الحلقة - 4 - |
(نسمع زئير السيارة ثم صوت عامر يقول): |
عامر: منصور..! منصور إليّ أنت وخالد.. |
خالد: نعم يا أبي... |
منصور: خيراً يا أبا خالد... |
عامر: (يتنحنح) عندي لكما أخبار سارة.. سارة جداً.. |
خالد: قل يا أبي... |
عامر: خطار قاتل ولدي مهند.. موجود بلبنان... |
منصور: (بدهشة) خطار قاتل مهند موجود بلبنان... |
خالد: ومتى عاد من أمريكا يا أبي.. |
عامر: عاد قبل سنة بعد أن جمع ثروة طائلة... |
منصور: عاد بعد عشرين سنة... |
عامر: أي نعم بعد عشرين سنة وبنى فيلا جميلة، بسوق الغرب، وفتح مخزن تجاري ببيروت ومخزن ثاني بدمشق |
منصور: ودار ثانية لا بد بدمشق.. |
عامر: ليست الدار بدمشق وإنما في (دمر) ضاحية من ضواحي الشام.. |
خالد: هذه المعلومات استقيتها يا والدي من الضيوف الذين كانوا عندنا بالأمس.. |
عامر: بلى يا بني بلى والضيفان موظفان عند خطار.. |
منصور: (بحقد دفين يكرر) خطار رجع بعد عشرين سنة.. |
عامر: أجل عاد خطار بعد عشرين سنة مضت وفاتت ولكن حقاً لم يمت.. إنه حي يطالعني في غدوي ورواحي وليلى ونهاري.. |
منصور: المثل يقول يا أبو خالد، ما ضاع حق وراء مطالب.. |
عامر: ولهذا دعوتكما للمشورة.. فما رأيك يا منصور؟ |
منصور: وتسألني رأيي!!.. |
عامر: أي نعم... |
منصور: رأيي أروح أنا وفارس إلى (دمر) ونأتيك بخطار حياً أو ميتاً.. |
عامر: ما رأيك يا خالد؟ |
خالد: هذا موضوع شائك ويجب دراسته قبل الإقدام خشية أن تقع تحت طائلة قوانين البلاد التي سيقع بها الحادث. |
منصور: خالد ابن مدرسة وعمل كهذا نحن أعرف به من خالد.. دعني أذهب مع فارس لنأتيك بخطار حياً أو ميتاً. |
عامر: منصور.. السر عليه أمان الله... |
منصور: عليه أمان الله حتى من أم خالد.. |
عامر: حتى من أم خالد.. تعالى الليلة مع فارس لنضع الترتيبات والخطة اللازمة... |
منصور: وهو كذلك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تصور مباهج الأصيل ومفاتنه نسمع بعده صوت ليلى تنادي): |
ليلى: عثمان! عثمان! |
عثمان: أفندم ستي ليلى.. |
ليلى: الفيلا جميلة والجنينه حلوة.. وشلالات المياه تذكرني بأمريكا يا سلام يا عم عثمان أنا ما كنت افتكر أن (دمر) بهذه الروعة من الجمال... |
عثمان: الماء يا ستي ليلى.. الماء.. ربنا يقول: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (الأنبياء:30). |
ليلى: طيب.. بسرعة شاي مع الليمون.. يكون (ساخن) جداً.. |
عثمان: حاضر على عيني.. |
(ينطلق مسرعاً.. تقوم ليلى وتمشي في الحديقة وقد اهتاجها المنظر وأذكى مشاعرها نسمعها تردد والموسيقى مصاحبة).. |
ليلى: |
دمي يا ليته ينبوع ماء |
بوادي الحب ينساب العشيَّه |
يروي أنفساً عطشى غراماً |
تكاد من الجوى تلقى المنيّّة |
وليتك يا حبيب معي بقفر |
وكنا ظامئين به سويه |
لفجرت الدماء سيول ماء |
وقلت دمي لمن أهوى ضحيه |
|
(يدخل ابن عمها فرهود فجأة فلا تحس به إلا وهو يصفق حين انتهت من إنشادها ويقول): |
فرهود: جميل.. رائع.. برافو ليلى.. أنت شاعرة بارعة قولي |
ليلى: أنت ارعبتني.. متى دخلت.. وكيف لم أشعر بك.. |
فرهود: كنت منسجمة وسابحة في بحر من خيال القطعة الرائعة التي كنت تنشدينها.. قولي أيضاً.. |
ليلى: أقول ماذا؟ |
فرهود: |
إليك مددت يا ليلى يميني |
تؤدي العهد عن حبّي المكين |
وهذا القلب أوقفه لليلى |
أميناً مخلصاً أمد السنين |
أقدمه وأخشى أن تظني |
ضننت عليك بالشيء الثمين |
|
(تضحك ليلى بسخرية وهي تقول): |
ليلى: الله الله.. متى صرت شاعراً يا فرهود؟.. |
فرهود: لما شفتك يا ليلى |
(تستمر ليلى في ضحكها الساخر فينفعل فرهود ويقول): |
وتضحكين يا ليلى!! |
ليلى: ولم لا.. وهل هنالك شيء يبعث على الضحك والسخرية أكثر من أن يحب رجل فتاة في عمر ابنته.. |
(تتمادى ليلى في ضحكها فيقول فرهود): |
فرهود: وتهزئين أيضاً يا ليلى؟ |
ليلى: لقد رجوتك يا فرهود يا ابن عمي أن تبتعد عن طريقي وافهمتك فارق السن والعقلية بيننا ومع ذلك فما تزال سادراً في غيك. |
فرهود: لا أملك يا بنت العم كتم مشاعري... |
ليلى: لولا أنت ابن عمي وفي منزلة والدي لاستعملت معك سلاحاً غير الكلام أرجوك.. دعني وشأني.. أرجوك.. |
فرهود: أنا لا استحق منك مثل هذه القسوة |
ليلى: أنك تطلب المستحيل يا فرهود.. إن لم تقف عند حدك فسأضطر إلى ايقافك بطرقي الخاصة.. |
فرهود: (صارخاً) أنت قاسية.. فظيعة.. فظيعة.. |
(ترى ليلى والدها قادماً فتناديه): |
ليلى: أبي! أبي! تعال.. تعال... |
(تختلط وقع أقدام خطار وهو يسرع الخطى إلى حيث تجلس ابنته وفرهود معها وهو يقول): |
خطار: بنيتي.. ماذا تريدين؟.. |
(وتكاد ليلى تشكو له تصرفات ابن عمها إلا أنها آثرت الصمت فقالت): |
ليلى: دعوتك يا أبي لتشرب معنا الشاي في هذا الجو الشعري الرائع.. |
ليلى: حقاً أنه جو يبعث على السرور والانشراح |
فرهود: صدقت يا عماه.. ما أجمله واحلاه.. كله سحر وخيال وجلال وجمال... |
خطار: أأصبحت شاعراً يا فرهود؟.. |
فرهود: من يصحب ليلى، يصبح شاعراً كمجنون ليلى... |
ليلى: أنا شيطانة شعرك يا فرهود؟.. |
فرهود: بل أنت ملاك أرسلها الله إلى هذه الأرض لتملأها بهجة وحبوراً وفرحة وسروراً.. |
خطار: ما أشد سروري بهذا الانسجام الذي آراء بينك وبين ابنة عمك ليلى.. أليس كذلك؟ |
(وينتهز فرهود فرصة ليضع حداً لما في نفسه من ابنة عمه فيقول): |
فرهود: أأقول يا عماه؟ |
خطار: قل ولا تخف شيئاً يا بني |
(وتوقن ليلى أنّ أباها عالم بحب ابن عمها لها وإنه يبارك هذا الحب ويتطلع أن يتوج بالزواج فترى هي أن الفرصة مؤاتية لقطع الشك باليقين ووضع حد لهذه المهزلة فتقول بحدة وامتعاض). |
ليلى: الآن أدركت يا ابتاه أن هناك تشاوراً وتآمراً بينك وبين فرهود علي... |
خطار: ولم التشاور والتآمر وكل شيء ظاهر واضح كالشمس في رابعة النهار.. |
ليلى: فرهود! اسمع.. |
فرهود: جد لي.. قولي.. |
ليلى: إن كنت تبغي الزواج مني فاعلم أن ذلك من رابع المستحيلات أما أنت يا والدي فاسمح لي أن أقول لك أن قلبي ليس سلعة تاجر يباع ويشترى في سوق الزواج.. باي.. باي... |
(تعدو إلى الفيلا وصوت والدها يناديها): |
خطار: ليلى! ليلى.. عودي.. عودي.. |
فرهود: عبثاً تحاول يا عماه إنها لن تعود.. |
خطار: ستعود وهي نادمة.. |
فرهود: إنك متفائل جداً يا عماه.. لقد أطلقت ليلى حرية الرأي فلم تعد لجميل الرأي تحترم |
خطار: أجل.. أجل.. |
فرهود: إن المدة التي قضيتها يا عماه مغترباً قد طبعتك بطابع أهل الغرب في معاملة أبنائهم. وها هي ابنتك مثل على ذلك... |
خطار: بلى... بلى.. |
فرهود: إننا في شرقنا هذا لنا عاداتنا وتقاليدنا في تنشئة ومعاملة ابنائنا فيجب أن تحرص على التمسك بهذا فالغرب غرب والشرق شرق والإثنان لن يجتمعا... |
خطار: الحق معك يا بني وسأفعل على اصلاح غلطتي... |
فرهود: العفو يا عماه.. إني لأرجو ألا أكون قد أسأت إليك بقولي هذا أو جرحت شعورك وكبرياءك... |
خطار: بالعكس يا بني إني شاكر لنصحك ومقدر له... |
فرهود: استودعك الله يا عماه |
خطار: مع السلامة يا بني.. مع السلامة |
(يذهب فرهود.. وحركة تدل على أن منصور وفارس قد سقطا في الحديقة... خطار يمشي جيئة وذهاباً في الحديقة وهو يقول): |
قد بلوت الزمان حلواً ومراً |
واحتسيت الحياة صاباً وصِبْراً |
عجمتني فكنت أصلب عوداً |
وأنا خت فكنت أرحب صدرا |
ما لليلي وخيرها كنت تبغى |
ما لليلي تشم عنه وتبرا |
قدر رمت أن يكون وشاءت |
حكمة الله غير ذلك أمرا |
|
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت منصور يقول لفارس): |
منصور: هيا يا أبو سالم.. غريمنا وحده. |
فارس: هيا.. تقدم إليه |
منصور: (يشهر مسدسه ويتقدم إلى خطار ويقول): |
مكانك.. قف.. لا تتكلم وإلا قتلناك. |
|