شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ أحمد فراج ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ أحمد فراج حيث قال:
- الحق أنني لا أستطيع أن أجد نفسي في موقف المعلق على الأستاذ المحاضر الكريم، فقد جئت متأخراً بحيث لم يكتمل الموضوع الذي استمعت إليه، ولذلك فإنني أستسمحكم في أن يكون تعليقي على بعض التعليق.. فقد ذكر أستاذنا الجليل الأستاذ عزيز ضياء كلاماً عن أقضية متعددة لا شك أن من أخطر هذه القضايا قضية الغزو الفكري، ولئن كنت أعتقد أن هذه قضية لا ينبغي أن تطرح في عجالة سريعة في مختتم مثل هذه الاثنينية الكريمة، لأنه عندئذٍ لن توفى حقها من الحديث ولن تكتمل عناصرها، فمن ثم فقد أقترح على أخي الأستاذ عبد المقصود خوجه أن يخصص ندوة نستمع فيها إلى أستاذنا الكريم الأستاذ عزيز ضياء يتحدث بتفصيل وإفاضة في قضية الغزو الفكري، الذي إن رآه غير موجود فقد يكون هناك من يرى أنه لم يعد غزواً وإنما هو اجتياح كامل للأمة العربية والإِسلامية يتمثل على صور كثيرة ليس أولها الأدب وليس آخرها الإِعلام بكل ما نراه ونلمسه. وقد تتجاوز هذه القضية عند بحثها وعند دراسة بعض عناصرها أن نرى أنها ليست مجرد تأثر عابر أو تلاقح فكري، أو تمازج ثقافي، أو إقرار لنوع من التعددية الثقافية التي يجب أن تتفاعل في ظلال الحرية، وفي ظلال التبادل الثقافي، وإنما تتجاوز ذلك إلى أشياء أخطر. فنحن نؤيد تماماً أستاذنا الكريم الأستاذ عزيز ضياء فيما وضع يده عليه من تلك الطلائع من المثقفين الذين ذهبت بهم الظروف أو الحكومات إلى أوروبا فتعلموا ودرسوا وعاشوا في ظلال الحضارة الغربية، فقد كان لا بد أن يكون هناك تأثر ولكن عندما يبلغ هذا التأثر مداه ويصل بعميد المتأثرين إلى أن يقول: إنه لا بد علينا أن نأخذ الحضارة الغربية بحلوها ومرها وخيرها وشرها، فإن المسألة عندئذٍ لا تكون مجرد تأثر وإنما قد تصل إلى درجة الاستلاب، بحيث يمكن أن نتصور أن غياب الوعي بالأصالة وبالذات المسلمة العربية يمكن أن يهيِّئ هذه العقلية العربية الفارغة من المحتوى لكي تكون مخزناً لثقافة أخرى تتأثر بها وتؤثر بها وذلك ما نلمسه حتى يومنا هذا.
- وقد أستأذن وأنا أعرف أن الوقت قد طال بهذه الندوة أن أقول: إن ما نراه في حقل الإِعلام من اجتياح فكري لم يعد شيئاً هيناً وإنما أصبح بكل المعايير اجتياحاً لا مثيل له، فما يوجه من إذاعات مخصصة للأمة العربية في غير ما حاجة منها إلى ما يوجه إنما يؤكد هذه الحقيقة، فضلاً أن العديد من البرامج التليفزيونية على سبيل التحديد، فنحن نعرف أن أكثر من نصف الدول الإِسلامية قد لا تملك حتى هذه اللحظة محطات تليفزيونية، وإن أكثر من نصف الدول الأخرى التي تملك هذه المحطات تذيع برامج أجنبية، تحمل في طياتها أسلوب العادات الغربية، بل وأسوأ ما في هذه العادات والثقافات الغربية مما يمكن أن يروع السكينة النفسية والطمأنينة والأصالة والخصوصية، حتى إن هذه القضية قد أصبحت اليوم مطروحة على أعلى مستوى ثقافي في العالم وهي منظمة اليونسكو، وتناقش ما تتعرض له الهوية الذاتية لعدد من الشعوب من هجمات تستهدف تذويبها، ولا أظن أن الضمير الثقافي العالمي يمكن أن يقصد الإِسلام من حيث هو، ولكنه يشعر ويستشعر أن هناك تهديدات متصلة لكل ثقافة من الثقافات النامية أو من ثقافات الشعوب التي لا تستطيع أن تواجه بإمكاناتها المحدودة، سواء كانت هذه الإِمكانات متمثلة في قدرتها على تطوير ثقافاتها على منهج الأصالة والقيم، أو تمثلت في تحديث أجهزتها ووسائلها وصولاً لتعميق هذه الثقافة أو توسيعها لحساب شعوبها.
- لا أريد أن أطيل، ولكني أؤكد أن أستاذنا الكريم الأستاذ عزيز ضياء يطرح قضية أخطر من أن يكتفي بها بكلمات، وأعود فأؤكد اقتراحي على أخي عبد المقصود خوجه أن يدعو لنا في جلسة خاصة الأستاذ الكبير عزيز ضياء ليعرض لجوانب هذا الموضوع وأبعاده في صورة مكتملة غير عابرة حتى يوفيه حقه شرحاً، وحتى نستوفيه نحن حقه استماعاً واستفادةً وتعليقاً؛ وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :618  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.