الحلقة - 5 - |
الملك: أيها القائد.. أصدر الأوامر لكافة جنودنا على الحدود بأن تكون على أهبة الاستعداد.. وابعث بالعيون والرقباء ليترصدوا حركات العبرانيين في سيناء.. |
القائد: أمرك مولاي.. |
الحاجب: مولاي الملك.. الراعي الصالح بالباب.. |
الملك: أدخله في الحال.. |
الحاجب: بالأمر يا مولاي.. |
(موسيقى خفيفة تتخللها همسات وغمغمات وأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت الراعي يقول): |
الراعي: أنعمت صباحاً أيها الملك العادل.. |
الملك: مرحباً بك أيها الراعي الصالح.. لقد جئت في الوقت المناسب.. |
الراعي: بورك فيك ونصرك على أعاديك.. وأعانك ووفقك لما فيه صلاح هذا البلد.. |
الملك: شكراً لك أيها الراعي المبجل على دعواتك الطيبة.. |
الراعي: قلت أيها المليك عني أني جئت في الوقت المناسب فهل من خدمة لمولانا المليك؟ |
الملك: أجل.. أجل.. كنا نريد أن نسألك عن هؤلاء العبرانيين الذين أصبح وجودهم في سيناء يهدد مملكتنا.. |
الملك: قل ما شئت العبرانيين. الإسرائيليين.. المهم هو أن تزودنا بما لديك من معلومات عنهم.. |
الراعي: الإسرائيليون قوم هاجروا من العراق إلى بلاد الكنعانيين الذين طردوهم فعبروا الصحراء إلى مصر والتجأوا إلى بني عمهم الهكسوس ملوك مصر.. |
الملك: إذن سموا بالعبرانيين لأنهم عبروا صحراء سيناء في طريقهم إلى مصر.. |
الراعي: أجل.. أجل.. أيها الملك.. وقد تمتع هؤلاء العبرانيين بخطوة كبيرة لدى ملوك مصر من الهكسوس حتى أصبح يوسف الصديق بن النبي يعقوب خازناً لأموال مصر.. |
الملك: أليس النبي يعقوب هو ابن اسحق بن إبراهيم أبي الأنبياء.. |
الراعي: بلى.. بلى.. ويعقوب هذا هو إسرائيل وقد دخل مصر مما أصبح ابنه خازناً لأموالها وقد تسمى العبرانيون الموجودون آنئذ في مصر باسمه فهجروا اسمهم الأول العبرانيين ونسبوا أنفسهم إليه فسموا ببني إسرائيل.. |
الملك: غريب أمر هؤلاء الناس إنهم يلبسون لكل حالة لبوسها.. |
صوت صادر من مكان سحيق: فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الراعي الصالح يقول): |
الراعي: وعندما طرد الفراعنة الهكسوس من مصر نكلوا ببني إسرائيل فأذاقوهم صنوف الذل والتعذيب فذبحوا أبناءهم واستباحوا نساءهم وسخروهم في الأعمال الشاقة.. |
الملك: لا بد أنهم كانوا يستأهلون ذلك.. |
الراعي: أجل أيها الملك.. لقد استغل بنو إسرائيل مراكزهم أيام الهكسوس فنهبوا البلاد وآذوا العباد وبغوا وطغوا فجاء الفراعنة وانتقموا منهم شر انتقام.. |
مريام: أزفت ساعة الخلاص يا (استير) من العذاب والذل والمهانة التي نعيشها.. |
استير: إنك متفائلة يا مريام.. كيف نهرب ونحن قلة في خضم المصريين.. إن عيون الفراعنة تترقب وتترصد حركاتنا.. |
ميريام: ولكن موسى قد اتخذ العدة وهيأ أسباب الخروج لنا والرب (يهوه) سيقود طريق خلاصنا.. |
استير: إن موسى مخاطر مغامر وأخشى إذا حزب الأمر أن يخرج متخفياً كما هرب حين قتل الفرعوني وتركنا هدفاً لنقمة الفراعنة وتعذيبهم وتنكيلهم.. |
ميريام: ولكن موسى في هذه المرة غيره في المرة السابقة.. إنه أصبح صاحب رسالة.. |
استير: أتعنين نبياً؟ |
ميريام: أجل يا ميريام.. أجل.. |
استير: وإلى أين سيخرج بنا نبينا موسى.. |
ميريام: إلى أرض الميعاد.. |
استير: وأين تقع أرض الميعاد هذه يا ميريام.. |
ميريام: إنها في بلاد الكنعانيين.. |
استير: أنترك جنان مصر ونذهب إلى بلاد القحط والجدب؟ |
ميريام: ولكنها جنان محفوفة بالمكاره والأخطار.. |
استير: لا.. يا ميريام.. لا.. لن أخرج معكم.. إني ما زلت أتذكر ما كان |
يقصه علينا جدي عن الكنعانيين. |
ميريام : وماذا كان يقصه جدك عليك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ايشالوم جد ميريام يقول ): |
ايشالوم: وجاء أجدادي هاربين من العراق إلى بلاد الكنعانيين والعمالقة وهم يؤملون يا استير عيشاً هنيئاً رغيداً فيها وأرضاً تفيض لبناً وعسلاً ولكنهم فوجئوا بقوم جبارين غلاظ قساة الأكباد كانوا يقتلوننا ويشربون من دمائنا.. |
استير: يا للفظاعة.. ياللهول يا جدي.. |
ايشالوم: أخذوا النساء والبنات وأسترقوهن.. وقبضوا على الرجال فكانوا يربطونهم كالبقر ليطحنوا البر والشعير فإذا ما انتهوا من ذلك ساقوهم بالسياط ووضعوا النير في أعناقهم ليجروا الماء من الآبار.. |
استير: جدي بربك.. كف عن الكلام فقد اقشعر بدني وأكاد يغمي علي.. |
ايشالوم: ومن مرض منهم أو تقاعس في عمله عن ضعف وإرهاق من وطأة العمل وقلة الغذاء طرحوه أرضاً فأخذ فريق برجل والفريق الآخر بالرجل الثانية وشطروه نصفين ثم تركوه طعاماً للذئاب والكلاب.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ميريام تقول): |
ميريام: إنهم ليسوا بشراً بل وحوشاً ضارية يا استير.. |
استير: ويريد موسى منا أن نرمي بأنفسنا بين براثن هذه الوحوش الكاسرة كلا يا ميريام كلا لن أذهب معكم سأتزوج صديقاً لي من المصريين وأبقى هنا.. هنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هارون يقول ): |
هارون: هل تدارست مع أخي موسى خطة الخروج من مصر يا يشوع؟ |
يشوع: أجل يا هارون.. أجل.. وقد درسنا الاحتمالات كافة .. |
هارون: ولكن رقابة المصريين علينا شديدة وعيونهم متيقظة لكل حركاتنا وسكناتنا حتى أنهم يكادون يحصون علينا أنفاسنا.. وخاصة بعد ما عرفوا أننا كنا أخذنا موافقة ملوك الهكسوس على الخروج.. |
يشوع: لقد نصبنا من نسائنا شباكاً حول من بيدهم الحل والربط حتى لم تعد تخفي علينا أية خافية مما قد بيته لنا المصريون وعلى رأسهم الفرعون الظالم.. آه يا ليتنا خرجنا حين كان الهكسوس لارتحنا مما نكابده اليوم على أيدي الفراعنة الجدد.. لا أدري كيف تقاعسنا عن الخروج فأفلتت منا فرصة ذهبية فوقعنا في قبضة الفرعون أحمس البربري المتوحش.. |
هارون: ما رأيت أقسى من هذا الفرعون ولا أشد تنكيلاً منه بالإسرائيليين.. وموسى هل وضعتم الحرس الكافي لحمايته.. |
يشوع: إن عين ربه الساهرة تكلؤه وترعاه.. ثم إن موسى كما تعرف هو القائم بحراستنا وحمايتنا.. إنه واضع الخطة وهو الذي سيتولى تنفيذها.. |
هارون: ولكني مع كل ذلك غير مطمئن إلى أن خطة الخروج ستكون سليمة وناجحة.. |
يشوع: يا ليتك أوتيت شجاعة أخيك موسى يا هارون.. |
هارون: إني أرد لك هذا التعريض بمثله يا يشوع وأقول لك إنك متهور أنت وأخي.. |
يشوع: المجال ضيق يا هارون وجوابي على كلامك سيكون في الأيام القادمة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الراعي الصالح يقول): |
الراعي: وعندما قرر بنو إسرائيل الخروج من مصر صارت كل إسرائيلية تطلب من جارتها المصرية أو نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً بقصد الإعارة والزينة.. |
الملك: وبالطبع لبَّت جاراتهن طلباتهن.. وهكذا جمعن الشيء الكثير من الفضة والذهب والثياب الغالية وأخذنها معهن ليلة الخروج.. |
الراعي: أجل.. أَيُّها الملك أجل.. |
الملك: يا لها من خطة دنيئة قذرة سافلة أيها الراعي الصالح.. |
الراعي: إن من يستسهل التفريط في عرضه لا يتورع عن ارتكاب أبشع المخازي والنكرات على أحط المستويات.. |
الملك: صدقت أيها الراعي الصالح صدقت.. |
الراعي: وقد استطاع الإسرائيليون الخروج ولم يشعر بهم المصريون إلا بعد أن اجتازوا البحر فاتبعهم فرعون مصر فلم يلحق بهم وغرق هو ومن معه.. وسار موسى وقومه تائهين في صحراء سيناء قاصدين الأرض التي وعدهم موسى بأن تكون سكناً لهم.. |
الملك: ولكن الأنباء تتوافر عن تحركات مريبة للإسرائيليين في صحراء سيناء مما يحمل على الظن أنهم غير راضيين بمقامهم في سيناء.. |
الراعي: إن للإسرائيليين أيها المليك شعب لا يميل إلى التوطن والاستقرار إنهم يحبون الترحال من مكان إلى آخر.. وهاهي عشرون سنة تمضي على خروجهم من مصر وهم ما يزالون تائهين في فيافي سيناء، لا يستقر بهم مقام ولا تصلح لهم حال.. |
الملك: وهذا ما يزيد في مخاوفنا منهم ويتطلب منا أن نكون يقظين متأهبين لأي غزو مفاجىء منهم. |
الراعي: نعم الرأي أيها المليك.. فلنظل متيقظين حذرين.. |
الكنعاني: رحم الله الأمير الشماخ يا أخي.. لم يستطع العيش طويلاً بعد زواج ابنته الشيماء من ابن ملك الكنعانيين.. |
الفلسطيني: يرحمه الله لقد كان أميراً صالحاً قوياً حازماً.. |
الكنعاني: وصرواح الشجاع المغوار وزوجه (زرود) التي لا تفارق البسمة الحلوة محياها أين هما يا أخي.. قتل صرواح في إحدى معارك الكنعانيين ضد الفراعنة وماتت (زرود) حزناً عليه.. |
الفلسطيني: ولم تبق إلا الشيماء تعاني آلام الكهولة مع وحيدها (عبد حسيبا) الذي يقال إنه يشبه جده الشماخ في كثير من شمائله وخصاله وفعاله. |
الكنعاني: هو ما تقول يا أخي وقد اشتهر (عبد حسيبا) بالعدل ومحبته للسلام.. |
الفلسطيني: ولكنه.. |
الكنعاني: ولكنه ماذا.. |
الفلسطيني: يقولون إنه متأثر بعلوم الآراميين والبابليين ومعارفهم وآلهتهم.. وإني لأعجب كيف أن والدته (الشيماء لم تستطع التأثير على معتقداته).. |
الكنعاني: لقد أثر عليها موت والدها فلم ترق لها دموع ولم يهنأ لها بال حتى عميت واختل عقلها.. |
الفلسطيني: مسكينة (الشيماء) إنها لا تستأهل كل هذه المصائب.. أتذكرها يا أخي.. |
الكنعاني: كيف لا أذكر نبل خصالها وسمو فعالها بالإضافة إلى ما أنعم الله به عليها من الجمال الذي يأخذ بمجامع القلوب.. |
الفلسطيني: أجل يا أخي أجل.. لقد أفل نجم هذه العائلة بعد وفاة شيخها وأميرها الشماخ.. |
الكنعاني: كل شيء تغير حتى مدينتنا (يبوس) أصبح اسمها (أور - سالم) أي مدينة السلام.. |
الفلسطيني: ولم يبق غيري وغيرك أيها الأخ الكنعاني نجتر الذكريات الجميلة الحلوة ونبكي على أطلال مدينة يبوس الدارسة عهداً سعيداً مضى وانقضى.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بأصوات الرمال السافية وزير الرياح الهجاء ورغاء الإبل والغنم وأجراس الحمير نستمع بعدها صوت ميريام تقول): |
ميريام: وهاأنت خرجت أخيراً معنا يا (استير) وهاأنت معنا تعيشين في هذه الصحاري والفيافي منذ عشرين عاماً.. من كان يصدق أن (استير) العنيدة الصلبة تنقاد بهذه السهولة.. |
استير: لقد سحرني موسى بكلامه وبيانه فما شعرت إلا وأنا انقاد كالعمياء فأسير معكم إلى هذا المصير الذي لا يعلم أحداً ما وراءه؟ |
ميريام: إن الذي جعل سحرة مصر تخر سجداً بين يدي موسى ألا يستطيع أن يؤثر على مثلك يا استير؟ |
استير: لقد آمنت بسحر موسى يا ميريام.. آمنت بنبوته.. آمنت بقوته وشجاعته.. وما أزال وسأظل تحت تأثير سحره.. ولكني أتساءل في نفس الوقت إلى متى سنبقى تائهين في هذه الصحاري المقفرة؟ |
ميريام: ستكون هذه الصحاري مقبرة لجيلنا.. أما الجيل الصاعد من أبنائنا وبناتنا فسيحملون رسالة موسى إلى أرض الميعاد.. |
استير: أي جيل صاعد وأية رسالة يا ميريام.. إنك تهرفين لقد أصابتك الصحراء بمسها وجنونها.. |
ميريام: ماذا تقولين يا استير.. أأنا مخبولة مجنونة؟ |
استير: في الواقع لست أنت المخبولة وإنما أفكارك وأحلامك هي المخبولة المجنونة.. |
ميريام: كيف يا استير.. كيف.. قولي.. افصحي.. |
استير: إنك تعلقين أهمية كبيرة على الجيل الصاعد من بني إسرائيل.. |
ميريام: أجل يا استير.. أجل.. |
استير: أي جيل.. الجيل الذي لا رأي له ولا مبدأ.. الجيل الذي أصله سامري مشعوذ فترك عبادة رب موسى وعبد عجلاً له خوار.. أَعلى هذا الجيل تعلقين آمالك العريضة يا ميريام؟ |
ميريام: أجل يا استير أجل.. ذهب موسى لمناجاة ربه واستخلف علينا أخاه هارون فلم يستطع ملء فراغ موسى فانقسمنا كما ترين.. |
استير: وما زلت بعد تبنين القصور الشاهقة والمستقبل الباهر على هذا الجيل.. أنك طيبة القلب يا ميريام.. |
ميريام: ولكني غير يائسة مثلك يا استير.. سيرجع موسى وسيبطش بالسامري وصحبه وسيضرب على أيدي العابثين بيد من حديد ويصهر هذا الجيل في قدور رأسيات وسيصنع من هذا العجين جيلاً قوياً صلباً مؤمناً بتعاليم موسى ورسالته.. |
استير: أرجو أن تتحقق أحلامك وآمالك يا ميريام.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الملك يقول): |
الملك: هل من جديد عن بني إسرائيل أيها الراعي الصالح؟ |
الراعي: بلغني أن هناك انقساماً دينياً خطيراً في صفوف بني إسرائيل.. |
الملك: ما هي أبعاد هذا الانقسام وآماده؟ |
الراعي: ظهر في بني إسرائيل سامري دجال انتهز فرصة ذهاب موسى لمناجاة ربه فصنع لبني إسرائيل عجلاً له صوت وخوار كخوار البقر.. |
الملك: يا له من مشعوذ بارع.. |
الراعي: والغريب جداً أن يستطيع هذا السامري السيطرة على عقول قسم كبير من بني إسرائيل فيحملهم على العبادة.. |
الملك: شيء غريب بل مضحك يبعث على السخرية والاستهزاء بهؤلاء الإسرائيليين.. ولكن.. |
الراعي: ولكن ماذا أيها المليك المحبوب.. |
الملك: أتظن أن بني إسرائيل بهذه الدرجة من الغباوة والبلاهة حتى يستطيع سامري مشعوذ في غياب نبيهم أن يؤثر عليهم ويجعلهم يعبدون عجلاً بدلاً من إله واحد.. كيف تعلل هذا أيها الراعي الصالح.. |
الراعي: أثرت أيها المليك موضوعاً غفلت أنا عن اطلاعك عليه في أحاديثنا السابقة.. |
الملك: هاته إذن.. |
الراعي: إن العبرانيين الذين دخلوا مصر أيام ملوك الهكسوس استطاعوا بعد مجيء يعقوب إليها أن يبشروا بدين جديد دخل فيه عدد طيب من المصريين.. |
الملك: كلام جميل أيها الراعي الصالح.. |
الراعي: فلكي يصبح من دخلوا حديثاً في دين يعقوب شعباً واحداً مع العبرانيين أطلقوا على أنفسهم اسم بني إسرائيل أي أبناء ديانته إسرائيل وهو يعقوب كما قلت من قبل.. |
الملك: سرد شيق وحقائق تشكر على بيانها.. |
الراعي: ولذلك فإن من خرجوا مع موسى من مصر كانوا خليطاً من العبرانيين ومن المصريين وغيرهم ممن دخلوا في دين يعقوب من قبل ودين موسى من بعده.. |
الملك: الآن بدأت أدرك أسباب عبادة بني إسرائيل للعجل.. |
الراعي: كيف أيها المليك العبقري.. كيف؟ |
الملك: أنت تعلم أن المصريين وملوكهم الفراعنة يعبدون العجل (إيزيس) ويقدسونه.. |
الراعي: بلى يا مولاي بلى.. |
الملك: ولما كان بين الذين خرجوا مع بني إسرائيل من هم من أصل مصري ولما كانت رواسب عبادة العجل (إيزيس) ما تزال باقية في نفوسهم استغل ذلك السامري الذكي تلك الرواسب فصنع ذلك العجل الذي لقي أتباعاً ومريدين بسرعة بين بني إسرائيل.. |
الراعي: بوركت يا مولاي وبوركت فطنتك يا سيدي لقد ذكرت ما كنت بسبيل أن أسرده ولكنك ذكرته بشكل جميل رائع جداً.. |
الملك: إن أضواء حديثك هي التي أنارت لي الطريق إلى هذه النتيجة.. |
الراعي: العفو يا مولاي العفو.. إن نوري مستمد من شمسك المشرقة الساطعة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت يشوع يقول): |
يشوع: هارون.. هارون.. |
هارون: نعم يا يشوع.. ماذا تريد؟ |
يشوع: لقد عاد أخوك موسى ولما علم بفعلة السامري استشاط غضباً منك.. |
هارون: ماذا أفعل بهذا اللَّمم من بني إسرائيل.. ماذا أفعل وفيهم أناس كانوا يعبدون بالفعل (إيزيس) وكان آباؤهم من قبلهم يفعلون.. |
يشوع: ولكن ليتك يا هارون وطيبتك جرأت السامريَّ وأمثاله على خلق هذا الانقسام الديني بين صفوف بني إسرائيل.. |
هارون: إنك تقسو في حكمك عليّ يا يشوع.. لقد خشيت لو بطشت بالفاعلين أن تقول أنت وأخي موسى لقد فرقت يا هارون بين بني إسرائيل.. |
يشوع: كان الموقف يقتضي البطش بقسوة على أيدي الفاعلين يا هارون.. |
هارون: ولكن ما العمل يا يشوع لاتقاء غضبة أخي موسى؟ |
يشوع: لا أدري.. لا أدري.. إن موسى يتميز غضباً وحنقاً عليك.. |
ميريام: أما قلت لك يا استير أن موسى سيبطش بالسامري ومن دخلوا في دينه.. |
استير: أجل يا ميريام.. أجل.. ولكن سياسة البطش تولد الحقد والضغينة في النفوس.. |
ميريام: ولكن الحزم محتم في مثل هذه الظروف.. |
استير: ومع أني من المعجبات بموسى وللمؤمنات بتعاليمه إلا أني ضد سياسة العنف يا ميريام.. |
ميريام: يا ليتك رأيت موسى وهو يمسك أخاه (هارون) بلحيته ويصرخ في وجهه مؤنباً وساخطاً على موقفه الضعيف إزاء السامري وجماعته.. |
استير: سمعت بهذه القصة وسمعت بدفاع (هارون) عن نفسه وهو في رأيي دفاع سليم.. |
ميريام: ولكن الشدة التي أخذها موسى قد أعادت الأمور إلى مجراها الطبيعي ووضعت كل شيء في موضعه.. |
استير: كانت سياسة الإقناع والتوعية الدينية أحسن في رأي من هذا البطش الذي ينذر بعواقب وخيمة في المستقبل والآن دعينا من كل هذا وأخبريني عن خطة موسى البعيدة.. |
ميريام: إن موسى يريد أن يسكننا بلاد الكنعانيين.. |
استير: وهل يعرف موسى بلاد الكنعانيين وصلاحها لسكننا؟ |
ميريام: إنه لا يعرفها أبداً ولكنه يقول إنها الأرض التي وعد الله بها إبراهيم ونسله.. |
استير: وهل نحن من نسل إبراهيم يا ميريام؟ إن إبراهيم آرامي الأصل ونحن عبرانيون ثم إن بيننا من هم من أصل مصري أو يمتون إلى جنسيات أخرى.. |
ميريام: ولكنهم أصبحوا من بني إسرائيل، وإسرائيل هو يعقوب بن اسحق ابن إبراهيم فإذن نحن من نسله أليس كذلك..؟ |
استير: استنتاج غير منطقي يا ميريام.. إننا إسرائيليون من حيث الدين أما من حيث القومية فنحن من عدة أقوام وجنسيات لا يمتون إلى إبراهيم إلا بصلة الدين.. |
ميريام: وهل هنالك رابطة أقوى من رابطة العقيدة يا استير..؟ |
ميريام: ولكن موسى يقول هكذا.. وقد خرجنا من مصر لهذه الغاية.. |
استير: وهل أرض الميعاد خالية من السكان أو لا أهل لها؟ |
ميريام: إنها مأهولة بسكانها الكنعانيين.. |
استير: وهل سيفتحون صدورهم لنا أو سنلقي منهم ما لقي آباؤنا وأجدادنا.. من قبل؟ |
ميريام: ولكنها الأرض التي وعد به إبراهيم نسله يا استير.. |
استير: ولكننا لسنا من نسل إبراهيم حتى تصدق علينا نبوءته.. قولي الحقيقة ولا تُدَلّسي.. قولي إننا سنذهب إلى بلاد الكنعانيين غزاة فاتحين كما يفعل الفراعنة أو يفعل الفلسطينيون الآن.. |
ميريام: تصوري هذا الواقع كما تشائين يا استير.. إننا ذاهبون إلى أرض الميعاد يا استير.. ذاهبون.. |
استير: أجل يا ميريام أجل.. إننا ذاهبون إلى أرض الميعاد غزاة مغتصبين قتلة سفاحين.. نريد أن نخرج أهلها منها ونسكنها بقوة النار والحديد.. |
|