الحلقة ـ 4 ـ |
عتبة: هل أنت بخير يا جابر بعد غارة الروم أمس.. |
جابر: بخير والحمد لله ولكنني أرى ليل الغارات الرومية وكأنه ليس له صباح. |
عتبة: ولشد ما يحز في نفسي أن يسكت معاوية بن أبي سفيان على ذلك بعد أن جمع له الخليفة عثمان أرض الشام.. |
جابر: والغريب يا عتبة أن معاوية قبل أن يصبح والياً على الشام أشترك مع أخيه يزيد في فتح ساحل دمشق وهو يعرف أهمية هذا الساحل.. |
عتبة: ولعلَّ غارة أمس من أسوأ الغارات التي شهدتها مدينة بيروت.. |
جابر: طالما لهم قاعدة حصينة على سواحل دمشق يأوي إليها أسطولهم يكون في مأمن من أي تعديات عليه.. |
عتبة: لا أظن معاوية يسكت على هذه الغارات فربما تكون مقدمات إنزال رومي على ساحل دمشق.. |
* * * |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت تميمة تقول): |
تميمة: ما أثبت جنانك يا سمية لقد شاهدت كل شيء.. |
سمية: أين كنت؟ |
تميمة: قريبة منك حين حاول بعض ركاب الزوارق من الروم الوصول إلى حيث كنا نضمد جراح المقاتلين ولولا يقظتك وصرختك وطعنك أول علج منهم بالرمح لأخذنا على غرة.. |
سمية: إنه نصر من الله تعالى لقد كنت فيمن عهد إليهن بالتضميد وباستعمال السلاح إذا اقتضى الأمر.. |
تميمة: كأنك تدربت على أيدي أحد الأحباش.. |
سمية: لم أتدرب بالضبط ولكني رأيت أحد الأحباش يدرب أخي على رمية الرمح وعلى الطعن به فأخذت التدريب النظري والعملي من أخي جابر.. |
تميمة: ولكن إلى متى نظل على هذه الحال يا أختاه.. |
سمية: كل ليل له آخر وما يدريك إذا جاءتك الأنباء غداً بأن معاوية بن أبي سفيان قد جهز جيشاً لوضع حد لهذه الغارات.. |
تميمة: من يدري.. من يدري.. |
* * * |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت جورجيوس يقول): |
جورجيوس: أراك جد حزين اليوم يا ماركوس.. |
ماركوس: كيف لا أكون وقد فقدت أعز صديق لي بالأمس.. يا ليتني اهتدي إلى تلك المرأة المسلمة التي طعنته بالرمح فأقتلها واشرب من دمها.. |
جورجيوس: وأنى لك أن تهتدي إليها.. |
ماركوس: يقيني أنني سأهتدي إليها في إحدى غاراتنا الليلية.. |
جورجيوس: كيف.. |
ماركوس: إن لها يا جورجيوس رمية رمح خاصة وطعنة تختلف عن رماة الرماح الآخرين من المسلمين.. يظهر أنها تدربت على أيدي جماعة من الأحباش.. |
جورجيوس: أتدربت أنت على أيدي الأحباش.. |
ماركوس: لا.. ولكني رأيت بعضهم حين أحضرهم القيصر يلعبون برماحهم ويطعنون بها بنفس الطريقة التي استعملتها تلك المرأة.. الويل لها مني.. |
جورجيوس: إننا الآن نمر بفترة ذهبية فالمسلمون في فترة ركود بعد ذلك الاندفاع الذي كان كالسيل الجارف أيام خليفتهم عمر.. |
ماركوس: أخشى أن يكون ركود المسلمين هو كالسكون الذي يسبق العاصفة.. |
جورجيوس: ليت قيصرنا ينتهز هذا السكون فيضرب ضربة قاضية نسترد بها ما فقدنا من مدن ساحل دمشق.. |
ماركوس: قيصرنا قال جملته التاريخية: السلام عليك يا سوريا سلاماً لا لقاء بعده.. |
جورجيوس: لقد قالها وهو في حالة يأس.. ولم يجد من يقول له أن الفرس غلبوا الروم بضع سنين وكانت جيوشهم تهدد القسطنطينية ولكننا هزمناهم بصبرنا وجلدنا وقوة تحملنا.. |
ماركوس: قتالنا مع الفرس بالأمس يختلف عن قتالنا مع العرب اليوم.. |
جورجيوس: كيف يا ماركوس.. |
ماركوس: عندما كنا نقاتل الفرس كان سكان سوريا من العرب يقاتلون معناً جنباً إلى جنب لأنهم كانوا يكرهون الأكاسرة أما اليوم.. |
جورجيوس: أما اليوم ماذا؟ |
ماركوس: العرب في سوريا يقاتلون مع إخوانهم العرب المسلمين عدواً مشتركاً هو نحن الروم.. ولذلك فعندما قال الإمبراطور هرقل جملته التاريخية كان على حق.. فيما قال.. |
جورجيوس: إذن فلماذا لا نجلو عن البلاد السورية ونبقى على حدودها الأصلية فنتخلص ومن الضحايا التي تذهب بالمئات يومياً.. |
ماركوس: لا أدري يا جورجيوس ولكنني موقن أن إمبراطورنا سيضطر عاجلاً أم آجلاً إلى الجلاء عن البلاد السورية جميعها.. |
* * * |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عتبة يقول): |
عتبة: لقد صدقت فراستك يا جابر فها هو معاوية بن أبي سفيان يوجه حملة للاستيلاء على قاعدة الروم الحصينة على ساحل دمشق.. |
جابر: وقائد الحملة كما علمت من القواد الذين كان لهم جهاد مشرف في فتوح الشام وهو من المقربين إلى معاوية فقد زوجه أخته.. |
عتبة: ولكني أكاد أجزم أن هذا القائد لا يستطيع حصار قاعدة الروم من البحر.. |
جابر: ربما كانت لديه خطة لا نعرفها.. |
عتبة: ولكني أخشى أن يقوم الروم بهجوم غادر على قواتنا وهي مكشوفة لديهم وإذا لم يقوموا فإن عوامل البرد والمطر والعواصف سيكون لها أثر كبير على المسلمين. |
جابر: هذا صحيح ولكني موقن أن قائد هذه الحملة قد حسب لهذا الأمر وسنرى ذلك بأم أعيننا لأننا قد أمرنا أن نكون في عداد الحملة.. |
عتبة: ذكرتني وكنت قد نسيت ذلك وسآخذ معي تميمة وأنت.. |
جابر: وأنا لن أترك أختي سمية.. لا تنسى إنهما قد تمرستا على فنون التمريض وأختك سمية على فنون الضرب والقتال بالإضافة إلى التمريض.. |
* * * |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها معاول وأزاميل ووقوع أحجار وصوت جورجيوس يقول): |
جورجيوس: انظر ما يفعله المسلمون الذين يحاصرون قاعدتنا.. |
ماركوس: إنهم يبنون حصناً كبيراً يلجأون إليه ليلاً ليأمنوا غائلة التقلبات الجوية ومباغتتنا لهم.. |
جورجيوس: وشيء آخر هو أهم مما قلت يا ماركوس.. |
ماركوس: ما هو؟ |
جورجيوس: بناء هذا الحصن سيحطم معنوياتنا.. |
ماركوس: صدقت.. إنه سيجعلنا نيأس من نزوح المسلمين عنا قبل الاستيلاء على قاعدتنا.. |
جورجيوس: ما العمل؟ |
ماركوس: لا أدري.. ولكني علمت أن قائدنا كتب إلى الإمبراطور يسأله مدَّنا بقوات نستطيع الاستيلاء على الحصن الذي بناه المسلمون وفشلت محاولتنا السابقة في الاستيلاء عليه.. |
جورجيوس: حقاً إن قائد المسلمين عبقري جداً.. أترى إمبراطورنا يمدنا بما نستطيع به هدم ذلك الحصن.. |
ماركوس: حتى لو أمدنا فلن نستطيع يا جورجيوس ذلك لأن قوى المسلمين تتزايد كل يوم وتحدق بنا من كل جهة وها أنت ترى أن الحصار يشتد يوماً بعد يوم.. |
جورجيوس: ومؤننا ستقل شيئاً فشيئاً وسيكون مصيرنا التسليم بدون قيد أو شرط.. |
(يسمعون هرجاً ومرجاً فيقول ماركوس): |
ماركوس: صه يا ماركوس فإني أسمع هرجاً ومرجاً.. أذهب وسل يا جورجيوس وأتني بالخبر اليقين.. |
( نسمع صوت ارتطام مراكب بالماء وبالصخور تختلط بغمغمات وهمهمات وأصوات مهمة تعلو وتنخفض نسمع بعدها موسيقى الرحيل ثم صوت جورجيوس يقول): |
جورجيوس: إنها مراكب يا ماركوس يبعث بها الإمبراطور للهرب فيها خشية الوقوع في قبضة المسلمين.. |
ماركوس: مدحي لك يا قائد المسلمين لقد بنيت حصن نجاحك على أشلاء هزيمتنا واندحارنا.. |
المذيع: من هو القائد.. وما هي قاعدة الروم الحصينة؟ |
|