الحلقة - 9 - |
يزيد: (ينشد والموسيقى مصاحبة): |
أيا شجر الخابور مالك مورقا |
كأنك لم تجزع على ابن طريف |
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى |
ولا المال إلا من قنا وسيوف |
فلا تجزعا يا بني طريف فإنني |
أرى الموت نزالا بكل شريف |
فقدناك فقدان الربيع وليتنا |
فديناك من دهمائنا بألوف |
|
الرشيد: ما أروع ما قالت.. إنه شعر يعتصر أقسى القلوب.. أين أخته الآن يا يزيد؟ |
يزيد: ليلى بنت طريف.. |
الرشيد: أقصد الأنثى الشاعرة.. |
يزيد: إنها مع الأسرى والأسيرات.. |
الرشيد: أطلق سراحها يا يزيد وخذها إليك واستتبها ثم زوجها بالرجل الكفء من قومها.. |
يزيد: إن إذن لي مولاي زوجتها من ضرخام فتى من فتيان بني شيبان الأشداء كان يحبها وتحبه ولكن أخاها الوليد لم يشأ زواجه منها لعداء بينه وبين والد الفتى.. |
الرشيد: إذن موته كان رحمة لهما عجل بزواجهما وأصدقها عني عشرين ألف درهم بعد أن تتأكد من توبتها وعودتها إلى حظيرة الإسلام.. |
يزيد: سأفعل.. جزاك الله خيراً يا مولاي.. |
الرشيد: والآن أذهب إليها فلعلّ زواجها من فتاها يخفف عنها لوعة ثكلها لأخيها.. |
يزيد: أمرك يا مولاي.. |
(يخرج زيد نسمع بعدها صوت جعفر يقول): |
جعفر: لقد جئت مولاي الرشيد ويزيد بن مزيد الشيباني عنده فعدلت عن الدخول.. |
يحيى: إذن رضى أمير المؤمنين عن يزيد بن مزيد.. |
جعفر: أجل يا أبتاه.. |
يحيى: ومن ترى كان شفيعه إلى أمير المؤمنين.. |
جعفر: علمت أنه الفضل بن الربيع و.. |
يحيى: ومن؟ |
جعفر: وزبيدة يا أبي.. |
يحيى: زبيدة.. الويل لها مني.. سوف أجعل حياتها جحيماً لا يطاق بالعذاري من بنات فارس.. |
جعفر: إنك تحسن صنعاً يا أبي فهذه الذهبة يجب أن تضع حداً لسلطانها على أمير المؤمنين.. |
يحيى: والفضل بن الربيع حاجب أمير المؤمنين أنسيته.. إنه العقل المدبر والمحرك والهادم لكل ما نبني.. |
جعفر: صدقت يا أبي.. صدقت.. ولكن أمير المؤمنين لا يستلطفه أنه يستثقل دمه فكم من مرة سمعته يقول ذلك عنه.. |
يحيى: ولكن ابن الربيع يحني رأسه للعواصف حتى إذا ما مرت قام وانقضى على خصومه وفتك بهم فتكاً ذريعاً.. |
جعفر:أتراه يستطيع مقاومة سلطانك يا أبي على أمير المؤمنين.. |
يحيى: لا أظنه يستطيع في الوقت الحاضر على الأقل ولكن ربما استطاع في ساعة من ساعات رضا أمير المؤمنين.. |
جعفر: ولم لا نبعده من طريقنا يا أبتاه ما دمنا قادرين على ذلك قبل أن تنقلب الموازين.. |
يحيى: ولكن ابعاده يا بني ليس بالهين فأنصاره بين العرب كثيرون أنه يتزعم العرب ضد الفرس. كما تعلم.. |
جعفر: ولكننا نستطيع أن نغري بعض العرب عليه وهكذا نجعلهم يضربون بعضهم بعضاً وبذلك يصفو لنا الجو.. |
يحيى: أتستطيع أن تقوم بذلك يا بني..؟ |
جعفر: لا أستطيع الجزم يا أبي ولكن لأخي الفضل صداقات كثيرة بين العرب وإني لموقن من قدرته على حمل هذه المسؤولية.. |
يحيى: على كل حال سنتدبر الأمر بعد عودة أمير المؤمنين من حملته على الروم.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع هرجاً ومرجاً وأهازيج وأصواتاً مبهمة تعلو وتنخفض ثم نسمع بعدها صوت جعفر يقول): |
جعفر: أتسمع يا أبي.. |
يحيى: أجل يا بني ويخيل إلى أنها طبول فارس.. اذهب وانظر.. |
جعفر: إنها طبول فارس يا أبي.. إنه أخي الفضل يتقدم هذه الإمدادات.. |
الفضل: أرجو أن يكون هو.. أرجو.. |
جعفر: سأذهب يا أبي وآتيك بالخبر اليقين.. |
يحيى: أذهب بورك فيك.. بورك فيك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عاتكة تقول): |
عاتكة: فرحتي يا مولاتي بعفو أمير المؤمنين عن يزيد بن مزيد الشيباني والسماح له بالدخول عليه والخطوة التي نالها منه لا تعادلها فرحة والفضل لله ثم لك يا سيدتي.. |
زبيدة: لقد قمت بواجبي يا عاتكة نحو قائد عربي مخلص لأمير المؤمنين ولأمته المسلمة.. |
عاتكة: كان مصير يزيد بن مزيد الهلاك لو لم تتدخلي يا مولاتي في الوقت المناسب فقد استطاع البرامكة أن يوغروا صدره بشكل مخيف.. |
زبيدة: صدقت يا عاتكة.. كان جد غاضب على يزيد بن مزيد حتى أنني كدت أفشل في مسعاي لولا نفحة من عون الله وتأييده.. ثم لا تنسى.. |
عاتكة: أنسى ماذا يا سيدتي؟ |
زبيدة: مساعي الفضل بن الربيع خففت كثيراً من سورة غضب أمير المؤمنين على يزيد بن مزيد ولقد تحمل المسكين قسطاً كبيراً من هذا الغضب.. |
الرشيد: إذن فلتأخذ في الأسباب وليكن خروجنا للجهاد يوم الاثنين القادم بمشيئة الله.. |
يحيى: توكلنا على الله.. |
الرشيد: أصدر الأوامر يا أبي.. |
يحيى: بالأمر يا أمير المؤمنين.. |
الرشيد: وبلغ عبد الملك بن صالح وإبراهيم بن جبريل ليكونا في الحملة وسأصحب معي يزيد بن مزيد الشيباني.. |
يحيى: ولكن يزيد بن مزيد عاد مؤخراً من حملته على الخارجي الوليد بن طريف وقد يكون متعباً.. |
الرشيد: لكنه التمس مني الصحبة وقد وعدته.. |
يحيى: فليكن ما يرى أمير المؤمنين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت نقفور يقول): |
نقفور: ميخائيل! ميخائيل! |
ميخائيل: نعم سيدي الإمبراطور.. |
نقفور: هل قضيتم على إيريني وأعوانها؟ |
ميخائيل: أعدموا جميعاً يا سيدي.. |
نقفور: والقائد براسكوس هل أتم استعداداته على الحدود للمواجهة.. |
ميخائيل: بلى أيها الإمبراطور بلى.. |
نقفور: عسى أنها استعدادات جيدة فجيش خليفة المسلمين سيكون ضخماً متميز بالعديد من المحاربين الأشداء والأعداد الهائلة من المعدات.. |
ميخائيل: سندفنهم تحت ثلوج الأناضول.. |
نقفور: لا تغتر يا ميخائيل فمن الغرور ما قتل.. |
ميخائيل: كلام سيدي الأمبراطور كله درر وحكم ولكن.. |
نقفور: ولكن ماذا؟ |
ميخائيل: جنود سيدي الإمبراطور قد وطنوا أنفسهم لهذه المعركة التي أعددنا لها أحسن ما عندنا من عدة وعدد.. |
نقفور: هل جاءت أخبار من جواسيسنا الذين بعثناهم في شمالي العراق وبلاد فارس.. لإذكاء نار الفتن ضد خليفة المسلمين.. |
ميخائيل: لا لم ترد منهم أخبار ولكن.. |
نقفور: ولكن ماذا؟ |
ميخائيل: يتحدث القادمون من شمالي إفريقية عن إرهاصات لحركات تحررية من سلطان الخليفة.. |
نقفور: وجواسيسنا هل جاء منهم ما يؤيد ذلك؟ |
ميخائيل: لم يأت شيء بعد إذ لو جاء لعرضته في حينه على أنظار مولاي الإمبراطور.. |
نقفور: على كل حال الأجواء الإسلامية محسومة بالفتن والاضطرابات ولو كان للمسلمين خليفة غير هارون الرشيد لقضى على سلطة الخلافة في فارس وشمالي إفريقية.. |
ميخائيل: أرى يا سيدي الإمبراطور أن نمكن للتعاون بين القسطنطينية وروما لأن العدو مشترك والوحدة في العمل بين الإمبراطوريتين ضرورية لضمان بقائهما.. |
نقفور: ستكون هذه سياستي التي سأتبعها طالما أنا على رأس هذه الإمبراطورية.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زبيدة تقول): |
زبيدة: إنها إمدادات هائلة يا عاتكة.. |
عاتكة: لقد وقف الفضل بن يحيى فيها فحظى برضا أمير المؤمنين وعطفه عليه.. |
زبيدة: إن هؤلاء البرامكة يعرفون أين يضعون أقدامهم.. |
عاتكة: لا تنسي يا سيدتي يحيى بن خالد البرمكي العقل المدبر لكل هذه الأمور.. |
زبيدة: صدقت وإني أعتقد أن سلطان البرامكة معلّق على وجود يحيى فمتى ولى ولى معه عزهم وسلطانهم.. |
عاتكة: صدقت فجعفر ابنه ليس فيه من صفات أبيه شيء.. وربما عند الفضل شيء من مزايا أبيه ولكن أين الثريا من الثرى.. |
زبيدة: لا شك أن ((مراجل)) والدة عبد الله بن أمير المؤمنين لا تسع الدنيا أفراحهما وقد رأت جنود فارس يملأون شوارع بغداد.. |
عاتكة: ودنانير يا سيدتي أنسيتها.. إنها هي الأخرى لا بد سهرت حتى الصباح وهي تنشد وتغني ليحيى بن خالد.. |
زبيدة: عجيب أمر دنانير ويحيى بن خالد.. هذا العجوز الذي فتن بدنانير فأصبح لا يطيق البعد عنها ليلة واحدة.. |
عاتكة: حب الكهولة فظيع يا سيدتي.. إنه يغوص إلى العمق فيستولي على كل شيء.. |
زبيدة: وفي دنانير ما يحببها إلى الشباب والشيب.. جمال وظرف أدب وفن.. إنشاد وغناء.. حتى مولاي الرشيد.. |
عاتكة: ما به مولاي الرشيد؟ |
زبيدة: مفتون بدنانير أليس كذلك؟ |
عاتكة: لا يا سيدتي.. أرجوك.. |
زبيدة: أنا أعلم أنك تدافعين عن أمير المؤمنين بحياتك لو أن الأمر ولذلك سوف تحاولين الدفاع عنه ستقولين مثلاً.. |
عاتكة: مثلاً أقول ماذا؟ |
زبيدة: ستقولين إنه يستظرفها.. أليس الاستظراف بداية الحب؟ |
عاتكة: هذا رأي سيدتي.. |
زبيدة: وأنت.. |
(بعدها يدخل هارون الرشيد فجأة فتقول عاتكة والدهشة تتعثر في كلامها): |
عاتكة: مولاي أمير المؤمنين.. |
|