الحلقة - 3 - |
(وتفتح سوسن الباب وإذا بها وجهاً لوجه مع عاصم وشقيقته ابتسام فتقول والدهشة ترين على كلامها): |
سوسن: من.. أنت!.. غير معقول.. غير معقول.. يا مرحبا.. تفضل.. تفضلي ابتسام.. أهلاً وسهلاً… |
عاصم: شكراً… |
ابتسام: ألف شكر يا سوسن… |
سوسن: مس ماريا، أقدم لك صديقتي مس ابتسام، وهذا أخوها مستر عاصم… |
ماريا: تشرفنا… |
عاصم: تشرفنا مس ماريا… |
ابتسام: تشرفنا مس ماريا… |
سوسن: متى كان الوصول يا ابتسام؟… |
ابتسام: من المطار إلى شقتك… |
سوسن: كيف عرفتم عنواني؟… |
ابتسام: من فؤاد، فقد أخذناه منه وأعطانا رسالة لك وهدايا منه وهدايا متواضعة مني ومن عاصم… |
سوسن: شكراً.. شكراً… |
ماريا: حسناً.. أنا استأذن يا سوسن، فقد جاء الوقت الذي يجب أن أعود فيه إلى والدتي… |
سوسن: غير ممكن إلا بعد أن تأكلي من الهدايا التي جاءتني وتأخذي حصة والدتك منها… |
ماريا: شكراً.. أنا آكل حصتي وحصة والدتي… |
سوسن: حصة والدتك محفوظة، فالخير كثير والحمد لله… |
عاصم: فؤاد الحمد لله بخير ولكن فكره مشغول عليك لتأخر رسائلك، وقد طلب منا أن نذهب من المطار رأساً إليك لنطمئنه عنك وسأبرق له فور خروجي من هنا… |
سوسن: وأنا كذلك.. شكراً.. شكراً.. والآن تفضلي ماريا بالأكل… |
ماريا: شكراً.. إن أشكال الهدايا متنوعة ولا بد أن لكل نوع طعماً ومذاقاً خاصاً… |
سوسن: كلي منها جميعها… |
ابتسام: حتى تعرفي طعم ومذاق كل نوع… |
ماريا: هذا يعني أني سأتعشى… |
(ضحك من الجميع يقول عاصم): |
عاصم: هذه مقبلات للعشاء يا مس ماريا… |
سوسن: وستتعشين معنا يا ماريا على شرف ابتسام وعاصم… |
عاصم: شكراً يا آنسة سوسن.. يسعدني أن تقبلوا دعوتي لكن لنتعشى معاً… |
سوسن: ولكنك وابتسام ضيوفي الآن… |
عاصم: أنا أخوك يا آنسة سوسن والحال واحد… |
ابتسام: أجل يا سوسن، فؤاد وعاصم أخوة إن كان في الدنيا خير… |
سوسن: ما رأيك ماريا في العشاء معنا؟… |
ماريا: هذه المقبلات خير من أي عشاء آخر.. على كل حال سأحتفظ بحقي في العشاء إلى لقاء آخر… |
(ضحك من الجميع نسمع بعدها صوت سوسن تقول): |
سوسن: وهو كذلك.. حقك محفوظ يا ماريا… |
ماريا: أستأذن، فقد أكلت حصتي وحصة والدتي… |
سوسن: تفضلي في هذا الكيس حصة والدتك… |
ماريا: شكراً.. شكراً.. إلى اللقاء…. |
الجميع: إلى اللقاء… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ماهر يقول وهو منفعل ومحتد): |
ضاهر: أجاءتك آخر الأنباء يا سليم؟… |
سليم: أية أنباء يا ضاهر؟… |
ضاهر: عاصم… |
سليم: ما وراء عاصم؟ |
ضاهر: أعلمت بما فعله؟ |
سليم: لا يا صديقي؟ ماذا فعل؟ |
ضاهر: لحق بسوسن… |
سليم: لحق بسوسن.. ماذا تقول؟ |
ضاهر: أجل عاصم وأخته ابتسام يدرسان الآن في الجامعة التي تدرس فيها سوسن… |
سليم: أحقاً ما تقول؟ |
ضاهر: أي وربي… |
سليم: كيف استطاع أن يكون ابتعاثه إلى الجامعة نفسها التي تدرس فيها سوسن؟ |
ضاهر: بمساعدة أصدقاء والده ومعارفه هو… |
سليم: لا شك أنها أنباء مزعجة… ولكن… |
ضاهر: ولكن ماذا؟ |
سليم: وما أهمية ذلك بالنسبة لك؟ كانت سوسن خطيبة لك وفسخت الخطوبة والزواج قسمة ونصيب… |
ضاهر: ولكنه تحدٍ لي من قبل عاصم… |
سليم: فتاة وانفسخت خطبتها منك.. هل تريدها أن لا تتزوج من غيرك.. |
ضاهر: لا.. ولكن محاولات عاصم هذه تستهدف التمهيد للزواج من سوسن… |
سليم: وماذا يضرك من محاولات عاصم؟… |
ضاهر: كيف.. زواج سوسن من عاصم تحدٍ لي يجب أن أرد عليه.. |
سليم: عندما قلنا إنك ما تزال تحب سوسن.. غضبت وأنكرت ذلك، وهذه الزوبعة التي تثيرها كل يوم كيف تحللها وتفسرها يا صديقي؟ |
ضاهر: لا أدري، ولكن الذي أدري… |
سليم: ولكن الذي تدري هو.. |
ضاهر: هو ماذا…؟ |
سليم: هو أنك ما تزال تحب سوسن حتى الجنون.. |
ضاهر: أنا.. أنا!… |
سليم: نعم أنت.. ويكفيك مخادعة نفسك ومخادعتنا… اعترف وأرح نفسك وأرحنا من هذه العنتريات اليومية التي لا لزوم لها…. |
ضاهر: أجل يا صديقي.. أجل.. إني ما أزال أحب سوسن وسأظل أحبها إلى الأبد… |
سليم: برافو ضاهر.. برافو.. ألا تشعر الآن بارتياح شديد بعد هذا الاعتراف؟… |
ضاهر: بلى.. بلى.. |
سليم: إذن، فلنفكر في اتخاذ خطوات جديدة حكيمة… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت وجدي يقول): |
وجدي: صباح الخير سيد فؤاد… |
فؤاد: صباح الخير سيد وجدي.. أهلاً وسهلاً بك… |
وجدي: شكراً.. شكراً.. لقد حضرت بناء على طلبك ولا أريد أن أضيع من وقتك الثمين، فما هي أسباب الطلب؟ |
فؤاد: علمت أنك تحمل شهادة تجارة وإدارة أعمال.. |
وجدي: نعم.. نعم… |
فؤاد: وإن عقدك مع الشركة التي تعمل بها قد انتهى.. |
وجدي: أجل.. أجل.. |
فؤاد: وإنك لا ترغب في تجديده مع الشركة المذكورة بالرغم من إلحاحها… |
وجدي: بلى.. بلى.. ولديّ ما يثبت ذلك… |
فؤاد: ما رأيك يا سيد وجدي؟ |
وجدي: في أي شيء؟ |
فؤاد: في أن نتعاون معاً… |
وجدي: إنني أرحب بذلك ولكن ما هو نوع التعاون؟ |
فؤاد: تقوم بإدارة أعمال أي تصبح مديراً لأعمالي جميعها… |
وجدي: شكراً.. شكراً.. وإنها ثقة أعتز بها وأفخر.. ولكن.. |
فؤاد: ولكن ماذا؟ |
وجدي: ولكني لست أهلاً لهذه الثقة… |
فؤاد: أنت أهل ومحل لهذه الثقة وإني أرجوك القبول فلا تخيب رجائي… |
وجدي: قبلت وأرجو أن أكون عند حسن ظنك بي.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عاصم يقول): |
عاصم: ابتسام، ابتسام، |
ابتسام: نعم يا عاصم… |
عاصم: تعالي بسرعة… |
ابتسام: خيراً إن شاء الله… |
عاصم: أنسيت؟ |
ابتسام: ماذا نسيت؟ |
عاصم: موعدنا مع سوسن… |
ابتسام: لم أنسه ولكني أريد استكمال تحضير بعض مواد الدراسة لأني واثقة أننا سنعود متعبين من حضور سباق الزوارق… |
عاصم: إنه سباق ممتع، لعلَّنا لأول مرة في حياتنا نشهد مثله… |
ابتسام: أجل يا أخي أجل.. إنهم هنا يعرفون كيف يستغلون طبيعة بلادهم وجمالها.. أما نحن فمع الأسف، لا نفكر في استغلال مناظر بلادنا الساحرة الجميلة… |
عاصم: لا أدري هل ماريا ستذهب معنا؟… |
ابتسام: من كل بد لأنها ستكون دليلنا ومرشدنا ثم… |
عاصم: ثم ماذا؟ |
ابتسام: أنسيت أننا مدعوون على فنجان قهوة في دار ماريا لنتعرف إلى والدتها؟… |
عاصم: ياه… نسيت والله نسيت… يومنا سيكون كله مزدحماً… |
ابتسام: ولذلك فعلينا أن نحضر دروس الغد قبل أن تبهرنا مناظر السباق وواجبات الزيارة وما سيجد مما لم يكن بالحسبان… |
عاصم: صدقت.. صدقت.. لن أعطلك عن درسك… |
ابتسام: ولا أنا، وجرس الساعة هو الذي سينبهنا إلى حلول الوقت… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ماريا تقول): |
ماريا: هلو.. سوسن.. |
سوسن: هلو.. ماريا.. كيف أنت؟… |
ماريا: بخير.. بخير.. وأنت؟… |
سوسن: وأنا كذلك لله الحمد… |
ماريا: لقد جئتك قبل بدء الذهاب لمشاهدة السباق.. لكي نستذكر معاً دروس غد.. فاليوم سيكون كله إجازة.. أليس كذلك؟ |
سوسن: بلى.. بلى.. |
ماريا: هل عند عاصم وابتسام علم بالموعد؟ |
سوسن: أجل يا ماريا.. لقد أخبرتهما وسيأتيان إلى هنا قبل الموعد المحدد لنذهب معاً… |
ماريا: كانت والدتي مسرورة عندما أبلغتها أنك وبعض معارفك ستزورونها… |
سوسن: نحن الذين حقاً سنسعد بزيارتها ولا سيما في هذا اليوم المشمس الجميل.. |
ماريا: إنه يوم عربي كما يحلو لنا أن نسمي اليوم الذي تسطع فيه أشعة الشمس… |
سوسن: ونحن اللائي تعودن رؤية الشمس يومياً في بلادنا نرى أنفسنا مسرورين منك برؤيتها، لأن لنا مدة طويلة وسماء بلادك ملبدة بالغيوم والغيث ينهمر منها مدراراً… |
ماريا: إن طبيعة بلادنا قاسية جداً يا سوسن… |
سوسن: قاسية جداً ولكنها أيضاً جميلة جداً… |
ماريا: لن يجمع الله بين عسرين يا سوسن… |
سوسن: صدقت يا ماريا صدقت… |
ماريا: والآن هيا بنا ننظم مذاكرتنا ريثما يحين موعد الخروج… |
سوسن: وهو كذلك.. هيا بنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت سليم يقول): |
سليم: اطمئن يا ضاهر، فالأمور تسير حسب الخطة المرسومة… |
ضاهر: أتظن أن جهودك ستثمر يا صديقي؟… |
سليم: إنني واثق أن مساعيّ ستكلل بالنجاح… |
ماهر: لقد بذلت أنا من جهتي بعض المساعي مع الجهات التي بيدها الحل والعقد ولكن.. |
سليم: ولكن ماذا؟ |
ضاهر: أخشى… |
سليم: تخشى من أي شيء؟ |
ضاهر: أنا لا أخشى من أي شيء ولكني أخشى على سوسن… |
سليم: من أي شيء تخشى عليها؟… |
ضاهر: من وقع الصدمة… |
سليم: كيف؟ |
ضاهر: لعلَّها تحب عاصم حباً كحبي لها مثلاً، فإذا أبعدناه عنها فسوف تكون الصدمة قاسية عليها وهذا يعني أني تجنيت على نفسي، وسوسن نفسي بل أعز من نفسي… |
سليم: لِمَ لَم تحسب كل هذا الحساب قبل أن ندخل في العميق أو الغميق كما يقول المثل؟… |
ضاهر: لقد صحوت يا صديقي وزالت عن عيني غشاوة الحقد والكراهية وبدأت أفكر في الأمر بمنطق العقل لا بمنطق العاطفة… |
سليم: جاء تفكيرك متأخراً يا صديقي، أي بعد فوات الأوان… |
ضاهر: إذن، ضربت ضربتك يا سليم… |
سليم: بل أنت الضارب لأنك السبب والموجه… |
ضاهر: لا حول ولا قوة إلا بالله.. وتقدرون فتضحك الأقدار… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تتخللها ضحكات وهمسات من سوسن وماريا وابتسام التي تقول): |
ابتسام: تفضلوا إلى شقتنا المتواضعة… |
ماريا: شكراً… |
سوسن: أين عاصم يا ابتسام؟ |
ابتسام: ذهب يفتح صندوق البريد.. انظري إنه قادم ومعه شيء.. لا أدري هل هو خطاب أو برقية؟ |
(ويصل عاصم وهو يقول): |
عاصم: يا إلهي.. يا إلهي.. إنها برقية… يا ابتسام… |
ابتسام: افتحها واقرأها وعلمنا… |
|