شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 10-
الرشيد: أنت هنا يا عاتكة.. إنها تلازمك يا زبيدة وكأنها ظلك..
زبيدة: ولكنه ظل خفيف يا أمير المؤمنين..
عاتكة: أطال الله عمر مولاي ومولاتي فأنا دائماً مشمولة بعطفهما ورعايتهما..
الرشيد: إنك أهل لذلك يا عاتكة..
زبيدة: عاتكة..
عاتكة: نعم مولاتي..
زبيدة: اذهبي وأكملي الأعمال التي كلفتك بها..
عاتكة: بالأمر يا سيدتي..
(تذهب فيقول الرشيد):
الرشيد: إنها جد مهذبة..
زبيدة: ومخلصة يا أمير المؤمنين..
الرشيد: إذن فاحرصي عليها فما أقل المخلصين بل ما اشد ندرتهم..
زبيدة: صدقت يا مولاي..
الرشيد: لا شك أنك رأيت بغداد وهي تعج بالجند..
زبيدة: أجل يا سيدي..
الرشيد: وهذا يعني أننا سنغزو الروم قريباً..
زبيدة: وسيكون النصر حليف جيش أمير المؤمنين بإذن الله..
الرشيد: أرجو أن يستجيب الله دعاءك يا زبيدة فنحن مقبلون على معركة ضارية وفي أقسى أوقات السنة..
زبيدة: أجل.. إنها ستكون في موسم الشتاء..
الرشيد: الله معك.. الله في عونك.. ليتني أكون بجانبك..
الرشيد: يا ليت ولكنك لن تتحملي قسوة شتاء الأناضول..
زبيدة: سأتحملها كما تحملتها فأنا منك وأنت مني..
الرشيد: هذا صحيح ولكن..
زبيدة: ولكن ماذا يا أمير المؤمنين..
الرشيد: إنك بحاجة إلى التدرب على فنون الحرب والقتال..
زبيدة: ولكنني بدأت تماريني على يدي لبابة بنت عيسى فهي كما تعلم تجيد ركوب الخيل والطعن والنزال..
الرشيد: عندما تستكملين تدريبك وأفحصك بنفسي وتنجحين فسآخذك معي في المعارك القادمة.
زبيدة: سأواظب على التمرين حتى أنجح..
الرشيد: ولا تنس أيضاً..
زبيدة: ماذا يا أمير المؤمنين؟
الرشيد: أن تتمرني على التمريض والعناية بالجرحى فهذه هي مهنة المرأة الأساسية إذا ما اشتركت في أية معارك..
زبيدة: وهذه أيضاً سأتمرن عليها على يد زوجة الطبيب بختيشوع..
الرشيد: أرجو ألا تصدني الحروب والفتن عن الحج إلى بيت الله الحرام..
زبيدة: يا رب.. يا رب..!!
الرشيد: والآن قولي..
زبيدة: ماذا أقول؟
الرشيد: هل أتممت جميع تجهيزاتي للمعركة..
زبيدة: أكاد أجزم أني أتممتها..
الرشيد: والمصحف الشريف..
زبيدة: في طليعة التجهيزات..
الرشيد: بورك فيك.. بورك فيك.. أين محمد..؟
زبيدة: علمت أنه ذهب في رحلة شهرية..
الرشيد: مع من؟
زبيدة: لا أدري بالضبط مع من ولعلّ محمد بن الفضل بن الربيع من بين أصحابه في هذه الرحلة؟
الرشيد: وأبو نواس، وخلف الأحمر أرجو ألا يكونا بين أصحابه في الرحلة..
زبيدة: إنني حريصة يا مولاي على ذلك ولكن قاتل الله الحسن بن هاني وشعره ودعابته - ومجونه فإنها جميعها مغريات للشباب..
الرشيد: ولكنها لم تغر عبد الله أخاه..
زبيدة: من يدري ربما لديه من شباب الفرس من هم أشد ضرراً من الحسن بن هاني وخلف الأحمر..
الرشيد: ولكن الرشيد لا تخفى عليه مثل هذه الأمور يا ابنة العم.. إن محمداً وعبد الله محاطان بالعيون يترصدون حركاتهما وسكناتهما.. إنني أخذت لهما البيعة وأريد أن يكونا مثلين وأمامين صالحين..
زبيدة: أرجو أن يكونا عند حسن ظن مولاي بهما..
الرشيد: اليوم يوم مجلس المظالم وقد حان موعده فسأذهب هناك وسأعود للغداء معك فاصنعي لي بيمينك الطعام لا شلت يمينك..
زبيدة: أمرك يا مولاي.. سأتولى ذلك بنفسي كن مطمئناً.. في أمان الله وحفظه في أمان الله وحفظه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عبد الله بن هارون الرشيد يقول):
عبد الله: الناس ثلاثة يا حازم: فمنهم مثل الغذاء لا بد منه على كل حال ومنهم كالدواء يحتاج إليه في حال المرض، ومنهم مكروه على كل حال..
حازم: الله أكبر إنها حكم ما شاء الله.. لقد صدق سهل بن هارون حين قال فيك لم أر أنطق من عبد الله بن أمير المؤمنين هارون الرشيد..
عبد الله: أعطني يا حازم وأعطني مما أعطاك الله.. وإياك أن تثير غروري..
حازم: عنه صلَّى الله عليه وسلم قال: إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء إذا أكلوا الأموال دولاً واتخذوا الأمانة مغنماً والزكاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد وأكرم الرجل مخافة شره، وكان زعيم القوم أرذلهم، وإذا لبس الحرير وشربت الخمور واتخذت القيان ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليترقبوا بعد ذلك ثلاث خصال: ريحاً حمراء ومسخاً وخسفاً..
عبد الله: اللَّهم أنا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل، وجنبنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا..
حازم: اللَّهم آمين.. آمين..
عبد الله: هات يا طريف من لطائفك وطرائفك..
طريف: خرج أمير المؤمنين المهدي وعلي بن سليمان إلى الصيد فسنح لهما قطيع من ظباء فأرسلت الكلاب وأجريت الخيل..
عبد الله: وماذا بعد؟
طريف: فرمى أمير المؤمنين المهدي سهماً فصرع ظبياً ورمى علي بن سليمان فأصاب كلباً فقتله، فقال في ذلك الشاعر أبو دلامة..
عبد الله: ماذا قال.. هات..
طريف:
قد رمى المهدي ظبياً
شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليما
ن رمى كلباً فصاده
فهنيئاً لهما كل
امرىء يأكل زاده..
فضحك المهدي حتى كاد يسقط عن سرجه، وقال: صدق والله أبو دلامة، وأمر له بجائزة، ولُقِّب على بن سليمان بصائد الكلب، فعلق اللقب به.
عبد الله: زدنا من نوادر أبي دلامة يا طريف فإني أحب أسمع..
طريف: أمرك أيها الأمير..
عبد الله: هات..
طريف: دخل أبو دلامة على أمير المؤمنين المهدي وعنده عيسى بن موسى، والعباس بن محمد وجماعة من بني هاشم فقال المهدي..
المهدي: يا أبا دلامة!
أبو دلامة: لبيك يا أمير المؤمنين..
المهدي: لئن لم تهج واحداً ممن معي في هذا المجلس لأقطعن لسانك..
طريف: فنظر أبو دلامة إلى القوم.. فكل ما نظر إلى واحد منهم غمزه بأن عليه رضاه. فعلم أنه قد وقع ثم أنشد أبو دلامة:
ألا أبلغ إليك أبا دلامة
فليس من الكرام ولا كرامة
إذا لبس العمامة كان قرداً
وخنزيراً إذا نزع العمامة
جمعت دمامة وجمعت لؤماً
كذاك اللؤم تتبعه الدمامة
فإنك قد أصبت نعيم دنيا
فلا تفرح فقد دنت القيامة
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت طريف وهو يضحك ويقول):
طريف: فضحك المهدي وسر القوم إذ لم يسىء إلى أحد منهم ثم قال له المهدي:
المهدي: تمن يا أبا دلامة..
أبو دلامة: يا أمير المؤمنين: تأمر لي بكلب صيد..
المهدي: تباً لك.. ما تصنع بالكلب..
أبو دلامة: يا أمير المؤمنين الحاجة لي أم لك؟
المهدي: صدقت.. أعطوه كلباً..
طريف: فأعطى أبو دلامة الكلب وجىء به إليه فقال:
أبو دلامة: يا أمير المؤمنين! لا بد لهذا الكلب من غلام..
المهدي: أمرنا لك بغلام ليقوم بالعناية بالكلب..
أبو دلامة: يا أمير المؤمنين أو يتهيأ لي أن أذهب إلى الصيد راجلاً؟
المهدي: أعطوه غلاماً سائساً..
أبو دلامة: ومن ينحر الصيد ويصلحه..
المهدي: أعطوه طباخاً..
أبو دلامة: ومن يأويهم؟
المهدي: أعطوه داراً.. وماذا بعد يا أبا دلامة؟
طريف: فبكى أبو دلامة بصوت مرفوع وقال:
أبو دلامة: ومن يمون هؤلاء كلهم..
المهدي: اكتبوا له مائة جريب عامرة ومائتي جريب غامرة..
أبو دلامة: وما الغامرة يا أمير المؤمنين..
المهدي: التي لا نبات فيها..
فضحك أبو دلامة وقال:
أبو دلامة: اشهدوا فأنا اقطعتك يا أمير المؤمنين مائتي ألف جريب غامرة من فيافي بني أسد..
المهدي: ماذا تريد؟؟
أبو دلامة: بيت المال يا أمير المؤمنين.
المهدي علي أن أخرج المال منه...
أبو دلامة: يصبر حين أذن عامراً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت طريف يقول):
طريف: فاستفرغ المهدي ضحكاً وصار يخبط رجليه في الأرض ثم قال:
المهدي: اذهب فقد جعلتها لك كلها عامرة..
عبد الله: ما أجملها من نادرة.. لا فُضَّ فوك..
حازم: نستأذن أيها الأمير فقد أطلنا مكوثنا لدى حضرتك ونخشى أن نكون قد أثقلنا عليك..
عبد الله: ليت من يدخلون علي في مثل علمكم وأدبكم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يحيى يقول):
يحيى: كانت إمداداتك يا فضل أحسن ما وصلنا من إمدادات من حيث العدة والعدد..
الفضل: الحمد لله يا أبي على توفيقه.. لقد قمت بعدة اتصالات وارتحالات في أنحاء عديدة من فارس حتى استطعت تجميع هذا الحشد من الناس وقد راعيت فيهم..
يحيى: راعيت فيهم ماذا؟
الفضل: أن يكونوا ممن تمرسوا على حرب الجبال والأماكن الوعرة والبلاد الباردة..
يحيى: خيراً فعلت يا بني بورك فيك.. أتريد أن تكون في صحبة أمير المؤمنين في غزوته هذه..
الفضل: ليت لي ذلك ولكن..
يحيى: ولكن ماذا؟
الفضل: علمت أن أخي جعفر يطمع في أن يكون له شرف صحبة أمير المؤمنين..
يحيى: وهل هنالك ما يمنع أن تكون وجعفر في صحبة أمير المؤمنين..
الفضل: لا ولكن سنتركك وحدك يا أبي فقد تحتاج إلى أحدنا..
يحيى: سيكون أخاك موسى عندي في غيابكما..
الفضل: إنني يا أبي غير مرتاح لهذه الغزوة..
يحيى: لماذا يا بني؟
الفضل: وجود العدد الكبير من القواد العرب في هذه الحملة.. قد يؤدي إلى صراع بينهم أو بين القواد الفرس ولا سيما وأنت تعلم غطرسة القواد العرب..
يحيى: ولذلك أرى وجودك وجعفر في هذه الحملة توازناً بين هذه القوى التي ينتظر أن تتصارع ولو أني متأكد أن وجود أمير المؤمنين على رأس هذه الحملة صمَّام أمان..
الفضل: رأيك مصيب يا أبي..
يحيى: بورك فيك.. بورك فيك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يزيد بن مزيد الشيباني يقول):
يزيد: لقد جهزنا أعداداً كبيرة من بني شيبان وإياد وكلاب وتغلب للاشتراك في هذه الحملة يا بن الربيع..
ابن الربيع: إنها حملة تجىء في أقسى أيام السنة يا يزيد وإني جد متخوف على أمير المؤمنين منها..
يزيد: إن أمير المؤمنين في زهرة عمره وشبابه ولديه قوة تحمل كبيرة ثم إننا بعون الله سنبذل أقصى ما نستطيع لتأمين راحته..
ابن الربيع: أرجو ألا يحاول قواد الفرس التحرش بقواد العرب..
يزيد: لا أظن فستكون القيادة لأمير المؤمنين وكلنا عرب أو فرس رهن إشارته..
ابن الربيع: ولكن وجود الفضل وجعفر ابني يحيى في الحملة قد يؤدي إلى الصراع..
يزيد: سنعمل بتوجيهك وإرشادك على تجنبه وسوف يكون همنا منصباً على نجاح الحملة وإرغام إمبراطور الروم على التسليم والصلح أو ربما سيكون مصيره على أيدينا..
ابن الربيع: أرجو أن يكلل الله حملتنا بالنصر المبين..
يزيد: اللَّهم آمين.. اللَّهم آمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الرشيد يقول):
الرشيد: جئت لتوديعك يا أم جعفر..
زبيدة: أرجو أن يكون وداعاً لا توديعاً..
الرشيد: وسيكون معي العباس والقاسم..
زبيدة: ومحمد ألا تريده.. لقد هيأ نفسه ليكون في ركاب أمير المؤمنين..
الرشيد: سنصحبه في الغزوات القادمة إن شاء الله.. أما الآن فاستودعك الله..
زبيدة: في حفظ الله وأمانه..
يسمع صليل السيوف وقرع الطبول والأصوات تعلو وترتفع والجنود يهتفون لقد نصرنا الله على الروم لبيك اللهم لبيك.
- انتهت -
 
طباعة

تعليق

 القراءات :759  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.