| الحلقة - 12 - |
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عائشة وهي تقول): |
|
عائشة: فاطمة!! |
|
فاطمة: نعم.. |
|
عائشة: أرى أسارير وجهك تنم عن هم كبير.. |
|
فاطمة: صدقت.. وأي هم يا عائشة.. |
|
عائشة: قولي ما هو؟ |
|
فاطمة: الجو مشحون بأخبار تنذر بشر مستطير.. |
|
عائشة: وقانا الله منها.. ما هي؟ حدثيني.. |
|
فاطمة: هنالك قبائل صومالية توشك أن تشق عصا الطاعة.. |
|
عائشة: وأين تسكن هذه القبائل؟.. |
|
فاطمة: في الجهات الغربية والجنوبية الغربية من زيلع.. |
|
عائشة: إنها القبائل المجاورة لأهل الكفر والضلال.. |
|
فاطمة: أجل يا عائشة.. أجل.. |
|
عائشة: يقيني أن هنالك أصابع أثيمة تحرك هذه القبائل وتشجعها.. |
|
فاطمة: بلى.. بلى.. |
|
عائشة: وما هي حجتهم في شق عصا الطاعة؟.. |
|
فاطمة: حجتهم أن خالد ليس صومالي المولد والنشأة ولهذا فهم في حل من بيعته.. |
|
عائشة: وهل في الإسلام تفرقة عنصرية أو قومية. ونحن هنا ديننا الإسلام وجنسيتنا الإسلام ووطننا الإسلام. فالرسول الأعظم صلوات الله عليه يقول: ليس منا من دعا إلى عصبية، فقال: دعوها (أي العصبية) فإنها منتنة: أو كما قال.. |
|
فاطمة: ولكن هذه القبائل ما تزال تعيش على الفطرة والعادات القبلية والوعي الديني بين أفرادها ضعيف. |
|
عائشة: أجل يا فاطمة.. وهذا ما يشجع أعداء هذا الدين على استغلاله.. |
|
فاطمة: إنها نذير الخلف والانقسام في صفوف المسلمين الصوماليين.. |
|
عائشة: الويل للأمة التي يدب في صفوفها الخلف والانقسام. سرعان ما يتداعى صرح وحدتها وينهار.. وخالد ماذا عنده لدفع هذا الخطر..؟ |
|
فاطمة: لقد استدعى أهل الرأي وشاورهم في الأمر.. |
|
عائشة: وبماذا أشاروا عليه؟.. |
|
فاطمة: قالوا يجب دعوة هذه القبائل إلى الطاعة بالحسنى.. فإن استجابوا فذلك ما كنا نبغي وإلا أعلناها عليهم حرباً لا هوادة فيها.. |
|
عائشة: ألا تعتقدين أن هذا المحرك لهذه القبائل هم نصارى الأحباش.. |
|
فاطمة: وهل يداخلك شك في ذلك؟.. |
|
عائشة: إذن فالحرب بيننا وبين الأحباش واقعة لا محالة.. |
|
فاطمة: وهذا ما يراه مستشارو خالد.. |
|
عائشة: ما العمل؟.. |
| فاطمة: |
| إذا لم يكن غير الأسنة مركب |
| فما حيلة المضطر إلاّ ركوبها |
|
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بزئير السباع والنمور في الغابة وعواء الذئاب ونباح الكلاب نسمع بعدها صوت حسان يقول): |
|
حسان: هل تزعجك هذه الأصوات يا عثمان؟.. |
|
عثمان: لا.. ولكني أخافها لأني أدخل في تجربة كهذه لأول مرة.. |
|
حسان: لقد طلبت أن تشاركني في هذه الرحلة وعليك أن تتحمل.. إنك ستتعود سماع هذه الأصوات كما تتعود سماع أصوات الطيور: |
|
عثمان: وأين أصوات الطيور الجميلة يا عمي حسان من زئير الوحوش المرعب.. |
|
حسان: أخائف أنت إلى هذا الحد؟.. |
|
عثمان: أكون كاذباً إن قلت لك إني غير خائف.. ولكني موطّن نفسي لكل الاحتمالات.. |
|
حسان: أعجبتني صراحتك يا عثمان.. إنني خائف مثلك ولكني مستعد للطوارىء.. |
|
عثمان: وماذا يلذ لك من ممارسة مثل هذه الهواية؟.. |
|
حسان: حب المجازفة وركوب الأخطار.. |
|
عثمان: ليت عندي قليلاً من رباطة جأشك وشدة بأسك.. |
|
حسان: ستتمرس ذلك إذا ما صحبتني في رحلاتي مستقبلاً.. |
|
عثمان: إنني وإن كنت سعيداً بمصاحبتك يا عماه إلاّ أنني أظن أن هذه أول وآخر رحلة صيد لي.. |
|
حسان: (ضاحكاً) ولكنك شجاع والشجاع يحب المخاطر.. |
|
عثمان: إن صيد الوحوش الكاسرة لا شك فيه شجاعة ولكن التهور أكثر.. وأنا لا أحب التهور أريد أن أمشي وأنا موقن من ثبات قدمي.. |
|
حسان: هذا رأي الحصيف العاقل وأنا أهنئك وإن كنت أنا من أنصار التهور. |
|
عثمان: ليس المخاطر محموداً وإن سلما.. |
| (نسمع زئير السباع وعواء الذئاب يعقبها صوت رجل وهو يقول): |
|
الرجل: أنهم يقتربون منا.. سأسدد حربتي إلى صدر كبيرهم (حسان) وهو إيذان مني ببدأ المعركة فأجهزوا على بقية رفاقه.. |
|
أصوات: السمع والطاعة.. |
| (يتراءى لعثمان أنه سمع أصواتاً غريبة فيقول): |
|
عثمان: أسمعت يا عماه مثل ما سمعت؟ |
|
حسان: ماذا سمعت يا بني؟ |
|
عثمان: أصوات آدميين تناقلتها الرياح.. |
|
حسان: إنك واهم يا عثمان.. الوهم هو الذي صوّر لك هذه الأشياء والخوف هو الذي جسدها.. |
|
عثمان: لست جباناً ولا رعديداً إلى هذا الحد يا عماه وإنما أنا مرهف الحس ومع ذلك أرجوك الحيطة والحذر.. |
|
حسان: ولكن هنالك سباعاً يستحثني زئيرها للمغامرة.. |
|
عثمان: فليكن ما تريد فأنت الآمر الناهي.. |
|
الرجل: لقد اقترب كبيرهم من مرمى حربتي.. سأقذفه بها فاتبعوني.. |
|
حسان: قتلت.. فاثأر لي يا عثمان.. |
| (يختلط صوته بأصوات الكمين المهاجم يعقبه صوت عثمان وهو يقول): |
|
عثمان: لقد أرديته بسهمي.. |
| (ثم يصرخ) |
| اجهزوا عليهم يا أصحابي.. انتقموا لحسان.. اقتلوا الغادرين.. |
|
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
| (وتبتدىء المعركة ويستطيع عثمان ومن معه أن يقضوا على الكمين المهاجم ثم يعودون إلى حسان فيجدونه قد لفظ أنفاسه فيقول عثمان): |
|
عثمان: رحمك الله يا عماه.. وعوّضنا خسارتنا الجسيمة.. يا له من رزء فادح إنا لله وأنا إليه راجعون.. |
| (ثم يصرخ) |
| أيها الصحاب.. خذوا أسلحة الغادرين وأمتعتهم. فتشوهم لعلّنا نعرف هوياتهم.. |
|
أصوات: إنهم من قبائل الإقليم المجاور لأهل الكفر والضلال ويحملون نقوداً وأسلحة من صنعهم.. |
|
عثمان: إذن فهم مرسلون من قبل هؤلاء الكفرة.. الويل للغادرين.. الويل للظالمين.. |
|
أصوات: الويل لهم.. الويل لهم.. |
|
عثمان: هيا فاحملوا حسان لندفنه في زيلع مع إخوانه من شهداء معركة الأسطول.. |
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الإمبراطور يقول): |
|
الإمبراطور: أعندك أخبار عن القناصة؟ |
|
مرقص: لا يا سيدي؟.. |
|
الإمبراطور: ولا قبس من أخبار.. |
|
مرقص: لقد عميت عنهم الأخبار.. |
|
الإمبراطورية: لعلّهم وقعوا في كمين نصبه لهم المسلمون.. |
|
مرقص: لا يستبعد يا مولاي.. ولكن.. |
|
الإمبراطور: ولكن ماذا يا مرقص؟ |
|
مرقص: القناصة الذين اخترناهم مولاي الإمبراطور يعرفون مواقع أقدامهم ولا سيما المكان الذي اعتاد حسان أن يصطاد فيه.. |
|
الإمبراطورية: وحسان هل حسبتم حساب شجاعته الخارقة.. |
|
مرقص: ولكن حرية الظلام لا تخطىء فريستها.. ومن أوكلنا إليه مهمة الفتك بحسان أقدر قاذفي الحراب في بلادنا.. |
|
الإمبراطور: صحيح.. ولكن حسان كما تصفونه شخصية أسطورية.. |
|
مرقص: أجل يا مولاي أجل ولكن رجلنا ولا كل الرجال.. |
|
الإمبراطور: وعيوننا التي ترصد حركات المسلمين وسكناتهم في زيلع.. ألم تأتك أنباء منهم.. |
|
مرقص: لا.. ولكن قلبي يحدثني أننا سنسمع منهم شيئاً قبل غروب شمس هذا اليوم.. |
|
الإمبراطورية: إنك طيب القلب إلى درجة التغفيل.. |
|
مرقص: أرجو أن تغسل الأحداث المرتقبة ما علق بخاطر سيدي عني.. |
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الحاجب يقول): |
|
الحاجب: قائد الجيش يا مولاي.. |
|
الإمبراطورية: فليدخل.. |
| (يدخل القائد والموسيقى مصاحبة وهو يقول): |
|
القائد: لمولاي الإكبار والاحترام.. |
|
الإمبراطور: ما وراءك أيها القائد؟ |
|
القائد: أخبار سارة.. |
|
الإمبراطور: قل واسرع.. |
|
القائد: قتل حسان ولكن.. |
|
الإمبراطور: ولكن ماذا؟ |
|
القائد: أبيد الكمين عن بكرة أبيه.. |
|
الإمبراطور: المهم قتل حسان وسنجزل العطاء لأهالي الضحايا.. ولك البشرى أيها القائد.. |
|
مرقص: وأنا يا مولاي.. |
|
الإمبراطور: أما أنت يا مرقص فقد عيّناك كبيراً لمستشارينا.. |
|
مرقص: شكراً لمولاي وإنه لنعم الجزاء.. |
|
الإمبراطور: ما هو صدى قتل حسان في زيلع أيها القائد؟ |
|
القائد: غيمة من الحزن العميق ظللت سماء زيلع وقد خرج النساء والرجال والشيوخ والأطفال في جنازة حسان. |
|
الإمبراطور: إنه صرح كبير.. |
|
مرقص: وقد أنهار يا مولاي والأمل في أن تنهار بقية القصور وتنكسر السيوف التي أشرعها حسان في وجوهنا.. |
|
الإمبراطور: إنني واثق من أن نهاية حكم المسلمين في زيلع قد اقتربت.. فالقبائل التي أثرناها تزحف على زيلع وجيشنا يزحف خلفها.. |
|
مرقص: لقد أحكم مولاي الخطة ولا شك أنها فرصة لمباغتة أهالي زيلع وهم مشغولون بحزنهم على حسان.. |
|
الإمبراطور: أيها القائد قد أصدرنا أمرنا لك بالزحف على زيلع واحتلالها ولتكن المباغتة شعاركم.. |
|
مرقص: وأسطول المسلمين يجب أن يقضي عليه بادي ذي بدء.. |
|
الإمبراطور: إن قائد أسطولنا ماهر وقد تكفل بهذه المهمة.. |
|
مرقص: ألا يكون من المناسب يا مولاي.. |
|
الإمبراطور: ماذا تريد أن تقول؟ |
|
مرقص: ألا يكون من المناسب أن يعلم جيشنا الزاحف أن إمبراطوره العظيم معهم في زحفهم المقدس.. |
|
الإمبراطور: فكرة رائعة يا كبير مستشارينا.. أيها القائد.. |
|
القائد: مولاي.. |
|
الإمبراطور: أعلن حالاً بين قطاعات جيشنا الزاحف إنني سائر معهم إلى ساحة النصر إلى القضاء على معقل المسلمين في الصومال.. |
|
|