الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الحلقة ـ 11 ـ

أبو خالد: أنا اليوم صاحي رأسي يوجعني ماني عارف من إيش؟

أم خالد: من الحفلة الموسيقية حقت أمس.

أبو خالد: يمكن من بقايا نشوة موسيقى جارتنا كثّر الله أمثالها ويمكن من..

أم خالد: من إيش؟..

أبو خالد: من حفلة السقط في السحور.. حبيبنا (سعيد) فتح شاهيّتنا لما جبنالوا الكرشه والسقط فوقعنا في شر الشهية..

أم خالد: أنا شايفاك صاير وهام كبير يا سيدي..

أبو خالد: الواحد لما يعجّز تكثر أوهامه..

أم خالد: واي.. أنت لسه في عز شبابك..

أبو خالد: رايح يصير لنا أحفاد وتقولي شباب.. الله يجبر بخاطرك..

أم خالد: أظن لو تقوم تتروش وتروح تقضّي لنا وبعدين تروح على صلاة الظهر يمكن الحركة هادي تهضم لك التقل اللي تحس فيه..

أبو خالد: براوا ستنا الدكتورة أم خالد..

أم خالد: وي أنت تتَّريقْ عليّ يا سيدي..

أبو خالد: لا وإنما كلامك زي كلام الدكاترة..

أم خالد: لو الدنيا فطار كنت سقيتك دواء مهضم..

أبو خالد: أشوف العمل بروشتة نصيحتك هو الأفضل.. يالله شوفي إيش هيه قائمة المقاضي..

أم خالد: ما تشتهي حاجه يا سيدي..

أبو خالد: هيه فين الشاهيه.. ما انسدت والحمد لله سديناها بيدنا....

أم خالد: يالله قوم من غير مطرود وبلاش دردشة محموم على رأي الصحفيين.

أبو خالد: أمرك ما من لا يرد لها أمر.. (ثم ينادي) باصلوح.. باصلوح..

باصلوح: يا نعم يا عم..

أبو خالد: خذ الزنبيل وألحقني.

باصلوح: حاضر..

أبو خالد: يا هو أنا نادر..

أم خالد: أودعتك عند الله..

أبو خالد: إسمعي.. دحين أروح من هنا وأنت تخشى على غرفة النوم وترتاحي لحد ما آجي.. لأحسن أنت نسيتي..

أم خالد: نسيت إيش؟..

أبو خالد: نسيتي أختي وجوزها وحماها عندنا على الفطور اليوم..

أم خالد: ايوالله نسيت بالمرّة يظهر عجزت..

أبو خالد: لا رمضان قرّط عليك شويه..

أم خالد: يالله بعوده يا رمضان عشّر وإذا عشّر بشّر..

أبو خالد: يالله بعوده وأنت طيبه..

أم خالد: وأنت طيب يا سيدي..

أبو خالد: في أمان الله..

أم خالد: في أمان الله..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها (فتوحه) جارة أم خالد تقول):

فتوحه: عجبتك عَمْلَة جارتنا أمس..

حامد: مين جارتنا أم خالد؟

فتوحه: وفي غيرها زاد حالها صارت تتدخل في حريتنا وتفرض إرادتها علينا كأننا عبيد أبوها..

حامد: بس إيش سوت..

فتوحه: وتبغاها تسوي أكثر من اللي سوته يعني تبغاها تجي تضربنا..

حامد: لا.. مين يقدر يضربك تنكسر إيدو.. بس جارتنا ما سوت شيء حتى يخليك تزعلي وتنزلي شتايم فيهم وتضربي الخادم بالتاسومه كنت رايحه تقلعي له عينه..

فتوحه: يا ريت قلعتها..

حامد: وإيش موجبو جيراننا ناس طيبين محترمين..

فتوحه: أشوفك ناصب حالك محامي عنهم..

حامد: لا ولكن..

فتوحه: ولكن إيش يا حضرة المحامي البارع..

حامد: أنا ماني محامي عنهم.. لكن البارحة الحق عليكي..

فتوحه: وحكمت علي..

حامد: لا بس أنا أقول الدق والخبط حق أمس ما كان لو لزوم..

فتوحه: والأبازير تبغاني أدقها في الحارة واللحمة أطحنها في حنيّة الفحم لا.. لا.. أنت التاني زودتها ثم..

حامد: ثم ماذا؟

فتوحه: إحنا أحرار في بيوتنا..

حامد: بس مو على حساب راحة الآخرين..

فتوحه: إسمع يا حامد يا جوزي العزيز أنا ما أقبل تدخلك في أموري وأنا مو طفلة حتى تفتح لي محضر مواعظ ونصائح خليها لحالك..

حامد: حاضر.. أنا لو ما دخلتيني ما دخلت..

فتوحه: البيت بيتي والبزورة بزورتي وأنا حرة أسوي زي ما ابغي في بيتي وأنا ماني مستعدة أكتم نفسي عشان جارتنا وجارنا يناموا.. عمرهم ما ناموا إن شاء الله عمرهم ما ارتاحوا.. يرحلوا إذا الحال مو عاجبهم فهمت.. فهمت..

حامد: فهمت حاضر.. على رأسي.. بس لا تزعلي علي..

فتوحه: لا.. أنا زعلانة عليك..

حامد: أبوس رأسك..

فتوحه: لا تبوس راسي ولا إيدي.. أنت خليك مشمّم ومبخَّر ولا تتدخل فيما لا يعنيك وأنا وأم خالد وجوزها رايحين يشوفوا مني (الضَّرَحْرْحْ)..

حامد: تسقيهم (الضرحرح) والاّ (الدُّردي) أنت حرة..

فتوحه: يا بت يا (كُنْجُفَهْ) دُقّي الأباريز.. نعِّميهم طيب..

(يبتدء دق الهون).

(ونت يا بت مرجانة أطحني اللحمة.. خليها ناعمة زي الكحل..

(نسمع صوت ماكنة اللحمة)..

ونت يا حامد ناولني المسجل وإلا أقولك حط عليه شريط غنيّة أم كلثوم الجديدة..

حامد: حاضر.. غيرو..

فتوحه: يا ريتك يا حامد يا جوزي العزيز تمرن عضلاتك زي العادة على ماكنة تنظيف السجاجيد (ثم تضحك) اللي لي عاده سموه أبو العوايد..

حامد: على عيني يا روح حامد بس تكوني راضيه علي..

فتوحه: هوه أنا عندي أعز منك..

حامد: ربنا يعزك ويخليكي ليا يا رب..

(تبتدئ آلات الازعاج في عملها وتصحو أم خالد على أصواتها تقول):

أم خالد: لا حول ولا قوة إلا بالله.. ما دام مقدراً لي ألا أنام فعلي أن أتسلى بشيء آخر يهون عليّ ما حرمت منه.. الحمد لله اللي أبو خالد ما كان هنا..

(نسمع باب الزقاق ينفتح وصوت أبو خالد يقول):

أبو خالد: خلينا نمشي بشويش يا باصلوح.. بشويش.. عمتك نايمه لا تصحيها..

باصلوح: حاضر.. تاتي حبة.. حبة.. تاتي حبة حبة..

أبو خالد: أسكت.. يالله طلع الزنبيل بدون صوت..

باصلوح: طيب يا عم طيب..

(ويصل باصلوح قبل عمه إلى المطبخ فيقول):

في حركة بالمطبخ يا عم.. يمكن حراميه.. خليني أجيب القِطْلَهْ..

أبو خالد: قطلة إيش يا واد وشُونْ إيش.. هادي حركة عمتك في المطبخ.. يظهر إنها صحيت..

باصلوح: مضبوط صحيت على موسيقى الزنوج.. ما تسمعها يا عم..

(ويسمع آلات الازعاج الصادرة من عند الجيران فيقول):

أبو خالد: صدقت يا واد موسيقى جارتنا كثّر الله أمثالها هيّه لا بد اللي صحتها.. طيب حط الزنبيل هنا وروح..

باصلوح: أروح فين.. لعند جارتنا.. لا يا عم.. شوف تعويرة التاسومة زارعة رأس بصل في جبيني..

أبو خالد: (يضحك) روح لمقعدك..

(تخرج أم خالد من المطبخ وما أن ترى أبا خالد حتى تندهش فتقول):

أم خالد: وَيْ رعبتني يا سيدي أنت نزلت بالبارشوت على السطوح..

أبو خالد: إحنا دخلنا من باب الزقاق..

أم خالد: بس أنا ما حسيت بالباب ينفتح..

أبو خالد: من فين تحس وموسيقى جارتنا رافعة آلاتها على أعلى طبقة.. لا بد هيه اللي صحتك من النوم..

أم خالد: ايوالله.. قمت مرعوبة من حسها وتطلعت ولما ما شفتك قلت الحمد لله اللي ما ترعبت زيي..

أبو خالد: لكن..

أم خالد: لكن ماذا؟..

أبو خالد: شايف موسيقى (التحرش) من جارتنا مو زي أمس..

أم خالد: بس هادي الموسيقى شغالة صار لها أكثر من ساعة.. إن شاء الله ما تستمر أكثر.. تحرمك من النوم زي أمس..

أبو خالد: لازم نتأقلم ونتعود عليها زي اللي يسكنوا جنب محطات القطارات أو موانىء السفن..

أم خالد: طيب روح خذلك غفوة وأنا حاقوّمك قبل صلاة العصر..

أبو خالد: وليش ما تنامي أنت..

أم خالد: وفطور الضيوف مين يسويه..

أبو خالد: الله يعينك ويقويك.. طيب أنا رايح أنسدح..

أم خالد: نوم الهنا يا سيدي..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع معها أصوات المطوفين والطائفين والعاكفين نسمع بعدها صوت باصلوح يقول):

باصلوح: خلصت الطواف يا عم..

أبو خالد: ايوا..

باصلوح: والعم أبو يوسف كمان..

أبو خالد: ايوا..

باصلوح: هيا..

أبو خالد: لفين؟

باصلوح: نستمع لدرس الشيخ عبد اللطيف..

أبو خالد: براوا عليك.. براوا عليك.. هيا يا أبو يوسف إلى متعة روحية لا تقدر بثمن..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الشيخ عبد اللطيف يقول):

الشيخ عبد اللطيف: تكلمنا في الحلقات الماضية عن فوائد الصوم ونرى الليلة وفي الليالي القادمة إن شاء الله أن نناقش مناهضي هذا الرأي القائلين بأن الصوم مجلبة لأمراض حادثة أو وسيلة نكس لأمراض كامنة..

أبو خالد: يا سلام سيكون درساً ممتعاً.. علي أن أحضره وألاّ أفوت منه درساً..

الشيخ عبد اللطيف: الواقع أن الصوم كما تؤديه الأكثرية الساحقة يسبب سورة الأمراض المزمنة واستحداث أمراض غير موجود..

أصوات: نعم يا استاذ.. نعم..

الشيخ عبد اللطيف: وليست العلة في ذلك الصوم بل الشذوذ عن آدابه ومستلزماته والخروج عما أمرتنا به الشريعة الإسلامية في الصيام.. ومن أهمها ما يتصل بالطعام فلا يكون الصيام نافعاً إذا صحبه الإكثار من الطعام والاستزادة منه..

أبو خالد: ولكن ما العمل مع النفوس الرّتعه يا سيدنا الشيخ..

الشيخ عبد اللطيف: علينا أن نعمل بقوله تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ (سورة الأعراف: 31) وبما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع أو كما قال فعلى الصائم التقليل من الأكل وذلك بأن يأكل في الإفطار أكلته التي كان يأكلها كل مساء لو لم يصم أما إذا جمع ما كان يأكله في نهاره إلى ما كان يأكله في ليله لم ينتفع بصومه وقد يتضرر بعد ذلك..

أبو خالد: هل لك أن تحدثنا أكثر عما يقوله مناهضو الصوم وبعض حججهم؟..

الشيخ عبد اللطيف: وقت العشاء قد حان وسأحدثكم عن ذلك في حلقة الليلة القادمة إن شاء الله تعالى..