شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 28 -
عامر: أما عن ابنتك يا خطار فلا أخبار..
خطار: لا حول ولا قوة إلا بالله.. إلى متى يا ربي أعيش في هذا الحرمان.. هكذا قضيت ولا راد لما قضيت..
عامر: لقد اتفقنا يا خطار من قبل أن تسلم أمرك لله والله هو نعم المولى ونعم النصير..
خطار: صحيح ولكن قلب الأب ليس من حجر يا شيخ عامر..
عامر: وهل يفيدك ما تصنعه بنفسك غير الآلام والأحزان التي زلزلت كيانك وهدمت صحتك.. إذا كنت حقاً تحب ابنتك فيجب أن تتذرع بالصبر وتحرص على صحتك التي قد تحتاجها في سبيل الوصول إليها..
خطار: سأفعل اللَّهم ثبتني على الإيمان وألهمني الصبر على ما أنا فيه.. قل لي يا شيخ عامر ماذا عن خالد؟
عامر: خالد سيدخل امتحان السنة الأخيرة بعد أيام وإذا نجح فسيبرق إلينا بذلك كي نحضر حفل تخرجه في الجامعة..
خطار: وستأخذني معك..
عامر: بإذن الله ولذلك أرجوك العناية بصحتك..
خطار: يا رب تنجح خالد.. يا رب تفتح عليه فتوح العارفين يا رب..
عامر: آمين يا رب العالمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى مناسبة نسمع بعدها مدام انطوانيت تقول):
انطوانيت: ما بك يا ضحى؟ أراك شاردة اللب.. حزينة مهمومة فهل جد ما يشغلك؟
ضحى: تقولين هل جدّ ما يشغلني؟ ومتى رأيتني يا أماه ناعمة البال هادئة البلبال..
انطوانيت: لقد كفاك الله شر من ادعى أنه ابن عمك فتبين أنه مجرم عريق في الإجرام قد سبق له أن قتل فتاة وهرب وقد سلم للقضاء ليقول كلمته فيه..
ضحى: صحيح أن ابن عمي كان أكثر من يشغل بالي ولكن..
انطوانيت: ولكن ماذا؟
ضحى: نسيت يا ماما والدي الذي ما يزال مصيره مجهولاً.. ونسيت..
انطوانيت: نسيت ماذا أيضاً؟
ضحى: نسيت عاصفة الوجدان العاتية..
انطوانيت: بلى نسيته فهو عهد طويته ولم تبق منه إلاّ الذكريات..
ضحى: أليس هو أحلى العهود يا أماه..؟
انطوانيت: بلى يا بنيتي بلى..
ألا ليت الشباب يعود يوماً
لأخبره بما فعل المشيب..
ضحى: أنت طويت هذا العهد وأنا أعيشه أصارع آمالي وأحلامي وشكوكي وأوهامي..
انطوانيت: إنك تختلقين الصراع وكأنك استمرأت هذه الحياة فلا تعيشين بدونها..
ضحى: كيف أسعى إلى عذابي.. ومن يحب العذاب؟
انطوانيت: أنت..
ضحى: أنا يا أماه..
انطوانيت: نعم أنت.. أمورك والحمد لله تسير من حسن إلى أحسن وأنت تنظرين إليها وكأنها تسير من سيء إلى أسوأ..
ضحى: إذن فأنا مريضة بالعقد النفسية..
انطوانيت: لست مريضة.. إنك صحيحة العقل والجسم ولكنك تحسبين للعواقب أكثر مما يجب..
ضحى: يا أماه أريد أن أكون صريحة معك..
انطوانيت: هذا شيء يسرني فلعلي أستطيع أن أساعدك..
( نسمع صوت ضحى تقول):
ضحى: أنت تعرفين ما بنفسي نحو خالد..
انطوانيت: بلى.. بلى..
ضحى: وقد باركت ميلاد هذا الشيء بنفسي..
انطوانيت: أجل.. أجل.. وأؤكد لك أنك أحسنت الاختيار..
ضحى: هذه عواطف أم نحو ابنتها ولكن..
انطوانيت: ولكن ماذا؟
ضحى: إن كنت أنا أحسنت الاختيار فهل أحسن خالد الاختيار؟
انطوانيت: هل فيك ما يشين.. خُلقك وخَلقك وسلوكك ومسيرك؟
ضحى: لا أريد أن أبكي نفسي والحمد لله على ما أنعم وتفضل..
انطوانيت: إذن فلم تتساءلي هل أحسن خالد الاختيار.. لقد رأى خالد ليلة القدر يوم رآك..
ضحى: لا تثيري غروري يا أماه..
انطوانيت: لا ولكني أقرر حقيقة واضحة كالشمس في رابعة النهار..
ضحى: شكراً يا أماه شكراً ولكن..
انطوانيت: عدنا إلى كلمة ولكن.. ولكن ماذا؟
ضحى: لو كان خالد ابنك هل ترغبين له أن يتزوج من فتاة لا يعرف أصلها وفصلها أهلها وعشيرتها.. فتاة ظهر أن ابن عمها مجرم.. فتاة تدعي أن أباها ذهب إلى جهة مجهولة..
انطوانيت: فتاة تعرف عليها في مشغل خياطة وفي مناسبات فيها عراك وصراع. أليس هذا ما تريدين أن تقوليه..
ضحى: بلى يا أماه بلى.. ثم..
انطوانيت: ثم ماذا؟
ضحى: لقد قلت لي إن خالد طلب يدي منك.. وإنه ينتظر الجواب..
انطوانيت: بلى.. بلى..
ضحى: كيف ألبي طلبه يا أماه وأنا لا أدري هل سيقبل والده.. هل سترضى أمه لفتاة هذا تاريخها ثم..
انطوانيت: ثم ماذا أيضاً؟
ضحى: كيف أقبل بخالد زوجاً وأنا لم استشر والدي.. قد تقولين والدي مجهول المصير ولكن لو فرضنا وظهر كيف يكون موقفي منه ألا يغضب لأني تعجلت الزواج..
انطوانيت: لقد ادخلتيني معك في الدوامة..
ضحى: ولذلك لا تستعجلي في الحكم علي يا أماه إذا رأيتني ساهمة التفكير.. شاردة الذهن إنني أعيش في صراع ليس مع الأيام فحسب بل مع نفسي وهو أشد أنواع الصراع..
انطوانيت: أجل..أجل ولكن ما العمل..وخالد يستعجلني الجواب..
( نسمع ضحى تقول):
ضحى: ماذا ترين أنت؟
انطوانيت: أنا في حيرة يا بنيتي لا أدري بماذا أشير عليك؟
ضحى: ما رأيك..؟
انطوانيت: هات..
ضحى: قولي له إني أقبل طلبه بشوطين أساسيين:
انطوانيت: ما هما؟
ضحى: أولاً أن أرى قبل كل شيء شهادة الدبلوم في يده، ثانياً أن يتقدم والده لخطبتي..
انطوانيت: شرطان معقولان سوف يقبلها دون شك..
ضحى: لا تتسرعي في الحكم يا أماه.. إنك لن تريه الآن لانشغاله بامتحانات السنة النهائية.. ربنا معه..
انطوانيت: أتدرين من اشتقت أن أرى يا ضحى؟
ضحى: لا.. يا أماه..
انطوانيت: فتحي.. دمه شربات..
ضحى: فتحي شخصيته ظريفة مخلصة لخالد.. أما أخته عفاف فحقودة..
انطوانيت: أعذريها يا ضحى..
ضحى: أعذرها على حقدها عليّ؟
انطوانيت: نعم.. نعم.. لأنك أخذت خالد منها..
ضحى: أوه ما أشد غبائي يا أماه.. صدقت.. صدقت.. لقد عذرتها..
انطوانيت: نسينا في غمرة الحديث عن خالد أن أسألك أين قررت أن نقضي إجازة السبعة الأيام التي منحتك إياها مدام جوزفين بعد النجاح الهائل الذي حققه المعرض..
ضحى: والله لا أدري ما رأيك أنت؟
انطوانيت: أنا أفضل أن تذهبي إلى ميناء بحري تقضين فيه إجازتك..
ضحى: ولكن مع من؟ وأنا وحيدة.. اتركيني أفكر والآن أستأذنك..
انطوانيت: إلى أين؟
ضحى: أريد زيارة السيدة اليونانية التي كنت أشتغل ممرضة عندها..
انطوانيت: أوه فكرتيني..
ضحى: ماذا نسيت؟
انطوانيت: سأل عنك العم بيومي بينما كنت في السوق وقال ضروري تتصلي به عند عودتك..
(تدير قرص التليفون وتمسك بالسماعة وهي تقول):
ضحى: هلو.. مين.. العم بيومي..
بيومي: نعم.. ست ضحى.. يا مرحبا.. كيف أنت؟
ضحى: بخير.. قيل إنك سألت عني خيراً إن شاء الله..
بيومي: الست الكبيرة سألت عنك..
ضحى: القلوب عند بعضها.. أنا كنت أفكر فيها وكنت عازمة على زيارتها قبل أن أهاتفك.. قل لي ماذا كانت تريد الست الكبيرة مني..
بيومي: الست الكبيرة عازمة على الذهاب إلى الإسكندرية والممرضة الحالية لا تستطيع الذهاب معها لمرض والدتها فطلبت مني أن اتصل بك وأسألك إن كان وقتك يسمح لترافقيها لمدة أسبوع ريثما تلحق بها ممرضتها..
ضحى: دقيقة أسأل الماما.. ماما الست الكبيرة تريد أن أذهب معها إلى الإسكندرية لمدة أسبوع.. فما رأيك..؟
انطوانيت: رب صدفة خير من ميعاد.. قولي له موافقة..
ضحى: هذا شرف يا عم بيومي بلغ الست الكبيرة تحياتي وقل لها إني بخدمتها ولكن متى السفر؟
بيومي: غداً الساعة الثامنة صباحاً..
ضحى: بانتظاركم مع السلامة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت خريستو يقول):
خريستو: أصبحنا محاصرين يا سيمونيدس..
سيمونيدس: أجل يا خريستو.. أصبح الأسف في قفص..
خريستو: وسوف يذهب البوليس بنا إلى زنزانة السجن..
سيمونيدس: ما العمل الرقابة شديدة وعيون البوليس في كل مكان..
خريستو: آخ من البنت اللبوة ضحى والولد الفتوة خالد.. آخ.. ليتني أستطيع الانتقام منهما كما انتقمت من ليلى..
سيمونيدس: لا مجال لأي انتقام يا خريستو.. المهم هو إيجاد طريقة لفرارك من هنا..
خريستو: أتعتقد أن ذلك ممكناً بعد أن سدت في وجهنا جميع السبل..
سيمونيدس: المستحيلات ثلاثة وليس بينها هربك..
خريستو: قد يكون فراري من رابع المستحيلات.. إلاّ أن تأتي المعجزة..
سيمونيدس: لسنا في عصر المعجزات..
خريستو: أف لك يا سيمونيدس..كلما أردت أن أعزي نفسي بالأمل قضيت عليه بإشاعة اليأس والفشل أرى أن أسلم نفسي للبوليس وأستريح من وجهك..
سيمونيدس: إلى الأبد..
(موسيقى تختلط بضجيج وأصوات سيارات نسمع بعدها صوت خريستو يقول):
خريستو: ما هذا الضجيج.. وأصوات السيارات التي أسمعها.. انظر وحاذر أن يراك أحد..
سيمونيدس: رحنا في داهيه.. رحنا في داهيه..
خريستو: ماذا تقول؟
سيمونيدس: البوليس يحاصر المنطقة وأراه بدأ يفتشها..
خريستو: ما العمل؟..
سيمونيدس: الهرب ولكن كيف؟
خريستو: انظر سلالم العمارة الخلفية لعلّها غير مراقبة فنهرب منها..
سيمونيدس: إنها مراقبة من البوليس ومن سكان العمارات المجاورة..
خريستو: إذن فلننتظر ما تأتي به الأقدار..
(نسمع طرقاً على الباب وصوتاً يقول):
الضابط: افتح.. افتح..
خريستو: لا تفتح.. دعهم يفتحوه بالقوة..
الضابط: افتح وإلا فتحناه بالقوة..
(نسمع ضرباً قوياً على الباب ثم صوت انفتاحه نسمع بعدها صوت خريستو يقول):
خريستو: فلنطلق النار على الداخلين فلعلّنا نستطيع إحداث بلبلة نهرب خلالها..
(نسمع طلقات الرصاص ثم صوت الضابط يقول):
الضابط: ردوا على الرصاص بمثله وحاولوا ألا تقتلوهم وإذا استطعتم إمساكهم هو أحسن..
(نسمع تبادل طلقات الرصاص ثم صوت الخريستو يقول):
خريستو: أصبت في يدي يا سيمونيدس فانج بنفسك..
سيمونيدس: (يصرخ آخ.. أصبت في يدي ورجلي ولا سبيل للنجاة..
الضابط: إنهما يستسلمان.. كفوا عن الضرب.. وأوثقوهما جيداً.. وضعوهما في السيارة إنه رئيس العصابة الدولية ونائبه هنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ضحى وهي تقول):
ضحى: ما أروع منظر البحر والشمس على وشك المغيب..
انطوانيت: حقاً يا بنيتي إنه منظر فتّان يأخذ بمجامع القلوب..
ضحى: سبحان الخلاق العظيم.. لقد أحسنت يا أماه بمجيئك إلى هنا اليوم تشاركيني الاستمتاع بهذه الفتنة الطاغية وهذا المنظر الخلاب..
انطوانيت: شعرت بفراغ موحش لبعدك.. واتفق وجود أحد أقاربي عندي وزوجته فعزما عليّ أن أذهب معهما إلى الإسكندرية فقبلت بدون تردد..
ضحى: شكراً يا أماه..
انطوانيت: والله ما أدري كيف سأعيش بعدك إذا ما قدر لك أن تتزوجي بخالد..
ضحى: ستذهبين معنا..
انطوانيت: والبنسيون..
ضحى: لقد آن لك أن تتقاعدي بعد كل هذه الخدمة الطويلة.. البنسيون تؤجرينه إلى مسيو لويس وتذهبين معي وتأتين في كل سنة لتقبضي الإيجار..
انطوانيت: سنتكلم في هذا الموضوع في حينه..
ضحى: صدقت إذن تعالي نتكلم من كابينة التليفون مع بيومي فقد تركناه مع الست الكبيرة بالفندق وقد طال غيابنا ولا بد أنه اشتد قلقه وقلق سيدته علينا..
انطوانيت: حسناً.. هيا بنا نكلمه.. ولا سيما وقد دخل الليل ومن الضروري العودة إلى الفندق..
(تدير ضحى قرص التليفون وتقول):
ضحى: هلو.. الفندق.. من فضلك غرفة (60).. هلو عم بيومي.. انشغل بالك وبال الست علينا نحن بخير.. تقول ماذا.. عندك أخبار هامة.. هامة جداً سنطير إليك بأول تاكسي..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :651  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.