شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 12 ـ
(نسمع بعدها حواراً بين ناظم وقاسم):
ناظم: أريدك يا قاسم أن تتم حديثك البارحة عن هذه الشخصية الفذة.. فقد أعجبت بها أيما إعجاب..
قاسم: حدثتك بالأمس عن مولده وأنه كان في سوريا وأنه ذهب وهو طفل إلى شمالي سوريا حيث تعلم اللغة التركية وعاد إلى بلده ثم عاد إلى شمالي سوريا ثانية حيث انتظم في مدرسة خاصة كان عم أمه أحد أساتذتها..
ناظم: أتعني عم أمه نجيب النقيب الذي أصبح فيما بعد أستاذاً خصوصياً للخديوي عباس ابن الخديوي توفيق حاكم مصر..
قاسم: بلى.. بلى.. يا ناظم..
ناظم: وماذا بعد يا قاسم؟
قاسم: ثم عاد صاحبنا إلى بلده ودرس في مدارسها وكان ميالاً لدراسة العلوم الرياضية والطبيعية على المطالعة والمراجعة وواظب على قراءة الصحف التركية..
ناظم: وبالطبع أصبح موسوعة في معارف اللغة التركية فضلاً عن تضلعه في لغته العربية..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أسماء تقول وهي داخلة):
أسماء: أخي ناظم عندنا ولم تقل يا قاسم..
قاسم: آسف يا أسماء كنت على وشك الدخول لأعلمك..
أسماء: أهلاً بأخي وسهلاً..
ناظم: شكراً لك يا أختي..
قاسم: جئت في وقتك يا أسماء، فأنت أعلم مني بكثير من أحوال قريب والدتك..
أسماء: أتعني ((أبا الفقراء))..
قاسم: بلى يا أسماء بلى..
ناظم: لم أسمع بهذه التسمية لأني كنت في الخارج.. فلم سمي بذلك؟
أسماء: كان ارتباطه بأبناء شعبه من الفقراء والمضطهدين والمقهورين وثيقاً حتى سمي ((بأبي الفقراء)).
ناظم: شكراً يا أختي وماذا بعد عنه..
قاسم: دوري الآن يا ناظم لأني سأعرفك بما فعل أبو الفقراء بعد تخرجه وعمله في الحكومة.
ناظم: حسناً.. هات..
قاسم: قلنا إنه كان مولعاً بقراءة الصحف ولذلك كان أول عمل له ((محرر متدرب في جريدة فرات)) الرسمية التي كانت تصدرها الحكومة باللغتين العربية والتركية.. هات يا أسماء أراك تودين الكلام..
أسماء: بلى.. يظهر أن العمل الصحفي قد راق له فأنشأ مع صديق له جريدة سماها الشهباء..
قاسم: وكانت هذه الصحيفة أول معلن أذاع بين الناس فضل أبي الفقراء وكشف لهم ما كان عليه من مواهب عالية في الأدب والمعرفة.. ولكن..
ناظم: ولكن ماذا؟
قاسم: تحمسه للإصلاح والاندفاع في نقد أعمال الوالي العثماني وبطانته الفاسدة كان السبب في إغلاق جريدته ولما يصدر منها غير خمسة عشر عدداً..
أسماء: ولكنه لم ييأس بل أصدر في العام التالي لإغلاق جريدة أخرى أسماها ((الاعتدال)) ولكنها لم تسلم من التعطيل..
ناظم: يا للمتاعب التي قاساها أبو الفقراء..
قاسم: صدقت ولكن عمله الصحفي جعله مرموقاً في بلده وفي جميع الولايات العثمانية مما اضطر الباب العالي إلى استرضائه وتعيينه عضواً فخرياً في لجنة المعارف..
أسماء: ومحرراً للمقاولات (مسجل المحكمة) ورئيساً لقلم المحضرين ثم عضواً فخرياً في لجنة امتحان المحامين.. وتقلَّب في الوظائف العامة إلى أن عين عضواً في محكمة التجارة ببلده..
قاسم: والحق أن هذه الوظائف زادته اطلاعاً على ما يجري في المكاتب الحكومية ودواوينها ومعرفة بمواطن الفساد فيها..
أسماء: وقد ضاق ذرعاً بالخدمة العامة فاستقال وافتتح مكتباً للمحاماة خاصاً به واشتهر مكتبه حتى أن قاصدوه كانوا يزيدون على قصاد دار الحكومة نفسها..
قاسم: وقد قام بمهمة نبيلة أخرى فكان يحرر شكاوي المظلومين من الوالي العثماني في بلده ويرسلها إلى الباب العالي في استانبول الذي ما لبث أن أرسل من يحقق في هذه الظلامات..
أسماء: بالطبع أثار ذلك حقد الوالي العثماني وبطانته علمه فاتخذوا من محاولة محام أرمني الاعتداء على الوالي ولفقوا لأبي الفقراء تهمة من قريب أو بعيد وزج به في السجن.
ناظم: الويل للظالمين..
قاسم: ولكن الجماهير في بلده خرجت في تظاهرة اضطر معها الوالي إلى إطلاق سراحه.. ولكن الوالي لم يسكت بل دس عليه تهمة سياسية فظيعة..
ناظم: ما هي يا قاسم..
قاسم: اتهام أبي الفقراء بأنه منضم إلى عصابة أرمنية وزوَّروا وثيقة بخطه وأرسلوها للباب العالي فجاء الأمر العالي بمحاكمته وحكم عليه بالإعدام بتهمة التآمر على الوطن..
ناظم: وكيف كان وقع الحكم عليه..
أسماء: قابله بشجاعة وطلب استئنافه ومحاكمته في محكمة بعيدة عن نفوذ والي بلده وهكذا برأته محكمة بيروت..
قاسم: ولم يكن بوسع أبي الفقراء أن يصبر على المؤامرات والتهديدات والاضطهاد والتعذيب فهاجر إلى مصر وكان فيها سوريون كثيرون قد سبقوه إليها فاعتصموا بها وراحوا يناوئون الخلافة العثمانية مدافعين عن حق العرب بالحرية والاستقلال..
أسماء: وقد أحسن هؤلاء استقباله وقامت بينه وبينهم الألفة وكان منهم: محمد رشيد رضا صاحب مجلة (المنار)، وعلى يوسف صاحب جريدة (المؤيد) ومحمد كرد علي وغيرهم. فراح يكتب المقالات وينشرها..
قاسم: وبدأت جريدة المؤيد تنشر له فصولاً من كتابه طبائع الاستبداد بخلاف كتابه (أم القرى) فثارت ثائرة الباب العالي ومنع دخول الجريدة.
أسماء: وقد زار أبو الفقراء الجزيرة العربية وسواحل إفريقية الشرقية والغربية وعاد وشرع في مقالاته الانتقادية منتهزاً الجفوة بين الباب العالي ومصر..
قاسم: ولكن هذه الجفوة لم تطل إذ سرعان ما عادت الأمور إلى مجاريها بين استانبول ومصر وقد انتهز العثمانيون الفرصة فدسوا لأبي الفقراء السم من قبل جواسيسهم هناك فمات..
أسماء: وقد رثاه الكتاب والمفكرون والشعراء وبكوه بكاءً مراً.
المذيع: ما اسم أبي الفقراء وما اسم بلده؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :691  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج