الحلقة - 3 - |
الرشيد: ما هي يا أبي؟ |
يحيى: أحداث جرت في بلاد الروم. |
الرشيد: لعلّها في صالحنا.. |
يحيى: لا أظن يا مولاي.. |
الرشيد: كيف.. قل ما هي هذه الأحداث؟ |
يحيى: أيريني ملكة الروم..؟ |
الرشيد: ماذا حدث لها؟ |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت ميخائيل يقول): |
ميخائيل: هذا شيء لا يطاق أيها القائد؟ |
نقفور: ما هو يا ميخائيل.. |
ميخائيل: حال أيريني يا نقفور.. |
نقفور: إنك على حق يا ميخائيل فقد أصبحت (أيريني) لعبة في يد فتاها أنطونيو يتصرف في أمور الإمبراطورية كما يشاء.. |
ميخائيل: لقد تولهت أيريني بهذا الشاب فسلمته كل شيء فصار هو الإمبراطور الفعلي الذي يعزل ويولي وحوله بطانة من الشبان الماجنين.. |
نقفور: صدقت.. صدقت ولا أدلّ على ذلك من معاهدة العار التي عقدتها أيريني مع خليفة المسلمين هارون الرشيد.. |
ميخائيل: إن انطونيو هو السبب يا نقفور.. يريد أن ينعم بالهدوء بجانب (أيريني) فرضي بهذا الذل والهوان الذي لم يسجل مثله تاريخ إمبراطوريتنا.. |
نقفور: نعم.. نعم.. والآن ما العمل.. ما الرأي؟ |
ميخائيل: الرأي لك يا نقفور وما علينا إلا الطاعة وتنفيذ ما تأمرنا به.. |
نقفور: يتوجب علينا إقصاء أيريني وفتاها عن الحكم مهما يكن الثمن.. |
ميخائيل: إقصاء (أيريني) وفتاها من أسهل الأمور أين القائد.. |
نقفور: كيف..؟ |
ميخائيل: إن الناس ينقمون على (أيريني) لأنها اغتصبت العرش من ابنها (القاصر) وحبسته وضيقت الخناق عليه.. |
نقفور: ومولاي ما استطاعت يا ميخائيل لقد عاونتها على خلع ابنها قسطنطين حتى قبضت عليه وسملت عينيه وأصبحت القيصرة (أوجستا).. |
ميخائيل: ما رفعته بيدك يجب أن تضعه بيدك.. |
نقفور: بل يجب أن أسحقه تحت قدمي ولا سيما انطونيو الماجن.. |
ميحائيل: هذا هو أمل الجميع فيك أيها القائد.. |
نقفور: يجب القيام بعمل حاسم في هذه الليلة.. |
ميخائيل: نحن على أتم الاستعداد وبانتظار الأمر.. |
نقفور: أذهب إلى مركز قيادتك وكن مستعداً أنت ومن معك لتنفيذ ما أصدره إليك من تعليمات. |
ميخائيل: بالأمر أيها القائد.. |
نقفور: مع السلامة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة تختلط بضحكات هستيرية مجونية صادرة من رجال ونساء وأصوات موسيقى وتريَّة ونحاسية نسمع بعدها صوت ميخائيل يقول): |
ميخائيل: إن أيريني وفتاها والحاشية في أشد حالات الانبساط والسرور.. |
نقفور: حتى حرّاسهم يشتركون معهم في هذا الانبساط وأرى أنه الآن أحسن الأوقات للانقضاض عليهم.. |
ميخائيل: أجل أيها القائد.. أجل.. إنها ساعة الصفر.. |
نقفور: حسناً.. عندما تسمعونني أصرخ وأقول: أموريا.. أموريا.. فهذا يعني الهجوم هيا إلى مكانك وبلغ أمري لمن هم تحت قيادتك.. |
ميخائيل: بالأمر أيها القائد.. |
(موسيقى صاخبة تختلط بضحكات هستيرية مجونية صادرة من رجال ونساء وأصوات موسيقى وتريَّة ونحاسية نسمع بعدها صوت نقفور يصرخ قائلاً): |
نقفور: أموريا.. أموريا.. |
(يبتدىء الهجوم بأصوات مفزعة مرعبة يتخللها صليل السيوف وقعقعة السلاح وسقوط قتلى وإنّات جرحى نسمع بعدها صوت ميخائيل.. يقول): |
ميخائيل: لقد استسلمت أيريني بعد أن قُتل فتاها وصُرع قائد حرسها.. |
نقفور: قيدوها وخذوها إلى القلعة وعاملوها بقسوة كما عاملت ابنها المسكين.. |
ميخائيل: بالأمر أيها القائد.. |
نقفور: قل لجنودك وأمراء فصائلك بأن يحافظوا على كل شيء وأن يمنعوا الغوغاء من النهب والسطو على متاجر البلدة وحوانيتها ودورها.. |
ميخائيل: لقد قمت بالترتيبات اللازمة مسبقاً أيها القائد.. |
نقفور: بورك فيك.. بورك فيك.. |
ميخائيل: متى يأمر سيدي القائد بإعلان توليه عرش الإمبراطورية؟ |
نقفور: أعلنوه في الصباح الباكر بشتى وسائل الإعلان كما يجب.. |
ميخائيل: كما يجب ماذا؟ |
نقفور: أن يعلن أني عينتك قائداً عاماً لجيش الإمبراطورية.. |
ميخائيل: شكراً مولاي على هذه الثقة الغالية التي أعتز بها وافخر وأرجو أن أكون عند حسن ظنكم بي.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة نسمع بعدها صوت يحيى يقول): |
يحيى: هذا ما حدث لأيريني المعروفة بالقيصرة (أوجستا).. |
الرشيد: إنها أخبار سيئة يا أبي.. ولكنها.. |
يحيى: ولكنها ماذا يا أمير المؤمنين؟ |
الرشيد: إنها لا تستحق السهر منك إلى الهزيع الأخير من الليل في انتظاري.. |
يحيى: خشيت أن استهدف إلى غضب أمير المؤمنين إن أنا أخرت اطلاعه على هذا الخبر إلى اليوم التالي.. |
الرشيد: إني مشفق عليك يا أبي.. |
يحيى: إنني عاجز عن الشكر يا أمير المؤمنين.. |
الرشيد: والآن وقد أردت إلا أن تخبرني فما رأيك؟ |
يحيى: الرأي لأمير المؤمنين.. |
الرشيد: أين القائد عبد الملك بن إبراهيم بن جبريل؟.. |
يحيى: إنهما في دورهما هل يأمر مولاي باستدعائهما؟ |
الرشيد: لا.. لا.. فالمثل العربي يقول عند الصباح يحمد القوم السرى.. |
يحيى: هل يأذن أمير المؤمنين لي بالانصراف؟ |
الرشيد: بلى.. بلى.. وأنت يا جعفر والبقية إلا مسرور.. |
يحيى: طاب يومك يا أمير المؤمنين.. |
الرشيد: ويومك يا أبي.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت زبيدة تقول): |
زبيدة: هل يأمر أمير المؤمنين بأن أبقى أو انصرف.. |
الرشيد: لك مطلق الحرية فإذا شئت بقيت فيا لسعادتي أو ذهبت فإني أتمنى لك أطيب الأحلام.. |
زبيدة: شكراً لك يا أمير المؤمنين.. أريد أن أستأذنك في الذهاب إلى حيث يقيم محمد الأمين فهو لم ينم بعد.. |
الرشيد: لماذا؟ |
زبيدة: لقد علم بانحدارك إلى دجلة وقد أغتم لتأخرك.. |
الرشيد: لا عليه.. قولي له إني بخير وأن نسيم دجلة قد أراحني مما كنت أشكو منه.. |
زبيدة: الحمد لله.. الحمد لله.. طاب يومك يا أمير المؤمنين.. |
الرشيد: طاب يومك يا أم الأمين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بأصوات مبهمة تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت الأمين يقول وهو يضحك): |
الأمين: حدثني يا ابن الربيع عما جرى مع رسل ملك الهند الذين قدموا بهدية ملكهم إلى أمير المؤمنين. |
ابن
الربيع: بعث ملك الهند بسيوف قلعية، وكلاب سيورية، وثياب من ثياب الهند مع رسله فدخلوا على أمير المؤمنين فقال لهم.. |
الأمين: ماذا قال؟ |
ابن
الربيع: ما جئتم به؟ قالوا: هذه أشرف كسوة في بلدنا.. فأمر أمير المؤمنين القطاع بأن يقطع منها جلالاً ورقاع كثيرة لخيله.. |
الأمين: ماذا فعل رسل ملك الهند حين رأوا ذلك؟ |
ابن
الربيع: نكسوا رؤوسهم.. |
الأمين: وبعد.. |
ابن
الربيع: ثم قال لهم أمير المؤمنين: أما عندكم غير هذا؟ قالوا: هذه سيوف قلعية لا نظير لها فدعا بالصمصامة.. |
الأمين: الصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب.. |
ابن
الربيع: بلى يا سيدي.. فإذا بالصمصامة يقطع سيوفهم سيفاً سيفاً كما يقطع الفجل من غير أن تثلم له شفرة ثم أمرني.. |
الأمين: ماذا أمرك؟ |
ابن
الربيع: أمرني أن أعرض عليهم حد الصمصامة فإذا لا فل فيه.. فصلب القوم في وجوههم.. ثم قال لهم: أما عندكم غير هذا؟ قالوا: |
الأمين: قالوا ماذا؟ |
ابن
الربيع: هذه كلاب سيورية لا يلقاها سبع إلا عقرته.. فقال لهم أمير المؤمنين: إن عندي سبعاً إن عقرته فهي كما ذكرتم ثم أمر بالأسد فأخرج إليهم.. |
الأمين: لا شك أنها لهم لأني أعرفه سبعاً ضخماً فماذا قالوا؟ |
ابن
الربيع: ليس في بلادنا مثل هذا السبع فقال لهم أمير المؤمنين: هذه سباع بلدنا قالوا نرسلها عليه وكانت الأكلب ثلاثة فأرسلت عليه.. |
الأمين: فأكلها السبع واحداً بعد واحد.. أليس كذلك؟ |
ابن
الربيع: لا يا مولاي.. |
الأمين: إذن ماذا؟ |
ابن
الربيع: مزقت الكلاب السبع إرباً إرباً.. |
الأمين: (صارخاً) غير معقول يا ابن الربيع.. غير معقول.. |
ابن
الربيع: هذا الذي وقع أمامي يا سيدي فأعجب أمير المؤمنين بها وقال تمنوا في هذه الكلاب ما شئتم من طرائف بلدنا قالوا ما نتمنى إلا السيف الذي قطعت به سيوفنا.. |
الأمين: بالطبع لم يجبهم أمير المؤمنين إلى طلبهم.. |
ابن
الربيع: صدقت يا مولاي لقد قال لهم: هذا مما لا يجوز في دينينا أن نهاديكم بالسلاح ولولا ذلك ما بخلنا به عليكم ولكن تمنوا غير ذلك ما شئتم قالوا: |
الأمين: ماذا قالوا؟ |
ابن
الربيع: قالوا ما نتمنى إلا إياه.. فأجاب لا سبيل إلى ذلك ثم أمر لهم بتحف كثيرة وأحسن جائزتهم.. |
الأمين: لا فض فوك.. إنها مقابلة لطيفة.. |
ابن
الربيع: أجل يا مولاي وقد أذن الفجر فهل يسمح سيدي بالانصراف؟ |
الأمين: طاب في أمان الله.. طاب يومك.. |
الربيع: طابت أيامك يا مولاي.. |
(تدخل زبيدة والموسيقى مصاحبة وهي تقول): |
زبيدة: ألم تنم بعد يا بني؟ |
الأمين: لا يا أماه وقد كنت بانتظارك لأطمئن على أخبار أمير المؤمنين.. |
زبيدة: إنه بخير وقد عاد من رحلته النهرية منشرح الصدر والخاطر وزال عنه ما يشكو منه.. |
الأمين: الحمد لله.. إذن سأذهب إلى النوم وأنت.. |
زبيدة: سأذهب أيضاً.. |
الأمين: طاب يومك يا أماه.. |
زبيدة: طابت أيامك يا بني.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يحيى البرمكي) يقول: |
يحيى: السلام على أمير المؤمنين.. |
الرشيد: وعليك السلام يا والدي ومؤدبي.. هل من جديد عن أيريني؟ |
يحيى: لقد عميت عنها الأخبار بعد سجنها وتنصيب نيسفوروس قيصراً للروم.. |
الرشيد: نيسفوروس أو نقفور هو الذي ساعد (أيريني) على ابنها قسطنطين حتى اغتصبت منه العرش واليوم نقفور ينقلب عليها. يا لسخرية الأقدار! |
يحيى: من أعان ظالماً سُلّط عليه حتى يكون حتفه على يديه.. أو كما قيل.. |
الرشيد: ما رأيك لو أرسلنا حملة لجس النبض.. |
يحيى: أيرى مولاي أن الحملة على إمبراطورية الروم أهم من توطيد الأمن والاستقرار في خراسان وطوس ونيسابور بعد إخماد الفتن التي حدثت بها.. |
الرشيد: ولكن لدينا من القوى ما يكفي لضرب أعدائنا في كل الجهات.. |
يحيى: حسناً ماذا يأمر أمير المؤمنين؟.. |
الرشيد: نسير جيشاً لغزو الروم.. |
يحيى: بقيادة من؟ |
الرشيد: القاسم بن الرشيد.. |
يحيى: ابن أمير المؤمنين..؟ |
الرشيد: بلى.. هل ترى غيره..؟ |
يحيى: لا.. وأمير المؤمنين.. ألا يغزو؟ |
الرشيد: لبيك اللَّهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيَّك.. |
|