الحلقة - 3 - |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الفلسطيني (1) يقول): |
الفلسطيني(1): وصلنا ياقوم ..وصلنا مرحبا بكم بين اهلكم وفي وطنكم |
اصوات: مرحبا.. مرحبا.. أهلاً.. وسهلاً.. مرحبا.. |
صرواح: يا معشر اليبوسيين.. يا معشر اليبوسيين أميركم يأمركم بالنزول في هذا المكان.. فانزلوا على بركة الله.. |
اصوات: مرحبا.. مرحبا.. أهلاً.. وسهلاً.. مرحبا.. |
(موسيقى مختلطة بين اصوات النازلين ورغاء الابل وقعقعة السلاح ووقع حوافر الدواب تسمع بعدها صوت الشماء تقول): |
الشماء :استقبال رائع يا زرود ماكنت اتوقعه |
أصوات: مرحبا.. مرحبا.. أهلاً وسهلاً.. مرحبا.. |
زرود: إنهم عرب مثلنا يا سيدتي.. لقد أحسن والدك إليهم فنجاهم من قطاع الطريق ولصوص الليل وضحّى ببعض رجاله في سبيلهم.. أليس الواجب يفرض عليهم رد الجميل على الأقل.. |
الشيماء: بلى.. يا زرود.. بلى.. ما أحسن المناخ والموقع. فمن الذي اختاره؟ |
زرود: علمت أن الفلسطينيين اللذين كانا معنا هما اللذان اختارا هذا المكان. |
الشيماء: إلهي اجعله دار أمن واستقرار.. وطمأنينة وسكينة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (الشماخ) يقول ): |
الشماخ: إني لأتساءل يا (صرواح) ما الذي دعا الأخوين الفلسطينيين إلى تسمية أنفسهما بالفلسطينيين مع أنهما عربيان.. |
صرواح: إنهما عربيان من القبائل القاطنة في شمال الجزيرة هذا ما فهمت منهما.. |
الشماخ: ولكن لماذا أدعيا أنهما فلسطينيان؟ |
صرواح: لا أدري يا سيدي.. لا أدري.. |
الشماخ: صرواح.. انظر.. إني أرى أحد الفلسطينيين قادماً إلينا.. |
صرواح: لقد جاء في وقته. |
الشماخ: أجل.. أجل.. |
الفلسطيني: طاب يومك أيها الأمير.. |
الشماخ: ويومك أيها الأخ العربي.. ولكن لماذا أقول لك عربي وأنت تأنف من هذا الاسم. |
الفلسطيني: لا قدّر الربّ أيها الأمير.. |
الشماخ: مررنا في طريقنا إلى هذا المكان ببلاد العمونيين والآدمويين وسمعنا عن المؤابي وهذا المكان الذي نحن فيه يسمى بلاد الكنعانيين.. فلماذا أيها الأخ تصر على أن تسمي نفسك بالفلسطيني. |
الفلسطيني: أيها الأمير.. إن هذه البلاد بلاد الكنعانيين والبلاد التي مررت بها أو سمعت عنها هي للعمونيين والآدمويين والمؤابين وهم عرب كالكنعانيين. |
الشماخ: ولكن لماذا تسمي نفسك بالفلسطيني؟ |
الفلسطيني: الفلسطينيون أيها الأمير قوم جاؤوا من سواحل البحر الأبيض وهم ليسوا عرباً.. |
الشماخ: بل قل هم مغتصبون. |
الفلسطيني: أجل وقد سكن الفلسطينيون المغتصبون في القسم الجنوبي الغربي من بلاد الكنعانيين أي في البلاد الواقعة بين بلاد الفراعنة والكنعانيين. |
الشماخ: نعم وبعد.. |
الفلسطيني: وكانوا أهل حضارة وعلم وخبرة بالتجارة ونقل البضائع التي ترد في الهند عن طريق الجزيرة العربية وشحنها بالبحر إلى الممالك التي تقع على هذا البحر.. |
الشماخ: تقصد البحر الأبيض.. |
الفلسطيني: أجل.. وأنشأ هؤلاء المغتصبون مدناً كبيرة ازدهرت بالتجارة منها: |
اسدود، وصقلان، وغزّة.. |
الشماخ: سرد تشكر عليه لتاريخ الغاصبين.. ولكن أنت كيف تسميت باسم المغتصبين هذا ما نحب أن نعرفه. |
الفلسطيني: كان والدي يشتغل مع الفلسطينيين وكنت أرافقه في سفراته عبر الجزيرة العربية وأنقل معه التوابل والعطور الهندية إلى هذه البلاد.. |
الشماخ: فسميت بالفلسطيني بينما أنت عربي.. أليس كذلك؟ |
الفلسطيني: بلى يا سيدي.. أبي من شمال الجزيرة وأمي من العمونيين.. |
الشماخ: سأطلق عليك منذ اليوم لقب الكنعاني.. |
الفلسطيني: إني أعتز بهذا اللقب وأفخر أيها الأمير.. |
الشيماء: لقد بعث والدي كتاباً مع (صرواح) إلى ملك الكنعانيين في (مجدّو) يستأذنه في السكنى بهذه المنطقة ويطلب منه اقطاعه إياها.. |
زرود: وهل سافر معه الفلسطيني يا سيدتي كما كان يقول؟ |
الشيماء: نعم يا زرود.. لا تقولي لي بعد اليوم الفلسطيني بل قولي (الكنعاني) فقد سمّاه والدي هكذا.. |
زرود: لقد أرجعه والدك إلى أصله الذي يجب أن يعتز به.. |
الشيماء: بلى يا زرود بلى.. شيء غريب وعجيب.. أن يشيع اسم الغزاة المغتصبين ويعرف هذا القسم من بلاد الكنعانيين بفلسطين.. |
زرود: إن مدنَّيتهم يا سيدتي المستمدة من حضارة اليونان العظيمة وحذقهم للتجارة والملاحة هو الذي صيغ القسم الجنوبي الغربي من بلاد الكنعانيين باسمهم.. |
الشيماء: يا ليت أهلنا الكنعانيين أوتوا من المدنيَّة والحضارة مثلما أوتي هؤلاء المغتصبون.. |
زرود: إن وجود الكنعانيين في هذا الممر المعرض للغزاة والفاتحين والطامعين هو الذي أخر تقدم الكنعانيين في مدارج الحضارة والتمدن.. |
الشيماء: بلى يا زرود بلى.. إنهم ما يكادون يتخلصون من غازي أو مغتصب حتى يفاجأوا بآخر أشد منه عتواً وقساوة.. |
زرود: انظري إلى أبناء عمك الفينيقيين إنهم ينعمون بحياة استقرار ورقي وتمدن.. كما أن لهم تجارة ناشطة على البحر الأبيض.. |
الشيماء: أجل ذلك لأنهم بعيدون عن هذا الموقع الخطير.. ممر الغزاة والفاتحين. |
زرود: أجل يا سيدتي أجل.. ستكون مواكب الضحايا طويلة وطويلة جداً يا فلسطين. |
الشيماء: صدقت يا زرود.. صدقت.. |
الملك: مرحباً برسول ابن العم.. كيف حاله.. لعلّه بخير.. هو ومن معه.. |
صرواح: إنه بخير هو ومن معه أيها الملك وهو عازم على القدوم للسلام عليكم حالما يرتب أمور العشيرة ويطمئن على مقامهم وهذا كتاب منه إليكم. |
الملك: هاته.. |
الملك: إن طلب ابن العم مستجاب يا صرواح فالأرض أرضه والبلاد بلاده والأهل أهله كما أنه ليس لدي أي مانع من إنشائه مدينة في الأرض التي اختارها لسكنه مع عشيرته. |
صرواح: شكراً لك. أيها الملك العادل. أطال الله عمرك ونصرك على أعدائك وجعل عهدك الزاهر طالع يمن وسعد. |
الملك: بلغ ابن العم أننا ننتظر قدومه إلينا حالما يفرغ من تسوية أمور عشيرته. |
صرواح: أمرك يا مولاي. |
الملك: أيها الخازن.. اجزل العطاء لرسول ابن العم وزوّده بالهدايا اللائقة بابن العم وبالمال الذي يسد حاجته. |
الفلسطيني: سمعت أن استقبال ملك الكنعانيين لك كان فوق ما ينتظر. |
صرواح: أجل أيها الأخ الكنعاني واسمح لي أن أخاطبك بهذا الاسم الذي اختاره أميرنا لك. |
الفلسطيني: رضيت بما اختاره الأمير.. وكان اختياراً في محله. |
صرواح: لقد أعجبت جداً بهذا الملك.. أحسن لقاءنا وأكرمنا منتهى الإكرام. |
الكنعاني: وليس جميع ما طلبه الأمير.. |
صرواح: أجل أيها الأخ الكنعاني ولم يكتف هذا المليك بأن وهبنا هذه الأرض أعطانا الخيار نتملك حيث نشاء ونبني حيث نريد. |
الكنعاني: إنه منتهى الإكرام يا (صرواح) ولئن دل ذلك فإنما يدل على مكانة أمير اليبوسيين عند ملك الكنعانيين. |
صرواح: صدقت يا أخي: صدقت. |
الكنعاني: لقد اقتربنا من منازلنا يا صرواح.. إني أشم عبير الأهل والولد. |
صرواح: وأي شيء أحلى وأزكى من رائحة الأهل والولد.. |
الكنعاني: أليس لك أولاد يا صرواح.. |
صرواح: لا يا أخي لم أتزوج بعد. |
الكنعاني: إنك في زهرة شبابك يا صرواح وآفاق الزواج واسعة أمامك.. |
صرواح: شكراً لهذا الإطراء.. والزواج يا أخي قسمة ونصيب. |
الكنعاني: ولكنه أمر لا مفر منه.. |
صرواح: صحيح ولكن وقته لم يحن بعد.. |
الكنعاني: عسى ألا أكون أثقلت عليك بحديثي هذا؟ |
صرواح: لا يا أخي بالعكس لقد أمتعتني بحديثك في طريقنا الطويلة.. |
الشماخ: طال غياب (صرواح) يا بنتي.. وأخشى ألا يكون قد حالفه التوفيق في مهمته.. |
الشيماء: لو وقع ما توَّجست به يا أبتاه لجاءك صرواح منذ أيام.. ثم إن أخبار السوء لا تخفى.. |
الشماخ: صحيح يا بنتي.. شائعة السوء تنتشر بسرعة هائلة.. |
الشيماء: ما هي الأخبار عن بلاد الأحقاف يا أبتاه.. أما زال الناس هنالك يكابدون ويلات القحط والجدب.. |
الشماخ: الأخبار سيئة.. والناس هناك في كرب شديد وهجرته إلى الشرق والشمال والغرب متتابعة.. وقد يأتي اليوم الذي تسمى فيه بلاد الأحقاف (بالربع الخالي).. |
الشيماء: هذا جزاء من يكذب - رسل الله وأنبياءه.. |
الشماخ: نعم يا بنتي نعم.. وقد عزمت عندما يهبني ملك الكنعانيين أن يكون أول عمل أقوم به هو.. |
الشيماء: هو ماذا يا أبتاه.. |
الشماخ: هو بناء مسجد نعبد الله فيه.. فقد رأيت سكان بلاد الكنعانيين يعبدون الأصنام ولا يعلمون شيئاً عن الرسل والأنبياء.. |
الشيماء: نعم ما تفعله يا أبتاه ويجب أن ندعو الناس هنا إلى عبادة رب (هود) وترك هذه الأصنام.. |
الشماخ: سنفعل يا بنتي سنفعل.. |
الشيماء: ولكن هل وجدت المكان الذي يصلح لأن تعمر عليه مسجداً يا أبي؟ |
الشماخ: بلى يا بنيتي بلى.. |
الشيماء: أين أين؟ |
الشماخ: تعالي معي تعالي.. انظري إلى الصخرة التي على رأس قمة هذا الجبل.. أترونها؟ |
الشيماء: أجل يا أبتي.. أجل.. |
الشماخ: سمعت ممن يسكنون في القرى المجاورة لنا يتحدثون أن نبي الله إبراهيم أتى بولده اسحق إلى هذا المكان ليضحي به وأنها الصخرة التي كلم الله النبي يعقوب عليها.. |
الشيماء: مكان مشرف وموقع رائع يا أبتاه ولكن.. |
الشماخ: ولكن ماذا؟ |
الشيماء: هل سنظل نسكن الخدور والخيام يا أبي في هذه البلاد الباردة حيث الأمطار والثلوج. |
الشماخ: لا يا بنيتي لا.. إني أفكر في إنشاء مدينة.. |
الشيماء: تسميها ماذا يا أبتاه.. |
الشماخ: اسميها (يبوس) باسم عشيرة اليبوسيين.. |
الشماخ: اسم جميل جداً.. أطال الله عمرك يا أبي ووفقك لما فيه الخير والصلاح. |
زرود: سيدي.. سيدي.. |
الشماخ: ما وراءك يا زرود؟ |
زرود: البشرى.. البشرى.. وصل (صرواح) ورفيقه مصحوبين بقافلة محملة بالهدايا لسيدي من ملك الكنعانيين. |
الشماخ: بشرك الله بالخير يا زرود. |
صرواح: السلام على مولاي الأمير.. |
الشماخ: وعليك السلام.. مرحباً بك.. يا مرحباً.. هات ما وراءك.. |
صرواح: الخير كل الخير يا مولاي.. استقبلنا ابن عمك أجمل استقبال وأكرمنا غاية الإكرام وهذه رسالة منه إليك. |
الشماخ: أجل لقد كان عند أملي الكبير فيه جزاه الله عنا كل خير. |
زرود: كانت الجمال تنوء بالهدايا النفيسة التي بعث بها ملك الكنعانيين إلى سيدي الأمير.. |
الشيماء: إنه عطاء ملوك يا (زرود).. |
زرود: ولكنه عطاء سخيّ وكبير وسيدي الأمير يستحق هذا التكريم وقد لاحظت يا سيدتي.. |
الشيماء: لاحظت ماذا؟ |
زرود: لاحظت أن هداياه إليك كانت أفخر الهدايا وأفخمها.. |
الشيماء: وماذا في ذلك عمّ يهدي ابنة أخيه.. |
زرود: ولكني فهمت؟ |
الشيماء: فهمت ماذا؟ أراك تتكلمين بالألغاز يا زرود.. فهمت ماذا؟ |
زرود: سيدتي أستسمحك العفو لأني لا أستطيع أن أكتم عنك أي شيء.. |
الشيماء: أشكرك.. قولي.. إذن ما في جوفك. |
زرود: فهمت من (صرواح) إن ملك الكنعانيين أرسل يخطبك من أبيك لابنه. ألم يفاتحك سيدي الأمير في هذا؟ |
الشيماء: لا ولكنه فاتحني في أمر آخر. |
زرود: ما هو سيدتي.. قولي.. |
الشيماء: قال: |
زرود: قال ماذا؟ |
الشيماء: أراك عجلة يا زرود.. اهدئي واسمعي.. |
زرود: أمرك مولاتي. |
الشيماء: قال إن صرواح خطبك من أبي الذي أمرني أن أسألك رأيك قبل أن يبت في الأمر.. |
زرود: صرواح سيدتي.. صرواح إنه.. مني النفس ومنتهى سؤلها.. |
الشماء: لقد أحسن (صرواح) إذ اصطفاك وأحسنت إذ اخترته بورك لكما.. بورك لكما. |
زرود: وأنت يا سيدتي أأستطيع أن أقول.. |
الشيماء: قولي.. |
زرود: مبروك يا سيدتي.. مبروك.. |
|