الحلقة ـ 12 ـ |
خاتون: هل أبقى أو انصرف؟ |
ملكشاه: يستحسن أن تذهبي.. |
خاتون: بحفظ الله وأمانه يا مولاي.. |
ملكشاه: بحفظ الله يا ترك خاتون.. |
(يدخل نظام الملك والموسيقى مصاحبة وهو يقول): |
نظام الملك: السلام على مولاي السلطان.. |
ملكشاه: وعليك السلام.. ما وراءك يا أبي.. |
نظام الملك: الخير إن شاء الله.. |
ملكشاه: قل فإن محياك يكاد ينطق بأمر هام.. |
نظام الملك: ليس هاماً يا مولاي ولكن.. |
ملكشاه: ولكن ماذا؟ |
نظام الملك: خبر مزعج يا مولاي.. سقطت حلب بأيدي الأعداء.. |
ملكشاه: سنستردها منهم بإذن الله وسوف نلقنهم درساً لن ينسوه.. |
نظام الملك: هذا ما يجب يا مولاي.. |
ملكشاه: أسمع يا نظام الملك.. |
نظام الملك: مولاي.. |
ملكشاه: سنصل بغداد غداً إن شاء الله. |
نظام الملك: إن شاء الله.. |
ملكشاه: وسأسلم على الخليفة ولن تطول إقامتي ببغداد إلا بمقدار سرعتك في تهيئة الجيوش اللازمة لاستعادة البلاد المسلوبة.. |
نظام الملك: لن يأخذ ذلك طويلاً يا مولاي.. |
ملكشاه: حسناً وأكتب إلى عاملنا على الموصل ليجرد حملة وحدد له المكان الذي سيلاقينا فيه. |
نظام الملك: أمرك يا مولاي.. |
ملكشاه: سوف يرى الأعداء من بأسنا ما تشيب له النواصي والأقدام. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت انوشتكين يقول): |
انوشتكين: مرحباً بك يا سعد الدين. كم أنا مسرور أن أراك وقد شفيت من جراحك التي أصبت بها في حادث الصيد.. |
سعد الدين: شكراً على عواطفك الرقيقة يا انوشتكين.. لقد كانت جراحاً بالغة لولا لطف الله وعنايته لكنت في عداد الهالكين.. |
انوشتكين: حقاً يا سعد الدين لقد رحمك فالحمد لله على ذلك.. |
سعد الدين: الحمد لله يا انوشتكين.. الحمد لله.. قل لي.. |
انوشتكين: تفضل.. |
سعد الدين: كيف كانت حملتكم على بلاد الترك والصين.. |
انوشتكين: ممتعة ومفيدة.. |
سعد الدين: صدقت وذلك ما تناقله الناس هنا عنها وكانت عاملاً كبيراً في شفائي مما كنت فيه.. |
انوشتكين: والآن.. هل سمح لك الأطباء بالعودة إلى ساحة الحرب والنزال.. |
سعد الدين: لا يا انوشتكين.. على أن أرتاح لمدة سنة تقريباً.. |
انوشتكين: إذن سوف لا ترافقنا في حملاتنا القادمة.. |
سعد الدين: وهل أنتم على وشك القيام بحملة أخرى وأنتم لما ترتاحوا من الحملة الأولى.. |
انوشتكين: السلطان ملكشاه نذر نفسه للجهاد في سبيل الله والجهاد طريق لا نهاية له يا سعد الدين.. |
سعد الدين: بلى.. بلى.. ولكن.. |
انوشتكين: ولكن ماذا؟ |
سعد الدين: إلى أين ستكوّن وجهة حملتكم القادمة؟ |
انوشتكين: لا أدري بالضبط ولكن ربما إلى الغرب. |
سعد الدين: أتقصد جنوب البلاد الشامية. |
انوشتكين: ربما يا سعد الدين.. ربما.. |
سعد الدين: ولكن هذا هو المرتقب فهنالك اعتداءات على البلاد الشامية ولا شك أن السلطان ملكشاه سوف يضع حداً لها.. |
انوشتكين: هاأنت قد عرفت بحكم تجاربك في ميدان الحروب.. |
سعد الدين: ليت الطبيب يسمح لي بمصاحبتكم فإني تواق إلى مشاهدة تلك البلاد.. |
انوشتكين: ألم ترها من قبل؟ |
سعد الدين: لا.. وأنت.. |
انوشتكين: ولا أنا.. |
سعد الدين: إذن فستراها في هذه المرة.. |
انوشتكين: من يدري ربما أمر السلطان ملكشاه ببقائي في أصفهان.. |
سعد الدين: ربما يا انوشتكين ولكنها ستبقى حسرة في نفسك.. |
انوشتكين: لو كان ذلك بالنسبة لي وحدي لرضيته وربما لا أتحسر ولكن.. |
سعد الدين: ولكن ماذا؟ |
انوشتكين: بَرْكوزارْ يا سعد الدين إنها متشوقة لرؤية بلاد الشام ومن ثم الحج إلى بيت الله الحرام.. |
سعد الدين: إذا أخذ السلطان ملكشاه زوجته ترك خاتون معه فسوف يأخذك معه لأن ترك خاتون لا تستطيع الابتعاد عن بركوزار.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ترك خاتون تقول): |
ترك خاتون: السلطان ملكشاه لن يبقى طويلاً ببغداد يا بركوزار.. |
بركوزار: لماذا؟ |
خاتون: إنه يتعجل نظام الملك في تجهيز الجيوش اللازمة لاسترداد حلب من ايدي الأعداء.. |
بركوزار: هل سيقود الحملة؟ |
خاتون: أجل.. أجل.. إنه يريد أن ينتقم من المعتدين أشد الانتقام.. |
بركوزار: هل ستذهبين معه؟ |
خاتون: كان مزمعاً ألا يأخذني معه ولكني أقنعته فقبل.. |
بركزوار: إذن فستتحقق أحلامك يا ابنة العم.. |
خاتون: وأحلامك أنت أيضاً.. |
بركوزار: كيف؟ |
خاتون: لأن السلطان ملكشاه أمر نظام الملك بأن يجعل انوشتكين على قيادة الفرسان ألم يقل لك؟ |
بركوزار: لا يا خاتون لأني لا أراه في هذه الأيام إلا لماما.. |
خاتون: لماذا؟ هل يذهب لزيارة زوجته الأخرى (ضرتك).. |
بكوزار: ربما وربما هنالك شيء أهم من ذلك؟ |
خاتون: ما هو؟ |
بركوزار: محاربة الباطنية المندسين في أحياء بغداد. |
خاتون: لعنهم الله.. |
بركوزار: إن محاربته لهم كان من الأهمية في رأيي مثل أهمية فتوحاته في بلاد الهند ونشر الإسلام في ربوعها. |
خاتون: بلى.. بلى.. ولا يزال أبناؤه يتمرسون خطى أبيهم العظيمة.. |
بركوزار: خاتون.. |
خاتون: نعم يا ابنة العم.. |
بركوزار: متى ستشرع حملة السلطان ملكشاه على بلاد الشام.. |
(يدخل السلطان ملكشاه وهو يقول): |
ملكشاه: غداً بإذن الله يا بركوزار فهل أنتن مستعدات؟ |
خاتون: أجل.. يا مولاي أجل.. |
ملكشاه: يلوح لي أن انوشتكين لم يخبرك يا بركوزار.. |
بركوزار: لا يا مولاي ولعلّي أعلم لأول مرة كل شيء من ابنة العم ترك خاتون.. |
ملكشاه: إن انشغال انوشتكين بالمهمة الملقاة على عاتقه قد أنساه ذلك ولا شك.. |
بركوزار: ربما يا مولاي.. |
ملكشاه: ولم تقولين ربما.. هل هنالك شيء آخر يشغله؟ ربما زوجته الأخرى أليس كذلك يا بركوزار؟ |
بركوزار: لا تهمني زوجته الأخرى يا مولاي.. |
ملكشاه: أتقولين حقاً.. |
بركوزار: أجل يا مولاي أجل.. |
ملكشاه: أتصدقين ما تقوله بركوزار يا خاتون.. |
خاتون: لو كانت لي ضرة كما لها ما صدقت ما تقول.. |
(يضحكون ثم يقول ملكشاه): |
ملكشاه: على كل حال أنا مطمئن إلى أن أنوشتكين لم يكن مشغولاً مع زوجته الثانية فلا تقلقي يا بركوزار.. |
بركوزار: شكراً لمولاي.. |
ملكشاه: والآن أترككما أو تتركاني فإني على موعد مع نظام الملك.. |
خاتون: سننصرف نحن يا مولاي.. |
ملكشاه: مع السلامة.. |
(يدخل نظام الملك وهو يقول): |
نظام الملك: السلام على مولاي السلطان.. |
ملكشاه: وعليك السلام يا نظام الملك.. |
نظام الملك: لقد قمت يا سيدي بتنفيذ جميع الأوامر التي عهدت بها إلي.. |
ملكشاه: بورك فيك يا أبي.. ومتى ستسير إلى بلاد الشام؟ |
نظام الملك: كل شيء جاهز وتوقيت السير بيد مولاي.. |
ملكشاه: بل بيد الله يا نظام الملك.. ونحن مسيرون لا مخيّرون.. وأرى أن نتوكل على الله فنزحف غداً على بركة الله.. |
نظام الملك: على بركة الله.. |
(يدخل انوشتكين ويقول): |
انوشتكين: مولاي السلطان.. |
ملكشاه: ما وراءك يا انوشتكين.. |
انوشتكين: أحضرت الأمير سعد الدين حسب أمر مولاي.. |
ملكشاه: أين هو؟ |
انوشتكين: بالباب.. |
ملكشاه: فليدخل.. |
انوشتكين: أمرك يا مولاي.. |
(يذهب ويقول نظام الملك): |
نظام الملك: لقد كتب الله له عمراً جديداً إذ جعل سلامته على يديك يا مولاي.. |
ملكشاه: حقاً يا نظام الملك فحين رايت النمر يقفز على سعد الدين ويرميه في الأرض ثم أهوى ليفترسه رميته بحريتي فجاءت بين عينيه فانشطر وجهه شطرين وهوى بجانب سعد الدين.. |
نظام الملك: كان إنقاذاً من الله تعالى له بتلك الرمية الصائبة.. |
ملكشاه: ولا تنسى سهام رفاقنا في الصيد التي مزقت جسد النمر فقضت على كل مقاومة لديه.. |
(يدخل سعد الدين يقول): |
سعد الدين: السلام على مولاي السلطان.. |
ملكشاه: وعليك السلام يا سعد الدين.. كيف أنت اليوم.. هل التأمت جراحك.. |
سعد الدين: تماماً يا مولاي.. |
ملكشاه: أتستطيع الصيد.. |
سعد الدين: لقد حرمت على نفسي الصيد بعد خلاصي على يديك.. يا لها من ساعة رهيبة كلما تذكرتها يا مولاي أكاد أموت هلعاً ورعباً.. |
ملكشاه: النمر حيوان شرس غدار وأنت صياد جديد في هذه المهنة ولا سيما صيد النمور.. |
سعد الدين: لم أكن أتوقع يا مولاي وجود نمر في تلك المنطقة.. |
ملكشاه: كان نمراً جائعاً.. |
سعد الدين: وكدت أكون فريسته لولا أن جعل الله سلامتي على يديك.. |
نظام الملك: (ضاحكاً) ويا لها من فريسة سمينة.. كادت تكون وجبة دسمة للنمر.. |
(يضحكون ويقول ملكشاه): |
ملكشاه: والآن يا سعد الدين هل أنت مستعد للذهاب معنا في حملتنا على الشام.. |
سعد الدين: إنه منتهى ما أتمناه يا مولاي لو يسمح به الطبيب المداوي.. |
ملكشاه: إذن فقد أمرنا بتعيينك مساعداً لنائب السلطنة.. |
نظام الملك: إنه تعيين صارف أهله ومحله يا مولاي.. |
سعد الدين: لساني يعجز عن شكر مولاي على فضله وكرمه وثقته الغالية التي أرجو أن أكون أهلاً لها.. |
ملكشاه: أبدأ عملك من الغد يا سعد الدين.. |
سعد الدين: بالأمر يا مولاي.. |
(نقلة صوتية بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت بركوزار تقول): |
بركوزار: وها نحن ندخل بلاد الشام يا خاتون ويتحقق بذلك الأمل الأول من آمالنا.. |
خاتون: وسيتحقق الأمل الثاني بإذن الله.. |
بركوزار: وهاهم الأعداء يخلون مدينة حلب قبل وصول جيش السلطان ملكشاه.. |
خاتون: حتى أسلحتهم وأمتعتهم تركوها وهربوا لا يلوون على شيء.. |
بركوزار: لقد قذف الله في قلوبهم الرعب.. |
خاتون: أرأيت الناس ولقاءاتهم واستقبالاتهم.. |
بركوزار: وهتافاتهم له ((بالسلطان العادل)) ومن حقهم أن يهتفوا فقد جلس للمظالم بنفسه وقضى بين الناس بالقسطاس المستقيم.. |
خاتون: وفتح بابه لكل قاصد بحيث يستطيع أي شخص من افراد شعبه أن يتصل به في سهولة ويسر لرفع ظلامته أو التعبير عما لحقه من اضطهاد.. |
بركوزار: بهذا العدل أمنت السبل فالقوافل تسير من بلاد ما وراء النهر إلى أقصى بلاد الشام في أمن وطمأنينة وهذا سر نجاح السلطان ملكشاه.. |
|