهتز أعصابه لذلك، ويثني على الله الذي سخر له من ينصفه ويثني عليه، فقد قيل أن كعب بن زهير حينما أثنى على رسول الله في قصيدة: "بانت سعاد فقلبي اليوم متبول"، حينما قال:
إن الرسـول لـسيف يُستضاء به
مُهنـدٌ من سيـوفِ الله مَسْلُول
- اهتز الرسول وقال زَهٍ.. زَهٍ، أي زد.. زد...
- تحدثاً بنعمة الله، فنحن لا نطلب المزيد من الأخ عبد المقصود، ويكفينا التكريم الذي نراه لنا ولمن سبقنا، وما نرى هذا إلا امتداداً لروح هذه المملكة وقادتها الراشدين، وعلى رأسهم جلالة الملك فهد المعظم، وولي عهده ونائبه الثاني، وقادة المملكة من مثقفين وعلماء وأدباء الذين أتاحوا الفرصة لهذه اللقاءات وشجعوا الأخ عبد المقصود أن يقيم هذه الاثنينية دائماً، فيقول الشاعر:
إذا ازدهَـاكَ هَــزَار في خَميلته
فاخْصُصُ بِحمدك من أَولاه بُستاناً
 
- فنحن مدينون لهذه المملكة العظيمة، وليس عندي استعداد للكلام لأني في جيل بعد جيلي، وإذا ذهبَ الجِيلُ الذي أنت منه وخلفت في جيل آخر فأنت غريبُ.
- وقد فوجئت بهذه الدعوة وحاولت أن أعتذر عنها حينما دعيت، ولكن كان هناك شبه متآمرين على رأسهم أخي وصديقي اللدود الشيخ عبد الله بلخير، الذي ارتبطت به منذ نصف قرن، فحاولت أن أركز على نقاط وحشرتها في ورقة صغيرة لتكون منطلقاً، وراعني في كلمات الدعوة المنشورة في الصحيفة قولها أشهر الشخصيات الفكرية والأدبية والسياسية في اليمن، السياسية أنا أقبلها تماماً، لكن الأدبية والفكرية فهناك شخصيات أقوى وأكبر، سواء حاضرين أو غائبين، ولقد حاولت الاعتذار مرةً بعد مرة واستعنت بصديقي، وإذا بصديقي هو الذي يجرجرني بالسلسلة من وراء الستار، فقلت ولا أدري من هو القائل:
ما إن نَدِمتُ على سُكوتي مَرةً
إلا نَدِمت على الكَلامِ مـراراً
 
- وأنا اليوم أردد من أعماقي هذين البيتين:
ولما دنـا مِني الـنَّزاع تَعرَّضت
إليَّ ودوني مـن تَـعرضها شـغلُ
دَنَت وحِياضُ الموتْ بيني وبينها
وجادت بوصـلٍ حـين لا ينفـع الوصـلُ
- فلقد فوجئت اليوم بما نشرته صحيفتنا العالمية الشرق الأوسط وصحيفتنا عكاظ عن احتفاء الأخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه في أمسيته الاثنينية وتكريمه لي، وقد نشرت لي الصحيفة مزايا أتشرف بها ولا أدَّعيها وأخجل منها، ولعل بعض الإِخوة الحاضرين يشهدون أنني اعتذرت مساء يوم الاثنين الماضي حين حضرت حفل تكريم الأخ الصديق السفير جعفر محمد رائد، ثم أكدت الاعتذار للأخ صاحب الاثنينية رغم شعوري بالحرج الشديد منه، وإشفاقي على مشاعره الحميمة وعواطفه الكريمة، واستعنت بصديقين أحسنت بهما الظن ليقدما الاعتذار عني، أحدهما: شاعر الأمة العربية الكبير الصديق اللدود منذ نصف قرن، والثاني الصديق جعفر محمد رائد، ولكنهما خذلاني خذلاناً مبيناً سامحهما الله.
- وها أنا أمام الأمر الواقع، ماذا أصنع لا أدري؟ ماذا أقول وعَمَّ أتحدث؟ وهل ترك الكُتاب والأدباء والساسة والخطباء والزعماء شيئاً يقال؟
ما أرانا نقول إلا مـعاراً
أو معاداً في لفظه مكروراً
وإذا كان خير الكلام ما قل ودل فإني أعيد على مسامعكم ما أنشده الأديب إبراهيم طوقان الشاعر قبل ثلث قرن:
أيها الرَاسخُون في الوطنية
أيها الحَامِلون عِبء القَضية
أيها القائلون من غير فِعلٍ
بَاركَ اللهُ في النُفُوسِ الأبيَّة
ما جَحدْنا أَفْضالكم غير أنَّا
بقيت في نفوسنا أمنية
في يدينا بقية من بلاد
فاتركونا كي لا تطير البقية
 
- وإني لأشكر من صميم قلبي الأخ عبد المقصود وأكبر عاطفته النبيلة نحو الأدب والفكر، وتكريم الأدباء والعلماء والشعراء والمفكرين، وهو إنما يعبر بذلك عن المملكة العظيمة وقادتها الراشدين، هؤلاء القادة وعلى رأسهم جلالة الملك العظيم فهد بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده وسمو النائب الثاني وسائر القادة الأمراء ورجال الفكر والأدب، فلولا تشجيعهم وحبهم وتقديرهم لكل من يفتح الباب لتكريم العلم والعلماء والمتفوقين، ولولا منحهم الجوائز السخية في مختلف الميادين، لولا ذلك لما تمكن الأخ عبد المقصود وأمثاله من تأسيس هذه الاثنينية.
- وإنه لتحضرني قصة تاريخية في هذه المناسبة.. هي أن المـلك المظفر في اليمن قبل ما يقرب من (1000 عام) حين ازدهرت في أيامه العلوم والآداب، استطاع مجد الدين الشيرازي أن يؤلف القاموس المحيط في زبيد إحدى المدن العلمية في اليمن، فقد اعتزم الشيرازي الحج والهجرة، وطلب من الملك المظفر السماح له بذلك.. قائلاً لقد أصبحت عظاماً في جراب أو جداراً مشرفاً على خراب، كيف وقد جاوزت السبعين التي تسميها العرب دقاقة الرقاب، فأعتقني يعتقك الله من النار بالسماح لي بالحج وقضاء بقية عمري في حرم الله.. ورد عليه الملك المظفر: هذا شيء يضيق به جناني ولا ينطق به لساني، ووالله يا مجد الدين.. يميناً بارة أن فراقي للدنيا وأهلها ولا فراقك اليمن وأهلها. وها هي سنة التكريم للعلماء وللعلم سائدة في هذه المملكة التي أتاحت لنا الفرصة لمثل هذه اللقاءات:
إذا ازدهـاك هَـزَار في خميـلته
فاخصص بحمدك من أولاه بستاناً
 
- وعلى يميني وأمامي وشمالي كبار الأدباء والشعراء.. فيترك المجال لهم، ولعل الأخ سمير سرحان سيكفينا المؤونة ويرفع عني إصر الكلام عن الشعر والأدباء، فأنا بعيد عن ذلك؛ وسلام الله عليكم.
فسأل الأستاذ عبد المقصود خوجه: هل هذه مقدمة يا سيدي؟.
فأجاب دولة النعمان: نعم. هذه مقدمة، أما الخاتمة فستأتي الآن ومعنا أبو ريشة...
ثم طلب الأستاذ حسين نجار من: دولة الرئيس أن يسرد على الحاضرين شيئاً من سيرته الذاتية، فالأعين إليه متطلعة، والآذان متلهفة، والقلوب صاغية واعية.
فأجاب دولة النعمان قائلاً: هذه السيرة ستكتب كتابة، والكلام لا يفي ونحن لا نحب أن نحرم الأحباب من التحادث مع بعضهم بعضاً والأنس ببعضهم البعض، فهذه اللقاءات نادرة، أما الكتابات فميسور أمرها، فلنسمع من الحاضرين وهذا ما فيه الكفاية، ونحن نريد أن نرفه على أنفسنا بالسرور، وكفانا ما لاقيناه من هموم، فذكرياتي ذكريات مريرة، ولعل من الأفضل أن أسمعكم آخر قصيدة قالها شاعر الأمة العربية الكبير معالي الشيخ، عبد الله بلخير ورفض أن يعلنها أو يتحدث عنها، وعنوانها: (السويسرة).
وجنةُ الخلد في الدنيا سُويِسَرةٌ
فهي اليَنَابِيع أَنهارٌ وأفنانُ
أُسرِّحُ الطَرْفَ فيها وهو مُنبهرٌ
بما يرى وهي آرامٌ وغزلانُ
أَهِيمُ بين الظِّباء السَارِحات بها
وهن حولي زرافاتٌ ووحدانُ
ومـا أُبـرئُ نفســي فالجمــال لـه
على ذَوِي العقل والأخلاق سلطان
ولي من الفطرة السمحاء معتصم
في الحب وهـي لـذي الإِحـساس وجدانُ
تغفو القرى في روابيها على عبق
الغابات رَفَّ عليها وهو نعسان
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1089  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.