الحلقة ـ 4 ـ |
(يقرع جرس التليفون فيسرع أبو خالد بينما أم خالد تقول): |
أم خالد: مين هادا البارد اللي صبح يزعج الناس.. |
أبو خالد: اللَّهم اجعله خيراً.. |
أم خالد: اللَّهم اجعله خيراً.. |
أبو خالد: مين.. مين.. |
قارع التلفون: النمرة غلط آسف… |
أبو خالد: ما كان لازم تعرف النمرة بالضبط قبل ما تصحي الناس وتزعجهم.. |
قارع التلفون: قلنا لك آسفين با أستاذ ما يكفيك.. |
أبو خالد: لا ما يكفي.. |
قارع التلفون: اشرب من البحر.. |
أبو خالد: أما أنت قليل الأدب.. |
قارع التلفون: أنت اللي قليل الأدب.. اعتذرنا لك وما كفاك يعني تبغاني أسوي أشكل من كدا.. |
أبو خالد: تكون مؤدب مش مزبلح.. |
قارع التلفون: أنت والله المزبلح المسحوب من لسانك ناوي تتخانق على الصبح مع الناس.. |
أبو خالد: أنت البادىء وأنت الأظلم.. |
قارع التلفون: يا سلام على أدبك متخرج في أي جامعة.. |
أبو خالد: من جامعة أهلي اللي ربوني أما أنت يظهر أهلك اساءوا تربيتك.. |
قارع التلفون: أنت زودتها.. زودتها.. ترى بعدين أكيل لك الصاع بعشرة.. |
أبو خالد: وأنا بعشرين لسفيه زيك.. قليل تربية.. |
قارع التلفون: لا.. لا.. أنت لسانك زفر.. |
أبو خالد: وأنت يا حضرة طالع من بيت الأدب.. |
قارع التلفلون: إيش اللي وقعني معاك.. نهاري مهبب.. |
أبو خالد: أنتو اللي تحبو المعاكسة في التلفونات لازم يكون جوابنا معاكم أكثر من كدا حتى تتوبوا من المعاكسة.. |
قارع التلفون: بس أنا ما كنت أعاكس.. |
أبو خالد: أمال شبكت النمرة.. لازم تعتذر وتقلع أنت وأمثالك عن عادة أذية الناس.. يظهر حضرتك مش عارف.. |
قارع التلفون: مش عارف إيش؟ |
أبو خالد: أني لو شكيتك على مصلحة التلفونات لروقبت ورحت في شر أعمالك.. |
قارع التلفون: طيب سامح يا عم ورمضان شهر الصفح والغفران.. |
أبو خالد: طيب مسامح وربنا يهديك.. مع السلامة.. |
(يضع السماعة فيقول لـ أم خالد وكانت واقفة بجانبه): |
أم خالد: برافو يا سيدي برافو والله الزبلحه اليوم أشوفها نفعت.. |
أبو خالد: ما للسفيه إلا أسْفَه منّو.. |
أم خالد: لا يفل الحديد إلاَّ الأحد.. |
أبو خالد: أشوفك قايمة شاعرة اليوم.. هادي نص شطرة بيت شعر.. |
أم خالد: المعركة التلفونية أوحت بها.. معركة ثانية يمكن أعمل قصيدة. |
أبو خالد: تاريخ الأدب العربي يروي لنا إن أكثر شعراء الجاهلية كانوا من إنتاج المعارك والحروب بس مش من نوع معركتنا التلفونية.. |
أم خالد: يَعْني ألا يُطلق عليها معركة.. |
أبو خالد: أهو معركة كما يتخيلها الشعراء.. |
أم خالد: وانتهت المعركة بالنصر المبين.. يالله نرتاح من آثارها.. |
(يضحكان ويستغرقان في نوم عميق تُسمع بعدها صوت باصلوح وهو يقول): |
باصلوح: إيش هادا البلا يا ربي.. غنم جيراننا دخلوا الجنينة وأكلوا الخضرة والزهور حقت عمتي فين أودي وجهي منها.. لازم أضرب الغنم أوجعها حتى ما تعود.. |
(ينزل ضرباً في الغنم فنسمع صوتها ونسمع صوت صاحبها). |
صاحب الغنم: ما تخاف ربك تضرب الغنم يا صبي الكلب.. إن شاء الله تنكسر إيدك.. |
باصلوح: إن شاء الله رقبتك تنكسر وغنمك يأكلهم الديب.. |
صاحب الغنم: ديب يأكلك أنت يا صبي النحس.. |
باصلوح: أنت المنحوس.. أنت اللي ما تخاف ربك تفلت غنمك على جناين الناس تأكل خضارها وزهورها.. |
صاحب الغنم: ليش تخلي بابك مفتوح الغنم إيش عرفها.. |
باصلوح: لكن أنت تعرف تبغي تربي غنم وتبيع حليبها لازم تشتري لها برسيم وتسوي لها محل.. مو تفلتها على محلات الناس.. |
صاحب الغنم: وتضربها.. |
باصلوح: وأقتلها.. |
صاحب الغنم: وتروح فين مني ما أنا أحطك فوقهم.. |
باصلوح: الزّعرة.. إن كنت رجَّال أنزل من البيت مش جالس ورى الشباك وتتكلم كما الحرمة.. |
صاحب الغنم: أنا نازل أوريك.. |
باصلوح: أنزل خليني أدرمغ وشك في التراب.. |
(ينزل صاحب الغنم وتبتدىء المعركة ويتجمع الناس وتنبعث أصوات تقول): |
أصوات: عيب يا ناس.. حرام.. الدنيا رمضان.. صلوا على النبي.. |
أصوات: أزهموا الشرطة.. هادولا فكشوا بعض.. الدم سال.. انظر الصبي المتعافى دهمل الراجل المسكين.. طلّعلوا الدم من فمو.. |
أصوات: يا بوليس! يا بوليس! يا بوليس! |
(تصحو أم خالد على الأصوات المنبعثة فتنادي).. |
أم خالد: سيدي.. قوم.. قوم.. |
أبو خالد: أقوم فين.. |
أم خالد: معركة يا سيدي.. معركة.. |
أبو خالد: أنت تحلمي بالمعارك من يوم ما سرت شاعرة.. |
أم خالد: والله معركة ما تسمع أصوات الناس قدام بيتنا!!.. |
أبو خالد: أي والله.. أي والله.. وبين مين ومين.. |
أم خالد: ما أدري.. قوم شوف.. أنا سمعت بعض الأصوات تقول.. الصبي المتعافي.. يمكن باصلوح.. شوف.. |
أبو خالد: يكون عملها ويبغا يسير بطل كمان.. |
أصوات: فكوهم يا ناس.. مو قادرين.. الصبي متعافى زي التور قتل الرجَّال.. |
أبو خالد: هادا باصلوح لعنة الله عليه.. |
أم خالد: الحق يا سيدي خلص الناس من شره.. |
(ينزل أبو خالد مسرعاً والموسيقى مصاحبة وما أن يرى باصلوح حتى يصرخ).. |
أبو خالد: وقف يا واد.. سيبو.. قوم من فوقه.. قتلته الله يلعنك.. |
باصلوح: حاضر يا عم.. حاضر.. |
أبو خالد: وليش الخناقة يا واد.. |
باصلوح: غنمو دخلوا الجنينة وأكلوا الخضرة والزهور.. |
أبو خالد: وتضاربوا وتفسدوا صيامكم عشان شوية خضرة وزهور.. |
أصوات: وكان يبغا يقتل صاحب الغنم كمان.. |
صاحب الغنم: ضرب الغنم وسبني وكمان ضربني.. |
أصوات: لازم تأدبو.. لازم تكسر راسو.. شوف الرجال كيف الدم طالع من فمو.. |
أبو خالد: أنا رايح أأدبو وأرضيك يا جارنا ودحين آخذك للدكتور وأداوي لك جراحك.. |
صاحب الغنم: أنا لازم أوديه للشرطة.. |
أبو خالد: هادا من حقك حتى يتأدب مرة ثانية.. إلا إذا كان تخليها هادي المرة في وشيّ وأنا تشوف كيف أأدبو.. حتى ما يعيدها مرة ثانية مع غيرك.. |
أصوات: أنتو جيران وبلاش شرطة وجرسه وهيلولة وسين وجيم.. |
صاحب الغنم: طيب أنا على شأنكم. مش رايح أبلغ الشرطة.. بس لازم يربي صبيّو كان رايح يقتلني متعافى زي الجمل.. |
باصلوح: الله أكبر.. عود في عين الحسود.. |
أبو خالد: إن شاء الله ينكسر عود في عينك يعورها.. أتفضل يا جارنا معايا على أقرب عيادة.. وأنت يا كلب فوت على أوضتك حتى أرجع وأوريك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت جرس التليفون يدق في بيت أم خالد وترد عليه أم خالد).. |
أم خالد: هلو.. مين..؟ .. أم محمود.. كيف حالك؟.. |
أم محمود: بخير يا أم خالد.. |
أم خالد: البزورة كيف حالهم؟ |
أم محمود: يقبلوا إيدك.. قولي لي يا أم خالد.. |
أم خالد: تفضلي إيش أقول لك؟.. |
أم محمود: إيش صار اليوم في حارتكم.. |
أم خالد: ولا شيء.. خناقة بين الصبي حقنا باصلوح وجارنا صاحب الغنم.. |
أم محمود: بس أنا قالوا لي غير كذا.. |
أم خالد: قالوا لك إيش؟ |
أم محمود: قالوا أبو خالد تقاتل مع جاره بياع الحليب وعورو وجروهم للشرطة.. |
أم خالد: صدق اللي قال.. وما آفة الأخبار إلا رواتها.. |
أم محمود: إذا كان الكلام مو مضبوط.. |
أم خالد: ابدأ والله ما صار إلا اللي قلت لك هوه.. |
أم محمود: يا ويلي من تهاويل الناس.. يعملوا من الحبة قبة ومن البيضة فيل.. |
أم خالد: ونت دخل في عقلك أنو أبو خالد يقل عقله ويتقاتل مع بياع الحليب.. |
أم محمود: أقلك الحق.. أنا ما دخل عقلي.. لكن قلت في رمضان بعض الناس أخلاقهم تضيق.. |
أم خالد: هادي أشياء مع الأسف ملموسة وأنا أعتقد أنو رمضان ما لو دخل فيها والناس يلبسوها لرمضان.. |
أم محمود: هادا الشهر الفضيل شهر البر والإحسان والصدقات مو معقول أنو يكون شهر خناقات وحماقات.. |
أم خالد: ما هو زي ما قلت لك.. الناس ذوي الأخلاق الشرسة يرتكبوا حماقاتهم في رمضان ويبرروا ذلك بأنو من الصوم.. |
أم محمود: هادا إثم وإفك وبهتان منهم على رمضان.. ربنا يهدينا ويهديهم والحمد لله الذي طمنتيني على أبو خالد.. فأمان الله.. |
أم خالد: فأمان الله شكراً على سؤالك.. من كمالك يا أم محمود مع السلامة.. |
(يفتح باب الزقاق ويدخل أبو خالد وخلفه باصلوح يبكي وأبو خالد يقول): |
أبو خالد: خليك تستاهل الفرشة حتى تتربا مرة ثانية يعني لو قتلت الرجال كانوا قتلوك أحسن.. |
باصلوح: لا بس يا عم الضرب ما يوجع.. آخ.. آخ.. |
أبو خالد: أنضرب أحسن ما تدخل السجن.. |
باصلوح: كانوا رايحين يحطوني في السجن ويحطم الأغلال في عنقي وفي قدمي.. |
أبو خالد: الأغلال في رقبتك والقيد في رجلك.. |
باصلوح: ول ول يا عم كيف كنت أقدر أرمح.. |
أبو خالد: ترمح رمح بغل في صدرك.. |
باصلوح: يعني ما تكفيني الفرشة يا عم كمان تبغي بغل يرفسني.. (يبكي) آه يا لحظي التعيس.. |
أبو خالد: ما أنت تقول التعاسة بنت السعادة تزورك كل يوم.. |
باصلوح: هو كذا.. |
أبو خالد: هو كذا زارتك اليوم ونحستني معاك.. حرمتني من نومة الضهر والراحة وبلشتني في مصايبك.. |
باصلوح: عم.. محل الفرش يوجعني.. |
أبو خالد: دحين أعطيك مرهم تدهن بيه محل الفرش يالله روح غسل وشك واطلع من شان تأخذ فطورك.. |
باصلوح: مالي هوى للطعام يا عم أنا شبعان من الفرشة.. |
(يضرب مدفع الفطور). |
|