| الحلقة ـ 3 ـ | 
| هند: حقاً كانت معركة كالمعارك التي يراها النائمون في الأحلام يا سلمى ذهبنا للصيد فإذا نحن ندخل معركة تقرر فيها مصير طرابلس الغرب بشكل سريع وكأنه حلم.. | 
| سلمى: ولكنها كانت حلماً لذيذاً يا هند  أليس كذلك.. | 
| هند: بدون شك ولا سيما بالنسبة لي فقد استعملت السلاح فيها لأول مرة.. | 
| سلمى: وكنت موفقة حين قتلت علجاً من علوج الروم.. ورويفع لا شك كان مسروراً بهذا النجاح الذي حققته.. | 
| هند: كاد يطير فرحاً حين رآني اصرع العلج.. وقد علمت منه أنه كان على مقربة مني ينتظر التدخل إذا ما أحس بالخطر على.. ولكن.. | 
| سلمى: ولكن ماذا؟ | 
| هند: معارك من هذا القبيل من الأمور النادرة.. | 
| سلمى: بالنسبة لنا نحن اللواتي تشتغل بالتمريض والإسعاف إذ لا نحتاج إلى استعمال السلاح إلا في حال انهزام الرجال المدافعين عنا.. | 
| هند: وقد دخلت معركة كنت فيها مع المهاجمين وليس مع المدافعين.. | 
| سلمى: أراك بدأت تتلذذين بأخبار المعارك والحروب.. | 
| هند: ألسنا قادمين على معارك ومعاك لا أول ولا آخر في إفريقية ولا سيما ونحن في أول شطر من افريقية وحديث المعارك سيأخذ الجزء الأكبر من كلامنا.. | 
| سلمى: قد يصدق هذا على بضع السنوات القادمة ولكني مطمئنة إلى أن حديثنا بعد ذلك سيكون منصباً ومركزاً على معطيات ديننا للإنسانية والبشرية من حضارة وتمدين ورقي وازدهار في جميع الميادين.. | 
| هند: أترانا نشهد ذلك؟ | 
| سلمى: من يدري يا هند ربما نشهد دور المرأة المسلمة في هذه الميادين.. فآفاق ديننا لا حدود لها وسماحته لا مثيل لها.. | 
| هند: وسيكون دين العالمين كما أخبرنا بذلك الرسول الأمين عليه أفضل الصلاة والتسليم.. | 
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت رباح يقول): | 
| رباح: إذن سيعود أميرنا عمرو بن العاص إلى مصر يا رويفع.. | 
| رويفع: هذا أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إليه يا رباح.. | 
| جابر: وأنت ستعود معه؟ | 
| رويفع: لا يا جابر بل سأبقى مع معاوية بن خديج السكوني.. | 
| رباح: إذن سنكون معاً.. | 
| جابر: ولن يفرق ما بيننا إلا الموت.. | 
| رباح: أترى معاوية بن خديج سيجعل من طرابلس الغرب آخر حدود يصل إليها ولا يتجاوزها من إفريقية.. | 
| رويفع: أمر أمير المؤمنين يقضي بذلك إلا إذا اضطررنا للدفاع عن أنفسنا.. | 
| رباح: وهل الروم سيمكوننا من الاستقرار في هذه الديار؟ | 
| رويفع: هذا غير منتظر.. والمنتظر أن نشهد غارات بحرية وبرية منهم.. | 
| جابر: وما هو موقف البربر وهم السكان الأصليون والروم غزاة محتلون.. | 
| رويفع: إذا قدر الإسلام أن يغزو قلوبهم وعقولهم أستطيع أن أجزم أن عهداً من الاستقرار والرفعة والازدهار ستنعم به إفريقية ولكن.. | 
| رباح: ولكن ماذا يا رويفع؟ | 
| رويفع: سيعمل الروم بكل ما لديهم من إمكانات وطاقات على أن تسود هذه البلاد حال من الفوضى والاضطراب والتأخر.. | 
| جابر: أليس هنالك من سبيل لإيقاف الروم عند حدهم؟ | 
| رويفع: من الصعب في الوقت الحاضر يا جابر لأن المسلمين لا يملكون أساطيل بحرية تحمي شواطئهم من غزو الروم.. | 
| رباح: ألم يشعر قادتنا بهذه الحاجة الملحة بعد أن امتد رواق الإسلام إلى بلاد لا تستطيع القوات البرية أن تحميها وحدها.. | 
| رويفع: لا أظن أننا سنملك أسطولاً بحرياً أيام الخليفة عمر بن الخطاب بعد وصف معاوية بن أبي سفيان للراكب في البحر بأنه كدود على عود الداخل فيه مفقود والخارج منه كالمولود.. | 
| جابر: ربما يا رويفع ثم إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لا يحب أن يحول بينه وبين المسلمين ماء.. | 
| رويفع: وهذا هو سبب تحول عمرو بن العاص من الاسكندرية إلى الفسطاط وسعد بن أبي وقاص من المدائن إلى الكوفة وأبو موسى الأشعري إلى البصرة بعد أن تلقوا أوامره بهذا الشأن.. | 
| رباح: ربما غير أمير المؤمنين رأيه في المستقبل إذا تعددت غارات الروم على شواطىء البلدان التي احتلها المسلمون.. | 
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت جرجير حاكم افريقية من قبل الروم يقول): | 
| جرجير: لقد خلصنا الغلام المجوسي من أدهى وأشد خليفة عند المسلمين.. | 
| ثيودور: أتعني لؤلؤة الغلام الذي طعن عمر بن الخطاب فأرداه قتيلاً.. | 
| جرجير: أجل يا ثيودور أجل ويا له من فتى مقدام.. | 
| ثيودور: ولكنه لقي مصرعه.. | 
| جرجير: حسبه فخراً إنه قتل أعظم خليفة لن يأتي من بعده من يسد مسده.. | 
| ثيودور: ولكن خلفه يقولون عنه أنه لا يقل كفاية عنه.. أيها الملك جرجير.. | 
| جرجير: أشك في ذلك.. على كل حال ارجو ألا يكون مثل الخليفة السابق فلعلّنا نستطيع طرد المسلمين من طرابلس الغرب وبرقه.. | 
| ثيودور: ألدى الملك جرجير عزم بالإغارة على طرابلس الغرب وتخليصها من أيدي المسلمين..؟ | 
| جرجير: هذا ما عقدت العزم عليه يا ثيودور وستكون أنت يدي اليمنى في معركة التحرير.. | 
| ثيودور: إنه شرف عظيم لي أيها الملك جرجير.. ومتى ستشرعون في الغزو.. | 
| جرجير: إني أنتظر تعليمات من الإمبراطور قسطنطين وبعدها أشرع في الهجوم.. | 
| ثيودور: ولكنني أخشى.. | 
| جرجير: تخشى ماذا؟ | 
| ثيودور: أن يهاجم المسلمون قواعدنا في إفريقية قبل أن نهاجمهم.. | 
| جرجير: كيف خطر ببالك هذا؟ | 
| ثيودور: خطر لي ذلك بعدما عزل الخليفة الجديد عمرو بن العاص وولى أحد أقاربه عليها.. | 
| جرجير: وإذا كان؟ | 
| ثيودور: كل والٍ جديد أيها الملك يحب أن يظهر مهارته فيتوج حكمه بعمل يسترعي الانتباه وليس كالحرب شيء يجذب الانتباه والأبصار إليه.. | 
| جرجير: ربما فكر والي مصر الجديد في توطيد حكمه بغزو جنوب مصر.. | 
| ثيودور: إن جنوبي مصر لا ترنو إليه الأبصار كما ترنو إلى إفريقية وشمالي افريقية بالذات الذي أضاء وازدهر بحضارة الروم وزها بمعونتها.. | 
| جرجير: كلامك منطقي وجوانب الاحتمال فيه كثيرة ولكني وعدت الإمبراطور بأن لا أقوم بأي عمل قبل تلقي تعليماته وأوامره.. | 
| ثيودور: لقد نصحتك يا مولاي وأنت أعلم مني بالصالح العام.. | 
| جرجير: شكراً على نصيحتك التي سأظل اقدرها لك يا ثيودور.. | 
| ثيودور: العفو أيها الملك.. العفو.. وإذا ستأذن في الانصراف أرجو أن أؤكد لكم بأني رهن أمركم وإشارتكم يا سيدي.. | 
| جرجير: شكراً.. شكراً.. سأدعوك في الوقت المناسب.. | 
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سلمى تقول): | 
| سلمى: تتردد الشائعات عن أن والي مصر وإفريقية الجديد عبد الله بن سعد بن أبي سرح يجهز حملة كبيرة للقيام بفتوحات جديدة.. | 
| هند: عبد الله بن أبي سرح هذا الذي ارتد وأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة.. | 
| سلمى: أجل يا هند وقد شفع له عثمان بن عفان أخوه من الرضاعة عند الرسول الأعظم فعفا عنه وعاد للإسلام وحسن إسلامه.. | 
| هند: إذن فهو أخ الخليفة عثمان بن عفان.. | 
| سلمى: بلى.. بلى.. | 
| هند: وماذا عنه يا سلمى؟ | 
| سلمى: إنهم يمتدحونه.. | 
| هند: لكل حاكم مصفقون يا سلمى ولا سيما والوالي الجديد أخ الخليفة.. | 
| سلمى: أراك غير راضية عنه.. | 
| هند: لا ولكن نفسي لا تنشرح له.. | 
| سلمى: ذلك لأنك رأيت عمرو بن العاص وخبرت أعماله وشاركته في المعارك وربما تغيرين رأيك في الوالي الجديد حين ترينه مستقبلاً.. | 
| هند: ربما يا سلمى ربما على كل حال سنكون مخلصين له كما لسلفه.. | 
| سلمى: هذا هو الواجب وأنت خير من يعرفه.. المهم.. | 
| هند: المهم ماذا؟ | 
| سلمى: هل أخبار الحملة الجديدة على إفريقية صحيحة؟ | 
| هند: الشاعر يقول: | 
| 
| فإن يك صدر هذا اليوم ولى |  
| فإن غداً لناظره قريب |  | 
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت معاوية بن خديج يقول): | 
| معاوية: إنه جيش عظيم يا رويفع.. | 
| رويفع: أي جيش يا بن خديج.. | 
| معاوية: الجيش الذي سيقوده عبد الله بن أبي سرح.. | 
| رويفع: إذن فشائعات الحملة قد أصبحت حقيقة وواقعة.. | 
| معاوية: والحملة فيها خلق كثير من الصحابة وأبناء الصحابة وفيها الحسن والحسين سبطا الرسول العظيم عليه أفضل الصلاة والتسليم.. | 
| رويفع: ياه.. | 
| معاوية: والحملة تسمى حملة (العبادلة).. | 
| رويفع: العبادله!؟ | 
| معاوية: أجل ففيها عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.. | 
| رويفع: إذن فمن هنا كانت التسمية.. حقاً إنها حملة تزخر بزهرات شباب قريش.. | 
| معاوية: بلى.. بلى.. | 
| رويفع: ولعلّ كثيراً منهم يغادرون المدينة للخارج لأول مرة.. يظهر أن افريقية استهوتهم.. | 
| معاوية: قل هذا وقل حب الجهاد.. وقل إن الخليفة عثمان يريد أن يتمرس الشباب على فنون الحرب والقتال وفي أماكن مجهولة لديهم.. | 
| رويفع: لعلّك على حق فبلاد الشام وفارس معروفة لدى العرب من قبل الإسلام أما افريقية فلعلهم لأول مرة يسمعون بها ويدخلونها.. | 
| معاوية: صدقت.. | 
| رويفع: إذن فنحن مقدمون على معارك يلعب فيها الشباب دورهم يا بن خديج.. | 
| معاوية: وأنت يا رويفع ألست من هؤلاء الشباب.. | 
| رويفع: ولكني من الشباب الذين أكلت شبابهم ميادين القتال في الشام ومصر والآن في إفريقية.. | 
| معاوية: بل قل إن تلك الحروب قد زينت شبابك ورصعته بأكاليل من المجد والفخار والخبرة والتجربة.. | 
| رويفع: شكراً على هذا الإطراء الذي لا أستحقه يا بن خديج.. | 
| معاوية: إنه الحقيقة أقررها يا رويفع.. والمستقبل أمامك عظيم بإذن الله.. فإياك والغرور.. | 
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت جرجير ملك الروم يقول): | 
| جرجير: ثيودور! ثيودور! | 
| ثيودور: نعم يا مولاي.. | 
| جرجير: إلى.. إلى.. حالاً.. حالاً.. | 
| ثيودور: بالأمر سيدي القائد.. | 
| جرجير: أنت عبقري.. عبقري يا ثيودور.. | 
| ثيودور: هذا إطراء من سيدي لي وتشريف.. | 
| جرجير: حذرتني قبل مدة من مبادرة إسلامية وكنت مخلصاً في تحذيرك.. | 
| ثيودور: لم أقم إلا بما يمليه واجب الإخلاص لسيدي المليك.. | 
| جرجير: لقد كنت بعيد النظر يا ثيودور في استكناه حال المسلمين مما يدل على متابعتك لتحركات جيوشهم في بلاد الشام ومصر وهنا في افريقية.. | 
| ثيودور: إنني كجندي في جيش مولاي يجب أن أكون على علم تام بتحركات أعداء مولاي.. | 
| جرجير: وقد استدعيتك اليوم لتشير عليَّ بما يجب أن أفعل بعد أن تواترت الأنباء عن حملة كبيرة للمسلمين هي في طريقها إلينا.. | 
| ثيودور: هذه منّة جديدة يطوق بها عنقي سيدي.. | 
| جرجير: قل فإنك تستحق كل تقدير.. | 
| ثيودور: سيدي.. إنني وإن كنت من أنصار القائلين بأن سياسة الهجوم كفيلة بسلامة الدفاع إلا أنني أرى.. | 
| جرجير: ترى ماذا؟ | 
| ثيودور: أرى اليوم العكس.. | 
| جرجير: تعني خطة الدفاع أسلم.. | 
| ثيودور: أجل يا سيدي أجل.. | 
| جرجير: كيف يا ثيودور كيف؟ | 
| ثيودور: إن عدونا قادم من بلاد بعيدة.. | 
| جرجير: بلى.. بلى.. | 
| ثيودور: وعندما تدق جيوشه أبواب مدننا تكون مراكز تموينه قد بعدت عنه كثيراً وليس عنده أسطول بحري لتزويد حملته بما قد تحتاج إليه من متطلبات.. | 
| جرجير: كلام منطقي وسليم.. وبعد.. | 
| ثيودور: فالتزامنا خطة الدفاع ضمن أسوار مدينتنا سيضطر عدونا إلى حصارنا والحصار في صالحنا وليس في صالحه.. | 
| جرجير: أحسنت.. أحسنت.. وتقديراً لعبقريتك وإخلاصك فقد وليتك قيادة جيشنا فخذ في أهبة صدّ العدو منذ الآن.. | 
| ثيودور: شكراً لمولاي.. شكراً.. وأرجو أن أكون أهلاً لثقته الغالية.. | 
| (نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت سلمى تقول): | 
| سلمى: الجو في طرابلس الغرب يا هند ملبد بكثير من التكهنات والاحتمالات.. | 
| هند: تكهنات واحتمالات ماذا يا سلمى.. | 
| سلمى: انتقاض لسكان طرابلس الغرب بعد القبض على متسللين من الروم إليها.. | 
| هند: ما دام قد قبض على هؤلاء المتسللين فلم يعد هنالك مجال للاحتمالات والتكهنات.. | 
| سلمى: المظنون أن هنالك متسللين لم يقبض عليهم بعد.. وأن المعلومات الواردة من جزيرة (جربة) التونسية تفيد بوجود حشود رومية وبربرية.. تستعد لغزو طرابلس الغرب عندما تحن الفرصة.. | 
| هند: من أين لك كل هذه المعلومات؟ | 
| سلمى: من زوجي ياسر فأنت تعلمين أنه موضع ثقة معاوية بن خديج كما أن رويفع زوجك.. | 
| هند: ماذا عن رويفع؟ | 
| سلمى: رويفع عينه معاوية بن خديج قائداً لصد هجوم الروم المرتقب.. | 
| هند: إذن فقد علمت السبب الذي من أجله كثر تغيب رويفع ذلك التغيب الذي كادت الظنون بسببه أن تعصف بعلاقتي برويفع.. | 
| سلمى: ماذا تقولين يا هند؟ | 
| هند: صدقيني لقد كدت أحمل تغييب رويفع على زواجه من بنات هذه المدينة ولا سيما وقد شاهدت بينهن فتيات جميلات ساحرات.. | 
| سلمى: أتظنين رويفع يجد بينهن أجمل منك؟ | 
| هند: هذه عين الرضا منك وعلى كل حال شكراً لك على وأد هذه الظنون في مهدها.. | 
| (نسمع هرجاً ومرجاً وضجيجاً وصخباً وصليل سيوف وقعقعة تتخلله موسيقى صاخبة نسمع بعدها صوت المنادي يقول): | 
| المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين إلى السلاح.. إلى السلاح.. عودوا إلى أماكنكم واستعدوا للقتال.. | 
|  |