شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة – 25 -
فارعة: كيف لا أبكي وهو بمثابة أبي..
مزينة: قد ينفخ الله فيه فيشفيه ويعافيه..
فارعة: هيهات هيهات..
الشيخ سالم: وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ؟ أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً رسول الله..
(ثم يشهق شهقة تفيض معها روحه.. نسمع بعدها بكاء فارعة ومزينة.. يدخل سليمان وعثمان فيقول سليمان):
سليمان: هيا يا مزينة.. عزاء يا فارعة في وفاة الشيخ سالم..
عثمان: تجلدي يا فارعة فكلنا سائرون في هذا الطريق..
(تبكي فارعة وتشاركها مزينة وهما تمشيان):
سليمان: يا رجال احملوه وأغسلوه وكفنوه (وواروه لحده) فالإسراع في دفن الميت خير له..
فارح: الإمام أحمد بن إبراهيم يصل اليوم.. لقد أرسل نجاباً قبله ينبئنا بموعد وصوله..
عثمان: أهو وحده أم معه الإمدادات التي وصلت حديثاً..
فارح: بل معه الإمدادات..
سليمان: خيراً ما فعل..
عثمان: وهذا يدل على أنه سيغزو بلاد الكافرين..
فارح: ولكن..
سليمان: ولكن ماذا يا فارح؟
فارح: أريد أولاً أن أكمل حركة التطهير في الأراضي التي احتليناها وأن لا نتقدم خطوة واحدة إلا ونحن واثقون من ورائنا..
عثمان: هذا كلام سليم سنقوله معك للإمام أحمد ونؤيدك أيضاً..
سليمان: نسيت أن أسألك في زحمة الأحداث عن القبائل الثائرة هل قضيتم عليها تماماً..
فارح: أجل وقتلنا زعيمهم ((حاقوص)) والرأس المدبر للفتنة القمص نسطوريوس.. وتركت القائد (حاشي) يكمل عملية التطهير..
عثمان: بورك فيك/بورك فيك..
فارح: لقد قضينا على القبائل المتمردة ولكنه نصر كلف غالياً.. احتسبنا فيه سلطاننا وقائداً مجاهداً من خيرة قوادنا…
سليمان: ولكنهما رحمهما الله (هما اللذان اختارا هذه النهاية) إذ لم يستمعا إلى نصحك ونصحنا..
عثمان: هذه مشيئة الله يا إخوان ولا راد لقضاء الله وقدره..
فارح: كان قلبي يحدثني بذلك المصير وكنت وضعتهما تحت رقابتي حتى لا يندفعا ولكن حركة التطويق والإبادة التي قمت بها شغلتني عنهما فكان ما كان..
سليمان: إنه قضاء الله وقدره يا فارح (ونسأل الله) أن يتغمدهما برحمته ويبارك لنا في سلطاننا الجديد ويوفقه ويؤيده بنصره الذي وعد به عباده المؤمنين..
عثمان: اللَّهم آمين.. آمين..
فارح: ألا تريد أن تخرجا إلى ظاهر البلدة لتستقبلا الإمام أحمد بن إبراهيم فإنه يوشك أن يصل مشارف البلدة…
سليمان: حسناً هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت قيصوم يقول):
قيصوم: سيدي الإمبراطور..
الإمبراطور: ما وراءك يا قيصوم..
قيصوم: أخبار سارة يا مولاي..
الإمبراطور: قلها بسرعة..
قيصوم: قتل السلطان إبراهيم وقتل قائد المجاهدين سالم في معركة القبائل..
الإمبراطور: ما أعظمها من بشرى أنك تستأهل عليها مكافأة سخية..
قيصوم: رضاء مولاي هو خير مكافأتي..
الإمبراطور: وماذا كانت خسائرنا..
قيصوم: قتل حاقوص قائد القبائل الثائرة وقتل نسطوريوس أيضاً..
الإمبراطور: القمص نسطوريوس يا لها من خسارة فادحة..
قيصوم: أجل يا مولاي خسارة لا تعوض..
الإمبراطور: وماذا عن القبائل وهل استطاعت صد هجوم المسلمين..
قيصوم: يؤسفني يا مولاي أن أقول إن هذه القبائل قد أبيدت عن بكرة أبيها وأن بقية فلولها لجأت إلى البلاد المجاورة لإمبراطوريتنا..
الإمبراطور: إذن فالسلطان ومن معه لم يذهبا بالهين لقد دفعنا الثمن غالياً جداً…
قيصوم: بلى.. بلى..
الإمبراطور: هل أعلن المسلمون سلطانهم الجديد؟
قيصوم: لا، ولكن المفروض أن يكون أحمد بن السلطان إبراهيم هو الخلف..
الإمبراطور: أحمد.. أهذا الذي يدعونه بالإمام لورعه وصلاحه…
قيصوم: أجل.. أجل..
الإمبراطور: إذن فنحن مقبلون على حرب مقدسة لا هوادة فيها..
قيصوم: هو ما ترون يا مولاي..
الإمبراطور: وماذا عن رسولك إلى قائد أسطول البرتغال…
قيصوم: لا جديد عنه..
الإمبراطور: ألا ترى أن نرسل رسولاً آخر…
قيصوم: أرى والرأي الصائب لمولاي أن ننتظر فدور الشك في عدم وصوله لم يبدأ..
الإمبراطور: على كل حال هيأ رسولاً غيره وزوده بكميّات على غرار الكتاب الأول وبالغ فيه ما وسعك الخيال إلى ذلك…
قيصوم: أمرك يا مولاي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فارعة تقول):
فارعة: يقولون إن السلطان الجديد الإمام أحمد أشد صلابة وعزماً وحزماً من أبيه الراحل..
مزينة: وعلى جانب كبير من التقي والصلاح…
فارعة: إذن فالحرب مع الأعداء سيشتد سعيرها وأوارها..
مزينة: هذا ما لا يخامرني شك فيه..
فارعة: ليت ذلك يتحقق فأني أتطلع إلى اليوم الذي أخلص فيه أخوتي من أسر الأعداء.. وإن كنت أشك في أن أجدهم أحياء..
مزينة: لا تيأسي فلا يأس مع الإيمان يا فارعة..
فارعة: كان بعض إخواني مثخنين بالجراح.. فهل تظنين أنهم يجدون من يعتني بجراحهم…
مزينة: لعلَّ إخوانهم المسلمين الموجودين في بلاد الكفر يحسون بوجودهم فيهرعون لمد يد المساعدة إليهم..
فارعة: عسى أن تتحقق تمنياتك يا مزينة.. فإني منذ قدمت إلى هذه البلاد وأنا أفكر فيهم وفي مصيرهم..
مزينة: اتكلي على الله فقد يأتي بالفرج القريب..
فارعة: لقد جعلت عليه اتكالي.. ومن يتوكل على الله فهو حسبه وإني أنتظر على أحر من الجمر متى يعلن الإمام أحمد الزحف على بلاد الأعداء..
مزينة: لا أعتقد أنه يعلن الزحف قبل أن تستكمل عملية التطهير فالقائد فرح مع سليمان وعثمان قد أشاروا عليه بذلك..
فارعة: أترين عملية التطهير تأخذ وقتاً طويلاً؟..
مزينة: لا أدري بالضبط فكلما سألت سليمان قال لي إنه لا يدري..
فارعة: ومثله عثمان عندما يسأل.. فكلاهما ينطق بلسان الآخر..
مزينة: صبرت طويلاً وقد مضى الكثير ولم يبق إلا القليل..
فارعة:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني
صبرت على شيء أمرّ من الصّبر
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سليمان يقول):
سليمان: كيف تسير عمليات التطهير والتمشيط يا فارح…
فارح: إنها تسير قدماً وبشكل مرض جداً..
سليمان: أتراها تطول أم تقصر؟..
فارح: لا.. إنها لن تأخذ أكثر من أسبوعين..
سليمان: هل الجيوب الموجودة كثيرة؟
فارح: بعضها قليل الخطورة وأكثر بالغ الخطورة.. فقد زرع فيها العدو فئة قوية من شياطين رجاله..
سليمان: يلوح لي أن الإمام أحمد أكثر اتزاناً وتفكيراً من أبيه..
فارح: بلى.. بلى.. ولقد ظهر ذلك جلياً عندما عرضنا عليه حركة التطهير فقد استجاب لرأينا وأمر بتفنيده في الحال…
سليمان: ولم يطلب إليك الاشتراك في عملية التطهير..
فارح: إنه يعرف أن وجوده بالنسبة للمسلمين في هذه البلاد عامل مهم من عوامل وحدتهم الدينية والوطنية..
سليمان: أدعو الله للمسلمين على يده الخير والنجاح..
فارح: اللًهم آمين.. أمين عثمان؟
سليمان: إنه عند الإمام أحمد لقد استدعاه للتشاور معه..
فارح: ولا شك أن عملية الزحف على بلاد الكفر في مقدمة المسائل المطروحة للبحث في لقائهم..
سليمان: وماذا عندنا أهم منها إنها شغلنا الشاغل..
فارح: أرجو أن أفرغ من عملية التطهير في المدة التي حددتها لها والاّ يحدث ما يطيل في أمدها..
سليمان: على ما أرى كل شيء حتى الآن يسير في صالحنا وليس في الجو ما يبعث على القلق والتشاؤم..
فارح: استأذنك فهذا وعد وصول رسل (حاشى) من جبهات القتال..
سليمان: عسى أن يكون في رسائله ما يسر ويفرح..
فارح: إن شاء الله…
سليمان: مع السلامة.. مع السلامة..
* * *
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت قيصوم يقول):
قيصوم: سيدي الإمبراطور..
الإمبراطور: ما وراءك يا قيصوم؟
قيصوم: المسلمون…
الإمبراطور: ماذا عن المسلمين؟..
قيصوم: إنهم يقومون بعملية تطهير وتمشيط في البلاد التي احتلوها من أرض الإمبراطورية…
الإمبراطور: ألم تستطع إمداد الجيوب برجال متمرسين حرب العصابات والاغتيالات..
قيصوم: بعثت ولكن…
الإمبراطور: ولكن ماذا؟
قيصوم: إنهم يبيدونهم أول فأول (فإنهم يعرفون بقدومهم سلفاً) فيمكنون لهم ويقتلونهم..
الإمبراطور: لا شك أن لهم عيوناً وأرصاداً في أرضنا وبين قواتنا.. قل لي..
قيصوم: ماذا أقول يا سيدي؟
الإمبراطور: أفي قطاعات جيشنا جنود من المسلمين..
قيصوم: لا أعتقد…
الإمبراطور: فتش وسوف تجد.. ومتى وجدت فاشنقهم على مداخل المدينة ليكونوا عبرة لغيرهم..
قيصوم: بالأمر يا مولاي..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :597  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج