الحلقة - 11 - |
أحدهم: ما تحاسبي يا ست وتبصّي قدّامك.. |
ضحى: بردون يا مسيو.. |
أحدهم: إنها مسكينة غريبة وشكلها يدل على أنها أجنبية. فلأتبعها. |
(وتنضب من المسير على غير هدى فتجلس على شنطة في ركن من أركان أحد الشوارع ويداها على خديها والدموع تخنق عينيها وهي تقول): |
ضحى: رحمتك يا رب.. دبرني يا ربي. إلى أين أذهب.. |
أحدهم: أنت غريبة يا ست هانم.. |
ضحى: بلى يا أستاذ.. تعمل معروف.. |
أحدهم: قولي يا هانم.. |
ضحى: دلني على بنسيون أو فندق.. |
أحدهم: حاضر يا فندم. اتبعيني.. |
ضحى: أرجوك يكون (فندق محترم).. |
أحدهم: في بنسيون لست من بر الشام وأنا شايف أنك من بر الشام أو من لبنان.. |
ضحى: من لبنان يا أستاذ.. |
أحدهم: تشرفنا. أنا أعرف لبنان كويس.. |
ضحى: أي بلد من لبنان.. |
أحدهم: وهو في بلد غير بيروت.. |
ضحى: في يا أستاذ لكن بيروت العاصمة ومرآة البلد. مثل القاهرة مرآة مصر. أليس كذلك.. |
أحدهم: أيوا يا فندم.. |
ضحى: هل نحن بعيدون عن البنسيون يا سيد؟ |
أحدهم: لا. هل تعبت؟ |
ضحى: لا ولكني أتعبتك من حمل الشنطة.. |
أحدهم: أنا سعيد يا مودموزيل بصحبتك. |
ضحى: كتر خيرك.. |
أحدهم: وصلنا البنسيون.. |
ضحى: الحمد لله.. الحمد لله.. |
أحدهم: هيا أدخلي.. البنسيون في الدور السابع من هذه العمارة.. |
ضحى: ألا يوجد (أسانسير).. |
أحدهم: موجود. ها هو أمامك.. هيا أدخلي.. |
(نسمع صوت المصعد مصحوباً وعندما يقف يفتح أحدهم الأسانسير ويقول لها): دقيقة من فضلك أدق الجرس. إن شاء الله صاحبة البنسيون تكون هنا). |
ضحى: وصاحبة البنسيون ما اسمها؟ |
أحدهم: مدام أنطوانيت.. |
ضحى: والبنسيون في هذه الشقة.. |
أحدهم: نعم. ألا تقرئين اليافطة.. |
ضحى: إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.. |
أحدهم: أنت تعبانة خالص. دي الوقت تنامي وترتاحي ويعاودك نشاطك.. |
ضحى: إن شاء الله.. |
(يدق أحدهم الجرس فيفتح باب الشقة وتطل مدام انطوانيت وهي تقول): |
انطوانيت: أهلاً وسهلاً يا مدموزيل.. |
أحدهم: الهانم عايزه غرفة محترمة.. |
انطوانيت: تكرم عينيك يا مدموزيل. أحسن غرفة.. |
ضحى: مرسي مدام.. |
أحدهم: المدموزيل من لبنان يا مدام.. |
انطوانيت: يا مرحبا بريحة الأهل والوطن.. |
ضحى: شكراً يا أستاذ. مدام شوفي خاطرو.. |
انطوانيت: استنى يا أستاذ الست أمرت لك بحاجة.. |
أحدهم: شكراً أنا بالخدمة يا مدام دائماً.. |
انطوانيت: مرسي مع السلامة.. |
ضحى: مع السلامة.. ألف شكر يا أستاذ.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ضابط المخفر يقول متعجباً): |
الضابط: تقول اسمك خطار.. |
خطار: نعم يا حضرة الضابط.. |
الضابط: خطار المخطوف.. |
خطار: مخطوف.. أأنا خطفت.. من خطفني؟ |
الضابط: أناس مجهولون.. وقد أتعبتنا يا خطار.. وأسهرتنا ليالي وأياماً. |
خطار: تقول حقاً يا حضرة الضابط أم أنك تمزح أم تهزأ. |
الضابط: هذه حقيقة يا سيد خطار وهذه بعض المحاضر أمامك.. اقرأها. |
خطار: سوف أقيم الدعوى على من بلغ عني وأشاع أني خطفت. |
الضابط: خادمك يوسف كان هو الذي بلغ عن اختطافك.. |
خطار: سوف يلقي جزاءه.. |
الضابط: ولكن الذين خطفوك هم الذين ضربوا يوسف بمسدس على رأسه أفقده وعيه وصوابه.. |
خطار: أنتم لا تعرفون يوسف.. إنه يتعاطى المخدرات ولا بد أنه كان يومئذ في حالة سكر شديد فوقع على الأرض مغشياً عليه فلما أفاق اخترع قصة الخطف. |
الضابط: والجرح الذي كان في رأسه.. |
خطار: من سقوطه على الأرض.. |
الضابط: على كل حال ما دمت لا تدعي على أحد فليس لنا عليك سبيل.. |
(نسمع صوت محرك السيارة مصحوباً ثم نسمع بعدها صوت فرهود يقول): |
فرهود: لقد سببت لك إزعاجاً كبيراً باختفائي في دارك يا مسيو متري.. |
متري: نحن أصدقاء وزملاء دراسة يا فرهود وهي ذكريات لا تنس.. |
فرهود: ولكنك تعيش على أعصابك يا مسيو متري. وأنا أرى.. |
متري: ترى ماذا؟ |
فرهود: أهرب إلى بلد آخر.. |
متري: كيف تهرب والبوليس قد عمم عنك إلى جميع مراكز الشرطة ومخافر الحدود. ثم لا تنسى.. |
فرهود: أنسى ماذا؟ |
متري: هنالك اتفاقية تسليم المجرمين معقودة بين لبنان والبلدان المجاورة له.. |
فرهود: إذن فلا مندوحة من بقائي لديك.. |
متري: هذا هو الحل في الوقت الحاضر.. |
فرهود: ولكني أكاد أجن من ملازمة هذه الغرفة ليل نهار. لا أستطيع أن أتطلع من شباك. أو أمر من أمام نافذة خشية أن يراني أحد فيوشي بي للبوليس. |
متري: على كل حال هذه الغرفة أحسن من السجن وبالتالي الإعدام. |
فرهود: ولكني لم أقتل (سونيا)؟ |
متري: كيف وقد وجدت مقتولة في دارك.. |
فرهود: كنت أمسك بالمسدس في الوقت الذي كانت تحاول فيه قتلي وأثناء العراك ضغط إصبعها على الزناد فانطلقت الرصاصة إلى جهة قلبها بدلاً من قلبي فماتت في الحال. |
متري: إذن سلم نفسك للبوليس ووكل عنك أحد المحامين القديرين فقد يبرىء ساحتك أمام المحكمة. |
فرهود: ليست لدي الشجاعة يا متري.. |
متري: إذن فارض بما أنت فيه وأترك الأمر للظروف.. |
فرهود: أظن هذا هو الرأي السليم. قل لي يا متري.. |
متري: ماذا أقول لك؟ |
فرهود: عندك أخبار عن ابنة عمي ليلى أو عمي خطار.. |
متري: أسمعت إنها سافرت إلى مصر بعد أن باعت فيلتها في الشام وصفت تجارتها فيها وفي بيروت.. |
فرهود: وفيلا ((سوق الغرب)) قضى عليها الحريق فأصبحت أثراً بعد عين. |
متري: بفعل أياديك البيضاء يا فرهود. أما عمك خطار فلا أخبار عنه.. |
فرهود: يقيني أن خاطفيه قد قتلوه.. |
متري: قتلوه. شنقوه. المهم أخباره انقطعت وتناسى الناس ما جرى له.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مدام (انطوانيت) تقول: |
انطوانيت: البشرى يا ضحى البشرى.. |
ضحى: الله يبشرك بالخير. هل من أخبار عن والدي؟ |
انطوانيت: لا. وإنما أخبار عن الشغل. |
ضحى: (ويفتر حماسها فتقول) الشغل الشغل. هل وجدت لي عملاً.. |
انطوانيت: بلى.. بلى.. |
ضحى: أين؟ |
انطوانيت: في (تلبية) مشغل خياطة لوحدة ست معرفة ومن لبنان كمان.. |
ضحى: مرسي مدام (ميلا) مرسي ((ألف شكر)).. |
انطوانيت: لا شكر يا ضحى أنت أصبحت اليوم ابنة لي (ثم تتأوه فتسألها ضحى).. |
ضحى: أراك تتأوهين يا مدام. لعلّك لا تشكين من شيء.. |
انطوانيت: أشكو من الزمان الغدار. والأيام السوده.. |
ضحى: وأنت كمان عايشة في صراع مع الأيام.. |
أنطوانيت: أجل يا بنيتي.. لقد كانت لي ابنة في سنك وجمالك فتعلق بها أحد الفتوة.. |
ضحى: الفتوة هنا يعني زي (القبضايات) في لبنان.. |
انطوانيت: بلى.. بلى.. |
ضحى وبعدين.. |
انطوانيت: وأراد الفتوة أن يتزوجها أو بالأحرى يتخذها خليلة له.. |
ضحى: خليلة بالقوة.. |
انطوانيت: بالعافية.. يا بنيتي.. ما علينا وبالطبع أنا رفضت والبنت رفضت. وفي ليلة لا أنساها دق جرس البنسيون ففتحت الباب وإذا أنا وجهاً لوجه مع الفتوة.. |
ضحى: يا إلهي. وماذا بعد؟ |
انطوانيت: وإذا هو في حالة سكر شديدة.. |
ضحى: يا لطيف.. |
انطوانيت: ومن دون سلام أو دستور دخل وأول كلمة قالها: |
(نقلة صوتية وزمنية نسمع صوت الفتوة يقول): |
الفتوة: مدام.. فين البنت (روزا)؟ |
انطوانيت: عايز منها إيه.. |
الفتوة: عايز أكملها. |
انطوانيت: تكلمها وهو في بينك وبينها ميعاد.. |
الفتوة: ومن أمتى في بيني وبين (روزا) مواعيد. احنا مش خواجات. أنطقي قولي فين هيه. |
انطوانيت: خرجت.. راحت لخالتها.. |
الفتوة: أنت كذابة.. |
انطوانيت: احفظ أدبك ترى أنا مش راح اسكت لك.. |
الفتوة: وإيش قدرك.. |
انطوانيت: وتقدر تعمل إيه. في حكومة في بوليس.. |
الفتوة: (يقهقه بشدة) حكومة ((بوليس)) أنا المعلم دنقل والأجر على الله. طلعي البنت (روزا) قبل ما أطلع زمارتك. |
انطوانيت: مش موجودة يا فندم.. |
الفتوة: أنا راح أفتش الشقة حته حته حتى ألقاها.. |
انطوانيت: وبأي حق. معاك أمر من المحكمة؟؟!.. |
الفتوة: (يضحك ويضرب على فخده) بتقولي إيه. محكمة.. أمر.. أنا المحكمة.. أنا الحاكم بأمره.. |
انطوانيت: أنا أمنعك. أنا رايحة أكلم البوليس.. |
الفتوة: أنت زودتيها يا انطوانيت زودتيها. أنا أوريك إيه هيه المحكمة وإيه هوه البوليس.. |
(نقلة صوتية وزمنية يتبعها صوت انطوانيت وهي تخاطب ضحى): |
انطوانيت: ثم هجم علي فجأة يا ضحى ونزل فيه ضرب ولكم فصرت أصرخ وأولول فجاءت (روزا) على صوتي فتركني والتفت إلى (روزا) وقال: |
(نقلة صوتية وزمنية مسبوقة بموسيقى يعقبها صوت الفتوة وهو يقول): |
الفتوة: أنت جيتي يا حلوة.. |
(وتضربه كفاً ثم تبصق على وجهه فيقول): معلش.. ما هو ضرب الحبيب زي أكل الزبيب.. |
(ويهجم عليها وهو يقول): |
تعالي يا ست الكل.. |
انطوانيت: ابعدي عنوا يا (روزا) دا مثل وحش.. |
الفتوة: أنا وحش يا أنطوانيت.. أنا رايح أكون جوز بنتك وتقولي عني ((وحش)) ليش ما تقولي سبع.. |
انطوانيت: أنت مثل وحش.. سافل منحط.. |
الفتوة: أنا مثل وحش.. سافل.. منحط.. تقولي. ضدي يا سافلة يا منحطة.. |
(نقلة صوتية وزمنية نسمع بعدها صوت انطوانيت تقول): |
انطوانيت: وقفز كالوحش الكاسر ووضع يده في زمارة حلقي فأحسست بروحي تطلع فهجمت عليه (روزا) وضربته بالكرسي فدفعها عنه بقوة.. |
ضحى: يا له من يوم وبعدين.. |
انطوانيت: فوقعت (روزا) على الأرض واصطدم رأسها بحرف الكنباية فانشق ونزف الدم من رأسها وأنفها وأغمي عليها. |
|