الحلقة ـ 16 ـ |
(يجري بعدها الحديث التالي وموسيقى خفيفة مصاحبة): |
محسون: نحن نمر يا مصالي في فترة تحول حاسمة في تاريخ المسلمين فعيون المستعمرين مفتوحة وأنيابهم مكشرة للانقضاض على الخلافة الإسلامية والإجهاز عليها.. |
مصالي: لقد ضعف الخلفاء العثمانيون وانقسموا على أنفسهم، وانغمسوا في شهواتهم واستعان بعضهم على الآخر بالأعداء.. |
محسون: وكأني بحوادث ملوك الطوائف في الأندلس تعيد نفسها.. |
مصالي: بلى.. بلى ولعلّ ما قلت هو أصدق وصف وتعبير للحالة التي نحن فيها.. |
محسون: وها هم المستعمرون يشرعون في الانقضاض على البلدان التي هي تحت حكم العثمانيين.. |
مصالي: وأرانا في طليعتهم يا محسون.. فقد توترت الإشاعات عن غزو مرتقب للإفرنسيين على بلادنا.. |
محسون: والشيء المؤسف والمحزن أن بعض رؤساء عشائرنا طفقوا يستقلون بالسلطة في منطقتهم من على الحكم العثماني.. |
مصالي: وليس ببعيد أن يستغل الغزاة المستعمرون هذا التفكك في سلطة العثمانيين على بعض مناطقنا فيضربون ضربتهم القاضية.. |
محسون: لا حول ولا قوة إلا بالله.. اللَّهم اكفنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صابحة تقول): |
صابحة: تعرفين يا ناعسة أن زوجي يخرج للصيد في البحر ويغيب عدة أيام، وقد أمسى وهو مضطرب وعندما سألته قال لي: |
ناعسة: (متلهفة) ماذا قال لك؟ |
صابحة: قال إنه شاهد سفناً حربية تتجمع قرب شواطئنا.. |
ناعسة: ألم تتضح له هوية هذه السفن؟ |
صابحة: يرجح أنها سفن حربية فرنسية.. |
ناعسة: إذن فنحن معرضون للغزو الإفرنسي بين عشية وضحاها.. يا إلهي أعنا وانصرنا على أعداء الإسلام.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت محسون يقول): |
محسون: وأخيراً وقعت الكارثة ونزلت جيوش الإفرنسيين الغزاة على شواطئنا ولم يجدوا مقاومة تذكر بل وجدوا - مع الأسف - من صانعهم من رؤساء القبائل.. |
مصالي: وقد علمت أن الأحرار والمناضلين قد فروا إلى داخل البلاد حيث يمكنهم التجمع والبحث عن زعيم يقود حركة نضالهم.. |
محسون: رؤساء القبائل هم الذين لديهم الرجال ويمكنهم الحصول على الذخيرة والعتاد بشتى الوسائل والطرق.. |
مصالي: ولكنهم كما قلت مشغولون بتوطيد زعامتهم على جماعتهم.. |
محسون: يعني أصبحنا كرؤوس البصل كل رافع رأسه ولمنفعة نفسه.. |
مصالي: تذكرت يا محسون.. |
محسون: ماذا تذكرت؟ |
مصالي: تذكرت شيخاً تقياً صالحاً اسمه محي الدين المشهور بالجزائري يمكن أن يجتمع الناس عليه.. |
محسون: ولكن الناس تريد قائداً مقداماً شجاعاً جريئاً لا يهاب الأخطار ولا ولا الأهوال.. |
مصالي: سمعت أن ابن هذا الشيخ واسمه عبد القادر فيه كل الصفات التي ذكرتها.. |
محسون: اللَّهم أهد قومي إلى سواء السبيل.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت صابحة تقول): |
صابحة: الحمد لله.. الحمد لله يا ناعسة لقد اتفقت كلمة الأحرار والمناضلين على بيعة السيد عبد القادر محي الدين الجزائري زعيماً وقائداً لحركة النضال ضد الإفرنسيين الغزاة.. |
ناعسة: إنه حقاً خبر سار يا صابحة.. |
صابحة: وعلمت فيما علمت أن الأمير عبد القادر قد شرع في تنظيم الأمور وإذكاء روح التضحية والنضال ضد الغزاة واستمالة من آنس فيهم حب الوطن من رؤساء القبائل.. |
ناعسة: أخشى أن يكون بين رؤساء هذه القبائل من كان يريد هذه الزعامة لنفسه وهنا الطاقة الكبرى.. |
صابحة: صدقت فسيستغل الغزاة هذه الروح الشريرة فيتألفونهم بالمال وتزويدهم بالسلاح والعتاد ضد الأمير عبد القادر.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت محسون يقول): |
محسون: لقد تمكن الأمير عبد القادر من توحيد الوطن الجزائري ما عدا أربع مناطق منه.. وإشاعة العدل والطمأنينة بين الناس كما أنه منع الخمر والميسر والتدخين.. |
مصالي: يا له من زعيم ديني حكيم.. وماذا عن مقاومة الغزاة.. |
محسون: فعلاً بدأ القتال بيننا وبين الغزاة الإفرنسيين وقد انتصرنا في بعض المعارك وخسرنا البعض الآخر والمهم.. |
مصالي: المهم ماذا؟ |
محسون: شعر الإفرنسيون أن هناك مقاومة منظمة.. مما اضطرهم إلى مهادنتهم ظاهراً والعمل على تدميرها في الباطن فنقضوا ما عاهدوه عليه.. وابتدأ القتال ثانية.. ولكن.. |
مصالي: ولكن ماذا؟ |
محسون: حشد الإفرنسيون قوة مؤلفة من (120) ألف جندي قاومها الأمير ولكن مقاومته تكسرت أمامها كما أنه شعر بانفضاض الناس من حوله بعد الأرواح التي ذهبت في ميادين القتال ولذلك آثر.. |
مصالي: آثر ماذا؟ |
محسون: آثر الاستسلام فنقل إلى فرنسا وبقي في سجونها مدة ثم أفرج عنه وسمح له بالإقامة في أي بلد يشاء بشرط ألا يرفع السلاح ضدهم.. فوافق مكرهاً.. |
مصالي: وهكذا أودع الأمير السلاح، مستسلماً لقدره بإيمان ثابت.. |
محسون: وذهب هو ومن بقي من أتباعه إلى بلد إسلامي حيث مات فيها.. |
المذيع: ما هو البلد الإسلامي الذي عاش ومات فيه الأمير عبد القادر الجزائري؟ |
|