الحلقة - 7 - |
منصور: اسقه يا أبو سالم |
(نسمع صوت خطار وهو يشرب وبعد أن يرتوي يقول): |
خطار: الحمد لله.. الحمد لله.. حكمتك يا رب |
(يبتعد صوت الطائرة والسيارات فيقول فارس): |
فارس: ابتعدت الطائرات ولحقت بها السيارات |
خطار: ما هذه الطائرات والسيارات؟ |
منصور: الطائرات والسيارات لمواكبة ركاب سيادتك.. |
خطار: ألا يكفي ما أنا فيه حتى تستهزىء بي.. حرام عليكم.. إلى أين ستذهبون بعجوز مثلي.. رجل في الدنيا ورجل في الآخرة.. حرام عليكم ارحموني يا ناس.. ارحموني.. |
فارس: عندما قتلت (مهند) غيلة وغدراً لم يقل لك ضميرك.. حرام.. تقتل شاباً في عنفوان شبابه وتبكي علي عيون والديه وأهله وعشيرته. |
منصور: الذي فعلته يا خطار حلال والذي نفعله اليوم معك حرام.. هل كان حلالاً قتلك لمهند.. |
فارس: يجب أن تعرف يا خطار أن العربي لا ينسى الإساءة مهما طال الزمن.. |
منصور: لعله فكر أنه بهروبه إلى بلاد أجنبية سينجو من شر عمله.. إذا لم نكن نحن له بالمرصاد فإن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل.. |
فارس: بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين |
خطار: أنا مستعد أن أعطيكم كل ثروتي.. وكل مالي.. ما الذي ستستفيدون من قتلي |
منصور: أتريد أن ترشونا يا خطار كل ثروتك ومالك لا تساوي قيمة ظفر (مهند) |
فارس: ماذا تقول يا خطار تريد أن تغرينا على خيانة من إتمنا على هذه الصنعة والله الذي لا اله إلا هو لولا الوعد كنت خليت دمك يملأ هذه الأرض.. |
منصور: هات الكمامة.. ودعني أكممه حتى نرتاح من ثرثرته وقرفه.. |
خطار: (مستعطفاً) لا.. لا.. لا.. لا تكمموني.. لن أتكلم.. سأسكت على طول.. |
ما قدّر الله لا منجى ولا هربا |
كل مصائره تأتي على قدر |
|
خالد: أراك تفكر كثيراً يا والدي وخالك تدل على أنك قلق جداً.. فهل هنالك ما يشغلك.. قل لي فربما تجدني عوناً لك والمثل يقول إذا ((كبر ولدك خاويه))
|
عامر: لا شيء يا بني.. لا شيء.. |
خالد: أنك تخفي أمراً عظيماً يا ابتاه ولا تريد أن تطلعني عليه.. يظهر أنك ما تزال تعتبرني طفلاً لا يستحق أن ينال ثقتك.. |
عامر: إنك محل ثقة.. وإني أعدك لتخلفني ولتكون أحسن مني.. ولكن هنالك بعض الأمور الذي يحرص الإنسان على أن يبقيها لنفسه. |
خالد: إذا كانت هذه مشيئتك فليكن ما تريد يا أبتاه وإني استمحيك العفو من تطفلي.. |
(يذهب خالد بعده (وضحى) فيقول عامر): |
عامر: أين كنت يا وضحه؟ |
وضحه: كنت في زيارة لبيت أبو حمدان.. وبيت أبو سالم.. |
عامر: إن شاء الله قضيت لهم جميع لوازمهم وحاجاتهم.. وعرفت إذا كان ينقصهم أي شيء... |
وضحه: اللوازم والحاجات التي ارسلتها معي كانت كافية وكانوا مسرورين وشاكرين يدعون لك بطول العمر.. |
عامر: أهم قلقون من جهة غياب منصور وفارس؟ |
وضحه: لا يخلو الأمر يا أبو خالد فرب العائلة نور الدار وينشد غيابه لا شك يحدث فراغاً لا يشغله غيره.. |
عامر: على كل حال ربنا يكتب لهما السلامة.. |
وضحه: ولكن غيابهما قد طال ولا أخبار عنهما.. |
عامر: المهمة التي ذهبا من أجلها حساسة وتتطلب سرية تامة.. |
وضحه: على كل أنهما يقدران المسؤولية حق قدرها ويعرفان واجبهما.. |
عامر: ادعي لهما يا (وضحه) فإن الموضوع... |
وضحه: الموضوع مهم جداً.. |
عامر: أكثر من مهم.. |
وضحه: أنا لا أدري يا أبو خالد مطمئنة جداً بقدر ما أنت قلق جداً |
عامر: يظهر أن إيمانك أشد من إيماني.. |
وضحه: والحمد لله إيمانك لا يقل عن إيماني إن لم يزد عنه.. اللهم ثبتنا على الإيمان وامنحنا اليقين والاطمئنان. |
عامر: اللهم آمين.. اللهم آمين.. |
وضحه: أين خالد يا عامر؟ |
عامر: كان هنا قبل دخولك وخرج لعله في زيارة لبعض شباب العشيرة |
وضحه: ربما فكل جيل يحن إلى جيله ويعشقه.. |
عامر: صدقيني أنا مسرور من طريقته هذه في اتصاله بجيله وتوطيد علاقاته معهم.. |
وضحه: إنه يكون صداقات المستقبل.. |
عامر: أجل.. فجيل الشباب هو قائد المستقبل.. |
وضحه: ربنا يسعدهم ويوفقهم لما فيه الخير لأمتهم وبلادهم.. |
مرشود: أهلاً يا فرهود.. أهلاً.. لك مدة لم أرك فأين كنت؟ |
سونيا: ألا تدري أين كان فرهود.. |
مرشود: لا يا سونيا.. لا.. |
فرهود: أنا أجيبك عن سونيا يا مرشود.. |
مرشود: قل يا أبو الفراهيد.. قل.. |
فرهود: كنت مشغولاً بتتبع أخبار عمي المخطوف.. |
سونيا: عمك المخطوف أم ابنة عمك ليلى.. يا حدق.. |
مرشود: الاثنان معاً يا سونيا |
فرهود: يا مرشود يا صديقي.. أتريد أن توقع بيني وبين سونيا وأنت تعرف يقينا أنني لا أعز أحد كما أعز سونيا. |
سونيا: هذا الكلام تاريخه قديم.. مر عليه أكثر من سنة.. |
مرشود: إنه تاريخ ما أهمله التاريخ.. |
فرهود: إنه ما يزال في عنفوانه وشدته يا سونيا |
سونيا: ولكن ما تفوله لا يتفق مع الواقع.. |
فرهود: اترينني تغيرت في معاملتي لك.. |
فرشود: أأنا أقول نيابة عنك يا سونيا؟ |
سونيا: قل لا فُضّ فوك. |
مرشود: زيارتك هبطت للنصف.. وحفلتك الساهرة انقطعت منذ قدم عمك من أمريكا.. أنسيت لقاءاتك اليومية بسونيا وبي.. إنني أحتج معها.. |
فرهود: ولكنه ظرف طارىء يا جماعة.. خطف وبنته وحيدة وغريبة وليس لها أقارب غيري فكيف أتركها.. |
سونيا: لا نريدك أن تتركها ولكننا نريد أن نعرف أن هناك وحيدة غيرها نذرت نفسها لك وأصبحت أنت أهلها وكل شيء لها في الحياة... |
فرهود: إنني سعيد بما تقولين.. وثقي أنك عند حسن ظنك بي.. |
مرشود: جوابك في محله يا سونيا وجواب فرهود في محله.. |
سونيا: وأنا رضيت بحكمك يا مرشود.. واستأذنكما في الذهاب فقد حان موعد عملي بمشغل الخياطة.. |
فرهود: اسمحي لي أن أوصلك بسيارتي.. |
سونيا: حسناً.. هيا بنا.. |
مرشود: مع السلامة.. مع السلامة.. |
منصور: هيا بنا يا فارس هيا.. فالطريق سالكة |
فارس: ضع رفيقنا فقد تتعرض لبعض المخاطر.. |
منصور: حسناً.. حسناً.. |
(نسمع صوت محرك السيارة ثم صوت خطار يقول): |
خطار: إلى أين نذهب؟ |
فارس: أما قلت لك ألا تتكلم |
منصور: دعه يتكلم يابو سالم.. دعه يودع أيام الكلام.. |
خطار: أرحموني.. يا ناس.. اشفقوا على شيخوختي |
فارس: لارحمنا الله إن رحمناك يا قاتل |
(يضع منصور المنديل على أنف خطار فيتخدر وينام فيقول): |
منصور: أرحناك من ثرثرة خطار يا أبو سالم فقد راح في غيبوبة طويلة.. |
فارس: الويل له أنه لا يكف عن الكلام حتى ما صحا.. |
منصور: سينام إلى الأبد.. |
فارس: عسى أن يكون طريقنا سهلاً وألاّ تحدث مفاجآت مكدره.. |
منصور: قلبي يحدثني أن أيام خطار قد زالت.. والمهم أن نلتزم الطرق التي لا تمر بها دوريات الجنود.. |
فارس: أننا نسير عليها ولم يبق بيننا وبين منازل أبي خالد إلا ثلاثة أيام إذا لم يحدث ما لم يكن في الحسبان.. |
(نسمع بعدها صوت خالد يقول): |
خالد: أماه لم أرك هذا الصباح كما إنك لم تفطري معنا كعادتك فأين كنت؟ |
وضحه: كنت في زيارة لبععض عائلات العشيرة |
خالد: أظن عائلة منصور وعائلة فارس.. |
وضحه: بلى.. يا خالد بلى.. |
خالد: وزرت غير هاتين العائلتين؟ |
وضحه: اليوم لا.. قصرت زيارتي على عائلة منصور وفارس.. |
خالد: الآن أدركت سبب قلق والدي واهتمامه.. |
وضحه: لا أفهم ما تقول.. هل والدك قلق من شيء.. |
خالد: أجل يا أماه.. وقد سألته فامتنع عن الإجابة.. |
وضحه: لعله قلق على منصور وفارس فالمهمة التي أوفدهما من أجلها حساسة ودقيقة.. |
خالد: أتعرفين ما هي؟ |
وضحه: لا.. وأنت؟.. |
خالد: إذا كنت أنت شريكة حياته لا تعرفين فأنّى لي أن أعرف.. |
وضحه: صدقني يا ولدي أنني لا أعرف ولو أعرف لقلت لك لأنك ابني وأنت اليوم في مبلغ الرجال فيجب أن تكون موضع الثقة.. |
خالد: ما أحلى وأروع ما تقولين يا أماه.. ولكن والدي مع الأسف لا يثق بي.. |
وضحه: كيف يا بني وأنا أعلم بمعزته لك وتفكيره الدائم في مستقبلك.. ولا أدل على ذلك من ارساله لك إلى الجامعة.. |
خالد: عندما سألته هذا الصباح عما يقلقه قال لا شيء.. ولما ألحيت في السؤال قال أن هنالك أموراً لا يستطيع المرء أن يطلع عليها حتى أعز الناس لديه.. |
وضحه: إنه صادق يا بني وإنني أنا امرأته وشريكة حياته في سرائه وضرائه لا يطلعني على كل شيء.. |
خالد: أترى حدث لمنصور وفارس مكروه.. |
وضحه: والله لا أدري ولكن ربما تأخرهما أوحى لوالدك بأنهما تعرضا لخطر أو لمكروه وهذا سر قلقه.. |
خالد: وهذا سر ذهابك لعائلتي منصور وفارس.. |
وضحه: هذا من جهة ومن جهة أخرى بدأت همسات بين أفراد العشيرة عن المهمة التي أوفدا من أجلها.. |
خالد: ما أعظمك يا أماه الآن أنت وضعت النقط على الحروف كما يقولون.. |
وضحه: كيف يا بني؟ |
خالد: إن والدي يخشى اتساع دائرة هذه الهمسات على مركزه كزعيم للعشيرة وموقعه من ولاة الأمور.. |
وضحه: ربنا يجعل العواقب سليمة.. |
خالد: لقد نصحته بعد الإقدام على شيء كهذا فلم يصغ لنصحي وعمل بمشورة منصور الذي أخشى أن يكون قد لقي حتفه بطلقة.. |
وضحه: قل خيراً يا بني.. قل خيراً فلئن حدث شيء لمنصور أو فارس فلن يسلم والدك من مسؤوليته.. |
(صوت فرهود يقول): |
فرهود: مرشود يا صديقي مرشود لِمَ احراجك لي أمام سونيا.. |
مرشود: أردت أن أبرهن لها أنك باق على ودها ومعزتها.. |
فرهود: من منا الذي هو مجنون بها.. قل يا مرشود.. قل.. فليست سونيا هنا.. |
مرشود: ولكنك أنت الذي تعزه سونيا وتتدلل في غرامه.. |
فرهود: هذا صحيح ولكنك تعلم أني متعلق بغيرها وبصراحة بابنة عمي ليلى ولا سيما في الوقت الراهن.. فلماذا كان إحراجك لي؟ |
مرشود: أحببت أن أقطع الشك باليقين وفعلاً قطعته وتبين أن سونيا لم تتأثر بالشائعات عن غرامك الوليد بابنة عمك.. |
فرهود: مرشود؟ صديقي القديم.. الحميم.. |
مرشود: إنك على حسن ظنك |
فرهود: تعال نعقد اتفاقية (جنتلمان) |
مرشود: على أي أساس.. |
فرهود: انفعني وانفعك |
|