الحلقة – 25 - |
فارعة: كيف لا أبكي وهو بمثابة أبي.. |
مزينة: قد ينفخ الله فيه فيشفيه ويعافيه.. |
فارعة: هيهات هيهات.. |
الشيخ
سالم: وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ؟ أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً رسول الله.. |
(ثم يشهق شهقة تفيض معها روحه.. نسمع بعدها بكاء فارعة ومزينة.. يدخل سليمان وعثمان فيقول سليمان): |
سليمان: هيا يا مزينة.. عزاء يا فارعة في وفاة الشيخ سالم.. |
عثمان: تجلدي يا فارعة فكلنا سائرون في هذا الطريق.. |
(تبكي فارعة وتشاركها مزينة وهما تمشيان): |
سليمان: يا رجال احملوه وأغسلوه وكفنوه (وواروه لحده) فالإسراع في دفن الميت خير له.. |
فارح: الإمام أحمد بن إبراهيم يصل اليوم.. لقد أرسل نجاباً قبله ينبئنا بموعد وصوله.. |
عثمان: أهو وحده أم معه الإمدادات التي وصلت حديثاً.. |
فارح: بل معه الإمدادات.. |
سليمان: خيراً ما فعل.. |
عثمان: وهذا يدل على أنه سيغزو بلاد الكافرين.. |
فارح: ولكن.. |
سليمان: ولكن ماذا يا فارح؟ |
فارح: أريد أولاً أن أكمل حركة التطهير في الأراضي التي احتليناها وأن لا نتقدم خطوة واحدة إلا ونحن واثقون من ورائنا.. |
عثمان: هذا كلام سليم سنقوله معك للإمام أحمد ونؤيدك أيضاً.. |
سليمان: نسيت أن أسألك في زحمة الأحداث عن القبائل الثائرة هل قضيتم عليها تماماً.. |
فارح: أجل وقتلنا زعيمهم ((حاقوص)) والرأس المدبر للفتنة القمص نسطوريوس.. وتركت القائد (حاشي) يكمل عملية التطهير.. |
عثمان: بورك فيك/بورك فيك.. |
فارح: لقد قضينا على القبائل المتمردة ولكنه نصر كلف غالياً.. احتسبنا فيه سلطاننا وقائداً مجاهداً من خيرة قوادنا… |
سليمان: ولكنهما رحمهما الله (هما اللذان اختارا هذه النهاية) إذ لم يستمعا إلى نصحك ونصحنا.. |
عثمان: هذه مشيئة الله يا إخوان ولا راد لقضاء الله وقدره.. |
فارح: كان قلبي يحدثني بذلك المصير وكنت وضعتهما تحت رقابتي حتى لا يندفعا ولكن حركة التطويق والإبادة التي قمت بها شغلتني عنهما فكان ما كان.. |
سليمان: إنه قضاء الله وقدره يا فارح (ونسأل الله) أن يتغمدهما برحمته ويبارك لنا في سلطاننا الجديد ويوفقه ويؤيده بنصره الذي وعد به عباده المؤمنين.. |
عثمان: اللَّهم آمين.. آمين.. |
فارح: ألا تريد أن تخرجا إلى ظاهر البلدة لتستقبلا الإمام أحمد بن إبراهيم فإنه يوشك أن يصل مشارف البلدة… |
سليمان: حسناً هيا بنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت قيصوم يقول): |
قيصوم: سيدي الإمبراطور.. |
الإمبراطور: ما وراءك يا قيصوم.. |
قيصوم: أخبار سارة يا مولاي.. |
الإمبراطور: قلها بسرعة.. |
قيصوم: قتل السلطان إبراهيم وقتل قائد المجاهدين سالم في معركة القبائل.. |
الإمبراطور: ما أعظمها من بشرى أنك تستأهل عليها مكافأة سخية.. |
قيصوم: رضاء مولاي هو خير مكافأتي.. |
الإمبراطور: وماذا كانت خسائرنا.. |
قيصوم: قتل حاقوص قائد القبائل الثائرة وقتل نسطوريوس أيضاً.. |
الإمبراطور: القمص نسطوريوس يا لها من خسارة فادحة.. |
قيصوم: أجل يا مولاي خسارة لا تعوض.. |
الإمبراطور: وماذا عن القبائل وهل استطاعت صد هجوم المسلمين.. |
قيصوم: يؤسفني يا مولاي أن أقول إن هذه القبائل قد أبيدت عن بكرة أبيها وأن بقية فلولها لجأت إلى البلاد المجاورة لإمبراطوريتنا.. |
الإمبراطور: إذن فالسلطان ومن معه لم يذهبا بالهين لقد دفعنا الثمن غالياً جداً… |
قيصوم: بلى.. بلى.. |
الإمبراطور: هل أعلن المسلمون سلطانهم الجديد؟ |
قيصوم: لا، ولكن المفروض أن يكون أحمد بن السلطان إبراهيم هو الخلف.. |
الإمبراطور: أحمد.. أهذا الذي يدعونه بالإمام لورعه وصلاحه… |
قيصوم: أجل.. أجل.. |
الإمبراطور: إذن فنحن مقبلون على حرب مقدسة لا هوادة فيها.. |
قيصوم: هو ما ترون يا مولاي.. |
الإمبراطور: وماذا عن رسولك إلى قائد أسطول البرتغال… |
قيصوم: لا جديد عنه.. |
الإمبراطور: ألا ترى أن نرسل رسولاً آخر… |
قيصوم: أرى والرأي الصائب لمولاي أن ننتظر فدور الشك في عدم وصوله لم يبدأ.. |
الإمبراطور: على كل حال هيأ رسولاً غيره وزوده بكميّات على غرار الكتاب الأول وبالغ فيه ما وسعك الخيال إلى ذلك… |
قيصوم: أمرك يا مولاي.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فارعة تقول): |
فارعة: يقولون إن السلطان الجديد الإمام أحمد أشد صلابة وعزماً وحزماً من أبيه الراحل.. |
مزينة: وعلى جانب كبير من التقي والصلاح… |
فارعة: إذن فالحرب مع الأعداء سيشتد سعيرها وأوارها.. |
مزينة: هذا ما لا يخامرني شك فيه.. |
فارعة: ليت ذلك يتحقق فأني أتطلع إلى اليوم الذي أخلص فيه أخوتي من أسر الأعداء.. وإن كنت أشك في أن أجدهم أحياء.. |
مزينة: لا تيأسي فلا يأس مع الإيمان يا فارعة.. |
فارعة: كان بعض إخواني مثخنين بالجراح.. فهل تظنين أنهم يجدون من يعتني بجراحهم… |
مزينة: لعلَّ إخوانهم المسلمين الموجودين في بلاد الكفر يحسون بوجودهم فيهرعون لمد يد المساعدة إليهم.. |
فارعة: عسى أن تتحقق تمنياتك يا مزينة.. فإني منذ قدمت إلى هذه البلاد وأنا أفكر فيهم وفي مصيرهم.. |
مزينة: اتكلي على الله فقد يأتي بالفرج القريب.. |
فارعة: لقد جعلت عليه اتكالي.. ومن يتوكل على الله فهو حسبه وإني أنتظر على أحر من الجمر متى يعلن الإمام أحمد الزحف على بلاد الأعداء.. |
مزينة: لا أعتقد أنه يعلن الزحف قبل أن تستكمل عملية التطهير فالقائد فرح مع سليمان وعثمان قد أشاروا عليه بذلك.. |
فارعة: أترين عملية التطهير تأخذ وقتاً طويلاً؟.. |
مزينة: لا أدري بالضبط فكلما سألت سليمان قال لي إنه لا يدري.. |
فارعة: ومثله عثمان عندما يسأل.. فكلاهما ينطق بلسان الآخر.. |
مزينة: صبرت طويلاً وقد مضى الكثير ولم يبق إلا القليل.. |
فارعة: |
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني |
صبرت على شيء أمرّ من الصّبر |
|
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سليمان يقول): |
سليمان: كيف تسير عمليات التطهير والتمشيط يا فارح… |
فارح: إنها تسير قدماً وبشكل مرض جداً.. |
سليمان: أتراها تطول أم تقصر؟.. |
فارح: لا.. إنها لن تأخذ أكثر من أسبوعين.. |
سليمان: هل الجيوب الموجودة كثيرة؟ |
فارح: بعضها قليل الخطورة وأكثر بالغ الخطورة.. فقد زرع فيها العدو فئة قوية من شياطين رجاله.. |
سليمان: يلوح لي أن الإمام أحمد أكثر اتزاناً وتفكيراً من أبيه.. |
فارح: بلى.. بلى.. ولقد ظهر ذلك جلياً عندما عرضنا عليه حركة التطهير فقد استجاب لرأينا وأمر بتفنيده في الحال… |
سليمان: ولم يطلب إليك الاشتراك في عملية التطهير.. |
فارح: إنه يعرف أن وجوده بالنسبة للمسلمين في هذه البلاد عامل مهم من عوامل وحدتهم الدينية والوطنية.. |
سليمان: أدعو الله للمسلمين على يده الخير والنجاح.. |
فارح: اللًهم آمين.. أمين عثمان؟ |
سليمان: إنه عند الإمام أحمد لقد استدعاه للتشاور معه.. |
فارح: ولا شك أن عملية الزحف على بلاد الكفر في مقدمة المسائل المطروحة للبحث في لقائهم.. |
سليمان: وماذا عندنا أهم منها إنها شغلنا الشاغل.. |
فارح: أرجو أن أفرغ من عملية التطهير في المدة التي حددتها لها والاّ يحدث ما يطيل في أمدها.. |
سليمان: على ما أرى كل شيء حتى الآن يسير في صالحنا وليس في الجو ما يبعث على القلق والتشاؤم.. |
فارح: استأذنك فهذا وعد وصول رسل (حاشى) من جبهات القتال.. |
سليمان: عسى أن يكون في رسائله ما يسر ويفرح.. |
فارح: إن شاء الله… |
سليمان: مع السلامة.. مع السلامة.. |
* * * |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت قيصوم يقول): |
قيصوم: سيدي الإمبراطور.. |
الإمبراطور: ما وراءك يا قيصوم؟ |
قيصوم: المسلمون… |
الإمبراطور: ماذا عن المسلمين؟.. |
قيصوم: إنهم يقومون بعملية تطهير وتمشيط في البلاد التي احتلوها من أرض الإمبراطورية… |
الإمبراطور: ألم تستطع إمداد الجيوب برجال متمرسين حرب العصابات والاغتيالات.. |
قيصوم: بعثت ولكن… |
الإمبراطور: ولكن ماذا؟ |
قيصوم: إنهم يبيدونهم أول فأول (فإنهم يعرفون بقدومهم سلفاً) فيمكنون لهم ويقتلونهم.. |
الإمبراطور: لا شك أن لهم عيوناً وأرصاداً في أرضنا وبين قواتنا.. قل لي.. |
قيصوم: ماذا أقول يا سيدي؟ |
الإمبراطور: أفي قطاعات جيشنا جنود من المسلمين.. |
قيصوم: لا أعتقد… |
الإمبراطور: فتش وسوف تجد.. ومتى وجدت فاشنقهم على مداخل المدينة ليكونوا عبرة لغيرهم.. |
قيصوم: بالأمر يا مولاي.. |
|