شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شيوع خبر المؤامرة
ويشيع خبر محاولة اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرجاء المدينة ويتناقله الناس بالسخط والاستياء والوعيد بالانتقام.
وكان من أشد الصحابة سخطاً وغضباً عمرو بن أمية الضمري يتجلى في حديثه مع صديقه سلمة..
ـ أبلغتك يا سلمة محاولة الأعرابي اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم..
ـ وهل بقي أحد في المدينة لم يسمع بها ولم يستأ منها ومن مدبرها..
ـ يقال إن أبا سفيان وراء هذه المؤامرة..
ـ إنه رأس الكفر والشرك وأعدى عدو لرسول الله..
ـ إنه فعل يجب أن يرد على أبي سفيان بمثله..
ـ ليت رسول الله يأمرنا باغتيال أبي سفيان يا عمرو..
ـ يا ليت.. طالما أن أبا سفيان هو البادىء والباغي وعليه تدور الدوائر..
ـ إن أبا سفيان بعد أن فشل في غزواته للمدينة، وتأكد أنه لن يقدر على القيام بأي غزو في المستقبل لجأ إلى المؤامرات والدس والاغتيال..
ـ إنه سلاح الضعيف ولكننا سننتقم منه بإذن الله..
(الفشل)
وطالت غيبة الأعرابي، واستبد القلق بأبي سفيان وخاصة زوجه هند بنت عتبة التي أصبحت في حال من الحيرة والخوف ولا سيما وهي تطالع ما يعتمل بنفسها في وجه أبي سفيان وتحاول أن تكاشفه بهواجسها بيد أنها تخشى إحراجه، وأخيراً لم يبق في قوس صبرها منزع فسألته وهي تقدم رجلاً وتؤخر أخرى..
ـ هل من جديد عن الأعرابي يا أبا سفيان؟
ـ لا شيء يا هند وإني لجد قلق عليه..
ـ مهمة شاقة وخطيرة يا أبا سفيان، ولا بد أنه ينتهز الفرصة المناسبة ليضرب ضربته القاضية..
ـ وهذا ما يهدهد قلقي يا هند ويخمد جذوة هواجسي وأحاسيسي. إن العمل الذي عهد إليه كما قلت يحتاج إلى اقتناص الظروف المواتية للقيام به..
ـ وهذه الظروف قد تسنح فجأة وقد تأخذ ليالي وأياماً بل شهوراً..
ـ ولكن ما يخيفني يا هند هو شيء واحد..
ـ ما هو يا أبا سفيان؟
ـ إن محمداً أوتي من حدة الذكاء وقوة الباصرة ما يستشف به دخيلة أي شخص يأتي إليه، وبهذه الطريقة استطاع محمد أن ينجو من كثير من المحاولات التي دبرها اليهود والأعراب لاغتياله..
ـ أتراك تخشى على صاحبك الأعرابي أن يفتضح أمره..
ـ هو هذا يا هند.. هو هذا..
ـ ولكن قد يخون محمداً ذكاؤه وبعد نظره هذه المرة..
ـ ولماذا تقررين هذه الحقيقة في هذه المرة..
ـ ربما يكون أجل محمد قد دنا فيصيب صاحبك الأعرابي منه غفلة تمكنه من إنجاز عمله..
ـ إن غفل محمد فأصحاب محمد من حوله كلهم عيون وآذان..
ـ لماذا لم تضع في ميزانك كل هذه الاحتمالات قبل إقدامك على تكليف الأعرابي باغتيال محمد..
ـ ولكن حقدي على محمد أعماني.. ثم إن هذا الأعرابي هوَّن علي الأمر فلم أشعر إلاَّ وأنا أشد على يديه..
ـ مؤامرة دبرتها وقاتل أرسلته وسواء كنت على صواب أم على خطأ فقد حُمَّ الأمر - فلننتظر العاقبة..
وبينا هما في هذا الحوار يسمعان طرقاً على الباب فيذهب أبو سفيان وهو يقول:
ـ من الطارق.. من الطارق..؟
ويرد صفوان من الخارج..
ـ أنا صفوان بن أمية.. افتح..
ـ يا مرحبا.. يا مرحبا.. أدخل..
ويصرخ صفوان في وجه أبي سفيان قائلاً:
ـ لا مرحب.. ولا أهل ولا سهل يا أبا سفيان..
ـ خيراً يا أبا خلف.. خيراً..
ـ قبض على الأعرابي الذي بعثته لاغتيال محمد وأعترف بكل شيء..
وأسقط في يدي أبي سفيان ولكنه تمالك أعصابه وقال:
ـ كيف يا صفوان - كيف؟
ـ أتظن محمداً غافلاً عما يحيط به وما تحاك له من مؤامرات. ثم إن أصحاب محمد كما قلت لك عيون متقدة وآذان مفتوحة تعرف العدوَّ والصَّديق وتحس بالخطر قبل وقوعه..
ـ إن الحس الشفاف المرهف هو عند محمد بن عبد الله يا صفوان إنه بهذا الحس يستطيع أن يستشف أبعاد كثير من الأشياء وآمادها..
ـ ما دمت تعرف محمداً بهذه المواهب فلماذا تزج بنفسك وبقريش في هذا المأزق..
ـ المأزق أنا الذي خلقته وأنا وحدي مستعد لتحمل تبعاته.. وتتدخل هند في الحديث وتعترض بشدة قائلة:
ـ لا.. يا أبا سفيان.. لن تتحمل وحدك تبعات هذا الوضع السيء.. ويقاطعها صفوان قائلاً:
ـ كيف يا هند.. كيف.. هل تتحمل قريش وزرما فعل زوجك..
ـ لقد فعل زوجي ما فعل من أجل قريش لا من أجل نفسه..
ـ ولكن قريشاً لم تكلفه بهذا العمل..
وتقول هند بكبرياء واستعلاء:
ـ إن أبا سفيان زعيم هذا البلد وقد رأى أن اغتيال محمد فيه خير لقريش فأقدم عليه مرفوعاً بإخلاصه وحبه لقومه وبلده..
ـ ولكن زوجك انفرد بهذا العمل ولم يستشر أحداً فيه..
ـ ومتى كان الأمر شورى بين قريش يا صفوان؟
ـ ولكن الأمور الهامة، واغتيال محمد من أهم الأمور، نتداول فيها ونتشاور ونبت فيها قبل الإقدام عليها..
ـ ولكن التآمر على اغتيال محمد يجب ألاَّ يعرف به أكثر من اثنين. فكل سر جاوز الاثنين شاع..
ويلجم صفوان منطقها فيقول:
ـ ما أقوى منطقك يا بنت عتبة..
فتعتدل هند في جلستها وتقول بزهو فيه كياسة..
ـ يا أبا خلف.. لو نجح أبو سفيان في اغتيال محمد.. أكانت الفائدة تعود عليه وحده.. أم على قريش أجمع!؟
ـ على قريش وعليه بصورة خاصة..
ـ لا تقل بصورة خاصة ((فأي منفعة يجنيها أبو سفيان وحده من وراء ذلك.. إن بني هاشم لو وقع حادث الاغتيال سيتربصون لأبي سفيان حتى ينتقموا منه وحده وليس من قريش)).. أليس كذلك؟
ـ بلى.. يا هند.. بلى..
وتحب أن تضع نهاية للجدل فتقول بنشوة الانتصار:
ـ لما كانت الفائدة من اغتيال محمد هي عامة فيجب أن تكون مسؤولية المضرَّة مشتركة وليس على أبي سفيان وحده..
واستأذن صفوان في الانصراف وكان في قرارة نفسه غير راضٍ عما فعل أبو سفيان بالرغم من براعة هند في الدفاع عن زوجها..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1248  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 58 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج