شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 6 ـ
(نسمع ركض الخيل وصليل السيوف وقعقعة السلاح وسقوط قتلى وأنات جرحى تتخللها موسيقى مناسبة نسمع بعدها صوت رباح يقول):
رباح: المعركة حامية الوطيس يا جابر والعدو يرمي بأعداد كبيرة من رجاله في الميدان..
جابر: رصيده من الرجال كبير يا رباح وهو بذلك يهدف إلى جس نبض مواطن الضعف في جبهتنا..
رباح: كل جبهة تجس نبض الأخرى والنصر للصابرين..
جابر: بإذن الله.. بإذن الله..
(نسمع صوت منادٍ من جهة الروم يقول):
المنادي: يا جنود الروم من يأتني برأس عبد الله بن أبي سرح قائد جيش المسلمين نفلته مئة ألف وزوجته ابنة ملك الروم..
رباح: أتسمع منادي الروم يا جابر..؟
جابر: بلى.. بلى.. لعمري أنه عرض مغرٍ جداً..
رباح: علينا أن نشدد الحراسة على ابن أبي سرح فقد يندفع بعض المغامرين من علوج الروم فيحزوا رأسه..
جابر: لا شك أن ابن ابي سرح قد احتاط لنفسه كما أن من عنده من القواد قد وضعوا سوراً من الرجال الأشداء حوله..
رباح: آه لقد عرف قائد الروم اللعين كيف يلوّن المعركة ويجعل لها نكهة ومذاقاً جديداً..
جابر: أترانا نستطيع أن نرد على هذا التحدي بأفظع منه..
رباح: الرد سيقرر في ميدان المعركة..
جابر: يجب أن يكون رداً سريعاً وفعالاً حتى نفوّت على الروم الفرصة..
رباح: الضغط على ميمنتنا يشتد والعدو يرمي بأرتال جديدة على هذه الجهة بغية فتح ثغرة فيها…
جابر: والله لن يؤتي المسلمون من قبلنا يا رباح سنقاتل حتى الموت..
رباح: انظر.. انظر..
جابر: ماذا انظر وسيوف علوج الروم تعمي ناظري..
رباح: رويفع يقوم بحركة التفاف سريعة من المقدمة وابن خديج بمثلها من المؤخرة..
جابر: إذن فقد وقع المهاجمون بين شقي الرحى.. هيا بنا نبيدهم قبل مجيء قوات رويفع وابن خديج..
رباح: هيا.. الله أكبر.. الله أكبر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت هند تقول):
هند: صح ما توقعته يا سلمى فالعدو يريدها معركة طويلة الأمد إذ أن القتال يبدأ من الصباح ويستمر حتى الظهر فإذا أذن الظهر عاد كل فريق إلى خيامه..
سلمى: هذا ما كنت أخشاه وأرى أن أمرنا يطول مع هؤلاء وهم في أمداد متصلة من البحر وفي بلاد هي لهم بينما نحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم..
هند: وقد مضت أيام ونحن على هذه الحال ولا من جديد.. ألا تتفتق قريحة أحد القادة عن خطة تضرب خطة الروم في مهدها..
سلمى: الإسلام بخير والمسلمون بخير وسيمدهم الله سبحانه وتعالى بعون من عنده وتوجيه..
هند: حتى رويفع أرى تفكيره تبلد مع المتبلدين وعهدي به أنه شعلة من الذكاء وحدة الفطنة..
سلمى: يظهر أنهم يخشون على عبد الله بن أبي سرح..
هند: فليكن أول شهيد إذا كان في استشهاده نصر للمسلمين..
سلمى: ربما يا هند لأن قوة المسلمين لا تكفي لهجوم ساحق على العدو فهي لا تبلغ عشر قوة العدو.. ثم..
هند: ثم ماذا؟
سلمى: العدو يحارب وحصون مدينته وراءه ونحن نحارب وظهورنا مكشوفة من كل جهة..
هند: ولكن إلى متى سنظل على هذه الحال.. ابن أبي سرح مختبىء خشية أن يفتك به علوج الروم ومغامروهم وبقية قادة المسلمين يقفون موقف المتفرج..
سلمى: ما رأيك يا هند؟
هند: في أي شيء..؟
سلمى: نقوم بضرب خيل المسلمين وفرسانها عند ما يعودون في الظهر فنضطرهم بذلك إلى مواصلة القتال.. إذ ربما في مواصلته ما يغير مجرى الحوادث..
هند: رأي هائل.. هائل.. أيوجد غيري وغيرك من نساء المسلمين في هذا المعسكر من تتبنى هذه الفكرة..
سلمى: سنتحدث معهن.. سنثيرهن.. سنقنعهن..
هند: هيا بنا.. هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت جرجير ملك الروم يقول):
جرجير: أرى المعركة يا ثيودور تسير حسب الخطة المرسومة..
ثيودور: أجل يا مولاي وهي الخطة التي توجت بموافقتكم..
جرجير: يلوح لي أن المعركة ستكون طويلة الأمد..
ثيودور: ربما وربما لا تكون..
جرجير: كيف تكون أولاً تكون..
ثيودور: قواتنا تهاجم بشدة في محاولة لكشف مواطن الضعف في صفوف جيش المسلمين فإذا استطعنا فتح ثغرة فإن المعركة ستنتهي بأسرع ما قدرنا لها..
جرجير: وإذا لم تستطع فتح ثغرة..
ثيودور: فالانتظار الطويل سينهيها في صالحنا..
جرجير: حتى لو توالت إمدادات المسلمين..
ثيودور: حتى لو توالت الإمدادات للمسلمين فمصيرهم في النهاية بين أمرين: إما الدخول في معركة فاصلة انهزامهم فيها محقق أو رفع الحصار والانسحاب وعندها..
جرجير: وعندها ماذا؟
ثيودور: ستتعقبهم قواتنا الظافرة فتقضي عليهم..
جرجير: أرجو أن يحالف النجاح خطتك يا ثيودور..
ثيودور: شكراً لمولاي..
(نسمع هرجاً ومرجاً وضجيجاً تختلط بموسيقى مناسبة وأصوات تهليل وتكبير في صفوف المسلمين فيقول جرجير):
جرجير: ما هذا الضجيج العالي الصادر من بين صفوف المسلمين.. فإنه ضجيج غير عادي يا ثيودور.. أرسل من يستطلع الأمر..
ثيودور: بالأمر يا سيدي..
(موسيقى نسمع معها صوت جرجير يقول لنفسه):
جرجير: أأن الضجيج يعلو ويرتفع.. ويأتي بقوة من جانب المسلمين..
أتراه نذير إمدادات وصلتهم أم مقدمة هجوم خاطف؟
(يدخل ثيودور فيقول له جرجير متلهفاً):
ها.. يا ثيودور.. ما هو سبب الضجيج؟
ثيودور: سيدي إمدادات وصلت للمسلمين..
جرجير: إمدادات..؟؟
ثيودور: أجل يا مولاي.. ومع ذلك فستلقى نفس المصير..
جرجير: أي مصير..
ثيودور: الفناء على أيدي قوات سيدي المليك..
جرجير: يلوح لي أن هذه الإمدادات مقدمة لإمدادات أخرى في طريقها إلى إفريقية فالمد الإسلامي يزحف بقوة ولا أدري هل نستطيع إيقافه في معركة اليوم أو يجرفنا كما جرف غيرنا..
ثيودور: أرى سيدي يائساً هذا اليوم بينما قواته تضيق الخناق على المسلمين وتبيد العشرات منهم يومياً..
(نسمع المنادي من جانب صفوف المسلمين يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. من يأتني برأس جرجير ملك الروم نفلته مئة ألف وزوجته ابنته..
جرجير: أسمعت النداء يا ثيودور..
ثيودور: أجل يا سيدي أجل..
جرجير: والنداء بلغتنا البزنطية ليستطيع أكبر عدد من قواتنا فهمه واستيعابه أنه تخطيط فظيع.. فظيع.. ما العمل يا ثيودور.. ما العمل؟
ثيودور: سنفدي سيدي المليك بأرواحنا ودمائنا.. سنشدد الحراسة..
جرجير: وابنتي.. إبنتي.. ماريا.. لا شك ازعجها النداء وأفزعها..
ثيودور: كن مطمئناً يا سيدي سنضعها في مكان أمين لا تستطيع أية قوة على وجه الأرض من الوصول إليه..
جرجير: أفعل يا ثيودور.. افعل.. ابنتي يا ثيودور.. ابنتي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت معاوية بن خديج يقول):
معاوية: لقد قوى وصول عبد الله بن الزبير على رأس هذا المدد الكبير معنويات جنودنا وأثار فيهم حماساً ونشاطاً وقابلية هائلة للقتال..
رويفع: إن هذا الشبل من ذاك الأسد يا بن خديج.. أتنسى شجاعة أبيه الزبير يوم معركة حصن (بابليون) ..
معاوية: من ينسى ذلك الموقف المشرف للزبير بن العوام وتلك الشجاعة النادرة والبطولة الخارقة.. أترانا نقترب من نهاية المعركة..
رويفع: يقيني أننا نسير صوب تحقيق النصر بخطى واسعة..
معاوية: إنني معجب جداً بابن الزبير يا رويفع.. كله نشاط وحيوية ولقد سرني أكثر أنه استجاب إلى كثير من آرائك مما اضطر ابن أبي سرح هو الآخر إلى تبنيها بعد أن كان متردداً في قبولها..
رويفع: ثق يا بن خديج أن نداء اليوم أو نداء التحدي كما أحب أن أسميه سيكون له أثره البالغ في نفوس الروم وعلى رأسهم مليكهم جرجير..
معاوية: صدقت.. إنه اتجاه جديد في سير المعركة على الطريق الصحيح ولكن..
رويفع: ولكن ماذا يا بن خديج؟
معاوية: نريد نهاية سريعة ومفاجئة للمعركة فالحماس الذي استعر أواره بين جنودنا اليوم قد يخبو ويخمد إذا ما ظللنا نتبع طريقتنا الحالية في القتال.
رويفع: إنك على حق يا بن خديج في تصورك للأمر فالملل سوف يخيم على صدور المقاتلين ونفوسهم وهذا القلق الذي تستشعر به سمعت صداه..
معاوية: سمعت صداه عند من؟
رويفع: عند نسائنا في الصفوف الخلفية..
معاوية: سمعت صداه عند من؟
رويفع: عند نسائنا في الصفوف الخلفية..
معاوية: كيف يا رويفع.. قل..
رويفع: في طريقي المعتاد لعسس الجنود مررت بخيام النساء فسمعت سلمى وهند ابنتك تخطبان في جمع من النسوة..
معاوية: تخطبان في جمع من النسوة ماذا كن يقلن؟
رويفع: إنهن يحرضن النساء على ضرب فرساننا ومشاتنا العائدين من ميدان المعركة بعد آذان الظهر بأعمدة الخيام..
معاوية: بأعمدة الخيام..
رويفع: وبكل ما تصل إليه أيديهن..
معاوية: لماذا؟ لماذا؟
رويفع: لكي يعاودوا القتال بعد صلاة الظهر حتى لا يتركوا للروم مجالاً للراحة وهن يعتقدن أن ذلك ربما غير من سير المعركة ورتابتها..
معاوية: يا سلام حتى النساء أفقه منا نحن الرجال.. إنه لعمري رأي سديد.. هلمّ نقنع ابن الزبير وابن أبي سرح به..
رويفع: أرى قبل أن نشخص إلى ابن الزبير أن نمنع النساء من القيام بما اعتزمن عليه فالفكرة تحتاج إلى درس وتمحيص والارتجال فيها قد لا يكون محمود العواقب..
معاوية: حسناً.. إذهب إليهن.. وأقنعهن.. وعجل بالمجيء إلي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت سلمى):
سلمى: نجحت خطتنا يا هند نجحت والحمد لله وزيارة زوجك رويفع لنا وطلبه منا التريث في تنفيذ الأمر الذي اتفقنا عليه يؤكد ذلك..
هند: في الاتحاد قوة والقوة سر النجاح.. وقد اضطر تضامننا واتحادنا أن يخضع رجالنا للنزول على رأينا..
سلمى: على كل حال يجب ألا يركبنا الغرور يا هند فربما تظهر لرجالنا فيما بعد أن خطتنا غير مأمونة النتائج..
هند: تلعب التجارب في كل أمر دورها وليس كالحروب ميدان للتجارب..
سلمى: ياه.. يا هند ياه.. أراك طفرت من طور الجندية إلى طور القيادة..
هند: ليتني أرقى إلى مراتب القادة يا سلمى ولكن..
سلمى: ولكن ماذا؟
هند: شد ما أخشاه من نتائج هذه المعركة هو..
سلمى: هو ماذا؟
هند: أن يقتل رويفع ملك الروم والبقية تعرفينها..
سلمى: ويتزوج ابنته أليس كذلك؟
هند: أجل يا سلمى.. أكاد أجن عندما أتصور ((رويفع)) وابنة ملك الروم على فراش واحد.. لا.. لا…
سلمى: أرجو ألا تصدق مخاوفك يا هند.. فأنت شديدة الغيرة..
هند: تصوري (ياسر) زوجك في مثل هذا الموقف.. هل تباركين ذلك..
سلمى: لا أبارك ولكني لا أغار عليه مثلك بل أحمد الله الذي حقق للمسلمين النصر على أعدائهم ولو كان على حساب تحطيم أعصابي..
هند: أما أنا فلا شك إني سأتهلل فرحاً بالنصر ثم..
سلمى: ثم ماذا؟
هند: أموت كمداً وحسرة إذا ما تزوج رويفع بابنة ملك الروم..
سلمى: على كل حال اطردي عنك هذه الهواجس واتركي الأمر لصاحب الأمر..
(نقلة صوتية مبوقة بموسيقى حربية صاخبة نسمع بعدها أصوات التهليل والتكبير وصوت جرجير يقول في فزع ورعب):
جرجير: ما هذا يا ثيودور! المسلمون غيروا طريقتهم وهاهم يواصلون قتالنا وجنودنا أراها ترتد من هول المفاجأة..
ثيودور: أجل يا سيدي لقد قاتلناهم اليوم حتى كل سلاح كل منا من الجهد ولم نكن نحسب أن المسلمين كانوا يعدون قسماً من خيرة رجالهم لمهاجمة جنودنا المتعبين..
جرجير: إنها خطة فظيعة جاءهم بها قائد المدد الجديد.. ما اسمه..
ثيودور: عبد الله بن الزبير..
جرجير: ما العمل يا ثيودور وجنود المسلمين قد خالطوا جنودنا وحملوا عليهم حملة رجل واحد..
ثيودور: إنهم لم يمكنوا جنودنا من أخذ أسلحتهم..
جرجير: جنودنا يفرون أو يقتلون صبراً.. ثيودور ما العمل ما العمل..؟
ثيودور: يجب أن نقاتل حتى الموت..
(تقترب أصوات التهليل والتكبير تختلط بموسيقى مناسبة نسمع بعدها صوت رباح يقول):
رباح: الله أكبر.. يا معشر المسلمين هذا رأس جرجير ملك الروم لقد قتلته..
جابر: وهذا رأس ثيودور قائد الروم..
(صوت صادر من مكان بعيد: وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :671  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج