شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 1 ـ
(نسمع صوت سيارة وصوت فراملها وهي تقف يعقبها موسيقى نسمع بعدها صوت مجدي يقول):
مجدي: أين نحن الآن يا فريد..
فريد: ها نحن نصل مدينة ((البيضاء)) يا مجدي على الجبل الأخضر حيث يرقد الصحابي (رويفع بن ثابت الأنصاري) الذي وعدتك بأن أحدثك عنه ونحن في طريقنا إلى جزيرة جربت التونسية..
مجدي: حدثني لعلّنا نقطع بهذا الحديث طريقنا الطويلة إلى جزيرة جربة..
فريد: ولد رويفع بن ثابت بن سكن بن عدي بن حارثة الأنصاري من بني مالك بن النجار بالمدينة المنورة..
مجدي: ولكنهم يطلقون عليه في مدينة البيضاء اسم (سيدي رافع) كما أرى..
فريد: لقد تعمدوا ذلك كي يتجنبوا التصغير فرويفع تصغير رافع كما تعرف.. إذن فإطلاق اسم (رافع) هو من قبيل الإجلال والإكبار..
مجدي: أجل يا فريد أجل ولكن..
فريد: ولكن ماذا؟
مجدي: كيف وصل رويفع إلى هذه المدينة..
فريد: هذا ما أردت أن أحدثك عنه..
مجدي: هات فكلي آذان صاغية..
(نقلة صوتية وزمنية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت جابر يقول):
جابر: لله درّ رويفع بن ثابت الأنصاري يا رباح فقد جاهد جهاد الأبطال..
رباح: صدقت يا جابر لقد رأيته يصرع قائد فرسان الروم في معركة اليوم ثم ينقل على الفرسان الذين حاولوا أن يصرعوه فيقضي على بعضهم ويهرب البعض الآخر..
جابر: لقد نال رويفع شرف صحبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ولكنه لم ينل شرف الجهاد تحت لوائه لصغر سنه..
رباح: وها هو يعوض عن ذلك في المعارك الدائرة رحاها على أرض الشام وفلسطين..
جابر: يخيل إلي يا رباح أن مقام (رويفع) بيننا لن يطول..
رباح: أتعني أنه سيذهب شهيداً في سبيل إعلاء كلمة الله..
جابر: هذا علمه عند الله..
رباح: ولكن ما هو الذي تعلمه أنت؟
جابر: أرى أنه سينضوي تحت لواء عمرو بن العاص في مسيرته لفتح مصر..
رباح: كيف علمت ذلك؟
جابر: رأيت عمرو بن العاص يهنئه على جهاده ويقول له:
رباح: ماذا قال له؟
جابر: إن الجيش الذاهب لفتح مصر بحاجة إلى سواعدك الفتية القوية يا رويفع..
رباح: يا أسفاه.. إننا سنخسر صحبة زميل في الميدان وصديق خارج الميدان..
جابر: من يدري فقد تنقل إلى جبهة مصر معه..
رباح: ليتني أنقل إليها فإن الناس يتحدثون كثيراً عن مصر وخيراتها..
جابر: ما رأيك؟
رباح: في أي شيء؟
جابر: تكلم (رويفع) فلعلّه يحدث عمرو بن العاص في شأننا فيلحقنا بحملته..
رباح: أترى عمرو بن العاص يستمع إلى كلامه؟
جابر: كيف لا وهو يعلم أن رويفع بن ثابت الأنصاري ينحدر من بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم..
رباح: فلنذهب إليه نكلمه في الأمر..
جابر: هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة تختلط بنشيج وبكاء خافت نسمع بعده صوت سلمى تقول):
سلمى: أتبكين يا هند؟
هند: أجل ومن حقي البكاء..
سلمى: ولم تبكين؟ أعلى فراق أخيك وانضمامه إلى جيش عمرو بن العاص أم على فراق..
هند: فراق من يا سلمى..
سلمى: لا أدري.. سلي نفسك يا هند..
هند: ولم هذا الإحراج يا أختاه؟
سلمى: ولم هذا البكاء وكلنا في الهوى سوا.. أنا فارقت أخاك (ياسر) وأنت فارقت ابن عمتي (رويفع)..
هند: ولكنك فتاة جلود صبور..
سلمى: لا يا هند فقلبي ربما كان أرق من قلبك ولكن..
هند: ولكن ماذا؟
سلمى: ولكن دموعي في مثل هذه المناسبات غالية.. يجب أن تقومي بالدعاء بدلاً من البكاء..
هند: وما يدريك أن دموعي تسابيح دعاء وابتهال إلى الله العلي القدير بأن يكلأ (رويفع) وجميع المسلمين بعين عنايته التي لا تنام..
سلمى: هذا شيء جميل.. أنت تبتهلين وتسبحين بدموعك وأنا أبتهل واسبح بلساني وقلبي.. وكل له طريقته ووسيلته..
هند: يلوح لي أنك لا تقاسين مثلما أقاسي ولا تكابدين مثلما أكابد..
سلمى: كيف وصلت إلى هذه النتيجة يا هند..
هند: بما تظهرين به وكأنك لم تفارقي عزيزاً..
سلمى: ما ادراك إني فارقته؟ إنه يعيش في كل جانحة من جوانحي.. إنه النور الذي أبصر به طريقي ولكني أتذرع بالصبر مؤملة في اللقاء..
هند: لن تجديني باكية بعد اليوم يا أختاه.. سأتسربل بالصبر مثلك على أمل اللقاء..
سلمى: ثقي أن اللقاء سيكون قريباً بإذن الله يا هند فجيوش المسلمين قد هزمت الروم عند حصن (بابليون) والشائعات تقول إن المقوقس عزيز مصر بعث يطلب الصلح..
هند: وإذا تم الصلح..؟
سلمى: سيكون هناك عهد من الاستقرار وعندها ترين (رويفع) وأرى أنا (ياسر) بإذن الله..
هند: ولكن..
سلمى: ولكن ماذا يا هند؟
هند: أخشى ألا يوافق الروم على صلح المقوقس فتندلع الحرب ثانية فتتحطم أمانينا في عهد من الطمأنينة والاستقرار..
سلمى: مخاوفك في محلها يا هند فالروم لن يفرطوا بسهولة في مصر أغلى جوهرة في تاج الإمبراطورية الرومانية، واستمرار الصراع محتمل جداً يا هند..
هند: ما العمل؟
سلمى: اصبري إن الله مع الصابرين..
هند:
سأصبر حتى يعلم الصبر إنني
صبرت على شيء أمر من الصّبر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت رويفع يقول):
رويفع: كيف رأيت مصر يا رباح؟
رباح: من أجمل بلاد الله وأخصبها..
جابر: لقد كنت تتوق إلى رؤية مصر وهاهي أمنيتك تتحقق بفضل الله ثم بجهود رويفع..
رويفع: أستغفر الله يا جابر لقد خدمت جيشنا بانضمام فارسين إليه مثلك ومثل رباح.. إن أنس لا أنسى معركة (بابليون) وبلاؤكما الحسن فيها..
رباح: كنت القدوة يا رويفع..
رويفع: لقد صدق عمر بن الخطاب حين كتب إلى عمرو بن العاص أني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل منهم رجل مقام الألف: الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلّد..
جابر: بلى.. بلى وهل ينسى أحد شجاعة الزبير بن العوام حين وضع السلم إلى جانب حصن بابليون ثم صعد وكبر وكبرنا معه من خارج الحصن فظن الروم إننا اقتحمنا الحصن فهربوا فنزل الزبير وفتح الباب فدخلنا وكان النصر..
رباح: أجل لقد كانت معركة باباليون نصر من الله تعالى حققه على يد الزبير بن العوام..
رويفع: وفتح الإسكندرية أنسيتموه..
جابر: كيف ننساه ولما تمض عليه بضعة شهور ولكن..
رويفع: ولكن ماذا يا جابر..؟
جابر: كنت أريد أن اسألك هذا السؤال غير أني كنت أنساه في زحمة الحوادث والآن جاء إلي خاطري..
رويفع: قله يا جابر..
جابر: يقال إن عمر بن الخطاب حين طال حصارنا للإسكندرية شهوراً بعث برسالة إلى عمرو بن العاص فهل تعلم فحوى تلك الرسالة..
رويفع: أجل.. أجل..
رباح: حدثنا عنها..
رويفع: حباً وكرامة يا رباح وأنت يا جابر..
رباح: بورك فيك من أخ كريم..
رويفع: كتب أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص يقول: (أما بعد فقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر وما ذلك إلا لما أحدثتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم وإن الله تبارك وتعالى لا ينصر قوماً إلا بصدق نياتهم)..
جابر ورباح: الله أكبر.. الله أكبر.. أكمل يا رويفع..
رويفع: وقد كنت وجهت إليك أربعة رجال وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما كنت أعرف إلا أن يكون غيرهم ما غيرهم..
رباح: الله أكبر..
رويفع: فإذا أتاك كتابي فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم وقدم أولئك الأربعة في صدور الناس وأمرهم جميعاً أن تكون لهم صدمة كصدمة رجل واحد..
جابر: يا لحسن التوجيه وسداد الرأي.. أكمل يا رويفع..
رويفع: وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة فإنها ساعة تنزل الرحمة فيها ويستجاب الدعاء فليعج الناس بالدعاء إلى الله ويسألوه النصر على عدوهم.. وكان ما كان..
رباح: وهكذا فعل عمرو بن العاص ففتح الله عليه وأيده بنصره المبين..
جابر: لافُضَّ فوك يا رويفع.. ما شاء الله إن لك ذاكرة قوية.. أما أنا فما أشد نسياني..
رباح: لقد تقدمت بك السن يا جابر.. أما رويفع فما يزال في ريق الشباب..
رويفع: الحمد لله على نعمة الصحة والعافية..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت هند تقول بلهفة):
هند: أحقاً ما تقول يا أبتاه..
معاوية: نعم يا بنيتي..
هند: وسأذهب بصحبتك إلى مصر.. إلى رويفع..
معاوية: إن شاء الله..
هند: وماذا عن سلمى يا أبي..
معاوية: وسلمى ستكون معك فقد كلفني ياسر بذلك إن كانت عندها الرغبة في القدوم إلى مصر..
هند: تقول: إن كانت عندها الرغبة.. إنها ستطير فرحاً.. أتبلغها يا أبي أم أتولى أنا عنك ذلك..
معاوية: كلانا يا هند..
هند: ومتى تزمع العودة إلى مصر.. أعني متى تريد أن نكون جاهزتين للسفر..
معاوية: كلما أسرعتما كان خيراً لي ولكما..
هند: بالنسبة لي يا أبي فأنا مستعدة للرحيل منذ الآن ولكن..
معاوية: ولكن ماذا؟
هند: سلمى لا أدري متى تكون جاهزة للسفر..
معاوية: بل ربما لا ترغب في الرحيل عن طيبة إلى مصر..
هند: كلما أعرفه أنها شديدة الرغبة في الالتحاق بياسر إلا أن طرأ ما غير رايها..
معاوية: هيا بنا نقطع الشك باليقين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تختلط بهرج ومرج وضجيج نسمع بعدها صوت رباح يقول):
رباح: ما هذا الضجيج والهرج والمرج يا جابر؟
جابر: ألا تدري؟
رباح: لو كنت أدرى ما سألتك.. كل ما أدري أن الناس هنا في كرب شديد لمرور ثلاثة شهور والنيل لا يجري.. حتى هموا بالجلاء..
جابر: هذه أسباب الهرج والمرج الذي تشهد وتسمع وتقول لا تدري..
رباح: ولكن ألم يجد عمرو بن العاص حلاً لذلك؟
جابر: لقد كتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بذلك..
رباح: أرجو أن يلهم الله أمير المؤمنين الرأي السديد والحل السليم لهذه المشكلة إذ ليس من المعقول أن تظل عادة رمي جارية بكر في النيل حتى يفيض..
جابر: يقيني يا رباح أننا سنشهد معجزة من معجزات هذا الدين الحنيف..
رباح: أرجو ألا يطول الانتظار يا جابر فالناس في ضيق وهم وغم..
جابر: لعلّ أمير المؤمنين يبعث بشيء مع معاوية بن خديج.. فهو الآن بالمدينة وفي طريقه إلينا ولا شك..
(يتطلع رباح فيرى رويفع يخطو مسرعاً إلى حيث يقفان فيقول):
رباح: انظر ها هو رويفع قادم إلينا وهو يسرع الخطى..
جابر: لا شك أن حقيبته مليئة بالأخبار..
(يصل رويفع وهو يقول):
رويفع: السلام عليكما..
رباح وجابر: وعليك السلام يا رويفع..
جابر: هات ما وراءك لقد جئتنا مسرعاً..
رويفع: وردت رسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب..
رباح: وماذا فيها؟
رويفع: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر. أما بعد فإن كنت تجري من قبلك فلا تجري وإن كان الواحد القهار هو الذي يجريك فإننا نسأله أن يجريك..
جابر: وماذا فعل عمرو بن العاص بالرسالة..
رويفع: دعا وجوه المصريين وزعماؤهم وتلا عليهم الرسالة ثم قذف بها في النيل بين دهشة الناس ووجومهم..
رباح: أترى سيتحدث الناس عن معجزة جديدة للإسلام..
رويفع: سنرى..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة وأصوات تعلو وتنخفض وضجيج وصخب نسمع بعدها اصوات تقول):
الأصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
جابر: إنها أصوات تكبير وتهليل هيا بنا نتعرف أسبابها..
(يسرعون والموسيقى مصاحبة نسمع بعدها صوت رباح يصرخ وهو يقول):
رباح: الله أكبر.. حمداً لك يا رب.. لقد حدثت المعجزة وجرى النيل ستة عشر ذراعاً وفاض أكثر مما سبق..
(أصوات تهليل وتكبير وحمد وثناء)..
جابر: حقاً إنه يوم خالد من أيام الإسلام..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1215  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج