شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 2 -
(يدق جرس التليفون فيمسك عاصم بالسماعة ويقول):
عاصم: هلو.. من.. الأستاذ منصور.. ماذا تقول.. ماذا تقول.. الله يبشرك بالخير…
وجدي: ها.. ما هي البشرى يا عاصم؟
عاصم: تقرر ابتعاثي مع شقيقتي ابتسام للخارج..
وجدي: حقاً إنها بشرى عظيمة.. عظيمة جداً.. لقد جاءت في الوقت المناسب…
عاصم: أجل يا وجدي أجل.. ولا تسل عن مبلغ سروري بها…
وجدي: لا شك يا عاصم ولا سيما…
عاصم: ولا سيما ماذا؟
وجدي: سوسن تدرس في الخارج أيضاً…
عاصم: ولكن…
وجدي: ولكن ماذا؟
عاصم: ربما ابتعثت إلى بلاد بعيدة عن البلاد التي تدرس بها سوسن…
وجدي: ظهور الطائرات الجبارة الحديثة قضى على أسطورة المسافات بين العالم…
عاصم: صدقت يا وجدي، ولكن من يدري؟ ربما يقسم لي أن أدرس في البلدة نفسها والجامعة التي تدرس بها سوسن…
وجدي: سيكون حظك حينئذ من السماء… وعندها تلوح لك الفرصة التي أشار إليها الشاعر امرؤ القيس حين قال…
عاصم: وماذا قال؟
وجدي:
أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
وكل غريب للغريب نسيب…
(يضحكان وعاصم يردد):
عاصم :
أيا جارتا إنا غريبان هاهنا
وكل غريب للغريب نسيب…
وجدي: هيا بنا يا مجنون سوسن…
عاصم: إلى أين؟
وجدي: إلى سوسن إلى الأستاذ منصور… أنسيت؟
عاصم: لعلي سرحت في آفاق حلوة جميلة وأنا أردد بيت امرىء القيس…
وجدي: قم الآن، فالوقت وقت عمل وليس وقت خيال…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت فؤاد أخ سوسن يخاطب الأستاذ منصور قائلاً):
فؤاد: الأستاذ منصور…
منصور: نعم يا فؤاد…
فؤاد: لي مدة لم أتلق أية رسالة من سوسن.. فهل عند إدارة البعثات أخبار عنها؟
منصور: لا أدري ولكن سأطلب ملفها… كن مطمئناً، إنها بخير إن شاء الله…
فؤاد: إن شاء الله…
(يدير الأستاذ منصور قرص التليفون ويطلب قائلاً):
منصور: هلو.. من.. يوسف.. أرسل لي حالاً الملف رقم 5/15 الطلبة الذين يدرسون في الخارج.
فؤاد: شكراً أستاذ منصور…
منصور: العفو يا بني… قل لي يا فؤاد كيف أحوالك؟
فؤاد: على ما تحب والحمد لله…
منصور: لقد أحسنت يا بني بالاشتغال بالأعمال الحرة بعد تخرجك في الجامعة…
فؤاد: كانت هذه رغبة والدي المرحوم…
منصور: أعظم بها من رغبة… وإنك لا شك بعد النجاح الذي صادفته في عملك تترحم دائماً على أبيك…
فؤاد: أجل يا أستاذ منصور…
منصور: لقد أحسنت أختك سوسن باستكمال دراستها في الخارج، فالتعليم للفتيات أصبح ضرورة ملحة في هذه الأيام…
فؤاد: أجل.. أجل.. ثم إن هذه كانت رغبة سوسن لو لم أتدخل في أمر زواجها الذي كان من حسن حظها لم يتم…
منصور: صدقت… هذا الملف قد وصل يا فؤاد، إسمح لي بتصفحه…
فؤاد: تفضل.. تفضل…
(يدخل عاصم ومعه شقيقته ابتسام ووجدي وما أن ير عاصم فؤاد حتى يسرع ويسلم عليه بحرارة قائلاً):
عاصم: صباح الخير فؤاد…
فؤاد: صباح الخير عاصم…
عاصم: السيد فؤاد يا ابتسام.. السيد فؤاد يا وجدي..
فؤاد: تشرفنا يا آنسة ابتسام.. تشرفنا سيد وجدي..
وجدي: تشرفنا وسعدنا يا سيد فؤاد…
عاصم: أراك هنا.. خير إن شاء الله…
فؤاد: للاطمئنان إلى سوسن، فلي مدة لم أتلق منها أية رسالة وقد انشغل بالي عليها…
عاصم: وجئت إلى الأستاذ منصور لهذه الغاية؟
فؤاد: أجل.. وأنت؟
عاصم: وأنا أيضاً لي وشقيقتي حاجة عند الأستاذ منصور…
(يرفع الأستاذ رأسه من الملف ويقول حين يرى عاصم):
منصور: أهلاً يا عاصم.. أهلاً ابتسام.. اجلسا ريثما انتهي من معاملة فؤاد…
عاصم: تفضل أستاذ منصور…
منصور: أختك سوسن بخير، وتأخرها في الكتابة مرده إلى انشغالها بالامتحانات الشهرية، والرسالة الأخيرة من المشرف الثقافي تطمئن على أنها بخير وأن مستواها الدراسي جيد…
فؤاد: الحمد لله.. ألف شكر أستاذ منصور…
عاصم: تهانينا يا سيد فؤاد…
فؤاد: أرجو أن نهنئك بنجاحك ونجاح الآنسة ابتسام…
ابتسام: شكراً سيد فؤاد…
فؤاد: أنا أستأذن…
منصور: ولم العجلة؟…
فؤاد: ارتباطات ومواعيد…
منصور: ألا تريد أن تبعث برسائل أو حاجات إلى سوسن؟..
فؤاد: ألديك مسافر أمين؟
منصور: أجل، لديّ مسافران أمينان…
فؤاد: من هما؟
منصور: عاصم وابتسام…
فؤاد: يا لحسن حظ أختي بهما ولا سيما بالآنسة ابتسام… هل سيلتحقان بالجامعة نفسها التي تدرس فيها سوسن…
منصور: أجل.. أجل..
فؤاد: الحمد لله… الحمد لله…
ابتسام: ثق يا سيد فؤاد أن أختك سوسن ستكون أختاً لي…
فؤاد: شكراً.. شكراً.. ومتى السفر بإذن الله؟…
عاصم: عندما يأمر الأستاذ منصور…
منصور: بعد أسبوع على الأكثر بإذن الله…
فؤاد: سنراكما إذن قبل السفر…
عاصم: بكل تأكيد…
فؤاد: ما رأيكم أن تتناولوا العشاء عندي يوم الجمعة القادم في معية الأستاذ منصور…
منصور: شكراً يا فؤاد.. وبكل سرور…
عاصم: سنكون سعداء يا سيد فؤاد…
وجدي: أما أنا فأعتذر لأني أذهب كل جمعة لزيارة أختي في القرية، فشكراً على دعوتك الكريمة يا سيد فؤاد…
فؤاد: العفو.. لك ما تريد يا سيد وجدي، والآن استأذن.. وإلى اللقاء..
عاصم: إلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت سليم يقول):
سليم: أراك ساهماً واجماً يا شاعر، فما الذي يشغلك؟…
ضاهر: لا شيء يا سليم.. لا شيء…
سليم: تقول لا شيء وكلماتك تنضح بالهم والقلق.. هل ما يشغلك من السرية بحيث لا تستطيع اطلاعي عليه أو أني أصبحت عندك غير موثوق…
ضاهر: العفو يا سليم العفو.. أنت أهل للثقة ولكن…
سليم: ولكن ماذا؟
ضاهر: إنني أعيش يا سليم في دوامة من الحيرة والقلق تتزاحم في خاطري أحاسيس ومشاعر يصارع بعضها البعض الآخر، وما أكثر ما قتل منها في هذا الصراع…
سليم: ولكني لا أدري ما يدعو إلى كل هذه الانفعالات يا صديقي…
ضاهر: كيف يا سليم وأنا أرى الأمور كلها تتجه ضدي؟!…
سليم: إنك واهم يا ضاهر.. إنك تحاول أن تعقد الأمور وأن تخلق من الحبة قبة كما يقول المثل…
ضاهر: (بحدة): وسفر عاصم وشقيقته ابتسام إلى البلد نفسها والجامعة التي تدرس بها سوسن ماذا تقول فيه؟
سليم: أقول ألف مبروك على سوسن…
ضاهر: والإهانة التي لحقتني من جراء فسخ الخطبة، هل أهنىء نفسي بها أيضاً وأقول ألف مبروك عليك يا نفسي؟ أهذا ما تريده لي يا صديقي؟
سليم: حقيقة أمرك غريب وعجيب يا ضاهر، بالأمس ظهرت بمظهر من يريد أن يتحدى ويخرس الألسنة ويريد أن يفاجىء الناس بزواجه واليوم أراك..
ضاهر: تراني ماذا؟
سليم: أراك وكأنك ما تزال تحب سوسن حباً جنونياً…
ضاهر: إذا كنت أريد أن أثأر لكرامتي التي امتهنت ولطخت بالوحل، فهل هذا يعني عندك أني إنما أفعل ذلك لأني ما أزال مغرماً بسوسن إلى حد الجنون؟…
سليم: اِسمع، مفاجأتك للناس بالزواج هو الرد المنطقي السليم على الإهانة التي لحقت بك…
ضاهر: ولكني لن أعلن زواجي إلا بعد أن أكون قد تأرث لكرامتي…
سليم: إذن، فخصماك هما سوسن وفؤاد وأتحدى أنك لن تستطيع أن تفعل شيئاً معهما أو مع أي منهما..
ضاهر: أنت تثيرني بتحديك لي يا سليم…
سليم: لأني أعلم أن سوسن ما تزال تحتل المكان الأول في قلبك، فهل تستطيع تحطيم قلبك…
ضاهر: ولكن سوسن حطمتني، فلم لا أرد الصاع بالصاع والكيل بالكيل…
سليم: تفضل.. الميدان أمامك…
ضاهر: إن سخريتك لي يا سليم تدفعني إلى ارتكاب حماقة…
سليم: أعوذ بالله من شر الحماقات على اختلاف أنواعها ودرجاتها.. هون عليك يا صديقي وتعال نعالج الموضوع بهدوء وروية، ففي العجلة الندامة وفي التأني السلامة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت جرس باب سكن سوسن يدق فتقوم وتفتح الباب وإذا بالطارق صديقتها ماريا فتقول سوسن):
سوسن: هلو.. ماريا.. يا مرحبا.. أدخلي..
ماريا: مساء الخير سوسن…
سوسن: مساء الخير ماريا… كم أنا سعيدة بهذه الزيارة اللطيفة…
ماريا: أرجو ألا أكون قد تأخرت عن الموعد…
سوسن: لا.. لا.. ماريا.. لقد جئت في الوقت المحدد تماماً…
ماريا: يا.. سوسن.. أنت تسكنين في مكان جميل يطل على البحر.. إنني أحب منظر البحر ولكن ظروفي المادية لا تمكنني من استئجار شقة تشرف على البحر…
سوسن: شقتي تحت تصرفك.. لدي مكان لشخص آخر…
ماريا: شكراً، حبذا لو أستطيع يا سوسن…
سوسن: وماذا يمنعك؟
ماريا: والدتي وأنا مسؤولة عنها ولا يمكنني تركها وحدها…
سوسن: ولكنك ستتزوجين غداً فماذا تصنعين بوالدتك؟
ماريا: اشترط على خطيبي أن يقبل سكن والدتي معنا….
سوسن: ولكن خطيبك قد لا يوافق على أن يتحمل نفقات إعاشة والدتك…
ماريا: لوالدتي معاش تقاعد يكفي لإعاشتها من دون أن تكون عالة عليه..
سوسن: عندنا في الشرق نرحب بسكنى الحماة ويتحمل الزوج بكل سرور نفقاتها…
ماريا: الروابط العائلية والاجتماعية عندكم بالشرق أقوى منها عندنا في الغرب… الذي يكاد تنعدم فيه صلات القربى وكيان الأسرة.. على كل حال أنا شاكرة..
سوسن: العفو يا ماريا، فوجودك معي يسعدني في كل الأوقات…
ماريا: إنه شعوري نفسه يا سوسن… ولا أدري ماذا سيكون عليه حالي بعد أن تكملي دراستك وتعودي إلى بلادك..
سوسن: أنت تترجمين أحاسيسي ومشاعري نحوك، تلك المشاعر والأحاسيس التي استطاعت أن تمتزج وتنصهر في بوتقة المحبة والإخلاص..
ماريا: صدقت يا سوسن صدقت، وسيكون ذلك للأبد.. والآن أسمعيني شيئاً من موسيقى وأغاني بلادك فإنها تنقلني إلى الشرق وحضارته المشرقة…
سوسن: أرجو أن أكون قد أحسنت الاختيار…
ماريا: إنها جميلة يا سوسن.. ليتني أعرف معنى الكلام كنت استمتعت أكثر…
سوسن: لم لا تحاولين تعلم اللغة العربية؟..
ماريا: يقولون إنها لغة صعبة.. ثم أين المدرس؟…
سوسن: أنا يا ماريا….
ماريا: أخشى أن أعطلك عن دراستك…
سوسن: أنت تعلميني لغتك وأنا أعلمك لغتي…
ماريا: ولكنك تجيدين التحدث بلغتي.. أما أنا فلا أفهم من لغتك حتى الأبجدية… سوف تجدين صعوبة في تدريسي… صعوبة أخشى أن تبعث على السأم وبالتالي إلى فتور ما بيننا من مودة ومحبة…
سوسن: لا؟ ولكن ما دمت تخشين مثل هذا المصير فإني أنزل عند رأيك…
ماريا: الجرس يدق.. لعلَّك على موعد.. أستأذن…
سوسن: لا.. أبداً…
ماريا: إذن، انظري من الطارق..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1274  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج