شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 4 ـ
(يقرع جرس التليفون فيسرع أبو خالد بينما أم خالد تقول):
أم خالد: مين هادا البارد اللي صبح يزعج الناس..
أبو خالد: اللَّهم اجعله خيراً..
أم خالد: اللَّهم اجعله خيراً..
أبو خالد: مين.. مين..
قارع التلفون: النمرة غلط آسف…
أبو خالد: ما كان لازم تعرف النمرة بالضبط قبل ما تصحي الناس وتزعجهم..
قارع التلفون: قلنا لك آسفين با أستاذ ما يكفيك..
أبو خالد: لا ما يكفي..
قارع التلفون: اشرب من البحر..
أبو خالد: أما أنت قليل الأدب..
قارع التلفون: أنت اللي قليل الأدب.. اعتذرنا لك وما كفاك يعني تبغاني أسوي أشكل من كدا..
أبو خالد: تكون مؤدب مش مزبلح..
قارع التلفون: أنت والله المزبلح المسحوب من لسانك ناوي تتخانق على الصبح مع الناس..
أبو خالد: أنت البادىء وأنت الأظلم..
قارع التلفون: يا سلام على أدبك متخرج في أي جامعة..
أبو خالد: من جامعة أهلي اللي ربوني أما أنت يظهر أهلك اساءوا تربيتك..
قارع التلفون: أنت زودتها.. زودتها.. ترى بعدين أكيل لك الصاع بعشرة..
أبو خالد: وأنا بعشرين لسفيه زيك.. قليل تربية..
قارع التلفون: لا.. لا.. أنت لسانك زفر..
أبو خالد: وأنت يا حضرة طالع من بيت الأدب..
قارع التلفلون: إيش اللي وقعني معاك.. نهاري مهبب..
أبو خالد: أنتو اللي تحبو المعاكسة في التلفونات لازم يكون جوابنا معاكم أكثر من كدا حتى تتوبوا من المعاكسة..
قارع التلفون: بس أنا ما كنت أعاكس..
أبو خالد: أمال شبكت النمرة.. لازم تعتذر وتقلع أنت وأمثالك عن عادة أذية الناس.. يظهر حضرتك مش عارف..
قارع التلفون: مش عارف إيش؟
أبو خالد: أني لو شكيتك على مصلحة التلفونات لروقبت ورحت في شر أعمالك..
قارع التلفون: طيب سامح يا عم ورمضان شهر الصفح والغفران..
أبو خالد: طيب مسامح وربنا يهديك.. مع السلامة..
(يضع السماعة فيقول لـ أم خالد وكانت واقفة بجانبه):
أم خالد: برافو يا سيدي برافو والله الزبلحه اليوم أشوفها نفعت..
أبو خالد: ما للسفيه إلا أسْفَه منّو..
أم خالد: لا يفل الحديد إلاَّ الأحد..
أبو خالد: أشوفك قايمة شاعرة اليوم.. هادي نص شطرة بيت شعر..
أم خالد: المعركة التلفونية أوحت بها.. معركة ثانية يمكن أعمل قصيدة.
أبو خالد: تاريخ الأدب العربي يروي لنا إن أكثر شعراء الجاهلية كانوا من إنتاج المعارك والحروب بس مش من نوع معركتنا التلفونية..
أم خالد: يَعْني ألا يُطلق عليها معركة..
أبو خالد: أهو معركة كما يتخيلها الشعراء..
أم خالد: وانتهت المعركة بالنصر المبين.. يالله نرتاح من آثارها..
(يضحكان ويستغرقان في نوم عميق تُسمع بعدها صوت باصلوح وهو يقول):
باصلوح: إيش هادا البلا يا ربي.. غنم جيراننا دخلوا الجنينة وأكلوا الخضرة والزهور حقت عمتي فين أودي وجهي منها.. لازم أضرب الغنم أوجعها حتى ما تعود..
(ينزل ضرباً في الغنم فنسمع صوتها ونسمع صوت صاحبها).
صاحب الغنم: ما تخاف ربك تضرب الغنم يا صبي الكلب.. إن شاء الله تنكسر إيدك..
باصلوح: إن شاء الله رقبتك تنكسر وغنمك يأكلهم الديب..
صاحب الغنم: ديب يأكلك أنت يا صبي النحس..
باصلوح: أنت المنحوس.. أنت اللي ما تخاف ربك تفلت غنمك على جناين الناس تأكل خضارها وزهورها..
صاحب الغنم: ليش تخلي بابك مفتوح الغنم إيش عرفها..
باصلوح: لكن أنت تعرف تبغي تربي غنم وتبيع حليبها لازم تشتري لها برسيم وتسوي لها محل.. مو تفلتها على محلات الناس..
صاحب الغنم: وتضربها..
باصلوح: وأقتلها..
صاحب الغنم: وتروح فين مني ما أنا أحطك فوقهم..
باصلوح: الزّعرة.. إن كنت رجَّال أنزل من البيت مش جالس ورى الشباك وتتكلم كما الحرمة..
صاحب الغنم: أنا نازل أوريك..
باصلوح: أنزل خليني أدرمغ وشك في التراب..
(ينزل صاحب الغنم وتبتدىء المعركة ويتجمع الناس وتنبعث أصوات تقول):
أصوات: عيب يا ناس.. حرام.. الدنيا رمضان.. صلوا على النبي..
أصوات: أزهموا الشرطة.. هادولا فكشوا بعض.. الدم سال.. انظر الصبي المتعافى دهمل الراجل المسكين.. طلّعلوا الدم من فمو..
أصوات: يا بوليس! يا بوليس! يا بوليس!
(تصحو أم خالد على الأصوات المنبعثة فتنادي)..
أم خالد: سيدي.. قوم.. قوم..
أبو خالد: أقوم فين..
أم خالد: معركة يا سيدي.. معركة..
أبو خالد: أنت تحلمي بالمعارك من يوم ما سرت شاعرة..
أم خالد: والله معركة ما تسمع أصوات الناس قدام بيتنا!!..
أبو خالد: أي والله.. أي والله.. وبين مين ومين..
أم خالد: ما أدري.. قوم شوف.. أنا سمعت بعض الأصوات تقول.. الصبي المتعافي.. يمكن باصلوح.. شوف..
أبو خالد: يكون عملها ويبغا يسير بطل كمان..
أصوات: فكوهم يا ناس.. مو قادرين.. الصبي متعافى زي التور قتل الرجَّال..
أبو خالد: هادا باصلوح لعنة الله عليه..
أم خالد: الحق يا سيدي خلص الناس من شره..
(ينزل أبو خالد مسرعاً والموسيقى مصاحبة وما أن يرى باصلوح حتى يصرخ)..
أبو خالد: وقف يا واد.. سيبو.. قوم من فوقه.. قتلته الله يلعنك..
باصلوح: حاضر يا عم.. حاضر..
أبو خالد: وليش الخناقة يا واد..
باصلوح: غنمو دخلوا الجنينة وأكلوا الخضرة والزهور..
أبو خالد: وتضاربوا وتفسدوا صيامكم عشان شوية خضرة وزهور..
أصوات: وكان يبغا يقتل صاحب الغنم كمان..
صاحب الغنم: ضرب الغنم وسبني وكمان ضربني..
أصوات: لازم تأدبو.. لازم تكسر راسو.. شوف الرجال كيف الدم طالع من فمو..
أبو خالد: أنا رايح أأدبو وأرضيك يا جارنا ودحين آخذك للدكتور وأداوي لك جراحك..
صاحب الغنم: أنا لازم أوديه للشرطة..
أبو خالد: هادا من حقك حتى يتأدب مرة ثانية.. إلا إذا كان تخليها هادي المرة في وشيّ وأنا تشوف كيف أأدبو.. حتى ما يعيدها مرة ثانية مع غيرك..
أصوات: أنتو جيران وبلاش شرطة وجرسه وهيلولة وسين وجيم..
صاحب الغنم: طيب أنا على شأنكم. مش رايح أبلغ الشرطة.. بس لازم يربي صبيّو كان رايح يقتلني متعافى زي الجمل..
باصلوح: الله أكبر.. عود في عين الحسود..
أبو خالد: إن شاء الله ينكسر عود في عينك يعورها.. أتفضل يا جارنا معايا على أقرب عيادة.. وأنت يا كلب فوت على أوضتك حتى أرجع وأوريك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت جرس التليفون يدق في بيت أم خالد وترد عليه أم خالد)..
أم خالد: هلو.. مين..؟ .. أم محمود.. كيف حالك؟..
أم محمود: بخير يا أم خالد..
أم خالد: البزورة كيف حالهم؟
أم محمود: يقبلوا إيدك.. قولي لي يا أم خالد..
أم خالد: تفضلي إيش أقول لك؟..
أم محمود: إيش صار اليوم في حارتكم..
أم خالد: ولا شيء.. خناقة بين الصبي حقنا باصلوح وجارنا صاحب الغنم..
أم محمود: بس أنا قالوا لي غير كذا..
أم خالد: قالوا لك إيش؟
أم محمود: قالوا أبو خالد تقاتل مع جاره بياع الحليب وعورو وجروهم للشرطة..
أم خالد: صدق اللي قال.. وما آفة الأخبار إلا رواتها..
أم محمود: إذا كان الكلام مو مضبوط..
أم خالد: ابدأ والله ما صار إلا اللي قلت لك هوه..
أم محمود: يا ويلي من تهاويل الناس.. يعملوا من الحبة قبة ومن البيضة فيل..
أم خالد: ونت دخل في عقلك أنو أبو خالد يقل عقله ويتقاتل مع بياع الحليب..
أم محمود: أقلك الحق.. أنا ما دخل عقلي.. لكن قلت في رمضان بعض الناس أخلاقهم تضيق..
أم خالد: هادي أشياء مع الأسف ملموسة وأنا أعتقد أنو رمضان ما لو دخل فيها والناس يلبسوها لرمضان..
أم محمود: هادا الشهر الفضيل شهر البر والإحسان والصدقات مو معقول أنو يكون شهر خناقات وحماقات..
أم خالد: ما هو زي ما قلت لك.. الناس ذوي الأخلاق الشرسة يرتكبوا حماقاتهم في رمضان ويبرروا ذلك بأنو من الصوم..
أم محمود: هادا إثم وإفك وبهتان منهم على رمضان.. ربنا يهدينا ويهديهم والحمد لله الذي طمنتيني على أبو خالد.. فأمان الله..
أم خالد: فأمان الله شكراً على سؤالك.. من كمالك يا أم محمود مع السلامة..
(يفتح باب الزقاق ويدخل أبو خالد وخلفه باصلوح يبكي وأبو خالد يقول):
أبو خالد: خليك تستاهل الفرشة حتى تتربا مرة ثانية يعني لو قتلت الرجال كانوا قتلوك أحسن..
باصلوح: لا بس يا عم الضرب ما يوجع.. آخ.. آخ..
أبو خالد: أنضرب أحسن ما تدخل السجن..
باصلوح: كانوا رايحين يحطوني في السجن ويحطم الأغلال في عنقي وفي قدمي..
أبو خالد: الأغلال في رقبتك والقيد في رجلك..
باصلوح: ول ول يا عم كيف كنت أقدر أرمح..
أبو خالد: ترمح رمح بغل في صدرك..
باصلوح: يعني ما تكفيني الفرشة يا عم كمان تبغي بغل يرفسني.. (يبكي) آه يا لحظي التعيس..
أبو خالد: ما أنت تقول التعاسة بنت السعادة تزورك كل يوم..
باصلوح: هو كذا..
أبو خالد: هو كذا زارتك اليوم ونحستني معاك.. حرمتني من نومة الضهر والراحة وبلشتني في مصايبك..
باصلوح: عم.. محل الفرش يوجعني..
أبو خالد: دحين أعطيك مرهم تدهن بيه محل الفرش يالله روح غسل وشك واطلع من شان تأخذ فطورك..
باصلوح: مالي هوى للطعام يا عم أنا شبعان من الفرشة..
(يضرب مدفع الفطور).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1091  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.