الحلقة - 8 - |
جعفر: إنها تكبيرات فارس كلها لقد هرعت لنصرة الإسلام والدفاع عن المسلمين لقد صهرها الإسلام في بوتقة واحدة فأصبح ولاؤها لله ولرسوله ولهذا الدين.. |
يحيى: لعلّ أخاك الفضل في طليعة القادمين.. |
جعفر: لا أعتقد يا والدي أنه سيأتي مع آخر فوج من هذه الإمدادات.. |
يحيى: أترانا على وشك استكمال الاستعدادات والتجهيزات.. إن أمير المؤمنين حريص على أن تكون هذه الحملة لم تشهد قبلها ولا بعدها مثلها.. |
جعفر: البوادر تشير بخير يا أبي فعسى أن تكون الأخريات أحسن من الأوليات.. |
يحيى: ليت لي شرف الجهاد في سبيل الله ولكن تقدم السن يحول ذلك.. |
جعفر: إنك من المرابطين في سبيل الله يا أبتاه.. إن هذه القوى الزاحفة لنصرة دين الله أنت جمعتها وزودتها وهيأت لها جميع الفرص لإعلاء كلمة الله.. |
يحيى: إننا نضرب بسيف أمير المؤمنين المجاهد الأول في سبيل الله أمد الله في عمره وأيده بنصره وتوفيقه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زبيدة تقول): |
زبيدة: أسمعت قرع الطبول وأناشيد الحروب.. لقد غصت بغداد بالأعداد الكبيرة من الجنود والمتطوعين.. |
عاتكة: لقد هرع الناس من كل صوب للجهاد في سبيل الله.. وبهذه الجموع الغفيرة لينضموا تحت لواء قائدهم الأعلى أمير المؤمنين.. |
زبيدة: استجابة الناس للجهاد هائلة يا عاتكة.. أرجو أن يكتب النصر لأمير المؤمنين على أعدائه الذين اضطروه للقتال في وقت عصيب من أوقات السنة.. |
عاتكة: ستكون معركة يتحدث بها القاصي والداني فقد حشد الروم لها وحشد المسلمون لها.. ربما ستدخل في عداد المعارك الفاصلة في التاريخ.. |
زبيدة: من يدري يا عاتكة.. من يدري.. إن أمير المؤمنين يستعجل قواده للقتال قبل حلول موسم الشتاء فالظروف ستكون ملائمة الآن أكثر منها فيما بعد.. |
عاتكة: يقولون إن الجيش الذي سيقوده مولاي الرشيد ضخم جداً.. |
زبيدة: أتعرفين كم يقدرون عدده؟ |
عاتكة: يقدرون عدده يا مولاتي بمائة وخمسة وثلاثين ألفاً سوى الاتباع والمتطوعة.. |
زبيدة: إنه حقاً عدد ضخم أرجو أن يكتب الله له النصر والتأييد.. |
عاتكة: وسيقضي إن شاء الله على نقفور كلب الروم كما سماه مولاي الرشيد فهو حقاً كلب حقير وخسيس وقذر.. |
زبيدة: عسى أن تكون نهايته في هذه المعركة حتى يستريح المسلمون من شروره فقد علمت أنه إمبراطور غدار، متعطش لسفك الدماء، عدو لدود للإسلام وأهله.. |
عاتكة: هذا شيء طبيعي يا مولاتي فالله سبحانه وتعالى قد أشار إلى ذلك حيث يقول وهو أصدق القائلين: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ (سورة البقرة آية 217).. |
زبيدة: صدق الله العظيم.. هيا معي يا عاتكة.. |
عاتكة: إلى أين يا سيدتي؟ |
زبيدة: أنسيت؟ |
عاتكة: ربما ولكنه نسيان غير مقصود لعلّه منبثق من علة كبر السن.. |
زبيدة: أنت ما تزالين في عنفوان الشباب.. |
عاتكة: إنها عين الرضا يا مولاتي.. أتسمحين لي بأن أسأل إلى أين؟ |
زبيدة: لاستكمال تجهيز ما يلزم لأمير المؤمنين من حاجات السفر.. |
عاتكة: (وتضرب على وجهها): يا لغبائي كيف نسيت ذلك؟ |
زبيدة: جل من لا ينسى.. هيا بنا.. هيا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الرشيد يقول): |
الرشيد: ما هي أخبار يزيد بن مزيد مع الخارجي الوليد بن طريف فقد طالت أيامه.. هل جاءكم شيء عنه يا جعفر؟ |
جعفر: لا يا مولاي ولكن.. |
الرشيد: ولكن ماذا؟ |
جعفر: علمت يا أمير المؤمنين أن يزيد بن مزيد الشيباني يتجافى لقاء الوليد بن طريف الشيباني للرحم الذي بينهما فهو كما يعلم مولاي شيباني والوليد بن طريف شيباني أيضاً وإلا.. |
الرشيد: وإلا ماذا؟ |
جعفر: أقول ماذا.. أقول إن شوكة الوليد يسيرة لا تأخذ هذا الوقت ومع ذلك فيزيد بن مزيد يماطل ويخاتل ويداور.. |
الرشيد: أكتب إلى يزيد بن مزيد بهذا النص: لو وجهت بأحد الخدم لقام بأكثر مما تقوم به، ولكنك مداهن متعصب، وأمير المؤمنين يقسم بالله لئن أخرت مناجزة الوليد ليوجهن من يحمل رأسك إليه.. |
جعفر: أمرك يا مولاي سأبعث به إليه حالاً.. |
الرشيد: أذهب الآن وأدع لي الفضل بن الربيع.. |
جعفر: بالأمر يا مولاي.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها دخول الفضل بن الربيع وهو يقول): |
الفضل: مولاي.. |
الرشيد: هل من جديد عن صاحبك الذي أشرت على به؟ |
الفضل: من هو هذا يا سيدي؟ |
الرشيد: يزيد بن مزيد الشيباني؟ |
الفضل: ماذا من أمره يا أمير المؤمنين؟ |
الرشيد: إنني أسألك ماذا من أمره يا بن الربيع؟ |
الفضل: لا أعلم شيئاً يا مولاي.. |
الرشيد: لقد نصحتنا بتوليته حرب الوليد بن طريف الشيباني وأنت تعلم ما بينهما من قرابة ونسب ومع ذلك قبلنا نصحك وأرسلناه.. |
الفضل: وسوف يرجع يا مولاي ورأس ابن طريف على سن رمحه.. |
الرشيد: لو كان حقاً ما تقول ما تأخر في القيام بذلك إلى هذا الحد ولكنه يداهن ويماطل بل ربما يريد أن يتفق مع ابن طريف علي.. |
الفضل: استغفر الله يا مولاي.. أيخونك يزيد بن مزيد.. مستحيل.. مستحيل إنه سيف من سيوفك المسلولة على أعدائك.. |
الرشيد: ولكني أراه يتجافى لقاء الوليد بن طريف فماذا تعلل ذلك.. |
الفضل: لعلّه يريد النصر بأقل الخسائر.. |
الرشيد: لا أرى رأيك يا فضل.. كان على يزيد بن مزيد أن ينهي هذه المعركة بأسرع وقت ممكن حتى يبرهن على إخلاصه.. |
الفضل: ولكن إخلاصه لمولاي لا يرق الشك إليه.. وإني موقن وأقسم على ذلك.. |
الرشيد: لا تقسم.. سترى.. سترى.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عاتكة تقول): |
عاتكة: علمت أن أمير المؤمنين شديد الغضب على يزيد بن مزيد الشيباني لتقاعسه في حرب الوليد بن طريف الشاري الشيباني.. |
زبيدة: لا شك أن البرامكة قد أوغروا صدر أمير المؤمنين عليه لأنهم يكرهون أي قائد عربي بارز وهدفهم حصر القيادة في صنائعهم وأعوانهم من الفرس.. |
عاتكة: شأنهم في حصر جميع أجهزة الدولة وإداراتها في أيديهم وأيدي رجالهم.. ولكن.. |
زبيدة: ولكن ماذا يا عاتكة؟ |
عاتكة: ألا تستطيع مولاتي أن تقوم بعمل ما يخفف من سورة غضب أمير المؤمنين على يزيد بن مزيد الشيباني فإني أخشى من وسوسة البرامكة على حياته.. |
زبيدة: سأفعل وسأوعز إلى الفضل بن الربيع ليقوم هو من جهته أيضاً.. |
عاتكة: ولكن إلى متى يسمح أمير المؤمنين لهؤلاء البرامكة بالاستبداد والتحكم في رقاب العرب وهو يعلم أنهم فرس وأنهم يشايعون أعداء الخلافة.. |
زبيدة: لا أظن أمير المؤمنين غافلاً عما يعمله البرامكة ولكنه ينتظر الفرصة المناسبة.. |
عاتكة: الفرصة المناسبة له أم للبرامكة كي يقوموا - لا قدر الله - بحركة علوية ضده.. |
زبيدة: لا تخافي فالعرب بقيادة الفضل بن الربيع لهم بالمرصاد.. |
عاتكة: على كل حال أرجو من الله النصر ليزيد بن مزيد على خصمه حتى يقطع ألسنة أعدائه وخصومه.. |
زبيدة: اللَّهم آمين.. اللّهم آمين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يزيد بن مزيد الشيباني يقول): |
يزيد: خضت معارك ضارية ضد الوليد بن طريف وجماعة من الشراة وأنت تعلم يا فضل شجاعة الشراة وضراوتهم في القتال.. |
الفضل: ولكنك أطلت مدى الحرب حتى أوغرت صدر أمير المؤمنين عليك.. |
يزيد: أنا أعلم بالذين أوغروا صدر المؤمنين على.. أنهم البرامكة الذين يكرهون العرب ولا يريدون أي التفاتة من أمير المؤمنين لهم.. |
الفضل: هذا صحيح.. ولقد عملت ما في وسعي لتخفيف حدة غضب أمير المؤمنين عليك وعملت أيضاً زبيدة من جهتها.. |
يزيد: جزاكما الله عني كل خير.. والآن ما العمل؟ |
الفضل: لا أدري يا يزيد لا أدري.. |
يزيد: ولكني هرعت إليك مستخفياً قبل وصول جنودي إلى بغداد فرسالة أمير المؤمنين ورسالتك أقضتا مضجعي فبماذا تنصحني.. |
الفضل: أرى أن تعود حالاً إلى جنودك وتدخل معهم دخول الفاتحين إلى بغداد ورأس ابن طريف على سن رمحك كي يرى الناس ومعهم الرشيد مدى ما فعلت.. |
يزيد: ولكني أخشى ألا يقابلني الرشيد فيشمت بذلك أعدائي البرامكة في.. |
الفضل: لا شك أن البرامكة سيعملون ما وسعهم لحجبك عن رؤية الرشيد ولكن.. |
يزيد: ولكن ماذا؟ |
الفضل: ولكنني سأجاهد كي أحبط مؤامرة البرامكة عليك.. |
يزيد: أترى محاولتك طويلة الأمد؟ |
الفضل: لا أستطيع التكهن ولكني إن رأيت أن غضب الرشيد سيطول ليله فسأقول له.. |
يزيد: ماذا ستقول له؟ |
الفضل: أقول له: لقد أقسم يزيد بن مزيد يصيفن ويشتون على فرسه حتى يصفح عنه أمير المؤمنين.. |
يزيد: لا فضّ فوك.. بورك فيك.. بورك فيك والآن أعود وأنا مطمئن بأن قضيتي في يد أمينة.. |
الفضل: الأمان بالله يا أخي.. في حفظ الله وأمانة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عاتكة تقول): |
عاتكة: مولاتي! مولاتي! |
زبيدة: ما وراءك يا عاتكة؟ |
عاتكة: البشرى يا مولاتي البشرى.. |
زبيدة: لك البشرى.. قولي.. |
عاتكة: لقد انتصر يزيد بن مزيد على الخارجي الوليد بن طريف وحز رأسه وهو في طريقه إلى بغداد.. |
زبيدة: بشرك الله بالخير.. ولكن كيف عرفت؟ |
عاتكة: من الفضل بن الربيع.. |
زبيدة: وأمير المؤمنين.. هل علم بهذا النصر؟ |
عاتكة: بلى يا مولاتي بلى ولكن.. |
زبيدة: ولكن ماذا؟ |
|