شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 2 -
عقيل: انظروا يا قوم انظروا..
مسعود: ننظر ماذا..؟
عقيل: إنها هي..؟
مسعود: هي ماذا يا بن أبي طالب..؟
عقيل: بلاد البنط.. انظروا هذه شواطئها وتلك جبالها..
مسعود: ماذا تقول.. بلاد البنط؟
عقيل: أجل يا مسعود إن هذا اسمها والمدينة التي سنرسو عليها اسمها زيلع..
مسعود: إذن وصلنا الحمد لله.. الحمد لله..
مسعود: ماذا تقول.. بلاد البنط؟
سهيل: الحمد لله.. الحمد لله..
(موسيقى هادئة تختلط بارتطام الأمواج بالسفن وبأصوات تعلو وتنخفض وهي أصوات البحارة والمسافرين نسمع بعدها صوت عثمان يقول):
عثمان: أرى ثلاث سفن تقترب من شواطئنا يا إبراهيم..
إبراهيم: أجل يا عثمان وكأنها سفن يمانية..
عثمان: كيف عرفتها..؟
إبراهيم: من صواريها وأشرعتها.
عثمان: ما شاء الله يا لحدة بصرك..
إبراهيم: إذا لم يخني بصري فركاب السفن من العرب..
عثمان: تقول ماذا يا إبراهيم. ركاب السفن من العرب..
إبراهيم: بلى يا عثمان بلى.. بياض ثيابهم يلتمع في الأفق وعمائمهم وكأنها قباب..
عثمان: لك البشرى يا إبراهيم. إن كانوا من العرب المسلمين..
إبراهيم: أتعدني يا عماه..
عثمان: إنه وعد أشهد الله عليه..
إبراهيم: إذن فالبشرى التي أطلبها. (يتلكأ)..
عثمان: قل يا إبراهيم ولا تتردد في طلبك..
إبراهيم: أخشى أن لا تجيبه.
عثمان: طلبك مجاب بإذن الله..
إبراهيم: اطلب. اطلب يد عائشة..
عثمان: هي لك إن كان القادمون من العرب المسلمين..
إبراهيم: يا رب اعني وحقق لي أملي.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى هادئة نسمع بعدها صوت عقيل وهو يقوم خطيباً بين ركاب السفينة):
عقيل: يا أخوتي وأهلي وعشيرتي. ها نحن نقترب من شواطىء بلاد البنط وإني أرى جشوداً من الناس تحتشد على الشاطىء الذي سنرسو به. خذوا حذركم ولتكن يد كل منكم قريبة من سلاحه فإن أحسستم بالغدر دافعتم عن أنفسكم وإن رحب بكم الناس قابلتموهم بالمثل. واعلموا أنكم حملة - راية الإسلام ورسالته إلى هذه الديار فكونوا القدوة الحسنة والله معكم.
أصوات: الله معنا.. الله معنا..
عقيل: ها هي معالم بلاد البنط تتجلى لنا ما أجملها من بلاد لكأنها عروس تتجلى وتتحلى بأحسن ملابسها في ليلة زفافها..
سهيل: صدقت يا عقيل.. ما كنت أظن أن هذه البلاد بهذا الجمال.
مسعود: عسى أن ينعكس جمال طبيعتها على طباع أهلها يا عقيل.
عقيل: من المُسَلَّم به يا مسعود بل من المعروف أن طبيعة البلاد تنعكس على طباع أهلها فمثلاً سكان الجبال يمتازون بالخشونة وسكان السهول والسواحل يمتازون برقة الطباع.
مسعود: ولكني أرى جبالاً وسهولاً وحزونا وأرى رجالاً سمر الوجوه لهم قامات مديدة ولا أستطيع أن أتعمق في الوصف فنحن لما نلتقِ بهم وجهاً لوجه.
سهيل: يخيّل إلي أنهم رجال أشداء وهو ما أخشاه إن عزموا على الغدر بنا.
مسعود: والله لن نرهبهم مهما أوتوا من شدة وقسوة فنحن أقوياء بإيماننا وحبنا للاستشهاد في سبيل الله..
عقيل: على كل حال عهدي بأهلها أنهم طيبون ولكن الحذر واجب والكثرة تغلب الشجاعة والحكمة ضالة المؤمن.
مسعود: ها نحن نقترب من الشاطىء أنظروا إلى الحشد من الناس عليه. ألا ترون..
سهيل: نرى ماذا يا مسعود؟
مسعود: ألا ترون اختلافاً في الأزياء وإن كانت سحنهم واحدة.
عقيل: هذا طبيعي فنحن في مكة ليس لنا لباس موحد ولا زي واحد.
مسعود: ولكني أرى بين المحتشدين على الشاطىء أناساً يرتدون لباساً أشبه بما نرتدي من ألبسة..
عقيل: رباه أتراهم من المسلمين..
مسعود: لا يستبعد ذلك يا عقيل.
عقيل: لئن كانوا من المسلمين فإن النجاح حليف رحلتنا هذه بإذن الله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عائشة تقول):
عائشة: لنا مدة طويلة وشواطئنا لم تحظ بهذا العدد من السفن في يوم واحد.
فاطمة: أجل يا عائشة أجل وهذا ما سيبعث على الاستغراب بل على الفزع والحيرة.
عائشة: ولكني لا أشعر بما تشعرين يا فاطمة. إنني على العكس أشعر بنوع من الاطمئنان والسكينة.
فاطمة: ولكن في حركاتك الجسمانية ما يدل على القلق.
عائشة: ما ترينه مرده إلى حب الاستطلاع وهذه الحركات هي أحاسيسه المعبرة عنه.
فاطمة: لعلّك على حق يا عائشة. أما أنا فلا شك أنك لاحظت إنني ارتجف في بعض الأحايين.
عائشة: بلى لاحظت ذلك ولكني عزوته إلى أحاسيس حب الاستطلاع.
فاطمة: لا وربك يا عائشة. إنه الخوف. وخاصة بعدما رأيت بالأمس أفواجاً من النصارى يتمخطرون في شوارع بلدتنا.
عائشة: لقد حسب والدي وقدر للأمر فاستنفر المسلمين في بلدنا وحشدهم بأسلحتهم على الشاطىء كما استنفر حلفاءه من القبائل الوثنية وها أنت ترين الجميع على الشاطىء مدججين بالسلاح.
فاطمة: بلى يا عائشة بلى لقد أخبرني أخي إبراهيم عن ذلك وعن عزم أبيك مقاتلة القادمين إن كانوا قادمين للاحتلال والسيطرة..
عائشة: هل لأبي أن يختار غير هذه الطريق. إنه حينئذ يكون في موقف المدافع عن قومه وبلده وهو موقف مشرف أليس كذلك.
فاطمة: أجل وسنعرف عما قليل هوية القادمين فإما أن يكونوا أصدقاء وإما أن يكونوا غير ذلك.
عائشة: هذا صحيح يا فاطمة ولكن علينا أن نكون مستعدات لخوض المعركة إذا ما دعا الداعي.
فاطمة: قد تحسنين يا عائشة استعمال السلاح أما أنا وبقية الأخوات فلعلّنا نحسن التمريض.
عائشة: والتمريض هو أعظم خدمة نقدمها نحن النساء للمقاتلين في ساحة المعركة. هيا بنا ننتظم صفوفنا حيث رأى والدي أن نكون.
(نقلة صوتية صاخبة تختلط برسو السفن وأصوات الملاحين والركاب نسمع بعدها صوت إبراهيم وهو يصرخ فرحاً ومبتهجاً):
إبراهيم: عماه.. عماه.. انظر إنهم من العرب المسلمين ومن القرشيين أيضاً.
عثمان: كيف عرفتهم يا بُنَي؟
إبراهيم: من عمائمهم ولحاهم. وعباءاتهم.
عثمان: لعلّهم تزيوا بزي العرب المسلمين مكيدة وخداعاً.
إبراهيم: ولكن سحن العرب لا تخفى يا عماه.
عثمان: لقد نزلت طلائعهم على البر هلم بنا إليهم لنرى صدق ما تقول.
إبراهيم: عماه، إنني أسمعهم يتكلمون اللغة العربية مع الواقفين على الشاطىء..
عثمان: أريد أن أتأكد من ذلك بنفسي.
(موسيقى سريعة نسمع بعدها صوت إبراهيم يقول):
إبراهيم: هلم بنا يا عماه إلى ذلك الرجل الملثم الذي يقف أمام القادمين وكأني به سيدهم.
عثمان: أشر على رجالنا بأن يكونوا على تمام الاستعداد وسأذهب بنفسي إلى ذلك الرجل وسأحييه بتحية الإسلام فإن ردها كان ما نتمنى وإلا ضربته بسيفي وكانت بداية المعركة.
إبراهيم: حسناً يا عماه حسناً. خذ حذرك فإني أرى الرجل ومن معه أيديهم قريبة من سيوفهم.
(موسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عثمان يقول):
عثمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أصوات: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته..
عثمان: أأنتم مسلمون مثلي.
عقيل: بلى يا عثمان بلى. ومن أهل مكة جئنا لزيارتكم.
عثمان: من؟ عقيل بن أبي طالب يا مرحبا. يا مرحبا. نزلتم أهلاً وحللتم سهلاً.. (ثم يصرخ): يا أهل (زيلع) يا أهل (زيلع) رحبوا معي بإخوان لنا وفدوا من مكة. من منزل الوحي والكعبة والمسجد الحرام تعالوا. تعالوا. يا مرحبا. يا مرحبا.
(نسمع وقع أقدامهم وهم يقبلون ثم نسمع بعدها صوت المنشدين يقولون):
المنشدين:
يا مرحبا بالقادمين
من منزل الوحي المبين
حل السرور بأرضنا
يا جيرة البلد الأمين
والخير عم بلادنا
يا مرحبا بالوافدين
عائشة: يا إلهي ما أشد فرحي بهذا اليوم الذي ارتفعت فيه راية الإسلام بهذا البلد عالية خفاقة ولن تنزل بعد اليوم بإذن الله.
فاطمة: أما أنا ففرحي مزدوج يا عائشة.
عائشة: كيف يا فاطمة؟
فاطمة: فرحي بمجيء هؤلاء المسلمين وفرحي..
عائشة: وفرحك بماذا؟
فاطمة: وفرحي بزواجك المرتقب من أخي إبراهيم..
عائشة: كيف عرفت هذا يا فاطمة؟
فاطمة: من إبراهيم.. ألم يخبرك والدك بذلك..
عائشة: لا يا فاطمة..
فاطمة: لعلّ فرحته الطاغية بالمسلمين وانشغاله بهم وبإقناعهم على الاستيطان في هذه البلاد هو ما أنساه..
عائشة: ولكني أعجب كيف وافق على هذا الزواج بعد أن كان يسوّف فيه لأسباب لا أعرفها.
فاطمة: لو تدرين بأسباب موافقته لعجبت أيما إعجاب..
عائشة: كيف يا فاطمة قولي بالله عليك..
فاطمة: عندما كان والدك يترقب وصول السفن وهو على أتم الاستعداد لقتال من فيها إن كانوا أعداء فاجأه إبراهيم بقوله.
عائشة: ماذا قال له إبراهيم..؟
فاطمة: تطلع إبراهيم إلى السفن ملياً.. وأنعم النظر فيها ثم التفت إلى والدك وقال: إن ركاب السفن من العرب يا عماه. فقال له والدك.
عائشة: قال له ماذا..؟
فاطمة: قال له البشرى إن كان ركاب السفن من العرب المسلمين..
عائشة: وما دخل ذلك في زواجي؟
فاطمة: إليك يساق الحديث.
عائشة: قولي..
فاطمة: قال إبراهيم هل البشرى وعد منك يا عماه؟
عائشة: الآن فهمت. وكانت البشرى التي طلبها أخوك هي الزواج بي. أليس كذلك..
فاطمة: أجل يا عائشة أجل ما أحد ذكاءك. وأريد أن أبشرك أنا بدوري أيضاً.
عائشة: ما هي بشارتك يا فاطمة هاتها.
فاطمة: قائد حملة المسلمين وإمامهم هو عقيل بن أبي طالب أو من زار هذه البلاد من المسلمين.
عائشة: عقيل بن أبي طالب ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم لقد كان أبي يذكره دائماً ويذكر أنه هو الذي هداه الله على يديه. سرور والدي لا يوصف من دون شك. هيا بنا فالسماء تتلبد بالسحب المطيرة..
فاطمة: الخير على قدوم الوافدين يا عائشة اللَّهم اجعله غيث خير وبركة..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1128  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 65
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج