شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 5 ـ
سنج: هل أعود من حيث أتيت أو انتظر..
تتش: ذلك لك لأن الجواب لن يكون سريعاً ونحن حتى نصل إلى حيث يقيم السلطان نحتاج إلى أيام وليالي..
سنج: أخشى أن يقوم السلطان بجيشه على بلادنا قبل أن تصل إليه..
تتش: هذا لا أظن لأنني مع جيشي سأكون في صحبته..
سنج: إذن سأنتظر..
تتش: هذا هو الرأي الصواب وإنني أرى حرصاً على حياتك أن أضعك في كنف بعض من أثق من رجالي..
سنج: ولم كل هذه الاحتياطات التي لم تكن من قبل..
تتش: ذلك لأن نظرة الترك إلى الصين قد تغيرت بعد دخولهم في الإسلام..
سنج: وبهذه السرعة..
تتش: أجل وهذا سر من أسراره..
سنج: حسناً.. أنا تحت تصرفك يا تتش.. ومتى ستذهب للقاء السلطان ملكشاه..
تتش: غداً إن شاء الله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت بركوزار تقول):
بركوزار: تمنيت أن أكون مع الداعيات يا خاتون لو سمح السلطان ملكشاه لزوجي بأن يكون مع الدعاة..
خاتون: ولكن السلطان كما تعلمين لا يستطيع الاستغناء عن زوجك في قيادة الفرسان..
بركوزار: على كل حال سنمر في طريقنا إلى بلاد الصين بقرى ومدن فعسى أن تمكننا الظروف من الدعوة للإسلام بين نسائها..
خاتون: ربما وربما لا..
بركوزار: هذا صحيح فقد نضطر إلى خوض معارك جانبية سوف تعيقنا عن الدعوة إلى سبيل الله.. قولي يا خاتون..
خاتون: تفضلي يا ابنة العم..
بركوزار: متى ستزحف على بلاد الصين..
خاتون: لا أدري غير أني لا أظن أننا سننتظر هنا طويلاً لأن ملكشاه قد طال غيابه عن مقر سلطانه..
بركوزار: ليت ملك الصين يطلب الصلح.. فيكفينا مؤونة حرب لا يعلم سوى الله تعالى متى ستنتهي ولصالح من..
خاتون: أجل يا بركوزار فبلاد الصين لا أول ولا آخر لها وأهلها كالنمل..
بركوزار: لعلّ دخول الترك أقصد خاقان الترك يضعف من عزيمة ملك الصين على القتال فتتهيأ حينئذ فرص السلم..
خاتون: تعليلك في محله.. فدخول الترك في الإسلام لا شك له أثره البالغ على ملك الصين ومستشاريه..
بركوزار: ومع أني أرغب في رؤية بلاد جديدة وأمة جديدة إلا أن تصوري لويلات الحرب وما تجره على الغالب والمغلوب يميت في نفسي هذه الرغبة..
خاتون: إنني من رأيك يا ابنة العم فيما تجره الحروب من ويلات ومصائب.. وإنني أحب رؤية بلاد جديدة كزائرة لا مقاتلة..
بركوزار: هذه منية تتمناها كل واحدة منا ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه..
خاتون: بنفسي يا بركوزار أن أزور بلاد الشام بعد عودتنا مظفرين بإذن الله..
بركوزار: أما أنا..
خاتون: أما أنت فماذا؟
بركوزار: بنفسي بعد العودة الحميدة إن شاء الله أن أحج بيت الله الحرام..
خاتون: فكرة هائلة يا بركوزار نزور معاً بلاد الشام ومنها نذهب إلى حج بيت الله الحرام..
بركوزار: اللَّهم بلغنا زيارة بيتك المعظم يا رب العالمين..
خاتون: اللَّهم آمين.. اللَّهم آمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت انوشتكين يقول):
انوشتكين: وردتني يا نظام الملك أنباء خطيرة..
نظام الملك: ما هي يا انوشتكين؟
انوشتكين: استقبل تتش خاقان الترك قبل أيام شخصية صينية كبيرة يقال إنها كانت موفدة من قبل ملك الصين..
نظام الملك: حقاً إنه خبر خطير ولكن..
أنوشتكين: ولكن ماذا؟
نظام الملك: هل عادت تلك الشخصية إلى بلادنا أو لا تزال باقية؟
انوشتكين: هذا ما لا أعلمه..
نظام الملك: هل أنت واثق من ناقل هذه الأخبار..
انوشتكين: كل الثقة أيها الوزير..
نظام الملك: ماذا ترى يا انوشتكين؟
انوشتكين: الرأي منك نستمده أيها الوزير الحكيم..
نظام الملك: أرى أن نضع تتش خاقان الترك تحت رقابة شديدة..
انوشتكين: إن خاقان الترك في طريقه إلينا..
نظام الملك: لِم لَم تقل ذلك من قبل؟
انوشتكين: هل وضح الأمر لك؟
نظام الملك: أجل.. أجل..
انوشتكين: كيف؟
نظام الملك: الشخصية الصينية رسول من ملك الصين إلى خاقان الترك يوسطه في موضوع يتعلق بنا وبه.. وهو في رأي الصلح..
انوشتكين: لقد صدق من سماك بالوزير الحكيم..
نظام الملك: راقب وصول خاقان الترك يا انوشتكين.. أما أنا فسأذهب إلى السلطان ملكشاه وأنقل إليه ما قلته..
انوشتكين: وما استنتجته أنت أيضاً..
نظام الملك: بكل تأكيد.. قل لي وأصدقني..
انوشتكين: تفضل..
نظام الملك: ألم يصلك خبر الشخصية الصينية عن طريق زوجتك بركوزار..
انوشتكين: (مندهشاً) ولكن كيف عرفت ذلك لعلّ بركوزار أخبرت خاتون به وهذه نقلته إليك..
نظام الملك: لا وربي..
انوشتكين: إذن كيف حزرته؟
نظام الملك: المرأة المسلمة التي بعثت ابنها بالخبر إلى بركوزار بعثت به إلي تطلب إدخال ابنها في الحملة التي ستذهب إلى بلاد الصين.. ولكنها لم تخبرني بما أخبرت به بركوزار..
انوشتكين: إذن استودعك الله وإلى اللقاء..
نظام الملك: بحفظ الله وأمانه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ترك خاتون تقول):
خاتون: أراك ساهمة واجمة يا بركوزار.. فهل تشكين من شيء؟
بركوزار: لا يا ابنة العم..
خاتون: إذن فلم الوجوم والشرود؟
بركوزار: لا أدري ولكني ربما كنت مهمومة بعض الشيء..
خاتون: خبريني فلعلّي أستطيع أن أدفع عنك هذا الهم..
بركوزار: ليتك تستطيعين؟
خاتون: إذا لم أستطع أنا فقد أعرض الأمر على السلطان..
بركوزار: لا موجب لكل ذلك يا ابنة العم وشكراً على هذا الاهتمام البالغ..
خاتون: لا شكر على واجب.. وسأكون ممتنة لو أعلمتني بما يهمك..
بركوزار: لست في حل من البوح به..
خاتون: أهو خطير إلى هذه الدرجة؟
بركوزار: ربما..
خاتون: ولكني كما تعوّدت منك أو كما أعرف لا يوجد بيني وبينك شيء مخبأ..
بركوزار: قد تأتي حالات طارئة تستدعي أو تضطر المرء على إخفاء أشياء عن أعز الناس لديه.. وأني يعلم الله أخفى ذلك وإلا لم يعتصر فؤادي.. فأرجو المعذرة..
خاتون: إنني أعذرك يا بركوزار وعلى كقريبة وصديقة أن أقدر موقفك فلا أطلب منك ما لو طلب أحد مني لامتنعت..
بركوزار: شكراً يا ابنة العم على تقديرك لموقفي ومعاونتك لي على اجتيازه بالشكل الذي يرغبك..
خاتون: لا شكر على واجب ولكن..
بركوزار: ولكن ماذا؟
خاتون: هل عندك علم بآخر الأنباء؟
بركوزار: أية أنباء..
خاتون: عن مجيء تتش خاقان الترك المفاجىء لزيارة السلطان ملكشاه..
بركوزار: هل وصل خاقان الترك فعلاً..
خاتون: يقال إنه ينتظر وصوله غداً أو بعد غد..
بركوزار: عسى أن يكون قدومه خيراً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ملكشاه يقول):
ملكشاه: أتظن مجيء تتش خاقان الترك المفاجىء لهذه الغاية..
نظام الملك: هذا ما أراه أيها السلطان..
ملكشاه: قد يكون رأيك مصيباً ولكن..
نظام الملك: ولكن ماذا؟
ملكشاه: ماذا يا ترى يحمل في جعبته من شروط..
نظام الملك: لا أظنه يحمل شروطاً خطية وأرجح أنها شفوية..
ملكشاه: ولكن ما هي الدوافع لذلك؟
نظام الملك: ربما يخشى ملك الصين الدخول في حرب هو غير مستعد لها..
ملكشاه: ولذلك وسط خاقان الترك في الصلح معنا..
نظام الملك: بلى.. بلى أيها السلطان..
ملكشاه: ما رأيك يا نظام الملك إذا كان الموضوع يتعلق بالصلح..
نظام الملك: كان هدفكم أيها السلطان من وراء هذه الحملة هو إدخال الترك في الإسلام وقد تحقق هذا الهدف والحمد لله.. وغزوكم للصين لا شك للغاية نفسها ولكن..
ملكشاه: ولكن ماذا أيها الوزير؟
نظام الملك: سيكلفنا كثيراً فالصين كما تعلمون أيها السلطان بلاد واسعة شاسعة سكانها أكثر من النمل ثم..
ملكشاه: ثم ماذا؟
نظام الملك: أخشى إن دخلنا في حرب مع الصين أن ينتهز أعداؤنا الروم في الشمال والفاطميون في الغرب الفرصة فيهاجمونا وعندها سيكون وضعنا خطيراً كما لا يخفى على سيدي السلطان.
ملكشاه: انقضاض الروم والفاطميين علينا هذا منتظر في كل حين وانشغالنا بحرب مع الصين وهم يعلمون ما هي الصين سوف يشجعهم على الهجوم وسيكون كما تقول وأنا معك كارثة علينا..
نظام الملك: إذن ماذا يرى مولاي السلطان؟
ملكشاه: الصلح وبشروط معقولة ومشرفة لنا وللغاية التي أتينا من أجلها وهذا يعتمد على حكمتكم ودرايتكم بمثل هذه الأمور..
نظام الملك: شكراً لمولاي السلطان على إطرائه وحسن ظنه بخادمه المخلص..
ملكشاه: بل قل بمربيه ووالده..
نظام الملك: العفو يا مولاي لقد أخجلتموني بهذا التشريف..
ملكشاه: هل عندك مواضيع أخرى ترى أن نثيرها في اجتماعنا مع خاقان الترك..
نظام الملك: لقد وضعتم قواعد المفاوضات وليس عندي ما أزيد عليها..
ملكشاه: هنالك شيء يحيرني يا نظام الملك؟..
نظام الملك: ما هو؟
ملكشاه: بركوزار هذه المرأة الأعجوبة.. الخارقة الذكاء.. الواسعة الاطلاع..
نظام الملك: حقاً إنها فلتة بين النساء..
ملكشاه: إنني ازداد إعجاباً بها كل يوم..
نظام الملك: حظ انوشتكين بها عظيم..
ملكشاه: إنه يحسد عليها.. لا شك أن الله سبحانه راضٍ عنه حتى أعطاه هذه الزوجة الصالحة الواعية الورعة.. والآن حان وقت الراحة..
نظام الملك: استأذنك يا مولاي..
ملكشاه: بحفظ الله وأمانه وإلى غد مشرق بإذن الله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت انوشتكين يقول):
انوشتكين: بركوزار! بركوزار.. أين أنت؟
بركوزار: قادمة حالاً يا انوشتكين..
انوشتكين: بانتظارك..
(تدخل بركوزار وهي تقول):
بركوزار: خيراً إن شاء الله يا سيدي..
انوشتكين: عندي لك بشرى..
بركوزار: بشرك الله بالخير يا زوجي العزيز..
انوشتكين: لقد أمر لك السلطان ملكشاه بمبلغ عشرين ألف دينار مكافأة لك على خبر اجتماع خاقان الترك مع الشخصية الصينية..
بركوزار: إنني لا استحق المكافأة يا انوشتكين بل المرأة المسلمة التي خاطرت فأرسلت لي الخبر مع ابنها..
انوشتكين: المرأة المسلمة قد أمر ملكشاه وزيره نظام الملك بالإنعام عليها بمبلغ خمسين ألف دينار يعطي لها من دون أن يعلم خاقان الترك به كما أمر..
بركوزار: أمر بماذا؟
انوشتكين: بتعيين ابنها في حرسه الخاص..
بركوزار: لقد عدل وأنصف والآن يحق لي أن أقبل المكافأة.. وأن أرجوك رفع شكري ودعائي له بالتوفيق لما يحبه الله ويرضاه..
انوشتكين: سأفعل إن شاء الله.. خذي.. هذا هو المبلغ..
بركوزار: خله معك فأنت وأنا شيء واحد والآن..
انوشتكين: والآن ماذا؟
يركوزار: هل تبنيت الخطوط العريضة من وراء زيارة خاقان الترك..
انوشتكين: لم يصل بعد خاقان الترك حتى نعلم ما عنده..
بركوزار: متى ينتظر وصوله..
انوشتكين: عصارى هذا اليوم..
بركوزار: هل ستحضر الاجتماع؟
انوشتكين: لا إني سأكون مسؤولاً عن حراسة مكان الاجتماع..
بركوزار: ولكنك ولا شك ستعرف كل شيء من نظام الملك..
انوشتكين: لا أستطيع الجزم يا بركوزار فنظام الملك كما تعرفين بئر ليس له قرار..
بركوزار: صدقت ولكن أخبار اللقاء إذا كانت سارة ستظهر في وجه السلطان ووجه وزيره..
انوشتكين: وإذا كانت غير سارة..
بركوزار: ستظهر في الأوامر التي ستصدر إليك لتنفيذها..
انوشتكين: يا له من تحليل رائع.. رائع جداً.. والآن أستودعك الله فقد اقترب وقت وصول خاقان الترك..
بركوزار: بحفظ الله وأمانه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ملكشاه يقول):
ملكشاه: هل القاعة معدة للاجتماع يا نظام الملك.. ومكان نزول الخاقان وصحبه..
نظام الملك: أجل يا سيدي السلطان لقد جهزت كل شيء..
ملكشاه: والحراسة..
نظام الملك: أعدها انوشتكين وسيشرف عليها بنفسه..
ملكشاه: حسناً.. حسناً.. كم عدد مرافقي خاقان الترك؟
نظام الملك: عشرون أيها السلطان..
ملكشاه: وقد أعددتم لهم ما يلزم..
نظام الملك: بلى.. بلى..
(يدخل انوشتكين وهو يقول):
انوشتكين: مولاي السلطان ملكشاه..
ملكشاه: ما وراءك يا انوشتكين..
انوشتكين: وصل خاقان الترك وصحبه وقد أنزلناهم في دار الضيافة..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :816  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.