شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أكل الأموال اليتامى
(أصوات بكاء وعويل ونحيب نسمع بعدها صوت حماد يقول):
حماد: مات محمود يا منصور يرحمه الله..
منصور: مات محمود السير والسيرة في دنياه.. يا حماد وأرجو أن يكون في آخرته..
حماد: دنيا يا منصور.. دنيا ما عليها أمان.. دنيا فانية..
منصور: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام..
حماد: لقد خلف المرحوم زوجة وطفلين.. ولد وبنت..
منصور: وقد ترك لهم ثروة طائلة..
حماد: على ما أعلم ترك لهم ثروة طيبة تعينهم على حروف الزمان وغوائل الحدثان..
منصور: عسى أن يكون عمهم يوسف أميناً على هذه التركة شفيقاً وحنوناً على الطفلين القاصرين..
حماد: والشيء المؤلم يا منصور أن أرملة الفقيد مقطوعة من شجرة لا أهل ولا قريب لقد ذهبت عائلتها عن بكرة أبيها في إحدى غارات الأعداء على قريتهم..
منصور: وها هي تفقد سندها الوحيد بعد الله تعالى.. حكمتك يا رب..
حماد: حكمتك يا رب.. على كل حال ما يبلي حتى يدبر..
منصور: هيا بنا ننتظم مع المعزيّن..
حماد: هيا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الطفل وفيق يقول):
وفيق: ماما.. لا تحملي همّ بكره أكبر وأشيل الحمِلْ عنك..
سلوى: ربنا ما يحرمني منك ولا من أختك فدوى.. بكره إن شاء الله تتعلم وتأخذ الشهادة وتبقى تاجر زي أبوك..
وفيق: لكن الفلوس من فين يا ماما؟
سلوى: أبوك خلف لكم ثروة كبيرة..
وفيق: لكن أولاد عمي يقولوا لي روح أبوك مات فقير وأبوهم يعني عمي هو الذي ينفق علينا..
سلوى: دول كذابين يا ولدي.. أبوك كان تاجر كبير وثروته استولى عليها عمك بصفته وصي عليكم..
وفيق: طيب ليش أولاد عمي يكسروا بخاطري ولما آجي العب معاهم يضربوني ويقولوا روح العب مع أولاد الخدامين..
سلوى: الصبر جميل يا ولدي بكرة تكبر وتسترجع ثروتك من عمك..
وفيق: أنا خايف ليموتوني ولاد عمي قبل ما أكبر.. كم مرة حاولوا يخنقوني..
سلوى: طيب ليش ما قلت لي يا روحي حتى اشتكيهم على عمك.. أو تروح أنت تشتكيهم لعمك..
وفيق: أنا خايف من عمي أكثر من ولاد عمي..
سلوى: إذا كنت أنت خايف.. أنا ماني خايفه سوف اشتكيهم لعمك..
وفيق: ليش يا ماما ما تشتكيهم لمين هو أكبر من عمي..
سلوى: مين هوه يا والدي..
وفيق: ربنا ذو المغفرة وذو العقاب..
سلوى: برافو عليك يا ولدي.. ربنا يحميك من عيون الناس.. ولكن..
وفيق: ولكن ماذا يا ماما؟
سلوى: لازم عمك يعرف بمعاملة أولاده السيئة لك..
وفيق: أنا خايف عليك من عمي يروح يهينك..
سلوى: معاك حق يا ولدي دا أحمق ولسانه زفر.. إذن ابعد با ولدي دائماً عن طريق أولاد عمك وألعب في المدرسة وفي البيت ألعب مع أختك..
وفيق: يا ماما مش ممكن نسكن لحالنا..
سلوى: أشوف أكلم عمك يمكن يقبل معايا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يوسف داخلاً وهو ينادي):
يوسف: ثريا! ثريا!
ثريا: نعم يا أبا درويش..
يوسف: تعالى حالاً..
ثريا: حاضر أنا قادمة في الحال..
يوسف: أنا بانتظارك في الصالون..
(تصل ثريا وهي تقول):
ثريا: خير إن شاء الله يا يوسف..
يوسف: أرملة أخي وأولادها أين هم الآن؟
ثريا: لا أدري ربما يكونون في غرفتهم..
يوسف: أمتأكدة أنت؟؟
ثريا: الصحيح إني غير متأكدة لأني أنا وأولادي لا نختلط بهم أبداً حتى أكلهم كما تعرف نرسله لهم مع الخدام.. وهذا كله بناء على تعليماتك..
يوسف: هذا صحيح ولكن..
ثريا: ولكن ماذا؟
يوسف: هذه السياسة سوف تجر علينا مشاكل كبيرة في المستقبل..
ثريا: كيف؟
يوسف: سلوى أرملة أخي صارت تخرج في غيابي في العمل وتتصل بمن كانوا يعرفون زوجها وتجمع منهم معلومات عن ثروته الحقيقية.
ثريا: أحقاً ما تقول يا يوسف..
يوسف: أجل يا ثريا أجل.. لقد جاءني بهذا الخبر أكثر من واحد.. ولو ذهبت الآن إلى غرفتها فسوف لا تجدينها فيها..
ثريا: إذن ما العمل؟
يوسف: يجب الحظر عليها ومنعها من الخروج إلا بإذن مني..
ثريا: أتريدني أن أفهمها هذا أم ستقوم أنت بذلك..
يوسف: بل سأقوم أنا بنفسي..
ثريا: أسكت يا أبا درويش.. فإني أسمع حركة عند البوابة وأظن سلوى وصلت..
(يتطلع يوسف فيراها ويقول):
يوسف: إنها هي يا ثريا ومعها ابناها وفيق وفدوى..
سلوى: السلام عليكم..
يوسف: وعليك السلام.. أين كنت يا سلوى..
(تدخل سلوى وهي تقول):
سلوى: في السوق ومنه ذهبت للمدرسة لإحضار وفيق وفدوى..
يوسف: ولكنك لم تأخذي إذناً بالخروج مني أو من ثريا..
سلوى: لم تجر العادة أن آخذ منك إذناً أو من زوجتك..
يوسف: ولكن أليس من اللّياقة أن تقولي لثريا على الأقل إنك خارجة..
سلوى: وهل أستطيع أن أدنو من المكان الذي تعيش فيه ثريا..
ثريا: هل الجناح الذي أعيش فيه مع أولادي منطقة عسكرية محظور الاقتراب منها يا سلوى..
سلوى: المعاملة التي نعامل بها معاملة السادة للعبيد وهل يستطيع العبد أن يدنو من مقام سيده.. إننا نعيش يا هانم مع الخدم..
يوسف: أنت كذابة..
سلوى: احفظ لسانك يا سيد أبو درويش.. أريد أن أسألك: مع من يأكل أولاد أخيك؟ هل يستطيعون اللعب مع أبناء عمهم الذين يضربونهم إذا ما حاولوا ذلك..
يوسف: إنك تتكلمين هكذا أما أولاد أخي لكي تقسي قلبهم عليّ، لكي تظهريني أمامهم بمظهر العدو اللدود لا العم الودود..
سلوى: أين هذا الود يا سيدي والإهانة لحد الضرب تنزل بهؤلاء اليتامى والله سبحانه وتعالى يقول: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (الضحى: 9)..
يوسف: لا.. لا.. أنت امرأة لا تؤمنين على تربية أولاد أخي.. يجب أن أتولى ذلك بنفسي وأنت تستطيعين أن تجدي لك مكاناً في غير هذا البيت..
سلوى: تطردني وتريد أن تحرمني من تربية أولادي.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. أعطني ميراثي في تركة زوجي وأنا أترك ذلك الآن..
يوسف: أخي مات فقيراً وأنت وأولاده تعيشون على نفقتي..
سلوى: يا رجل أما تخاف الله الذي يقول: وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (الأنعام: آية 152).
يوسف: (بحدة) اسكتي ((اخرسي)).. أتريدين أن تعلميني واجبي الديني نحو أولاد أخي.. أخرجي من بيتي.. الآن.. الآن..
وفيق: عمي أرجوك يا عمي الدنيا مساء وكيف تخرج والدتي فيه.. أعدك بأنها سوف تخرج غداً صباحاً نزولاً عند أمرك.. أرجوك يا عمي أرجوك..
يوسف: أنا أقبل رجاءك يا ولدي والحذر إن لم تخرج..
سلوى: سوف أخرج كن مطمئناً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت حماد يقول):
حماد: أسمعت آخر الأخبار يا منصور؟
منصور: أية أخبار يا حماد؟
حماد: أخبار طفلي المرحوم محمود وأمهما..
منصور: ماذا جرى لهم؟
حماد: فرَّت الأم بطفليها إلى جهة مجهولة…
منصور: والسبب؟
حماد: الشائعات كثيرة..
منصور: والمتواتر منها ماذا تقول؟
حماد: تقول: إن والدة الطفلين طلبت من عمهما أن يعدل في معاملة الطفلين..
منصور: هذا حق لأني كنت أسمع أنه يطبق سياسة التمييز العنصري فأولاده يبتعدون عن الطفلين ابتعاد السليم عن الأجرب أو الأبيض عن الأسود.. وماذا بعد؟
حماد: واحتدم الحديث بينهما وانتهى بأن طردها من البيت..
منصور: يا لقلبه القاسي.. يا له من ظالم وبعد..
حماد: ولما طالبته بحصتها من ميراث زوجها أخبرها أن زوجها مات فقيراً وأنهم يعيشون جميعاً على حسنته..
منصور: والد الطفلين مات فقيراً.. يا له من مفتر كذاب.. من يصدق هذا الكلام.. وعقاراته قائمة شاهدة وأمواله في البنوك مكدسة..
حماد: هذا ما تقوله الشائعات.. وقد خافت الأرملة على طفليها من عمهما المتجبر الظالم فهربت كما قلت لك إلى جهة غير معلومة..
منصور: خيراً فعلت.. خيراً فعلت. وماذا عن عمهما الظالم؟
حماد: إنه قلق جداً وعلى اتصال دائم بالشرطة يسألهم عن نتيجة تفتيشهم..
منصور: هل تظن أن الأرملة وطفليها مختبئون داخل المدينة..
حماد: لا أظن لأن الشرطة قامت تقريباً بتمشيط المدينة بحثاً عنهم..
منصور: إذن ترى أنهم فروا إلى بلد مجاور..
حماد: أجل.. أجل..
منصور: وبهذه السرعة..
حماد: أم الطفلين سيدة متسرجلة عاقلة مدبرة ولا شك أنها قدرت الأمور حق قدرها فأقدمت على ما أقدمت؟؟
منصور: ولكن من أين سيعيش الطفلان..
حماد: أمة محمد إلى خير يا منصور وأمهما كما علمت تتقن الخياطة والتطريز..
منصور: ربنا معهم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يوسف يقول محتداً):
يوسف: أكاد أجن يا ثريا.. لقد فتش البوليس عنهم في كل مكان فلم يعثر عليهم لكأن الأرض ابتلعتهم..
ثريا: هون عليك فيقيني أن مساعي الشرطة لن تبوء بالفشل وسوف يعثر عليهم عاجلاً أم آجلاً..
يوسف: إني يائس يا ثريا وأخشى..
ثريا: تخشى من أي شيء..
يوسف: أخشى أن تكون والدة الطفلين هربت بهما إلى أحد معارفها في البلدان المجاورة..
ثريا: وتخشى لماذا.. إن هربهم إلى بلد مجاور يريحنا منهم إلى الأبد..
يوسف: لا يا ثريا.. إنه يعطي الفرصة للطفلين على أن يتعلما ويتثقفا ومتى ما كبرا سوف يعودان للمطالبة بميراث أبيهما..
ثريا: لكل عقدة حل يا أبا درويش.. وعندما يعودون يخلق ما لا تعلمون..
يوسف: إنك تهونين الأمر..
ثريا: وإنك تهول الأمر.. حتى بت أخشى على صحتك من انهيار مفاجىء.. انتبه لصحتك وليكن ما يكون..
يوسف: ولكن العواقب ستكون وخيمة..
ثريا: إذا كنت تعرف ذلك من قبل فلم أقدمت على طرد الأرملة..
يوسف: غلطة ستكلفني حياتي..
ثريا: أنسَ الموضوع يا أبا درويش وهيا بنا نسترح مما كابدنا من عناء في هذا اليوم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت حماد يقول):
حماد: من أنت يا بني وماذا تبغي مني؟
وفيق: ألا تعرفني يا عماه..
حماد: مع الأسف لا..
وفيق: أنا.. أنا وفيق ابن المرحوم محمود..
حماد: أنت وفيق ما شاء الله.. ما شاء الله.. كبرت وصرت رجلاً.. أين كنت طوال هذه المدة؟
وفيق: عند أقارب والدتي وقد درست والحمد لله وأخذت دبلوم الحقوق..
حماد: تهانينا.. تهانينا.. هل رأيت عمك؟
وفيق: لا أريد أن أراه إلا في ساحة القضاء..
حماد: أتريد أن تقيم الدعوى عليه؟
وفيق: أجل يا عماه.. وقد جئت أستشيرك قبل الإقدام عليها لأنك من أصدقاء والدي المرحوم كما أخبرتني والدتي..
حماد: ووالدتك هل عادت معك؟
وفيق: لا بقيت مع أختي التي تستكمل دراستها الجامعية.. قل لي يا عماه..
حماد: تفضل..
وفيق: أين أجد العم منصور إنه أيضاً من أصدقاء والدي المرحوم..
حماد: حقاً إنه من أصدقاء أبيك يرحمه الله وسوف يكون هنا بعد قليل..
(يدخل منصور وهو يقول):
منصور: السلام عليكم..
حماد ووفيق: وعليك السلام..
حماد: أقدم لك المحامي وفيق ابن صديقك محمود يرحمه الله..
منصور: يرحمه الله.. ما شاء الله.. تعال أقبلك يا بني.. تعال..
حماد: لقد جاء يستشيرنا في إقامة الدعوى على عمه فما رأيك؟
منصور: أقم الدعوى عليه.. ونحن مستعدون للشهادة فقد حذرناه من عواقب تلاعبه بأموالكم فلم يصغ لتحذيرنا ولا لنصائحنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ثريا تقول):
ثريا: ما بك يا أبا درويش.. أراك مضطرباً مغموماً مهموماً..
يوسف: لقد حكمت المحكمة عليّ بدفع أموال الطفلين وأمهما كاملة غير منقوصة.
صوت آت من مكان بعيد: بسم الله الرحمن الرحيم: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً صدق الله العظيم.. (النساء: آية 10).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :652  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 75 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.