شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 27 -
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حزينة نسمع بعدها صوت الإمبراطورة تقول):
الإمبراطورة: باركه أيها المطران فإنه يتألم من جراحه. وقد بدأت أخشى أن يصيبه مكروه.
المطران: لا تخافي عليه فالصليب سيحفظه من كل سوء..
الإمبراطورة: ما أرى الصليب إلا سيصلبه الهلال ويحطمه ويقضي على النصرانية في هذه الجهات فلا تقوم لها قائمة بعد اليوم.
المطران: أراك يائسة سيدتي الإمبراطورة.
الإمبراطورة: وكيف لا أيأس وأنا أرى جحافل المسلمين تدك أسوار بلادي بلداً بعد بلد. فبالأمس (هرر) واليوم تتقدم صوب (أديس بابا).
المطران: هذا المد الإسلامي في صالحنا أيتها الإمبراطورة..
الإمبراطورة: ولكننا ندفع ثمنه غالياً من رجالنا وعتادنا وأموالنا وكرامتنا..
المطران: لكل شيء ثمنه وهذه ضريبة ضعفنا. والويل للضعيف.
الإمبراطورة: وإلى متى نظل على هذه الحال..
المطران: حتى يأتينا النصر من عند ((فاسكو دي جاما)) قائد أسطول البرتغال..
الإمبراطورة: إنني أخشى أن يهزمه أسطول المسلمين هو الآخر..
المطران: كيف وهو مجهز بأحدث آلات الفتك والتدمير وبما لا يوجد مثلها في أسطول المسلمين..
الإمبراطورة: أحقاً ما تقول أيها المطران؟
المطران: وحق يسوع..
الإمبراطورة: صدقتك.. قل لي أليس لديك طبيب أحسن من الطبيب الذي يعالج الإمبراطور حالياً فإني أشك في قدرته.
المطران: سأبعث إليك يا سيدتي بطبيب ماهر..
الإمبراطورة: عجل بإرساله فإن الإمبراطور يعاني آلاماً شديدة من جراحه.
المطران: حسناً سأذهب الآن لإحضاره..
الإمبراطورة: عجل به حالاً.. حالاً..
الحاجب: مولاتي..؟
الإمبراطورة: ما وراءك؟
الحاجب: أنباء - أنباء..
الإمبراطورة: أخفض صوتك لئلا يسمع بها الإمبراطور.. قل ما هي؟
الحاجب: سقطت أديس أبابا؟؟
الإمبراطورة: وامصيبتاه.. وامصيبتاه. إلى أين نفر بالإمبراطور الجريح..
الحاجب: عندي تعليمات من قائد الجيش بأن أنقلكم إلى مكان ناء في الجبال لا يعرف به المسلمون.
الأمبراطورة: إذن قضي علينا.. قضي على النصرانية في هذه البلاد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها أصوات التهليل والتكبير):
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. سقطت أديسا أبابا..
الإمام أحمد: إلى الأمام يا معشر المسلمين.. إلى الإمام في سبيل إعلاء كلمة الله.. سيروا وانشروا رسالة الإسلام في هذه الربوع وطهروها من رجس الشرك والإلحاد.
أصوات: لبيك أيها الإمام.. لبيك.. لبيك.. لبيك..
(موسيقى الزحف تختلط بوقع حوافر الخيل وقعقعه السلاح وصليل السيوف وسقوط القتلى وإنات الجرحى نسمع بعدها صوت فارعة تقول):
فارعة: ليت مزينة معي يا عثمان تشاركني فرحتي بإنقاذ إخواني الأربعة من اسر النصارى..
عثمان: لقد شاء الإمام أحمد أن تقود مزينة فرق التمريض في الجيش الذي يقوده سليمان..
فارعة: وأنا بجانبك مسؤولة عن تمريض المرضى والجرحى من جنود البحرية..
عثمان: إنه توزيع عادل.. إذ لا يعقل أن يكون أزواجنا بعيدات عنا وفي خطوط غير خطوطنا.
فارعة: هذه صفات الإمام العادل ((أليس كذلك؟)).
عثمان: بلى.. بلى..
فارعة: عثمان..
عثمان: نعم يا فارعة..
فارعة: أراك بالرغم من الانتصارات الباهرة التي تحرزها جيوش المسلمين بقيادة الإمام أحمد..
عثمان: ترينني ماذا؟..
فارعة: ساهماً واجماً كئيباً حزيناً قلقاً فهل لي أن أسألك بصفتي شريكتك في السراء والضراء.
عثمان: من حقك أن تسألي يا فارعة ولكن..
فارعة: ولكن ماذا؟
عثمان: ما كل ما يعلم يقال..
فارعة: ولكنني زوجتك التي جعل الله منها سكناً لك. فلماذا تخفي عني ما تظهره لغيري..
عثمان: غيرك هو الجهة التي يجب أن تطلع على كل شيء. أما أنت فلا أخفي عنك ما يجب علي أن أطلعك عليه.
فارعة: يلوح لي أنك غير واثق مني.
عثمان: أهذه نهاية المطاف يا فارعة.. تبكين.. وهل صدر مني ما يحملك على البكاء..
فارعة: إن هذا الكتمان يحز في نفسي. إنه يجرح شعوري. إنني مثلك أسهم في هذه الحرب بما خلقت له. وبما حملتموني به.
عثمان: بلى.. بلى.. ولكن لا موجب للزج بالثقة التي بيني وبينك في الميدان.. سأقول لك.. لا.. لا
فارعة: لماذا لا..
عثمان: أخشى ألا تتحمله أعصابك المرهقة..
فارعة: قل فأعصابي تحجرت كأعصاب الرجال.
عثمان: لدولة البرتغال أسطول كبير في المحيط الهندي مجهز بأسلحة مدمرة لا تملكها أساطيلنا..
فارعة: وماذا علينا منه وهو بعيد عنا في المحيط الهندي..
عثمان: أخشى أن يتصل إمبراطور النصارى به..
فارعة: هل البرتغال نصارى مثلهم..
عثمان: بلى واشد كفراً وحقداً على الإسلام والمسلمين..
فارعة: ولم لا تجهزون أسطولكم بمثل الأسلحة التي يملكها أسطول البرتغال.
عثمان: أسلحة أسطول البرتغال مصنوعة في بلادهم ولا يعرف سرها غيرهم وهي سبب تفوقهم وانتصاراتهم في المعارك التي يخوضونها ثم..
فارعة: ثم ماذا؟
عثمان: ثم إن ابن ماجد أعظم بحار عربي هو - مع الأسف - والذي قاد الأسطول البرتغالي ومهد له الطريق للاستيلاء على الهند..
فارعة: الاستيلاء على الهند..
عثمان: بلى.. بلى.. الهند أعظم بلاد الله ثراء وخيرات وبذلك ازداد البرتغال قوة فوق قوتهم.
فارعة: إذن فهذا الذي تخشاه وتحذره.
عثمان: أجل يا فارعة. أجل.
فارعة: والله إنك لعلى حق في تخوفك وحذرك. ولكن..
عثمان: ولكن ماذا؟
فارعة: هل فاتحت الإمام أحمد في الأمر؟
عثمان: أجل.. أجل..
فارعة: وماذا قال؟
عثمان: لقد استبعد دخول الأسطول البرتغالي إلى بحر القلزم. وشغله بالانتصارات المتوالية جعله لا يكترث بالأمر بالرغم من أهميته..
فارعة: عسى أن يكون الإمام أحمد مصيباً في استنتاجه.
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الإمبراطور يقول):
الإمبراطور: جيوش الإمام أحمد تكتسح بلادي قواتي تفرّ من أمامها وقد استولى على جميع المدن ولم تبق إلا المنطقة الجبلية التي أنا فيها..
المطران: انتصارات ساحقة سيدي الإمبراطور.. لقد سمعت أن طلائع جيوشه دخلت السودان..
الإمبراطور: السودان يا لها من أخبار سيئة.. سيئة للغاية..
المطران: إنها تدعو للاطمئنان يا مولاي..
الإمبراطور: كيف أيها المطران..
المطران: على الأقل سلامة المنطقة الجبلية التي نحن بها.
الإمبراطور: وما يدريك أن الإمام أحمد سيرسل من يستولي عليها..
المطران: إنها مناطق وعرة والقتال فيها صعب وسوف ينهكه حرب العصابات إذا قمنا بها..
الإمبراطور: إنني غير مطمئن من أنه سوف لا يفكر في احتلال المنطقة الجبلية التي هي آخر معقل بقي لي..
المطران: على كل حال لقد وضع قائدكم التحصينات والكمائن على مداخل المنطقة لصد أي محاولة من قبل جيوش الإمام أحمد..
الإمبراطور: إنني قلق.. خائف.. أوشك أن أرى نهاية ملكي.. وملك آبائي..
المطران: لا تيأس يا مولاي فالمد الإسلامي سينحسر بمجرد دخول أسطول البرتغال إلى بحر القلزم..
الإمبراطور: وأين هو الأسطول البرتغالي.. قد شابت عيوننا وهي تنتظره..
المطران: ستراه قريباً أيها الأمبراطور.. سنراه يمخر عياب بحر القلزم..
الإمبراطور: هذا خيال شعراء أيها المطران والحرب لا مجال فيها للخيال..
(يدحل الحاجب قائلا):
الحاجب: سيدي الإمبراطور..
الإمبراطور: ما وراءك أيها الحاجب؟
الحاجب: سيدتي الإمبراطورة..
الإمبراطور: فلتدخل على الرحب والسعة..
(تدخل الإمبراطورة والموسيقى تصاحب دخولها وهي تقول):
الإمبراطورة: المجد والسلام للإمبراطور العظيم والخلود لإمبراطوريته..
الإمبراطور: مرحباً بك.. ما وراءك..
الإمبراطورة: بشرى وأية بشرى.. رسالة حملتها إلى امرأة من رعاياك خذها واقرأها..
الإمبراطور: من الأدميرال فاسكو دي جاما إلى حضرة الإمبراطور. تلقيت رسالتكم وأسفت لما أصابكم وقد أمرت أسطولي بدخول بحر القلزم لنجدتكم فاثبتوا في أماكنكم والنصر للصليب..
الجميع: فليحيى فاسكو دي جاما.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :725  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 50 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الأول: خميس الكويت الدامي: 1990]

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج