الحلقة - 9 - |
عثمان لقد هدد وتوعد ابن عمك لينتقمن منك.. |
ليلى: ما الرأي؟ |
عثمان: أرى أن تهجري لبنان ريثما يعرف مصير أبيك.. |
ليلى: ولكن إلى أين؟؟ |
عثمان: إلى مصر |
ليلى: إلى مصر واهجر وطني لبنان..!! |
عثمان: مؤقت يا فندم حتى تسفر التحريات الجارية من قبل المسؤولين عن نتائج إيجابية أو سلبية.. |
ليلى: وتجارة والدي ماذا أصنع بها لمن أتركها.. |
عثمان: تجارة أبيك في الشام أفلست وفي بيروت لم تنجح وكان على وشك تصفيتها والعودة ثانية إلى أمريكا.. إن العرب الذين تغربوا في الخارج طويلاً يصعب عليهم الاستيطان ثانية في أوطانهم الأصلية.. |
ليلى: صدقت ولاسيما إذا انفق لهم ما انفق لي ولوالدي.. |
عثمان: ثم إن مخزن بيروت مسجل باسمك ويمكنك التصرف به.. |
ليلى: لقد أتيت بالحل ولكن.. |
عثمان: ولكن ماذا؟ |
ليلى: يجب أن نبعث بأخبارية للشرطة من الهمسات التي تدور حول محاولة مرتقبة لاختطافي وتكون بعنوان (مغفل) حتى تزيد حراستهم للفيلا.. |
عثمان: وبذلك نأمن شر أية محاولة إجرامية قد يفكر ابن عمك القيام بها.. |
ليلى: وعلينا أن نحيط أعمالنا بسرية تامة.. حتى لا يعلم بها ابن عمي فيحبطها.. |
عثمان: تبقى مسألة أبيك إن عاد في غيابنا أنّى له أن يعرف بمكاننا.. |
ليلى: سنعلم بعودة والدي من الجرائد المحلية التي تصل يومياً ولا شك للقاهرة وعندها نتصل به.. |
عثمان: بسم الله توكلنا على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة وهرج ومرج وأهازيج طلقات عيارات نارية وقعقعة سلاح وصوت منصور يقول): |
منصور: جئنا بخطار.. |
عامر: لا مرحى بخطار |
يا صرخة الثأر من جان وغدار |
اليوم ياعين كفي عن بكاك على |
مهند وخذي في أهبة الثأر |
من مجرم غاله رَأْدَ الضحى بيد |
قد لطخت بالدماء بالخزي، بالعار |
ولَّى إلى أمريكا خائفاً وطوى |
بحراً خضما على فلك به جاري |
عشرون عاماً مضت والنار ما انطفأت |
نار له ودوي مرعب سار |
عشرون عاماً قضى خطار مغترباً |
والثأر لم ينم عن غدر خطار |
|
(ضجيج وهرج ومرج وتهليل وتكبير.. ويتطلع خطار في وجوه القوم فيرى فيها الشر خلال وجه خالد فقد كانت الشفقة ممزوجة بالامتعاض ظاهرة على محياه ينفلت خطار من بين آسريه ويلتجىء إلى خالد ويتعلق بأذياله قائلاً): |
خطار: |
بك استجرت أجرني في حماك ولا |
تخب رجائي ولا تبخل بإيثاري |
شطت بي الدار لا أهل ولا وطن |
ولا صديق فكن عوني وكن جاري |
|
(يصرخ عامر في خاطفيه وهو يقول): |
عامر: خذوه.. غلوا يديه.. |
(يسرعان إلى خطار ومعهما الأغلال يلتفت خالد إلى أبيه وإلى الخاطفين مشيراً بيده إليهما بالتريث ثم يخاطب أباه قائلاً): |
خالد: دعه يا ابتي |
فأنه في حماي اليوم |
عامر: (صارخاً) |
يا عاري.. |
|
(ويسري لغط وضجيج بين الحاضرين وتشعب في الآراء ويرى الكثيرون أن في عمل خالد خروجاً على التقاليد العشائرية المعروفة عندهم ولاسيما والمقتول أخاه فيقول أحدهم): |
أحدهم: |
أخوك هو المقتول يا خالد |
وفعلك عصيان لما أمر الوالد |
|
(ويرى عرف العشيرة، وهم قلة، رأى خالد فيقول أحدهم): |
أحدهم: |
تريثوا واصبروا |
لا تسرعوا وفكروا |
فرأي خالد أولى |
أن تدرسوه قبلاً |
|
(هرج ومرج.. يستمر عامر في صراخه وسخطه مخاطباً ابنه خالد): |
عامر: |
نسيت مهنداً ونسيت ثاراً |
لقد جلَّلتني خزياً وعارا |
خرجت على العوائد لست مني |
ولا أنا منك مقربة ودارا |
|
(وينتهز خالد الفرصة لينقذ الموقف فيقول): |
خالد: |
أناتك يا أبي والحلم أولى |
بمثلك أن رأى مني عثارا |
صحيح أنني أويت خصماً |
حلال قتله عرفاً وثأرا |
وثرت على تقاليد لقومي |
رعت بهذا لهم وحمت ديارا |
وسار بذكرها حاد بركب |
وغنى مطرب وشدا فخارا |
بقايا من تراث العرب كانت |
لهم سننا.. لهم كانت منارا |
ولكن الزمان أتى عليها |
ودك صروحها فغدت دمارا |
وبدلها شرائع قد تمشي |
عليها الناس كرهاً واختيارا |
ونحن العرب جارينا زمانا |
على عاداتنا المثلى أغارا |
|
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
(يستمر خالد في كلامه قائلاً): |
عشرون عاماً على الجرم الفظيع مضت |
والعدل ما اقتص للمقتول من جاني.. |
|
(ويقاطعه عامر قائلاً بعد أن نفذ صبره): |
عامر: |
إن أخفق العدل في تحقيق ما رسمت |
يداه فالثأر يطفىء غل ظمآن |
|
خالد: |
الثأر يا أبتي أيامه اندرست |
لم يبق للثأر من حول وسلطان |
فإن ثأرنا ففي بطن السجون لنا |
زجر وقسوة تشغيل وسحبّان |
وقد يكون جزاؤنا القتل إن ثبتت |
أدلة الجرم عمدا قبل عدوان |
|
أصوات: (المؤيدون) الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
(يستمر خالد في كلامه والموسيقى مصاحبة): |
خالد: |
خطار يا ابتي زالت عقوبته |
عشرون عاماً أزالت جرمه الفاني |
هذا هو العدل غنى الحاكمون به |
ما بين بيد وامصار وركبان |
|
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
(همسات وغمغمات تزول إمارات الغضب من وجه عامر فيدرك ابنه خالد ذلك فينتهز الموقف قائلاً): |
خالد:
|
خطار يا أبتي إن شئت تقتله |
فافعل وإن شئت فارحم شيبه الفاني.. |
بي استجار وقد لبيت جيرته |
ولاذ بالمرتجى من عفوك الداني |
|
(ينظر عامر إلى خطار فيهوله أثر الخوف في وجهه وينظر إلى شعره الأشيب وشيخوخته الفانية فيتأثر ويرق قلبه ثم لا تلبث تلك الرقة أن تنطلق على لسانه فيقول): |
عامر: عفوت يا ولدي.. |
(ويكبر الجميع ويهللون فيسرع خالد وخطار ويجثوان على ركبتي عامر شاكرين جميله, حامدين صنيعه ويربت عامر على كتف خطار ويساعده على النهوض ثم يرفع يديه ضارعاً إلى رب السموات والأرض قائلاً): |
رباهُ مَن على قلبي |
بصبر وهب لي كل سلوان |
|
خالد: حييت يا أبتي |
عامر: بوركت يا ولدي |
خطار: جزاك ربك عني فيض إحسان |
وأنت يا شله أعظم بمكرمة |
تبقى مدى الدهر أرعاها وترعاني |
|
أحدهم: أنظر إلى دموع الفرح تترقرق في عيني خطار ومظاهر الشكر بادية على محياه.. |
الثاني: صه.. إن عامر يقترب من خالد ويعقد له الراية على عادة العرب ويقول له.. |
عامر: خطار.. قم.. لقد أصبحت واحداً منا عزيزاً مكرماً لدينا.. لك ما لنا وعليك ما علينا.. |
خطار: سأبقى ما حييت شاكراً لكم هذا الجميل... |
عامر: هيا اجلس بجانب خالد.. |
(ثم ينادي) قهوة يا ولد؟ قهوة |
خطار: (يصرخ) عاش عامر.. عاش عامر.. |
أصوات: (تردد) عاش عامر عاش عامر |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حالمة تنبعث من مسجل ستريو وفرهود يتصدر وحده مائدة حوت ما لذ وطاب من أكل وشراب وهو يقول): |
فرهود: ليتك معي يا ليلى.. تشاركيني هذه الجلسة الشعرية وهذا الطعام الشهي |
آه ما أقساك.. آه ما أظلمك ولكن سأرغمك في يوم من الأيام.. |
(يسمع طرقاً على الباب فيذهب لفتح الباب وإذا به أمام سونيا فتبهته المفاجأة ولكن سرعان ما يتمالك نفسه حين تبدد سونيا المفاجأة بقولها): |
سونيا: بونسوار مسيو فرهود.. |
فرهود: بونسوار حبيبتي (سونيا) تفضلي ادخلي اجلسي يا مرحبا بمنى قلبي |
سونيا: أظل بقلبك مأوى لي.. |
فرهود: إنه أكبر معسكر للاجئين |
سونيا: واللاجئات أليس كذلك.. |
فرهود: قلت اللاجئين وليس اللاجئات إذا أنت الحاكمة بأمرك فيه.. |
سونيا: أحقاً ماتقول .. |
فرهود: والله ياسونيا |
سونيا: ولم تقسم |
فرهود: لأنك أغلى شيء لدي |
سونيا: لو كنت أغلى من أي شيء لديك لما تركتني وأنت تعلم مابالقلب يعتمل.. |
فرهود: أتشكين في ذلك.. |
سونيا: كيف لا أشك بل إني موقنه أنك تلهو وتعبث بي وإن غيري قد استولى على قلبك وأنا التي ضحيت بكل شيء في سبيل رضاك. |
فرهود: لم أتنكر لك يا سونيا وقلبي وقف عليك.. كوني مطمئنة ودعي أوهامك هيا شاطريني الليلة أفراحي وسروري بهذه الزيارة المفاجئة.. |
سونيا: أنا شاكرة لهذه العواطف التي تترقرق وتنساب من فمك ولكن.. |
فرهود: ولكن ماذا؟ |
سونيا: لم تجبني عن سؤالي عمن استولت واستحوذت على قلبك.. |
(ويصطنع فرهود ضحكة عالية ممزوجة بالدعابة ويقول): |
فرهود: أنت يا سونيا ولا أحد سواك.. |
سونيا: إذا كنت أنا صادقاً فيما تقول فلم.. |
فرهود: فلماذا؟ |
سونيا: لم لا تعلن الزواج الذي وعدتني بإعلانه منذ أكثر من سنة.. |
(ويصدمه الطلب فيضطرب ويقول): |
فرهود: الزواج! |
سونيا: أجل الزواج أسمى أماني كل أنثى ومرتجى كل حبيب مخلص في حبه.. |
(ويريد أن يضع حداً للأمر وأن يبعدها عن طريقه وفاء بوعده لصديقه مرشود): |
فرهود: لم أعدك بالزواج.. |
(وتحن سونيا من جوابه القاسي وكانت تنتظر منه الاشفاق فتصرخ في وجهه قائلة): |
سونيا: ويحك يا نذل.. يا سافل.. أتذكر هذا الوعد وشهوده كثيرون.. |
(وتسحب مسدساً من جيبها أعدته لهذه الساعة وما أن يراه فرهود حتى يقول بفزع): |
فرهود: مسدسي.. سونيا.. أنت مجنونة.. |
سونيا: طلقة واحدة تريحني منك يا لئيم.. يا منحط.. يا سافل (ويهجم فرهود) عليها محاولاً انتزاع المسدس وتبدأ المصارعة وسونيا متمسكة بمسدسها وهو يجاهد لانتزاعه منها وهو يقول): |
فرهود: ارم المسدس.. |
سونيا: ارميه في صدرك |
(وتنقلب المائدة وما عليها.. نسمع صوت انقلابها فيقول): |
فرهود: انقلبت الطربيزة ونار الشموع تحرق السجاد وتكاد تصل للستاير.. ارم المسدس.. سأكسر يدك.. |
سونيا: لن نستطيع.. سأخمد أنفاسك قبل أن تكسر يدي.. |
فرهود: النار في الستاير.. والبرادي.. سونيا ستحرقك وتحرقني.. |
سونيا: لنمت معاً خير لك ولي.. |
فرهود: لا.. سأستعمل منتهى القسوة معك.. |
سونيا: افعل.. اضربني.. ألكمني.. لن تستطيع أخذ المسدس قبل أن أفرغ ما فيه بصدرك.. |
(ويشتد الصراع بينهما ونسمع أثاره من صوتها وأخيراً نسمع صوت وقوع سونيا على الأرض وفرهود يقول): |
فرهود: سأنتزع المسدس الآن.. |
(نسمع طلقة رصاص ومعه صوت سونيا تقول): |
سونيا: قتلتني.. يا خائن.. يا خائن.. عليك اللعنة.. |
(يشتد لهيب النار ونسمع أصواتاً من الخارج تقول): |
أصوات: حريقة يا ناس حريقة.. يا عالم أين المطافىء.. أين سيارات النجدة.. |
(نسمع أبواق سيارات المطافىء والنجدة ثم صوت فرهود يقول): |
فرهود: فلأهرب قبل أن يمسكوا بي متلبساً بجريمة القتل والحريق.. |
أصوات: اهربوا.. اندلعت النيران في البنزين بالكراج.. يا إلهي النار.. النار.. تأكل كل شيء.. اهربوا.. اهربوا.. |
|