الحلقة - 27 - |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حزينة نسمع بعدها صوت الإمبراطورة تقول): |
الإمبراطورة: باركه أيها المطران فإنه يتألم من جراحه. وقد بدأت أخشى أن يصيبه مكروه. |
المطران: لا تخافي عليه فالصليب سيحفظه من كل سوء.. |
الإمبراطورة: ما أرى الصليب إلا سيصلبه الهلال ويحطمه ويقضي على النصرانية في هذه الجهات فلا تقوم لها قائمة بعد اليوم. |
المطران: أراك يائسة سيدتي الإمبراطورة. |
الإمبراطورة: وكيف لا أيأس وأنا أرى جحافل المسلمين تدك أسوار بلادي بلداً بعد بلد. فبالأمس (هرر) واليوم تتقدم صوب (أديس بابا). |
المطران: هذا المد الإسلامي في صالحنا أيتها الإمبراطورة.. |
الإمبراطورة: ولكننا ندفع ثمنه غالياً من رجالنا وعتادنا وأموالنا وكرامتنا.. |
المطران: لكل شيء ثمنه وهذه ضريبة ضعفنا. والويل للضعيف. |
الإمبراطورة: وإلى متى نظل على هذه الحال.. |
المطران: حتى يأتينا النصر من عند ((فاسكو دي جاما)) قائد أسطول البرتغال.. |
الإمبراطورة: إنني أخشى أن يهزمه أسطول المسلمين هو الآخر.. |
المطران: كيف وهو مجهز بأحدث آلات الفتك والتدمير وبما لا يوجد مثلها في أسطول المسلمين.. |
الإمبراطورة: أحقاً ما تقول أيها المطران؟ |
المطران: وحق يسوع.. |
الإمبراطورة: صدقتك.. قل لي أليس لديك طبيب أحسن من الطبيب الذي يعالج الإمبراطور حالياً فإني أشك في قدرته. |
المطران: سأبعث إليك يا سيدتي بطبيب ماهر.. |
الإمبراطورة: عجل بإرساله فإن الإمبراطور يعاني آلاماً شديدة من جراحه. |
المطران: حسناً سأذهب الآن لإحضاره.. |
الإمبراطورة: عجل به حالاً.. حالاً.. |
الحاجب: مولاتي..؟ |
الإمبراطورة: ما وراءك؟ |
الحاجب: أنباء - أنباء.. |
الإمبراطورة: أخفض صوتك لئلا يسمع بها الإمبراطور.. قل ما هي؟ |
الحاجب: سقطت أديس أبابا؟؟ |
الإمبراطورة: وامصيبتاه.. وامصيبتاه. إلى أين نفر بالإمبراطور الجريح.. |
الحاجب: عندي تعليمات من قائد الجيش بأن أنقلكم إلى مكان ناء في الجبال لا يعرف به المسلمون. |
الأمبراطورة: إذن قضي علينا.. قضي على النصرانية في هذه البلاد.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها أصوات التهليل والتكبير): |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. سقطت أديسا أبابا.. |
الإمام
أحمد: إلى الأمام يا معشر المسلمين.. إلى الإمام في سبيل إعلاء كلمة الله.. سيروا وانشروا رسالة الإسلام في هذه الربوع وطهروها من رجس الشرك والإلحاد. |
أصوات: لبيك أيها الإمام.. لبيك.. لبيك.. لبيك.. |
(موسيقى الزحف تختلط بوقع حوافر الخيل وقعقعه السلاح وصليل السيوف وسقوط القتلى وإنات الجرحى نسمع بعدها صوت فارعة تقول): |
فارعة: ليت مزينة معي يا عثمان تشاركني فرحتي بإنقاذ إخواني الأربعة من اسر النصارى.. |
عثمان: لقد شاء الإمام أحمد أن تقود مزينة فرق التمريض في الجيش الذي يقوده سليمان.. |
فارعة: وأنا بجانبك مسؤولة عن تمريض المرضى والجرحى من جنود البحرية.. |
عثمان: إنه توزيع عادل.. إذ لا يعقل أن يكون أزواجنا بعيدات عنا وفي خطوط غير خطوطنا. |
فارعة: هذه صفات الإمام العادل ((أليس كذلك؟)). |
عثمان: بلى.. بلى.. |
فارعة: عثمان.. |
عثمان: نعم يا فارعة.. |
فارعة: أراك بالرغم من الانتصارات الباهرة التي تحرزها جيوش المسلمين بقيادة الإمام أحمد.. |
عثمان: ترينني ماذا؟.. |
فارعة: ساهماً واجماً كئيباً حزيناً قلقاً فهل لي أن أسألك بصفتي شريكتك في السراء والضراء. |
عثمان: من حقك أن تسألي يا فارعة ولكن.. |
فارعة: ولكن ماذا؟ |
عثمان: ما كل ما يعلم يقال.. |
فارعة: ولكنني زوجتك التي جعل الله منها سكناً لك. فلماذا تخفي عني ما تظهره لغيري.. |
عثمان: غيرك هو الجهة التي يجب أن تطلع على كل شيء. أما أنت فلا أخفي عنك ما يجب علي أن أطلعك عليه. |
فارعة: يلوح لي أنك غير واثق مني. |
عثمان: أهذه نهاية المطاف يا فارعة.. تبكين.. وهل صدر مني ما يحملك على البكاء.. |
فارعة: إن هذا الكتمان يحز في نفسي. إنه يجرح شعوري. إنني مثلك أسهم في هذه الحرب بما خلقت له. وبما حملتموني به. |
عثمان: بلى.. بلى.. ولكن لا موجب للزج بالثقة التي بيني وبينك في الميدان.. سأقول لك.. لا.. لا |
فارعة: لماذا لا.. |
عثمان: أخشى ألا تتحمله أعصابك المرهقة.. |
فارعة: قل فأعصابي تحجرت كأعصاب الرجال. |
عثمان: لدولة البرتغال أسطول كبير في المحيط الهندي مجهز بأسلحة مدمرة لا تملكها أساطيلنا.. |
فارعة: وماذا علينا منه وهو بعيد عنا في المحيط الهندي.. |
عثمان: أخشى أن يتصل إمبراطور النصارى به.. |
فارعة: هل البرتغال نصارى مثلهم.. |
عثمان: بلى واشد كفراً وحقداً على الإسلام والمسلمين.. |
فارعة: ولم لا تجهزون أسطولكم بمثل الأسلحة التي يملكها أسطول البرتغال. |
عثمان: أسلحة أسطول البرتغال مصنوعة في بلادهم ولا يعرف سرها غيرهم وهي سبب تفوقهم وانتصاراتهم في المعارك التي يخوضونها ثم.. |
فارعة: ثم ماذا؟ |
عثمان: ثم إن ابن ماجد أعظم بحار عربي هو - مع الأسف - والذي قاد الأسطول البرتغالي ومهد له الطريق للاستيلاء على الهند.. |
فارعة: الاستيلاء على الهند.. |
عثمان: بلى.. بلى.. الهند أعظم بلاد الله ثراء وخيرات وبذلك ازداد البرتغال قوة فوق قوتهم. |
فارعة: إذن فهذا الذي تخشاه وتحذره. |
عثمان: أجل يا فارعة. أجل. |
فارعة: والله إنك لعلى حق في تخوفك وحذرك. ولكن.. |
عثمان: ولكن ماذا؟ |
فارعة: هل فاتحت الإمام أحمد في الأمر؟ |
عثمان: أجل.. أجل.. |
فارعة: وماذا قال؟ |
عثمان: لقد استبعد دخول الأسطول البرتغالي إلى بحر القلزم. وشغله بالانتصارات المتوالية جعله لا يكترث بالأمر بالرغم من أهميته.. |
فارعة: عسى أن يكون الإمام أحمد مصيباً في استنتاجه. |
* * * |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الإمبراطور يقول): |
الإمبراطور: جيوش الإمام أحمد تكتسح بلادي قواتي تفرّ من أمامها وقد استولى على جميع المدن ولم تبق إلا المنطقة الجبلية التي أنا فيها.. |
المطران: انتصارات ساحقة سيدي الإمبراطور.. لقد سمعت أن طلائع جيوشه دخلت السودان.. |
الإمبراطور: السودان يا لها من أخبار سيئة.. سيئة للغاية.. |
المطران: إنها تدعو للاطمئنان يا مولاي.. |
الإمبراطور: كيف أيها المطران.. |
المطران: على الأقل سلامة المنطقة الجبلية التي نحن بها. |
الإمبراطور: وما يدريك أن الإمام أحمد سيرسل من يستولي عليها.. |
المطران: إنها مناطق وعرة والقتال فيها صعب وسوف ينهكه حرب العصابات إذا قمنا بها.. |
الإمبراطور: إنني غير مطمئن من أنه سوف لا يفكر في احتلال المنطقة الجبلية التي هي آخر معقل بقي لي.. |
المطران: على كل حال لقد وضع قائدكم التحصينات والكمائن على مداخل المنطقة لصد أي محاولة من قبل جيوش الإمام أحمد.. |
الإمبراطور: إنني قلق.. خائف.. أوشك أن أرى نهاية ملكي.. وملك آبائي.. |
المطران: لا تيأس يا مولاي فالمد الإسلامي سينحسر بمجرد دخول أسطول البرتغال إلى بحر القلزم.. |
الإمبراطور: وأين هو الأسطول البرتغالي.. قد شابت عيوننا وهي تنتظره.. |
المطران: ستراه قريباً أيها الأمبراطور.. سنراه يمخر عياب بحر القلزم.. |
الإمبراطور: هذا خيال شعراء أيها المطران والحرب لا مجال فيها للخيال.. |
(يدحل الحاجب قائلا): |
الحاجب: سيدي الإمبراطور.. |
الإمبراطور: ما وراءك أيها الحاجب؟ |
الحاجب: سيدتي الإمبراطورة.. |
الإمبراطور: فلتدخل على الرحب والسعة.. |
(تدخل الإمبراطورة والموسيقى تصاحب دخولها وهي تقول): |
الإمبراطورة: المجد والسلام للإمبراطور العظيم والخلود لإمبراطوريته.. |
الإمبراطور: مرحباً بك.. ما وراءك.. |
الإمبراطورة: بشرى وأية بشرى.. رسالة حملتها إلى امرأة من رعاياك خذها واقرأها.. |
الإمبراطور: من الأدميرال فاسكو دي جاما إلى حضرة الإمبراطور. تلقيت رسالتكم وأسفت لما أصابكم وقد أمرت أسطولي بدخول بحر القلزم لنجدتكم فاثبتوا في أماكنكم والنصر للصليب.. |
الجميع: فليحيى فاسكو دي جاما. |
|