صوم رمضان |
أبو فوزي: الأيام تمر سراعاً يا أم فوزي.. أمس ودعنا رمضان.. واليوم نستقبله… |
كأن هذه السنة لم تكن شيئاً في عمر الزمن… |
أم فوزي: صدقت يا أبا فوزي الحمد لله الذي أحيانا ونسأله جلت قدرته أن يعيننا على صيام رمضان وقيامه… |
أبو فوزي: وأن يجزل لنا الأجر والثواب فيه يا أم فوزي.. |
أم فوزي: فإنه شهر الخير والبركات يا أبا فوزي… |
أبو فوزي: أجل.. أجل.. سمعت الشيخ صالح يروي هذا الحديث القدسي… |
أم فوزي: وما هو يا أبا فوزي.. قله بربك… |
أبو فوزي:
كل عمل ابن آدم له.. الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به.. وفي لفظ: وأنا الذي أجزى به… |
أم فوزي: ما أجمل وأروع ما نقول… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى وأصوات مبهمة تعلو وتنخفض وأخيراً نسمع بعدها صوت صلاح يقول): |
صلاح: ما هذا الضجيج وهذه الموسيقى.. ألديك احتفال… |
فوزي: لا.. وإنما رأيت أنا وفتحي أن نودع شهر شعبان بما رأيت… |
صلاح: هذا يعني أنك عازم على الصيام لأول مرة هذا العام… |
فوزي: من قال لك هذا… |
صلاح: وتقولها بملء شدقيك يا فوزي.. أما تخشى من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور… |
فتحي: عدنا إلى وعظك وإرشادك يا صلاح… |
صلاح: حتى أنت يا فتحي بن العالم الجليل الشيخ عثمان أحد العلماء المشاهير بهذا البلد لا تصوم لا حول ولا قوة إلا بالله… |
فتحي: ولكن صحتي لا تساعدني على الصوم.. وليس على المريض حرج.. |
صلاح: أنت مريض.. أنت في أكمل صحة وعافية.. أحمد الله على هذه النعمة التي أسبغها عليك… |
وفوزي: وأنا أيضاً يا صلاح سأقطع الصيام بالأسفار… |
صلاح: قطع الله لسانك يا أخي… |
فتحي: لقد أصبح سليط اللسان يا فوزي… أخشى أن في عقله لوثة ورع وتقوى… |
صلاح: أتقولان أني بعقلي لوثة لأني دعوتكما إلى أداء ركن من اركان الإسلام.. ولكن لن تريا وجهي بعد اليوم… |
فوزي: مع السلامة يا شيخ صلاح.. |
فتحي: مع السلامة نفعنا الله ببركاتك… |
صلاح: ستعلمان لمن عقبى الدار أيها الفاسقان… |
(موسيقى تتخلل ضحكات السخرية المنبثقة من فتحي وفوزي.. يدخل والد فوزي): |
أبو فوزي: السلام عليكما… |
فتحي وفوزي: وعليك السلام.. أهلاً وسهلاً.. |
فتحي: تفضل يا عمي اجلس… |
أبو فوزي: إني على عجل وأريد أن أبلغكما أنه تقرر ابتعاثكما في مهمة تستغرق أسبوعاً كاملاً على تعودا قبل حلول شهر الصوم المبارك… |
فتحي: يا لها بشرى تزفها إلينا يا عماه… |
أبو فوزي: أدعو الله لكما بالتوفيق والسلامة… |
فوزي: ولماذا حددت السهمة بأسبوع.. من يدري ربما تستلزم أكثر من ذلك يا أبتاه.. |
أبو فوزي: أنا لا أعلم يا بني طبيعة المهمة فالذين حددوا ذلك لم يؤقتوه إلا وهم على علم بمتطلبات المهمة.. |
فتحي: صدقت يا عماه.. على كل حال غداً سنعرف كل شيء.. |
أبو فوزي: كلام جميل يا بني.. فإلى الغد إن شاء الله… |
فتحي وفوزي: إلى الغد مع السلامة.. مع السلامة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت نادية أخت فتحي تهاتف أخاها وتسير المهاتفة كالتالي): |
نادية: هلو.. فتحي.. |
فتحي: نعم يا نادية.. |
نادية: أصحيح أنك ذاهب مع فوزي في مهمة تستغرق أسبوعاً واحداً… |
فتحي: من قال لك هذا… |
نادية: والدة فوزي.. |
فتحي: ولماذا تسألين بهذه اللهفة.. |
نادية: وهل في كلامي ما يشعرك باللهفة… |
فتحي: لا يا نادية.. إنني أمزح كعادتي.. ولكن حتى لو كانت في نبرات صوتك بعض اللهفة فإن الحق معك.. (يضحك)… |
نادية: عدنا للمزاح يا فتحي.. ما أفرغ فؤادك يا أخي.. |
فتحي: وما أشغل فؤادك يا أختي.. نعم يا ستي.. أنا وفوزي ذاهبان في مهمة.. أتريدين أن تكلمي فوزي.. |
نادية: وهل لديك مانع من ذلك… |
فتحي: (ضاحكاً).. لا.. بكل سرور.. خطيب يكلم خطيبته وأخوها يسمع.. أتريدين أن أنسحب.. |
نادية: يا ليت لي مثل ما أوتيت يا فتحي… |
فتحي: فوزي.. فوزي.. تعال.. تعال.. تلفون يا سيدي.. تليفون.. مكالمة… |
فوزي: هلو.. مين.. نادية.. كيف أنت يا نادية.. |
نادية: بخير يا فوزي.. |
فوزي: والماما كيف هي.. وعمي الشيخ كيف حاله.. خليه يدعو لنا… |
نادية: أصحيح ما سمعت عن سفرك؟ |
فوزي: بلى.. بلى.. ومع فتحي.. وغداً إن شاء الله.. |
نادية: مع السلامة.. ترجعوا بالسلامة.. |
فوزي: شكراً سآتي الليلة لتوديعكم وأخذ البركة من عمي الشيخ… |
نادية: أهلاً وسهلاً.. إلى اللقاء.. |
فوزي: إلى اللقاء… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سيارة ثم صوت والد فوزي يقول): |
والد فوزي: مع السلامة يا أولادي.. مع السلامة.. |
أم فوزي: في أمان الله.. رافقتكم السلامة.. |
فتحي وفوزي: مع السلامة والدعاء وصيتكم… |
أم فوزي: على مهلك في السواقة يا فتحي.. الله معكم… |
فوزي: ما لك تسرع يا فتحي وكأنك في سباق… |
فتحي: الطريق خالية والمسافة طويلة.. |
فوزي: ولكنك تسوق بسرعة جنونية.. |
فتحي: لا تخف يا أخي.. لا تخف.. أنا سواق ماهر… |
(نسمع صرير دواليب السيارة في المنعطفات ثم صوت انفجار عجل وارتطام سيارة وصراخ فوزي): |
فوزي: يا الله.. يا الله.. |
فتحي: آه.. آه.. ظهري.. وصدري يا فوزي.. |
فوزي: آه رأسي… يا ذراعي… |
(نسمع صوت سيارة النجدة والإسعاف وصوت المسعف يقول): |
المسعف: إلى أقرب مستشفى… وبعد ذلك اتصلوا بأقاربهما.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت نادية تقول): |
نادية: أرجو أن يكون الخطر قد زال عنها يا عماه… |
أبو فوزي: الحمد لله يا بنيتي.. ربنا قدر ولطف.. لقد انقلبت السيارة رأساً على عقب عدة مرات وكانا لولا أن رحمهما الله في عداد الموتى… |
أم فوزي: حمداً لك يا ربي وشكراً… |
نادية: أنا كنت خائفة على والدي أكثر من خوفي على أخي وخطيبي.. كنت أخشى أن تقتلها الصدمة ولكنهما أظهرا تجلداً غريباً… |
أبو فوزي: الصبر شعار المؤمن يا بنيتي.. قال تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (سورة البقرة: 156).. |
أم فوزي ونادية: صدق الله العظيم… |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى يدخل صلاح): |
صلاح: سلام عليكم… |
الجميع: وعليك السلام يا صلاح… |
صلاح: لقد طمأنني الدكتور وبالله الأمان أن الخطر قد زال عنهما وأنه سيسمح لهما بالخروج من المستشفى خلال يومين… |
الجميع: الحمد لله بشرك الله بالخير… |
صلاح: اسمحوا لي أن أدخل عليهما.. |
أبو فوزي: أدخل يا بني .. أدخل.. فزيارتك تسرهما… |
صلاح: سلام عليكم.. شدوا حيلكم.. |
فوزي: الحمد لله يا صلاح… |
فتحي: كانت سليمة ولله الحمد.. |
صلاح: لقد جاءكما الفرج كنتما ترغبان في قتل رمضان بالأسفار والآن أنتما مريضان وأصبحتما معذورين إذا ما أفطرتما ثم قضيتما فيما بعد… |
فوزي: سنصوم بمجرد أن يأذن لنا الطبيب… |
فتحي: وأنا يا صلاح.. والله لو صمنا الدهر ما قمنا بحق شكر نعمة السلامة التي أنعمها الله بها علينا… |
صلاح: إن فرحي بما أسمع لأعظم من فرحي بسلامتكما.. الحمد لله.. الحمد لله.. |
صوت صادر من مكان بعيد:
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (سورة البقرة: 185). |
|