شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عظمة الحب
(صوت نائي خفيف يعقبه صوت حلمي يقول):
حلمي: ومضى (جواد) ينفض عنه غبار الأيام.. ويزيح عن صدره ستار الظلام..
وصفي: بعد أن طحنته السنون وأناخ الزمان عليه بكلكله…
حلمى: ولكنه عاد يا وصفي…
وصفي: أجل يا حلمي فعسى أن يكون العود أحمد.. كما يقولون…
حلمي: لا يدري بذلك أحد إلا عالم الغيب والشهادة…
وصفي: ذهلت عندما سمعت عودة (جواد) من مسراه الطويل في طريق الضلال…
حلمي: كلنا في الحقيقة أذهلنا وأدهشنا النبأ…
وصفي: إنني كلما تذكرت ما كان عليه (جواد) ازداد عجبي بهذه العودة المفاجئة… ألا ترى أنها تخفي وراءها سراً…
حلمي: كيف يا وصفي…
وصفي: المثل الفرنسي يقول: ((فتش عن المرأة))
حلمي: لم لا تقول أراد الله له الهداية…
وصفي: وجعل المرأة وسيلة لهذه الهداية…
حلمي: قد يكون صواباً ما تقوله ولكن ابن (جواد) الآن…
وصفي: لا أدري بالضبط.. ولكن أين يكون.. أما في دار والدته أو في أحد المساجد…
حلمي: حكمتك يا رب.. (جواد) الذي كان يسخر من المصلين يصبح في الصف الأول من المسلمين…
وصفي: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ (سورة الأنعام آية 125).
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى ناعمة نسمع بعدها صوت (ليلى) تقول):
ليلى: لا حديث للناس يا منى إلا عن عودة (جواد) إلى جادة الصواب بعد تلك الليلة الصاخبة المعربدة والغريب…
منى: الغريب ماذا يا ليلى…
ليلى: الناس فجأتهم العودة فكانوا بين مصدق ومكذب.. ولا شك أنك أعلمنا بالحقيقة لقرابتك من (منى)…
منى: أولاً: هل أنت من المصدقين أو المكذبين…
ليلى: تقصدين المصدقين أو المكذبين للخبر…
منى: عفوك أجل.. أقصد الخبر…
ليلى: أقول لك الحق إنني مترددة.. ولذلك جاءت زيارتك في وقتها عسى أنك تزيلي هذه الحيرة من نفسي…
منى: صدقي يا ليلى أنه عاد والحمد لله إلى جادة الهدى…
ليلى: يا إلهي.. لولا أنك قريبته ولولا ثقتي فيك ما صدقتك..
منى: شكراً على هذه الثقة…
ليلى: ولكن…
منى: ولكن ماذا…
ليلى: لا بد لهذه التفسير من أسباب ودوافع…
منى: قدرة الله ومشيئته هما الأسباب والدوافع…
ليلى: هذا صحيح يا منى غير أني أعلم…
منى: تعلمين ماذا يا ليلى..
ليلى: أعلم وأرجو ألا أحرجك…
منى: قولي فنحن أخوات…
ليلى: وأعز.. أنت…
منى: أنا ماذا…
ليلى: ألا تزالين مقيمة على عطفك علي ((جواد))
منى: إنه قريبي ولا أكرهه..
ليلى: هذا مفهوم ولكنك كنت تعزين (سالم) وتميلين إليه وكان الميل من جهة واحدة…
منى: كيف حكمة على ذلك…
ليلى: بالحديث المتواتر عنه بين الناس ولذلك تساءلت…
منى: إذا كنت تحبين لله يا ليلى فماذا يهمك أن كان هنالك رد أم لا..
ليلى: إذن فأنت ما تزالين على عهدك…
منى: وهل في ذل ما يعيب..
ليلى: لا ولكنني أحمي ولا أدري ما هو الدافع إلى هذا الحمى…
منى: أي حمى…
ليلى: أحس أنك وراء هذا التفسير الذي جرى لـ ((جواد)) لأنك أحببته لله فجازاك الله على إخلاصك بأن هدى من أحببت ((منى))
منى: يا سلام يا ليلى لك تعابير رائعة في بعض الأحايين..
ليلى: ولم لا تقولي في كل الأحايين..
منى: أخشى أن أثير غرورك…
ليلى: شكراً يا عزيزتي شكراً.. قولي لي من غير لف أو دوران…
منى: أقول ماذا…
ليلى: أليست صادقة في إحساسي…
منى: إلى درجة ما…
ليلى: يا سلام على دبلوماسيتك يا منى…
منى: إنها مستمدة من كياستك ولياقتك…
ليلى: لا.. لا.. أرانا فتحنا محضر مديح وثناء نكيله لبعضنا البعض.. اسمعي يا منى…
منى: قولي فكلي أسماع وآذان…
ليلى: ألا يزال هذا الميل من جهة واحدة…
منى: ليتني لم أمنحك يا ليلى..
ليلى: لماذا يا عزيزتي هل ندمت على ذلك..
منى: لو كان من جهة واحدة ما حدثت المفاجأة..
(تقهقه ليلى، فتقول هذِّي):
ولم تضحكين بهذا العنف
ليلى: والله ما أدري أينا الذكي..
منى: أنت.. وإني أسحب تهجمي وأعتذر…
ليلى: لا تسحبي كلامك ولا تعتذري فليس بيننا حجاب.. وإني لأحمد الله سبحانه وتعالى على استجابته لآمالك وأمانيك…
منى: الحمد لله.. الحمد لله.. لي رجاء يا ليلى…
ليلى: قولي يا عزيزتي…
منى: أن يبقى ما جرى بيننا على الكتمان…
ليلى: كوني مطمئنة وهذا وعد مني فلن يطلع على ما جرى بيننا أحد حتى زوجي (وصفي)…
منى: شكراً.. صدقيني حتى أخي حلمي في حيرة من هذا التحول المفاجىء…
ليلى: ولكنه مفاجأة سارَّة.. أهنئك من كل قلبي عليها وأدعو الله ألا يميتني حتى أرى أحلامك وقد تحققت جميعها…
منى: شكراً على تمنياتك الطيبة ودعاء لك من القلب بالعمر المديد والصحة والعافية… أستأذنك في الانصراف..
ليلى: مع السلامة.. مع السلامة.. وإلى اللقاء…
منى: إلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت وصفي يقول):
وصفي: يا مرحبا بك يا (جواد) يا مرحبا.. لقد أسعدتني بهذه الزيارة..
جواد: كنت حريصاً يا أخي وصفي على رد الزيارة لولا زحمة العطف الذي غمرني به إخواني والذي تجلى في زيارتهم وفرحتهم بما أنعم الله به علي…
وصفي: من حق كل أخ أن يفرح ويبتهج بعودتك إلى جادة الهدى..
جواد: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ (الأعراف آية - 43)..
وصفي: كانت غيبتك طويلة يا جواد حتى أشفق محبوك ألا تعود منها…
جواد:ولكن الله جلت قدرته خصني برحمته فهيأ لي أسباب العودة إلى حظيرة الهدى والرشاد فالحمد لله على هدايته وجزى الله من كان السبب كل خير…
وصفي: إنني ومازن نشتف على معرفة سر هذا التطور والتبدل المفاجىء…
جواد: هذا السر هو بالدرجة الأولى الذي حداني إلى هذه الزيارة..
وصفي: قل يا ((جواد)) فمكانتك عندي ما زالت على محلها بالرغم مما قاسيت في سبيلك…
جواد: جئت ألتمس منك الصفح عما تحملت من أذى مني وفي سبيلي..
وصفي: لقد سامحت وصفحت فسروري بعودتك إلى جادة الصواب لا يعدله سرور.. قل يا جواد ولا تخف عني شيئاً…
جواد: لا أدري كيف ابدأ كلامي فالكلمات تتراقص على شفتي..
وصفي: قل فلعليّ أساعدك فأنا ما زلت صديقك الذي تعهده.. لم أتغير ولقد - يعلم الله - شقيت بشقائك وها أنذا أسعد بسعادتك..
جواد: أجل إنك الصديق الذي لم يتنكر لي بالرغم مما أسأت… لعلّك أنت و…
وصفي: وا….. من….
جواد: منى….
وصفي: منى أخت حلمي…
جواد: أجل يا وصفي أجل…
وصفي: كيف.. ما دخلها في الأمر…
جواد: هذا أمر شرحه يطول.. ولكني ألخصه…
وصفي: حبذا لو شرحته..
جواد: لعلّك تذكر أني ألمحت لك عني حب ((منى)) لي إلى درجة الوله…
وصفي: أذكر ولا أنسى…
جواد: ونذكر أيضاً أني كنت لا أميل إليها ولكني لم استطع صدها خشية أن أجرح شعورها لئلاَّ أجرح شعور صديقي وصديقك حلمي..
وصفي: وكنت تتهرب وتفلت من حبالها وشراكها…
جواد: بلى.. بلى..
وصفي: وماذا بعد..
جواد: حتى أدركت ((منى)) أني لا أحبها وإني كنت أترفق بعواطفها بتهربي منها…
وصفي: فماذا كان رد الفعل عندها…
جواد: ظلت ((منى)) على حبها لم تتغير لأنها كانت تحبني لوجه الله.. كانت تحبني طمعاً في أن تعيدني إلى حظيرة الهدى والرشاد…
وصفي: يا إلهي ما أنبلك ((يا منى))
جواد: وضغطت ((منى)) على أعصابها وداست على كرامتها وواصلت سعيها تنقذني من كل ورطة أقه فيها وترشدني بالتي هي أحسن…
وصفي: لقد اتبعت قوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (النحل آية 125).
جواد: وتخلى عنّي الناس إلا ((منى))
وصفي: حتى أنا يا جواد ابتعدت عنك مكرهاً.. ولكني لم أتنكر بل كنت أتألم لألمك وأنتظر اليوم الذي ترجع فيه إلى صوابك…
جواد: من حقك يا وصفي فيما فعلت فقد كان سلوكي يشين كل من رافقني وصاحبني…
وصفي: كانت حالك فظيعة بكل ما في الكلمة من معنى ومبنى..
جواد: ومع ذلك فلم تتخل ((منى)) عني وأنا أنتقل من حانة إلى أخرى ومن مائدة خضراء إلى أخرى حتى غرقت في بحر من الديون…
وصفي: لا حول ولا قوة إلا بالله…
جواد: وطالبني أصحاب الديون وهددوني بالسجن.. واسودت الدنيا في عيني فهاتفت ((منى)) وإذا بها تأتي على عجل وتتعهد للدائنين بدفع الدين…
وصفي: يا للتضحية الهائلة…
جواد: وباعت ((منى)) جميع أملاكها وحليها وسددت ما علي من ديون وهي تبتسم وتقول:
وصفي: ماذا تقول…
جواد: هل هناك خدمة أخرى يا أعز إنسان في الوجود.. فقلت لها…
وصفي: قلت لها ماذا..
جواد: قلت لها: خذيني إلى الطريق الذي أحببتني من أجله…
وصفي: يا إلهي.. وبعد..
جواد: وانفجرت تبكي فقلت لها: لم تبكين يا مخلصتي.. فقالت: ابكي من فرحي فقد هجم السرور علي حتى أنه من فرط ما قد سرني أبكاني..
وصفي: الله.. الله أكبر..
جواد: ثم أخذتني إلى دار والدتي ولسانها لم ينقطع عن حمد الله وشكره طوال الطريق…
وصفي: يا لها من قصة مثيرة…
جواد: والآن…
وصفي: والآن ماذا…
جواد: أريد أن تكون رسولي إلى حلمي بطلب يد أخته…
وصفي: مشياً على الرأس لا مشياً على القدم.. سأنطلق الآن إليه..
جواد: شكراً يا صديقي.. بحفظ الله وأمانه..
وصفي: بحفظ الله وأمانه.. وإلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ليلى تقول):
ليلى: لقد ضربت مثلاً رائعاً في التضحية يا ((منى)).. وقد جزاك الله على تضحيتك خير الجزاء..
منى: الحمد لله على آلائه ونعمه..
ليلى: منى أراك مهمومة اليوم في الوقت الذي يجب أن تكوني فيه اسعد الناس.. قولي ما بك…
منى: لا شيء يا ليلى…
ليلى: لا شيء ومحياك يكاد ينطق مما يجيش به صدرك.. قولي مم تشكين..
منى: من مفاجأة زوجك وصفي…
ليلى: ألم تكن منتهى أمانيك..
منى: لا.. كنت أريد التضحية بدون ثمن… وكنت أرفض طلب زوجك حين طلبني من أخي…
ليلى: أتريدين أن تترهَّبي.. أو تتزوجي غير (جواد)؟…
منى: من يدري؟…
ليلى: من يدري.. ماذا؟..
منى: من يدري لعلَّ (جواد) يحب غيري فضحى بمن يحب وفاء لتضحيتي…
ليلى: إنك تتوهمين يا منى..
منى: جواد لم يحب أحد سواك…
(يدخل جواد وحلمي ووصفي فتقول ليلى):
ليلى: جواد وحلمي ووصفي.. ما هذه المفاجأة السارة…
جواد: وليلى ومنى.. الحمد لله الذي جمعنا على أسر حال…
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 78 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.