الحلقة ـ 10 ـ |
سماوة: راضية بما ترضاه أنت وأنا لها.. |
الحارث: بورك فيها.. بورك فيها.. قولي.. |
سماوة: ماذا أقول؟ |
الحارث: ما رأيك في عاصم؟ |
سماوة: لقد قلته لك أكثر من مرة وأراك بدأت تنسى.. |
الحارث: لقد تقدمت بي السنون.. وهذا حصادها يا سماوة.. |
سماوة: اللَّهم أختم بالصالحات أعمالنا.. |
الحارث: اللَّهم آمين.. والآن.. |
سماوة: والآن ماذا؟ |
الحارث: أظن أننا متفقون على قبول الخطبة.. |
سماوة: الخير فيما اختاره الله.. |
الحارث: أجل.. أجل.. ها هي مزنه تزف إلى رجل من المدينة.. |
سماوة: وبنت خالتها الشيماء ستزف في الأيام القريبة إلى رجل من المدينة.. |
الحارث: الزواج قسمة ونصيب ولا راد لما قسمه الله تعالى وقدره.. |
(تدخل مزنه وهي تقول): |
مزنه: أرى عمي عميراً وصحبه يدخلون ساحة الدار.. |
سماوة: أسرع يا حارث لاستقبالهم.. |
مزنه: وأنا سأهيىء مع الشيماء وصاحباتها ما يلزم لضيوفنا.. |
سماوة: بورك فيكن.. وسألحق بكن حالاً.. كيف الشيماء يا مزنه؟ |
مزنه: إنها تفكر كثيراً يا خالتي.. |
سماوة: لعلّها بدأت تشعر بعبء المسؤولية التي هي مقدمة على حملها.. |
مزنه: وهل هنالك مسؤولية على المرأة أضخم وأعظم من مسؤولية الزواج.. |
سماوة: اللّهم اجعله قران يمن وخير وبركة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت دانيال اليهودي يقول): |
دانيال: عزرا.. عزرا.. أين أنت؟ |
عزرا: أنا هنا.. فماذا تريد يا دانيال؟ |
دانيال: ماذا تفعل؟ |
عزرا: استعد للرحيل.. |
دانيال: إلى أين؟ |
عزرا: لا أدري؟ |
دانيال: إذن لم الاستعداد للرحيل وأنت لا تدري إلى أين سترحل؟ |
عزرا: لقد سدت في وجهنا السبل.. طردنا من الجزيرة إلى الشام فقلنا لأنفسنا سنستقبل هنا ولكن المسلمين لحقوا بنا.. |
دانيال: أجل.. يا عزرا.. أجل.. |
عزرا: ولحق بنا المسلمون إلى أرض الشام ولم تمض بضع سنين على خروجنا.. ما العمل..؟ ما العمل..؟ |
دانيال: نهاجر إلى أقصى المعمورة.. |
عزرا: ولكن المسلمين سيلحقون بنا.. إلى أقصى المعمورة إن دين الإسلام سيسود العالم أجمع.. أما ترى.. |
دانيال: أرى ماذا؟ |
عزرا: الناس يدخلون في هذا الدين بالآلاف.. |
دانيال: وسرعان ما يقاتلون تحت لوائه فيقتلون ويقتلون وكأنهم فطروا على الإسلام.. |
عزرا: الويل لنا من الإسلام وأهل الإسلام.. |
دانيال: الويل لنا من خليفة المسلمين عمر بن الخطاب.. |
عزرا: صدقت.. صدقت.. فما دام على قيد الحياة فستمتد رقعة هذا الدين حتى تغطي أكثر بقاع المعمورة.. |
دانيال: ما العمل؟ |
عزرا: أرى أن نذهب إلى ابن سبأ.. |
دانيال: يا له من رأي سديد.. هيا بنا إليه.. |
عزرا: هيا إلى ابن سبأ.. هيا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمير يقول): |
عمير: أراك متهلل الوجه مشرقه يا مالك.. |
مالك: كيف لا يا عمير.. كيف لا وقد امتد بي العمر فحضرت قران عاصم وهو كما تعلم في منزلة عبد الرحمن من نفسي.. |
عمير: كان قراناً حافلاً جداً.. لقد شارك أهل الناووسه وآلوسه وهيت الحارث في فرحته بقران ابنته.. |
مالك: وهذا يدل على ما يتمتع به الحارث من محبة عند رعاياه.. |
عمير: إنه حقاً مثال الراعي الصالح يا مالك.. لقد رأيت حسن معاملته لكل السكان في هذه القرى لا فرق عنده بين غنيهم وفقيرهم وكبيرهم وصغيرهم.. |
مالك: هذا بالإضافة إلى حزمه وعزمه وحسن إدارته ثم.. |
عمير: ثم ماذا؟ |
مالك: ابنته الشيماء.. |
عمير: ماذا عنها.. |
مالك: إنها - كما رأيت - محبوبة من الجميع في هذه الجهة.. أرأيت احتفاءهم وابتهاجهم وسرورهم وفرحهم.. |
عمير: صدقت.. صدقت.. لقد عدل والدها فاستقامت له الأمور واتحدت قلوب الناس على حبه وحب كل من يمت إليه.. |
مالك: ولقد أحسنت يا عمير بإبقائه على رأس بلاده وسيادة أهله وقومه.. |
عمير: إنه يستأهل أكثر من ذلك أنسيت مبلغ مساعدته على تحطيم حاميات الروم في حصون الفرات.. |
مالك: وهل أستطيع أن أنسى وأنه لمن يمن الطالع وحسن الاتفاق أن يتزوج أحب الناس إلى واليك من ابنتي سيدين من خيرة سادة العرب في منطقة الجزيرة.. |
عمير: لا شك أنه توفيق من الله سبحانه وتعالى فالحمد لله على توفيقه.. |
مالك: حسناً.. ما هي خطتك يا عمير بعد بلدة عانات.. |
عمير: أنتظر أوامر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. |
مالك: إن الناس هنا يبتهلون إلى الله تعالى أن يلهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فيعينك والياً على منطقة الجزيرة.. |
عمير: إنني أشكر لهم هذا الشعور وأحاسيس المودة والمحبة وأرجو أن أكون عند حسن ظنهم وأملهم.. |
مالك: أتراك لا تريد ولاية هذه المنطقة يا عمير.. |
عمير: وهل أملك هذا الحق.. إنني كجندي لا أعرف إلا طاعة أوامر أمير المؤمنين فإن أراد ولاية الجزيرة دعوت الله أن يوفقني إلى حسن الولاية.. |
مالك: ولكنك لم تقل لي يا عمير هل تحب هذه المنطقة؟ |
عمير: بلى.. بلى.. يا مالك ونحن لم نلق من أهلها إلا كل ود وحب ولا سيما وقد صاهرنا وافترشنا لحمهم ودمهم.. |
مالك: أما أنا يا عمير.. |
عمير: أنت ماذا يا مالك..؟ |
مالك: ليتني أقضي ما تبقى من حياتي في هذه الجهات.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنه تقول): |
مزنه: كان بحق عرس الموسم يا خالتي.. |
سماوة: الحمد لله يا بنيتي.. الحمد لله.. وعرسك يا مزنه كما فهمت كان أعظم عرس شهدته منطقة الجزيرة.. |
مزنه: لعلّهم يبالغون فيه ولكن ربما ظروفه هي التي أعطته تلك الأهمية وأضفت عليه تلك الهالة من الأبهة والفخفخة.. |
سماوة: المهم ربنا يجعله قراناً سعيداً حافلاً بالسعادة والهناء.. |
مزنه: هل ما سمعته من عمي الحارث صحيح؟ |
سماوة: ما هو يا مزنه؟ |
مزنه: يقولون إنه يعتزم الحج إلى بيت الله الحرام.. |
سماوة: هذا صحيح وقد نذر ذلك لله أن نصره على الروم أن يحج إلى البيت العتيق.. |
مزنه: آه يا خالتي آه.. |
سماوة: ولم تتأوهين يا مزنه؟ |
مزنه: ليتني أحج أنا أيضاً فإنها منية العمر.. |
سماوة: لم لا تكلمين عبد الرحمن في الأمر.. فقد يستاذن أباه في ذلك ولا سيما بعد أن أصبح والده والياً على الجزيرة بأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. |
مزنه: أخشى أن تكون هذه الولاية هي العائق في الأمر.. |
سماوة: بالعكس يا مزنه.. ولاية عمير للجزيرة معناه عهد من الاستقرار ستنعم به هذه المنطقة وهي فرصة ينتهزها عبد الرحمن لتلبية رغبتك.. |
مزنه: أتظنين عبد الرحمن يستجيب لطلبي.. |
سماوة: سلي قلبك فعنده الجواب خير مني.. |
مزنه: قلبي يحدثني أنه سيستجيب.. |
سماوة: وأنا وإن لم أطلع على ما في قلبك أو قلبه غير أني أكاد أجزم أن عبد الرحمن سيلبي هذا الطلب بأسرع ما تظنين.. |
مزنه: ووالده هو المهم.. |
سماوة: خذي أولاً موافقة عبد الرحمن ثم اذهبي وفاتحي عمك عمير في الأمر إن تردد عبد الرحمن وأنا متأكدة بل وأكثر من متأكدة أنه سيوافق.. |
مزنه: حسناً سأفعل ولكن.. |
سماوة: ولكن ماذا؟ |
مزنه: هل ستذهبين مع عمي الحارث؟ |
سماوة: وهل من المعقول أن أتركه يذهب وحده.. وهي فرصة ذهبية لا تحصل في كل وقت.. |
مزنه: والشيماء.. |
سماوة: الشيماء أمرها خرج من يدي إلى يد زوجها فإن سمح لها أخذناها معنا.. |
مزنه: ليتها تكون معنا في حال حصولي على موافقة عمي عمير.. |
سماوة: الحج دعوة من الله يا بنيتي متى كتبت فلن تقف في طريقها أية قوة.. |
مزنه: اللَّهم أكتب لنا الحج إلى بيتك العتيق.. |
سماوة: اللَّهم آمين.. اللَّهم آمين.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى بعدها صوت عمير يقول): |
عمير: سمعت عن دخول بعض اليهود إلى هذه الجهات.. |
مالك: يهود.. أعوذ بالله من اليهود.. من أين جاءوا؟ |
عمير:من جهات الشام.. |
مالك: كم عددهم ولم جاءوا؟ |
عمير: عددهم إثنان، وقد جاءا للاتجار كما يقولان.. |
مالك: وفي أي جهة من الجزيرة.. |
عمير: في ضواحي قرية (هيت).. |
مالك: يجب وضعهما تحت الرقابة.. |
عمير: لقد أمرت بوضعهما تحت الرقابة.. |
مالك: اليهود لا يعيشون إلا على الدس والفساد ولا بد أنهما جاسوسان للروم.. |
عمير: ربما وهذا ما ستكشفه لنا الرقابة.. |
مالك: ما اسمهما؟ |
عمير: دانيال وعزرا.. |
مالك: إنهما اسمان يدلان على أن مسميهما عريقان في يهوديتهما.. |
عمير: هذا غير مهم إنما المهم أن يقعا تحت طائلة العقاب وعندها لا رحمة عندي ولا هوادة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها عزرا يقول): |
عزرا: كيف رأيت عبد الله بن سبأ يا دانيال؟ |
دانيال: هائل.. هائل يا عزرا.. عسى أن يكون على يديه خلاصنا مما نحن فيه.. |
عزرا: يلوح لي أنه يخطط ومن معه للقضاء على خليفة المسلمين عمر بن الخطاب.. |
دانيال: ليته ينجح إذن لاسترحنا من أعظم رجل ظهر بين المسلمين بعد وفاة نبيهم محمد.. والآن.. |
عزرا: والآن ماذا؟ |
دانيال: أنسيت المهمة التي عهد إلينا ابن سبأ بإنجازها في مدينة الرها.. |
عزرا: أوه يا لشدة نسياني ولكننا مراقبون من المسلمين هنا.. |
دانيال: الليل ستار فهلمّ بنا فإني أعرف بعض المخاضات على نهر الفرات التي نستطيع العبور حتى نصل إلى الرها.. |
عزرا: ولكنها أجمات مليئة بالضباع والذئاب.. |
دانيال: لا أظن يا عزرا فالصيادون قضوا على الوحوش المفترسة فيها.. |
عزرا: هيا بنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت دانيال يقول): |
دانيال: هانحن نصل إلى المخاضات.. أتسمع نقيق الضفادع يا عزرا.. |
عزرا: وماذا بعد نقيق الضفادع.. |
دانيال: الدخول في المخاضات.. |
(يختفي نقيق الضفادع فيقول عزرا): |
عزرا: لقد اختفى نقيق الضفادع الذي كان يسلي وحشتنا وبدت رهبة الظلام الدامس والسكون المطبق.. |
دانيال: لا تخف تشجع يا عزرا.. تشجع.. |
(يسمعان صوت عواء الذئاب فيقول عزرا وهو يرتجف): |
عزرا: أتسمع عواء الذئاب.. تشجع يا دانيال.. تشجع.. |
(يزداد عواء الذئاب اقتراباً فيقول دانيال): |
دانيال: إنها الذئاب يا عزرا..أنظر هاهي عيونها تلمع في الظلام.. إنها تقترب منا.. |
(ويصرخ عزرا قائلاً).. |
عزرا: أدركني يا دانيال.. الذئاب.. الذئاب.. |
دانيال: أدركني يا عزرا.. الذئاب.. الذئاب.. |
عزرا: حتى الذئاب علينا مع المسلمين.. |
|