الحلقة - 5 - |
إبراهيم: عمي! |
عثمان: ما بك يا إبراهيم؟ |
إبراهيم: عقيل بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم مع صحبه.. |
عثمان: لعلّه آت لاستقبال القادمين.. |
إبراهيم: سيكون حفل القران فخماً رائعاً كما قدرت له أن يكون.. فالأعداد التي ستلفظها السفن بعد قليل ستشترك معنا.. |
عثمان: عسى أن يكون بينهم من أصحاب الحرف والمهن فالبلد بحاجة ماسة إلى هذا النوع من الرجال.. |
إبراهيم: إن كان القادمين يمنيين فابشر يا عماه سنجد طلبتنا بينهم.. |
عثمان: ولكن حامد المزني ليس يمنياً ومع ذلك فهو عبقري في صنعته.. |
إبراهيم: إنه جوهرة نادرة والنادر لا حكم له.. |
عثمان: كيف؟ |
إبراهيم: القرشيون يربأون بأنفسهم أن يحترفوا أية حرفة لأنهم يرون فيها حطة وهم في مركز القيادة والزعامة ولذلك فالصناع جلهم من القبائل الحقيرة.. |
عثمان: كيف عرفت هذا؟ |
إبراهيم: من نسيبي المنتظر خالد: لقد أطلعني على الكثير من عادات العرب وخاصة القرشيين منهم.. |
عثمان: على كل حال القادمون خير وبركة على بلادنا سواء كان بينهم الصناع أم لم يكونوا.. |
عقيل: السلام عليكم.. |
عثمان: وعليك السلام يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. |
الجميع: صلى الله عليه وسلم.. |
عقيل: عدد السفن هذه المرة أكثر من عدد التي جئنا فيها.. |
سهيل: لقد فتحت هذه البلاد المضيافة أبوابها وصدور أهلها فأقبل الناس زرافات زرافات.. |
عثمان: لقد شرفت أرضنا بكم لأنكم حملة مشاعل الإسلام إليها وهكذا طهرتموها من رجس الشرك والوثنية.. |
سهيل: ها هي السفن تقترب من الشاطىء.. (ثم ينادي) إبراهيم! إبراهيم! |
إبراهيم: لبيك يا عماه! |
سهيل: هل استطاع بصرك معرفة القادمين؟ |
إبراهيم: إنهم خليط يا عماه وبينهم كما يلوح لي عدد وفير من اليمنيين.. |
عقيل: ما شاء الله.. ما شاء الله.. حفظ الله عليك هذه النعمة يا إبراهيم.. بصرك حاد ما شاء الله.. |
إبراهيم: بارك الله لنا فيك وفيمن معك.. |
عثمان: هيا بنا يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقترب من المكان الذي سترسو عليه السفن.. |
عقيل: بسم الله توكلنا على الله.. |
(يذهبون إلى الميناء والموسيقى تصاحب مسيرتهم وتختلط أصواتهم بتلاطم الأمواج وتكسرها على الصخور الميناء نسمع بعدها عائشة تقول): |
عائشة: ألا تريدين يا فاطمة أن نذهب إلى دار أبي زينب الملاصقة للميناء نستشرف منها السفن وركابها.. |
فاطمة: الميناء يغص بالمستقبلين ولا أدري كيف نستطيع الوصول إلى دار أبي زينب.. |
عائشة: للدار مدخل خلفي.. |
فاطمة: ولكننا سنمر من أزقة موحشة.. |
عائشة: أتخافين وأنا معك.. |
فاطمة: لا ولكن الحذر واجب.. |
عائشة: ومم تخشين؟ |
فاطمة: لا أدري.. لعلي واقعة تحت سيطرة الخوف.. |
عائشة: ربما ولكننا في عهد بناء وانفتاح على العالم الخارجي فيجب أن نخشوشن حتى نستطيع المساهمة في البناء. |
فاطمة: ليت عندي شيء من ثباتك وشجاعتك.. |
عائشة: هيا لا تضيعي علينا فرصة الاستمتاع بمرأى القادمين.. فالسفن تكاد ترسو بالميناء وتفرغ حمولتها من الركاب.. قولي معي.. |
فاطمة: أقول ماذا؟.. |
عائشة: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. |
فاطمة: (تردد) بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى تختلط بتلاطم الأمواج وضجيج القادمين نسمع بعدها صوت عقيل يقول): |
عقيل: ركاب السفن خليط عجيب من الناس يا عثمان: فيهم القرشيون، وبينهم الأحابيش وفيهم اليمنيون والحضرميون. |
عثمان: لقد كنت أتمنى أن يكون بين القادمين يمنيون وحضرميون.. |
سهيل: لماذا يا عثمان؟ |
عثمان: لأن بينهم الصناع وأصحاب الحرف ونحن بحاجة إلى هذا الصنف من الناس يا سهيل.. أليس كذلك؟ |
سهيل: بلى.. بلى.. |
عثمان: الآن اطمئنيت على المسجد فقد كنا نفتقر إلى صناع يقومون بالأعمال الداخلية للمسجد بعد استكمال البناء.. |
عقيل: صدقت يا عثمان وقد حقق الله أمنيتك وإنما لكل امرىء ما نوى.. |
عثمان: اللّهم اجعل نوايانا خالصة لوجهك الكريم.. |
سهيل: آمين يا رب العالمين.. |
عقيل: إن هذا الحشد من الناس يحتاج إلى إيواء وإطعام فهل حسبت يا عثمان لذلك.. |
عثمان: بلى يا بن عم النبي صلى الله عليه وسلم الأماكن كثيرة والخير وفير ولله الحمد والمسألة مسألة أيام وسيقوم القادمون بإنشاء مساكن لهم وسنعين لهم المناطق والجهات. |
سهيل: يجب أن يكون هناك نظام وحدود لكل منطقة وجهة حتى لا تحصل تعديات في المستقبل كما يجب أن نحسب حساب ازدياد السكان.. |
عثمان: سيتولى مجلس البلدة تنظيم ذلك وسيتعين بآراء الوجوه وأصحاب الرأي من القادمين كما فعلنا عندما قدمتم.. |
عقيل: في الحقيقة هي عملية شاقة وعلينا أن ننتظر أعداداً كبيرة من المهاجرين ولذلك فمسؤولية مجلس البلدة خطيرة.. وعليه أن يخطط للمستقبل.. |
عثمان: هذا رأي صائب ويجب الأخذ به.. |
عقيل: هيا بنا نسلم على القادمين فإني أراهم ينتظروننا هناك.. |
عثمان: هيا بنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت فاطمة تقول): |
فاطمة: انظري يا عائشة إن القادمين يتزاحمون للسلام على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بدوره يقدمهم لأبيك.. |
عائشة: إنهم على خلق عظيم.. |
فاطمة: أليس هو من البيت الذي ظهرت فيه النبوة.. إن هذه الشمائل والخلاق نفحات مقدسة عاطرة مستمدة من أخلاق وشمائل سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.. |
عائشة: صلى الله عليه وسلم.. يا له من منظر خلاب ذلك الخليط العجيب من الناس القادمين.. |
فاطمة: حقيقة يا عائشة إنه منظر يأخذ بمجامع القلوب.. |
عائشة: لقد سرح فكري وأنا أتطلع إلى هذه الجموع وهي تتدافع على رصيف الميناء وتسرع في مشيتها وكأنها عائدة إلى وطنها وأهلها وذويها لا إلى بلد غريب.. |
فاطمة: إنها آية من آيات هذا الدين.. وحجة دافعة على أنه دين الأخوة والسلام فالمسلم في بلدة زيلع يشعر أنه أخ المسلم في أي جزء من بلاد العرب أو العالم.. |
عائشة: صدقت يا فاطمة.. هل كان يجرؤ هؤلاء على النزول في هذا البلد معززين مكرمين لولا رابطة الدين.. |
فاطمة: إنما المؤمنون أخوة.. هذه الأخوة هي التي جمعت بيننا وبين هؤلاء الذين جاؤوا إلينا عصارى اليوم. |
عائشة: أرأيت إبراهيم بين المستقبلين يا فاطمة..؟ |
فاطمة: لعلّه كان بينهم ولكني لم أتبينه في زحمة القادمين حتى ولا خالد.. |
عائشة: ربما كانا مشغولين في بناء المسجد.. |
فاطمة: عسى أن لا يكون شيء غير ذلك.. |
عائشة: أبدأ دبيب العافية في صدرك..؟ |
فاطمة: أتستغربينه وقد تذوقته يا عائشة..؟ |
عائشة: لا وربك.. ثقي إنني جد مسرورة بما سمعت.. ولعلّه من حسن الطالع وبشائر التوفيق.. |
فاطمة: هيا بنا فالشمس على وشك المغيب وطريقنا طويل. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مسعود يقول): |
مسعود: كيف يسير العمل في المسجد يا حامد؟ |
حامد: لحد الآن كل شيء يسير حسب الخطة المرسومة.. |
مسعود: وأزمة الصناع هل تغلبتم عليها؟ |
حامد: بلى يا مسعود وذلك بعد مجيء القادمين الجدد من اليمن وحضرموت.. |
مسعود: أتراك تستطيع استكمال البناء في الفترة المحددة.. |
حامد: إن شاء الله ولكن.. |
مسعود: ولك ماذا؟ |
حامد: الأخشاب.. |
مسعود: كيف؟ |
حامد: الخشب يأتينا من مكان بعيد وعلى الجمال وغير مشذب.. ونحن هنا نقوم بالتشذيب والصقل وهذا يأخذ وقتاً.. |
مسعود: ألم تناقش ذلك مع الأخ عثمان.. |
حامد: لقد تدارسنا الموضوع مع الأخ عثمان ومع ابن أخيه إبراهيم وفكرنا في تذليل عقبات التأخير.. |
مسعود: وهل وصلتم إلى نتيجة..؟ |
حامد: لا شك ونحن بانتظار الأخشاب اللازمة خلال هذا الأسبوع.. |
مسعود: رائع.. رائع.. إذن فسينتهي تعمير المسجد في الفترة المحددة.. |
حامد: بإذن الله يا مسعود.. |
مسعود: حتى زواج إبراهيم وخالد أرجو ألا يعيقهما عن الانتظام في عملهما.. |
حامد: إن كلاً منهما يا مسعود يعرف واجبه والواجب فوق كل شيء.. |
مسعود: بحفظ الله وإلى اللقاء في حفلة العرس.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عقيل): |
عقيل: يا له من عريس فخم.. لقد أنفق فيه عثمان بحساب وبدون حساب.. |
سهيل: أعتقد أنه لم يبق بيت في بلدة زيلع إلا ودخله شيء من طعام العرس.. |
عقيل: أهل هذه البلاد عندهم عوائد طيبة.. |
سهيل: كيف؟ |
عقيل: لقد ساهم مسلمو زيلع ووثنيوها في هذا العرس كل بحسب طاقته وهذا يدل على قوة الترابط بينهم.. |
سهيل: إنها أشبه بعاداتنا في مكة في أيام العرس والوفاة.. حتى أنهم يفرحون للفرحة ويحزنون للحزن.. |
عقيل: أخشى أن يأتي يوم يموت فيه جار المرء فلا يكلف نفسه بسؤال أهله عما أصابهم.. |
سهيل: لن يأتي ذلك اليوم ما دمنا متمسكين بأهداب ديننا الحنيف.. |
عقيل: هل رأيت مسعود بعد حفل العرس؟ |
سهيل: بلى يا عقيل.. رأيته وكان منهمكاً في الإعداد لرحلتنا المرتقبة.. |
عقيل: ومتى يفرغ من ترتيباته.. |
سهيل: إن المناطق التي سنزورها تحتاج إلى إعداد طيب وترتيب مدروس.. |
عقيل: وعثمان من رأي مسعود.. |
سهيل: بل هو الذي أشار بذلك على مسعود وهو ملازم له كل منهما مكمل للآخر.. على كل حال أنا بانتظار قدومهما لأخبارنا بيوم السفر.. |
عقيل: وخالد العريس.. ما هي أخباره؟ |
سهيل: إنه يكاد يجن بعروسه.. إنه يمدح ويثني بما يفوق الوصف.. |
عقيل: الحمد لله.. هذا توفيق من الله سبحانه وتعالى.. |
سهيل: هل سنأخذ خالداً معنا؟ |
عقيل: والمسجد.. إنه وإبراهيم يدا حامد المزني وعيناه.. |
سهيل: صدقت.. صدقت.. |
عقيل: ثم لا تنسى.. |
سهيل: أنسى ماذا؟ |
عقيل: عثمان يعتمد على إبراهيم في إدارة البلدة أثناء غيابه لأنه يرشحه لأن يخلفه بعد وفاته.. |
(سهيل يرى عثمان ومسعود قادمين والموسيقى مصاحبة لهما فيقول): |
سهيل: ها هما قادمان؟ |
عقيل: من؟ |
سهيل: عثمان ومسعود.. |
عقيل: وفي جعبتهما موعد السفر.. اللّهم اجعلها رحلة خير وبركة ووفقنا إلى ما تحب وترضى.. |
عثمان
ومسعود: السلام عليكما.. |
عقيل
وسهيل: وعليكما السلام.. |
عثمان: لقد جهزنا كل شيء.. |
عقيل: ومتى موعد الرحلة؟ |
عثمان: يوم الاثنين القادم إن شاء الله.. |
عقيل: يوم مبارك توكلنا على الله. |
|