شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 8 -
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بنواح وعويل راحيل وراشيل تقول):
راشيل: تجلدي يا راحيل.. فمصابنا واحد أنت فقدت حزقيال وأنا عزرا.
راحيل: ولكن زوجي حزقيال راح ضحية إغراء زوجك عزرا.
راشيل: ألا تفخرين بأن زوجك ذهب في ساحة الشرف. مكللاً بأكاليل المجد والفخار..
راحيل: أي مجد وفخار لقد كان زوجي مغفلاً حين أطاع زوجك وتدخل فيما لا يعنيه..
راشيل: كيف لا يعنيه الأمر وهو حياة أو موت بالنسبة لليهود..
راحيل: وهل تعرض المسلمون لكم بأي أذى. هل طلبوا من اليهود الدخول في الإسلام بالقوة؟ ألم نعامل من المسلمين أحسن من معاملة الرومان الذين هدموا معابدنا وقتلوا رجالنا وسبوا بناتنا..
راشيل: ولكن المسلمين طردونا من الجزيرة..
راحيل: طردونا لأننا اشتركنا بالفعل في مؤامرات ضد الإسلام والمسلمين أو كنا المحرضين عليها.
راشيل: أراك تدافعين عن الإسلام والمسلمين وكأن المسلمين لم يقتلوا زوجك.
راحيل: إن زوجي قتله تحريض زوجك وإغراؤه له..
راشيل: ألم يغسل هلاك زوجي ما بقلبك من حقد عليه؟
راحيل: مستحيل يا راشيل. مستحيل أنسى ما فعله عزرا بزوجي. لقد ترملت للمرة الثانية.
راشيل: هيا يا راحيل فمن تبقى من اليهود عازمون على الفرار إلى الجنوب. إلى أماكن لن تصل إليها أقدام المسلمين.
راحيل: كفاني فراراً وتشريداً. أريد أن استقر وأتمتع بنعمة الاستقرار.
راشيل: ولكن المكان الذي سنذهب إليه ستجدين فيه الاستقرار الذي تنشدينه.
راحيل: لا يا راشيل لا. جيوش المسلمين ستصل إلى الأماكن التي ستذهبون إليها وستفكرين في فرار جديد..
راشيل: مستحيل.. مستحيل..
راحيل: تعصبك اليهودي الذميم يصور لك ذلك. الإسلام سينتشر ولن يقف في طريقه شيء. تعالى معي..
راشيل: إلى أين يا راحيل؟
راحيل: إلى حيث النعيم المقيم.
راشيل: أين؟ إنك تتكلمين بالألغاز والأحاجي.
راحيل: حقدك على المسلمين هو الذي أوحى إليك أنني أتكلم بالألغاز والأحاجي.
راشيل: أتريدين السكنى في بلاد المسلمين إذن..؟
راحيل: بلى يا راشيل بلى فهنالك نعمة الاستقرار والطمأنينة.
راشيل: وتدخلين في الإسلام..
راحيل: ولم لا فلست أول يهودية ولا آخر من سيدخل فيه..
راشيل: أما أنا..
راحيل: أما أنت ماذا يا راشيل..
راشيل: أما أنا فسأظل أحارب هذا الدين إلى يوم الدين..
راحيل: إذهبي فأنت ممن لعنهم أنبياء بني إسرائيل وقضوا عليهم بالتشرد إلى يوم الدين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت البطريرك كرياكوس يقول):
كرياكوس: كارثة ما بعدها كارثة أيها القس مرقص..
مرقص: بلى يا جناب البطريق. وأي كارثة.. أخشى ألا تقوم لنا بعدها قائمة في تلك البلاد..
كرياكوس: كان الأسقف انتياخوس متحمساً إلى درجة التهور الذي كلفه حياته.
مرقص: حقاً لقد فقدنا شخصية لا تعوض.
كرياكوس: أجل.. أجل..
مرقص: وما هي خطط جنابك للمستقبل..؟
كرياكوس: لقد شلت الكارثة تفكيري. وأريد وقتاً طويلاً من الهدوء أفكر فيه فيما يجب..
مرقص: والمد الإسلامي؟
كرياكوس: لا نستطيع مقاومته إلا بمساندة قوى خارجية..
مرقص: أين هي يا جناب البطريق وقد أصبح القلزم بحيرة إسلامية..
كرياكوس: إن لم نستطع نحن فقد تستطيع الأجيال التي تخلفنا.
مرقص: أنت متفائل جداً.
كرياكوس: هذا سلاح العاجز..
مرقص: ولكن المسلمين أسسوا سلطنة في زيلع. وغيروا اسم البلاد التاريخي.
كرياكوس: غيروا اسم البلاد التاريخي.. ماذا سموها؟
مرقص: أسموها ذومال.
كرياكوس: ذومال. من أين جاؤوا به..
مرقص: لا أدري ولكن البلاد غنية بالمواشي والأنعام ولعلّهم اشتقوا هذا الاسم من هذه الثروة الهائلة..
كرياكوس: اسم غريب ولكنه في محله والعرب يقدرون الرجل الغني بقدر ما عنده من مواشي وأنعام..
مرقص: ولكني سمعت أن المسلمين هناك حزينون جداً..
كرياكوس: المسلمين في مدينة زيلع..
مرقص: أجل. أجل.
كرياكوس: ما أسباب حزنهم.؟
مرقص: وفاة عقيل بن أبي طالب ابن عم نبيهم محمد. لقد كان الشعلة التي حملت الإسلام إلى بلاد البنط فاستضاءت بها.
كرياكوس: لا شك أن وفاته خسارة على المسلمين ولكن.
مرقص: ولكن ماذا؟
كرياكوس: ما دام في أيدي المسلمين وفي صدورهم شيء اسمه القرآن وما داموا متمسكين بتعاليمه فثق أن شعلة الإسلام لن تنطفىء إلى يوم القيامة..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت المؤذن يؤذن لصلاة الجمعة يعقبها صوت إبراهيم يقول):
إبراهيم: لعلّ أروع ما خلفه عقيل بن أبي طالب بعد وفاته هو هذا المسجد فقد كان يرحمه الله حريصاً على أن يصلي فيه قبل أن يموت وقد حقق الله تعالى أمنيته..
خالد: وعمك السلطان عثمان يرحمه أنسيته يا إبراهيم لقد كان الحركة المستمرة والعقل المدبر الذي أخرج بجهوده هذا المسجد إلى حيز الوجود.
إبراهيم: لقد فجعنا في ركنين شديدين وسندين قويين.
خالد: فليرحمهما الله وليبارك لنا فيك يا إبراهيم فأنت خير خلف لخير سلف.
إبراهيم: العبء ثقيل يا خالد ولا سيما بعد أن توسعت رقعة الإسلام وأصبح اسم الصومال على كل لسان..
خالد: ولكنك خير من يحمل الرسالة ويؤدي الأمانة.
إبراهيم: إنني أخشى يا خالد. أخشى..
خالد: تخشى ماذا؟
إبراهيم: أخشى ألا أستطيع حمل الأمانة.
خالد: كيف. وأنت الحاكم الصالح العادل..
إبراهيم: إن بوادر الانقسام في الخلافة الإسلامية تخيفني وترغبني وتحرمني لذيذ المقام.
خالد: لا شك أن الحرب الواقعة بين الأمويين والعباسيين تهدد الوجود الإسلامي أينما كان ولكن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بإعزاز دينه.
إبراهيم: هذا صحيح ولكن إذا تمسك أهل هذا الدين بدينهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
خالد: صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم: وأعداء الإسلام سينتهزون فرصة انقسام المسلمين لينقضوا عليه..
خالد: إني مطمئن أن هذا الانقسام لن يدوم طويلاً وأن العباسيين سينتصرون في النهاية ويخلفون الأمويين الذين شاخت دولتهم وشاع فيها الفساد.
إبراهيم: أرجو ألا يطول الانقسام فعيون الأعداء لنا بالمرصاد.
خالد: لقد وطد الإسلام أركانه بهذه البلاد وسيبقى بإذن الله فيها إلى الأبد فتوكل على الله وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (سورة الطلاق، آية 3).
(موسيقى نسمع بعدها صوت إبراهيم يقول):
إبراهيم: أرى حارسين من حراسنا ومعهما امرأة في طريقهما إلينا..
خالد: يلوح لي أن المرأة غريبة..
إبراهيم: كيف عرفت يا خالد؟
خالد: لأن لبس نساء هذا البلد وأزياءهن معروفة ولها طراز خاص.أما لباس هذه المرأة فيخيل إلي أنه لباس امرأة يهودية..
إبراهيم: كيف عرفت ذلك؟
خالد: كنت أرى اليهود واليهوديات عندما كنت أسافر مع والدي يرحمه الله في تجارة إلى اليمن..
إبراهيم: أما أنا فلعلي أبصر هذا الزي لأول مرة..
(يدخل الحارس وهو يقول):
الحارس: هذه المرأة يهودية وقد قبضت عليها دوريات الحدود وهي في طريقها إلى زيلع ولما سئلت أجابت إنها جاءت للدخول في الإسلام.
إبراهيم: أحقاً ما يقوله الحارس؟
راحيل: بلى. أيها الأمير وأسمي راحيل..
إبراهيم: أتعرفين ماذا تقولين لتصبحي مسلمة.
راحيل: أجل أيها الأمير..
إبراهيم: قولي إذن..
راحيل: أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمداً رسول الله..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر..
خالد: هنيئاً لك يا راحيل.. هل تريدين أن تحتفظي باسمك اليهودي..
راحيل: لا: أريد أن أسمى اسماً إسلامياً..
إبراهيم: سمها يا خالد وتوكل على الله..
خالد: سميتك ريحانة..
راحيل: شكراً.. شكراً.. والآن أأصبحت مثلكم ومثل أية سيدة مسلمة..
إبراهيم: أجل لقد أصبحت مثلنا لك ما لنا وعليك ما علينا فالمسلمون سواسية كأسنان المشط..
ريحانة: يا إلهي.. بكلمة بسيطة أصبحت مثلكم. ما أعظم الإسلام. الحمد لله على نعمة الإسلام.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى وعواء ذئاب وزئير أسود ونمور نسمع بعدها صوت بنيامين يقول):
بنيامين: ليلنا طويل يا راشيل وقد أضنانا السرى..
راشيل: لقد كتب علينا التشريد إلى الأبد..
بنيامين: يا له من عذاب. يا له من عذاب مرير..
راشيل: عذاب أو شقاء.. هذا نصيبنا وعلينا أن نصبر..
بنيامين: يا لأعصابك الحديدية. إنك هائلة. هائلة. أراك تنفردين عن القافلة فأين تقصدين؟
راشيل: قضاء حاجة يا بنيامين.
بنيامين: أأرافقك؟
راشيل: لا. شكراً.
بنيامين: إنك شجاعة.. شجاعة..
(تنفرد راشيل لقضاء حاجتها ولم تشعر إلا بنمر كاسر ينقض عليها فتصرخ):
راشيل: أدركوني. أغيثوني. سباع..
بنيامين: أدركوها يا ناس. أغيثوها..
أصوات: اذهب أنت وحدك. من قال لها تنفرد عن القافلة.
راشيل: أدركوني.. افترستني النمور أكلتني السباع..
(أصوات لغط وهرج ومرج من أفراد القافلة ولكن لم يجرؤ أحد لأنقاذها فتيأس وتقول وهي تجود بأنفاسها الأخيرة):
راشيل: لقد وجدت راحيل نعمة الاستقرار في قلوب المسلمين وأنا وجدتها في بطون السباع والنمور.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :782  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .