الحلقة ـ 5 ـ |
سنج: هل أعود من حيث أتيت أو انتظر.. |
تتش: ذلك لك لأن الجواب لن يكون سريعاً ونحن حتى نصل إلى حيث يقيم السلطان نحتاج إلى أيام وليالي.. |
سنج: أخشى أن يقوم السلطان بجيشه على بلادنا قبل أن تصل إليه.. |
تتش: هذا لا أظن لأنني مع جيشي سأكون في صحبته.. |
سنج: إذن سأنتظر.. |
تتش: هذا هو الرأي الصواب وإنني أرى حرصاً على حياتك أن أضعك في كنف بعض من أثق من رجالي.. |
سنج: ولم كل هذه الاحتياطات التي لم تكن من قبل.. |
تتش: ذلك لأن نظرة الترك إلى الصين قد تغيرت بعد دخولهم في الإسلام.. |
سنج: وبهذه السرعة.. |
تتش: أجل وهذا سر من أسراره.. |
سنج: حسناً.. أنا تحت تصرفك يا تتش.. ومتى ستذهب للقاء السلطان ملكشاه.. |
تتش: غداً إن شاء الله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت بركوزار تقول): |
بركوزار: تمنيت أن أكون مع الداعيات يا خاتون لو سمح السلطان ملكشاه لزوجي بأن يكون مع الدعاة.. |
خاتون: ولكن السلطان كما تعلمين لا يستطيع الاستغناء عن زوجك في قيادة الفرسان.. |
بركوزار: على كل حال سنمر في طريقنا إلى بلاد الصين بقرى ومدن فعسى أن تمكننا الظروف من الدعوة للإسلام بين نسائها.. |
خاتون: ربما وربما لا.. |
بركوزار: هذا صحيح فقد نضطر إلى خوض معارك جانبية سوف تعيقنا عن الدعوة إلى سبيل الله.. قولي يا خاتون.. |
خاتون: تفضلي يا ابنة العم.. |
بركوزار: متى ستزحف على بلاد الصين.. |
خاتون: لا أدري غير أني لا أظن أننا سننتظر هنا طويلاً لأن ملكشاه قد طال غيابه عن مقر سلطانه.. |
بركوزار: ليت ملك الصين يطلب الصلح.. فيكفينا مؤونة حرب لا يعلم سوى الله تعالى متى ستنتهي ولصالح من.. |
خاتون: أجل يا بركوزار فبلاد الصين لا أول ولا آخر لها وأهلها كالنمل.. |
بركوزار: لعلّ دخول الترك أقصد خاقان الترك يضعف من عزيمة ملك الصين على القتال فتتهيأ حينئذ فرص السلم.. |
خاتون: تعليلك في محله.. فدخول الترك في الإسلام لا شك له أثره البالغ على ملك الصين ومستشاريه.. |
بركوزار: ومع أني أرغب في رؤية بلاد جديدة وأمة جديدة إلا أن تصوري لويلات الحرب وما تجره على الغالب والمغلوب يميت في نفسي هذه الرغبة.. |
خاتون: إنني من رأيك يا ابنة العم فيما تجره الحروب من ويلات ومصائب.. وإنني أحب رؤية بلاد جديدة كزائرة لا مقاتلة.. |
بركوزار: هذه منية تتمناها كل واحدة منا ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.. |
خاتون: بنفسي يا بركوزار أن أزور بلاد الشام بعد عودتنا مظفرين بإذن الله.. |
بركوزار: أما أنا.. |
خاتون: أما أنت فماذا؟ |
بركوزار: بنفسي بعد العودة الحميدة إن شاء الله أن أحج بيت الله الحرام.. |
خاتون: فكرة هائلة يا بركوزار نزور معاً بلاد الشام ومنها نذهب إلى حج بيت الله الحرام.. |
بركوزار: اللَّهم بلغنا زيارة بيتك المعظم يا رب العالمين.. |
خاتون: اللَّهم آمين.. اللَّهم آمين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت انوشتكين يقول): |
انوشتكين: وردتني يا نظام الملك أنباء خطيرة.. |
نظام الملك: ما هي يا انوشتكين؟ |
انوشتكين: استقبل تتش خاقان الترك قبل أيام شخصية صينية كبيرة يقال إنها كانت موفدة من قبل ملك الصين.. |
نظام الملك: حقاً إنه خبر خطير ولكن.. |
أنوشتكين: ولكن ماذا؟ |
نظام الملك: هل عادت تلك الشخصية إلى بلادنا أو لا تزال باقية؟ |
انوشتكين: هذا ما لا أعلمه.. |
نظام الملك: هل أنت واثق من ناقل هذه الأخبار.. |
انوشتكين: كل الثقة أيها الوزير.. |
نظام الملك: ماذا ترى يا انوشتكين؟ |
انوشتكين: الرأي منك نستمده أيها الوزير الحكيم.. |
نظام الملك: أرى أن نضع تتش خاقان الترك تحت رقابة شديدة.. |
انوشتكين: إن خاقان الترك في طريقه إلينا.. |
نظام الملك: لِم لَم تقل ذلك من قبل؟ |
انوشتكين: هل وضح الأمر لك؟ |
نظام الملك: أجل.. أجل.. |
انوشتكين: كيف؟ |
نظام الملك: الشخصية الصينية رسول من ملك الصين إلى خاقان الترك يوسطه في موضوع يتعلق بنا وبه.. وهو في رأي الصلح.. |
انوشتكين: لقد صدق من سماك بالوزير الحكيم.. |
نظام الملك: راقب وصول خاقان الترك يا انوشتكين.. أما أنا فسأذهب إلى السلطان ملكشاه وأنقل إليه ما قلته.. |
انوشتكين: وما استنتجته أنت أيضاً.. |
نظام الملك: بكل تأكيد.. قل لي وأصدقني.. |
انوشتكين: تفضل.. |
نظام الملك: ألم يصلك خبر الشخصية الصينية عن طريق زوجتك بركوزار.. |
انوشتكين: (مندهشاً) ولكن كيف عرفت ذلك لعلّ بركوزار أخبرت خاتون به وهذه نقلته إليك.. |
نظام الملك: لا وربي.. |
انوشتكين: إذن كيف حزرته؟ |
نظام الملك: المرأة المسلمة التي بعثت ابنها بالخبر إلى بركوزار بعثت به إلي تطلب إدخال ابنها في الحملة التي ستذهب إلى بلاد الصين.. ولكنها لم تخبرني بما أخبرت به بركوزار.. |
انوشتكين: إذن استودعك الله وإلى اللقاء.. |
نظام الملك: بحفظ الله وأمانه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ترك خاتون تقول): |
خاتون: أراك ساهمة واجمة يا بركوزار.. فهل تشكين من شيء؟ |
بركوزار: لا يا ابنة العم.. |
خاتون: إذن فلم الوجوم والشرود؟ |
بركوزار: لا أدري ولكني ربما كنت مهمومة بعض الشيء.. |
خاتون: خبريني فلعلّي أستطيع أن أدفع عنك هذا الهم.. |
بركوزار: ليتك تستطيعين؟ |
خاتون: إذا لم أستطع أنا فقد أعرض الأمر على السلطان.. |
بركوزار: لا موجب لكل ذلك يا ابنة العم وشكراً على هذا الاهتمام البالغ.. |
خاتون: لا شكر على واجب.. وسأكون ممتنة لو أعلمتني بما يهمك.. |
بركوزار: لست في حل من البوح به.. |
خاتون: أهو خطير إلى هذه الدرجة؟ |
بركوزار: ربما.. |
خاتون: ولكني كما تعوّدت منك أو كما أعرف لا يوجد بيني وبينك شيء مخبأ.. |
بركوزار: قد تأتي حالات طارئة تستدعي أو تضطر المرء على إخفاء أشياء عن أعز الناس لديه.. وأني يعلم الله أخفى ذلك وإلا لم يعتصر فؤادي.. فأرجو المعذرة.. |
خاتون: إنني أعذرك يا بركوزار وعلى كقريبة وصديقة أن أقدر موقفك فلا أطلب منك ما لو طلب أحد مني لامتنعت.. |
بركوزار: شكراً يا ابنة العم على تقديرك لموقفي ومعاونتك لي على اجتيازه بالشكل الذي يرغبك.. |
خاتون: لا شكر على واجب ولكن.. |
بركوزار: ولكن ماذا؟ |
خاتون: هل عندك علم بآخر الأنباء؟ |
بركوزار: أية أنباء.. |
خاتون: عن مجيء تتش خاقان الترك المفاجىء لزيارة السلطان ملكشاه.. |
بركوزار: هل وصل خاقان الترك فعلاً.. |
خاتون: يقال إنه ينتظر وصوله غداً أو بعد غد.. |
بركوزار: عسى أن يكون قدومه خيراً.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ملكشاه يقول): |
ملكشاه: أتظن مجيء تتش خاقان الترك المفاجىء لهذه الغاية.. |
نظام الملك: هذا ما أراه أيها السلطان.. |
ملكشاه: قد يكون رأيك مصيباً ولكن.. |
نظام الملك: ولكن ماذا؟ |
ملكشاه: ماذا يا ترى يحمل في جعبته من شروط.. |
نظام الملك: لا أظنه يحمل شروطاً خطية وأرجح أنها شفوية.. |
ملكشاه: ولكن ما هي الدوافع لذلك؟ |
نظام الملك: ربما يخشى ملك الصين الدخول في حرب هو غير مستعد لها.. |
ملكشاه: ولذلك وسط خاقان الترك في الصلح معنا.. |
نظام الملك: بلى.. بلى أيها السلطان.. |
ملكشاه: ما رأيك يا نظام الملك إذا كان الموضوع يتعلق بالصلح.. |
نظام الملك: كان هدفكم أيها السلطان من وراء هذه الحملة هو إدخال الترك في الإسلام وقد تحقق هذا الهدف والحمد لله.. وغزوكم للصين لا شك للغاية نفسها ولكن.. |
ملكشاه: ولكن ماذا أيها الوزير؟ |
نظام الملك: سيكلفنا كثيراً فالصين كما تعلمون أيها السلطان بلاد واسعة شاسعة سكانها أكثر من النمل ثم.. |
ملكشاه: ثم ماذا؟ |
نظام الملك: أخشى إن دخلنا في حرب مع الصين أن ينتهز أعداؤنا الروم في الشمال والفاطميون في الغرب الفرصة فيهاجمونا وعندها سيكون وضعنا خطيراً كما لا يخفى على سيدي السلطان. |
ملكشاه: انقضاض الروم والفاطميين علينا هذا منتظر في كل حين وانشغالنا بحرب مع الصين وهم يعلمون ما هي الصين سوف يشجعهم على الهجوم وسيكون كما تقول وأنا معك كارثة علينا.. |
نظام الملك: إذن ماذا يرى مولاي السلطان؟ |
ملكشاه: الصلح وبشروط معقولة ومشرفة لنا وللغاية التي أتينا من أجلها وهذا يعتمد على حكمتكم ودرايتكم بمثل هذه الأمور.. |
نظام الملك: شكراً لمولاي السلطان على إطرائه وحسن ظنه بخادمه المخلص.. |
ملكشاه: بل قل بمربيه ووالده.. |
نظام الملك: العفو يا مولاي لقد أخجلتموني بهذا التشريف.. |
ملكشاه: هل عندك مواضيع أخرى ترى أن نثيرها في اجتماعنا مع خاقان الترك.. |
نظام الملك: لقد وضعتم قواعد المفاوضات وليس عندي ما أزيد عليها.. |
ملكشاه: هنالك شيء يحيرني يا نظام الملك؟.. |
نظام الملك: ما هو؟ |
ملكشاه: بركوزار هذه المرأة الأعجوبة.. الخارقة الذكاء.. الواسعة الاطلاع.. |
نظام الملك: حقاً إنها فلتة بين النساء.. |
ملكشاه: إنني ازداد إعجاباً بها كل يوم.. |
نظام الملك: حظ انوشتكين بها عظيم.. |
ملكشاه: إنه يحسد عليها.. لا شك أن الله سبحانه راضٍ عنه حتى أعطاه هذه الزوجة الصالحة الواعية الورعة.. والآن حان وقت الراحة.. |
نظام الملك: استأذنك يا مولاي.. |
ملكشاه: بحفظ الله وأمانه وإلى غد مشرق بإذن الله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت انوشتكين يقول): |
انوشتكين: بركوزار! بركوزار.. أين أنت؟ |
بركوزار: قادمة حالاً يا انوشتكين.. |
انوشتكين: بانتظارك.. |
(تدخل بركوزار وهي تقول): |
بركوزار: خيراً إن شاء الله يا سيدي.. |
انوشتكين: عندي لك بشرى.. |
بركوزار: بشرك الله بالخير يا زوجي العزيز.. |
انوشتكين: لقد أمر لك السلطان ملكشاه بمبلغ عشرين ألف دينار مكافأة لك على خبر اجتماع خاقان الترك مع الشخصية الصينية.. |
بركوزار: إنني لا استحق المكافأة يا انوشتكين بل المرأة المسلمة التي خاطرت فأرسلت لي الخبر مع ابنها.. |
انوشتكين: المرأة المسلمة قد أمر ملكشاه وزيره نظام الملك بالإنعام عليها بمبلغ خمسين ألف دينار يعطي لها من دون أن يعلم خاقان الترك به كما أمر.. |
بركوزار: أمر بماذا؟ |
انوشتكين: بتعيين ابنها في حرسه الخاص.. |
بركوزار: لقد عدل وأنصف والآن يحق لي أن أقبل المكافأة.. وأن أرجوك رفع شكري ودعائي له بالتوفيق لما يحبه الله ويرضاه.. |
انوشتكين: سأفعل إن شاء الله.. خذي.. هذا هو المبلغ.. |
بركوزار: خله معك فأنت وأنا شيء واحد والآن.. |
انوشتكين: والآن ماذا؟ |
يركوزار: هل تبنيت الخطوط العريضة من وراء زيارة خاقان الترك.. |
انوشتكين: لم يصل بعد خاقان الترك حتى نعلم ما عنده.. |
بركوزار: متى ينتظر وصوله.. |
انوشتكين: عصارى هذا اليوم.. |
بركوزار: هل ستحضر الاجتماع؟ |
انوشتكين: لا إني سأكون مسؤولاً عن حراسة مكان الاجتماع.. |
بركوزار: ولكنك ولا شك ستعرف كل شيء من نظام الملك.. |
انوشتكين: لا أستطيع الجزم يا بركوزار فنظام الملك كما تعرفين بئر ليس له قرار.. |
بركوزار: صدقت ولكن أخبار اللقاء إذا كانت سارة ستظهر في وجه السلطان ووجه وزيره.. |
انوشتكين: وإذا كانت غير سارة.. |
بركوزار: ستظهر في الأوامر التي ستصدر إليك لتنفيذها.. |
انوشتكين: يا له من تحليل رائع.. رائع جداً.. والآن أستودعك الله فقد اقترب وقت وصول خاقان الترك.. |
بركوزار: بحفظ الله وأمانه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ملكشاه يقول): |
ملكشاه: هل القاعة معدة للاجتماع يا نظام الملك.. ومكان نزول الخاقان وصحبه.. |
نظام الملك: أجل يا سيدي السلطان لقد جهزت كل شيء.. |
ملكشاه: والحراسة.. |
نظام الملك: أعدها انوشتكين وسيشرف عليها بنفسه.. |
ملكشاه: حسناً.. حسناً.. كم عدد مرافقي خاقان الترك؟ |
نظام الملك: عشرون أيها السلطان.. |
ملكشاه: وقد أعددتم لهم ما يلزم.. |
نظام الملك: بلى.. بلى.. |
(يدخل انوشتكين وهو يقول): |
انوشتكين: مولاي السلطان ملكشاه.. |
ملكشاه: ما وراءك يا انوشتكين.. |
انوشتكين: وصل خاقان الترك وصحبه وقد أنزلناهم في دار الضيافة.. |
|