شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ذكر هبوط آدم إلى الأرض وبنائه الكعبة، وحجه، وطوافه بالبيت
حدّثنا أبو الوليد حدثنا جدي قال حدثنا سعيد بن سالم عن طلحة بن عمرو (1) الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من رعدته قال: فطأطأ الله عز وجل منه إلى ستين ذراعاً، فقال: يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة (2) ولا أحسهم؟ (3) قال: خطيئتك يا آدم لكن اذهب فابن لي بيتاً فطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي قال: فأقبل آدم عليه السلام يتخطا فطويت (4) له الأرض وقبضت له المفاوز فصارت كل مفازة يمر بها خطوة وقبض له ما كان من مخاض ماء أو بحر فجعل له خطوة (5) ولم تقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة فبنى البيت الحرام وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز (6) عن أس ثابت على الأرض السفلى فقذفت فيه الملائكة من (7) الصخر ما لا (8) يطيق حمل (9) الصخرة منها ثلاثون رجلاً وأنه بناه من خمسة أجبل من لبنان، وطور زيتا، وطور سينا والجودي، وحراء حتى استوى على وجه الأرض، قال ابن عباس: فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به آدم عليه السلام حتى بعث الله الطوفان قال: وكان غضباً ورجسا قال: فحيث ما انتهى الطوفان ذهب ريح آدم عليه السلام قال: ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند قال: فدرس موضع البيت في الطوفان حتى بعث الله تعالى إبراهيم وإسماعيل فرفعا قواعده (10) وأعلامه وبنته قريش بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور لو سقط، ما سقط إلا عليه. حدّثنا أبو الوليد حدثنا مهدي بن أبي المهدي قال حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني عن عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه أن الله تعالى لما تاب على آدم عليه السلام أمر أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض وقبض له المفاوز فصار كل مفازة يمر بها (11) خطوة وقبض له ما كان فيها من مخاض ماء (12) أو بحر فجعله له خطوة فلم يضع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة (13) حتى انتهى إلى مكة، وكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان فيه من عظم المصيبة حتى أن كانت الملائكة لتحزن لحزنه ولتبكي لبكائه فعزاه الله تعالى بخيمة من خيام الجنة ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة فيها ثلاثة قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، ونزل معها الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة وكان كرسياً لآدم عليه السلام يجلس عليه، فلما صار آدم عليه بمكة وحرس له تلك الخيمة (14) بالملائكة كانوا يحرسونها ويذودون عنها ساكن الأرض، وساكنها يومئذ الجن والشياطين فلا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له، والأرض يومئذ طاهرة نقية لم تنجس، ولم تسفك فيها الدماء، ولم يعمل فيها بالخطايا، فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون، وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفاً واحداً مستديرين بالحرم الشريف كله، الحل من خلفهم والحرم كله من أمامهم فلا يجوزهم جن ولا شيطان ومن أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم، ووضعت أعلامه حيث كان مقام الملائكة وحرم الله عز وجل على حواء (15) دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم عليه السلام من أجل (16) خطيئتها التي أخطأت في الجنة فلم تنظر إلى شيء من ذلك حتى قبضت، وإن آدم عليه السلام كان إذا أراد لقاءها ليلم (17) بها للولد خرج من الحرم كله حتى يلقاها، فلم تزل خيمة آدم عليه السلام مكانها حتى قبض الله آدم ورفعها الله تعالى وبنى بنو آدم بها من بعده (18) مكانها (19) بيتاً بالطين والحجارة فلم يزل معموراً يعمرونه هم و (20) من بعدهم حتى كان زمن نوح عليه السلام فنسفه الغرق وخفى (21) مكانه فلما بعث الله تعالى إبراهيم خليله عليه السلام طلب الأساس فلما وصل إليه ظلل الله تعالى له مكان البيت بغمامة فكانت حفاف البيت الأول ثم لم (22) تزل راكدة على حفافه تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد حتى رفع الله القواعد قامة ثم انكشفت الغمامة فذلك (23) قول الله عز وجل: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أي الغمامة التي ركدت على الحفاف لتهديه مكان القواعد فلم يزل بحمد الله منذ رفعه (24) الله معموراً. قال وهب بن منبه: وقرأت في كتاب من الكتب الأولى (25) ذكر فيه أمر الكعبة (26) فوجد فيه أن ليس من ملك من الملائكة (27) بعثه تعالى إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش محرماً ملبياً حتى يستلم الحجر ثم يطوف سبعاً بالبيت ويركع في جوفه ركعتين ثم يصعد. وحدّثني محمد بن يحيى عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن عبد الله بن لبيد قال: بلغني أن ابن عباس قال: لما أهبط الله سبحانه آدم عليه السلام إلى الأرض أهبطه إلى موضع البيت الحرام وهو مثل الفلك من رعدته ثم أنزل عليه الحجر الأسود - يعني الركن - وهو يتلألأ من شدة بياضه فأخذه آدم عليه السلام فضمه إليه أنساً به ثم نزلت عليه العصا فقيل له: تخط يا آدم فتخطا فإذا هو بأرض الهند و (28) السند فمكث بذلك ما شاء الله ثم استوحش إلى الركن فقيل له: احجج قال: فحج (29) فلقيته الملائكة فقالوا: بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. وحدّثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: أخبرني محمد بن إسحاق قال: بلغني أن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض حزن على ما فاته مما كان يرى ويسمع في الجنة من عبادة الله فبوأ الله له البيت الحرام وأمره بالسير إليه فسار إليه لا ينزل منزلاً إلا فجر الله له (30) ماء معينا حتى انتهى إلى مكة فأقام بها يعبد الله عند ذلك البيت ويطوف به فلم تزل داره حتى قبضه الله بها* حدّثني جدي قال: حدثني سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج قال: بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب: يا كعب أخبرني عن البيت الحرام قال كعب: أنزله (31) الله تعالى من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم عليه السلام فقال له: يا آدم إن هذا بيتي أنزلته معك يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى حوله كما يصلى حول عرشي، ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضع البيت عليه فكان آدم عليه السلام يطوف حوله كما يطاف حول العرش، ويصلى عنده كما يصلى عند العرش فلما أغرق (32) الله قوم نوح رفعه الله إلى السماء وبقيت قواعده* حدّثني جدي قال: وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن إبان بن (33) أبي عياش قال: بلغنا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل كعباً ثم نسق (34) مثل الحديث الأول* وحدّثني جدي قال: وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس رضوان الله عليه قال: كان آدم عليه السلام أول من أسس البيت وصلى فيه حتى بعث الله الطوفان* حدّثنا مهدي بن أبي المهدي قال: حدثنا عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن إبان أن البيت أهبط ياقوتة لآدم عليه السلام أو درة واحدة (35) * وحدّثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم القداح عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه قال: كان البيت الذي بوأه الله تعالى لآدم عليه السلام يومئذ ياقوتة من يواقيت الجنة (36) حمراء تلتهب، لها بابان أحدهما شرقي، والآخر غربي وكان فيه قناديل من نور آنيتها ذهب من تبر الجنة وهو منظوم بنجوم من ياقوت أبيض، والركن يومئذ نجم من نجومه وهو يومئذ ياقوتة بيضاء* حدّثنا جدي قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى قال: حدثنا المغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح قال: لما بنى ابن الزبير الكعبة أمر العمال أن يبلغوا في الأرض فبلغوا صخراً أمثال الإبل الخلف قال فقالوا: إنا قد بلغنا صخراً معمولاً أمثال الإبل الخلف قال قال: زيدوا فاحفروا، فلما زادوا بلغوا هواء من نار يلقاهم (37) فقال: ما لكم؟ قالوا: لسنا نستطيع أن نزيد، رأينا أمراً عظيماً فلا (38) نستطيع. فقال لهم: ابنوا عليه، قال: فسمعت عطاء يقول: يرون أن ذلك الصخر مما بنى آدم عليه السلام* وحدّثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس عليه السلام خر آدم ساجداً يبكي فهتف به هاتف فقال: ما يبكيك يا آدم؟ قال: أبكاني أنه حيل بيني وبين تسبيح ملائكتك وتقديس قدسك، قيل له: يا آدم. قم إلى البيت الحرام، فخرج إلى مكة فكان حيث يضع قدميه يفجر (39) عيوناً، وعمراناً، ومداين (40) وما بين قدميه الخراب والمعاطش فبلغني أن آدم عليه السلام تذكر الجنة فبكا، فلو عدل بكاء الخلق ببكاء آدم حين أخرج من الجنة ما عدله ولو عدل بكاء الخلق وبكاء آدم عليه السلام ببكاء داود حين أصاب الخطيئة ما عدله*
حدّثني جدي قال: أخبرنا سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه أن آدم عليه السلام اشتد بكاؤه وحزنه لما كان من عظم المصيبة حتى أن كانت الملائكة لتحزن لحزنه، ولتبكي لبكائه قال: فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة وضعها له (41) بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت (42) الجنة وفيها ثلاثة قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يلتهب من نور الجنة، فلما صار آدم عليه السلام إلى مكة وحرس (43) له تلك الخيمة بالملائكة فكانوا يحرسونه ويذودون عنها سكان الأرض، وسكانها يومئذ الجن، والشياطين، ولا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة، لأنه من نظر إلى شيء منها وجبت له، والأرض يومئذ نقية طاهرة طيبة لم تنجس (44) ولم تسفك فيها الدماء، ولا يعمل فيها بالخطايا (45) فلذلك جعلها الله يومئذ مستقر الملائكة (46) وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون، قال: فلم تزل تلك الخيمة مكانها حتى قبض الله آدم عليه السلام ثم رفعها إليه* حدّثني مهدي بن أبي المهدي عن عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن قتادة في قوله عز وجل [وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت] قال وضع الله تعالى البيت مع آدم عليه السلام فأهبط الله تعالى آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وكانت (47) الملائكة تهابه فقبض إلى ستين ذراعاً فحزن آدم عليه السلام إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم. فشكا ذلك إلى الله تعالى فقال الله تعالى: يا آدم إني أهبطت معك بيتاً يطاف حوله (48) كما يطاف حول عرشي فانطلق إليه فخرج آدم عليه السلام ومد له في خطو (49) فكان خطوتان أو بين خطوتين مفازة فلم يزل على ذلك، فأتى آدم عليه السلام البيت فطاف به، ومن بعده من الأنبياء، حدّثني محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن (50) عمران عن عمر بن أبي (51) معروف عن عبد الله بن أبي زياد أنه قال: لما أهبط الله تعالى آدم عليه السلام من الجنة قال: يا آدم ابن لي بيتاً بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبد فيه أنت وولدك كما تتعبد ملائكتي حول عرشي. فهبطت عليه الملائكة فحفر حتى بلغ الأرض السابعة فقذفت فيه (52) الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض وهبط آدم عليه السلام بياقوتة حمراء مجوفة لها أربعة أركان بيض فوضعها على الأساس فلم تزل الياقوتة (53) كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله سبحانه وتعالى (54) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :959  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.