الحلقة ـ 9 ـ |
المنذر: أرأيت المفاجأة التي أعدها لنا عبد الرحمن يا حارث.. |
الحارث: ويا لها من مفاجأة سارة.. |
المنذر: هيا بنا لاستقبال أبي عبد الرحمن.. |
(يتقابلون في منتصف الطريق يقول الحارث والموسيقى مصاحبة): |
الحارث: يا مرحبا.. يا مرحبا.. بالأمير.. |
عبد الرحمن: هذا الحارث يا أبي حاكم بلدة عانات الذي حدثتك عنه بما فيه الكفاية.. |
عمير: الحمد لله على لقائك يا حارث.. ومرحى لجهادك في سبيل نصرة الإسلام.. |
الحارث: العفو أيها الأمير.. لم أقم إلا بواجبي نحو هذا الدين الذي أكرمني الله بأن أكون أحد المجاهدين في سبيله.. |
عمير: لا تخاطبني بالأمير يا حارث بل قل يا أخي عمير فإنما المؤمنون أخوة.. |
الحارث: أهلاً بك يا أخي عمير في بلدك وبين أهلك وذويك.. |
عمير: شكراً يا حارث فإنني باسمي وباسم إخوانك في هذا الجيش أحي ما قمت به من جهود صادقة في انتصارنا الرائع على حاميات الروم في حصون الفرات.. |
الحارث: الحمد والشكر لله على توفيقه ثم لقيادتك الرشيدة التي حققت هذا النصر الباهر وإن أنسى لا أنسى أن أشيد بالبطولات التي قامت بها الحملة التي أرسلتها وعلى رأسها عبد الرحمن وعاصم.. |
عمير: أراك بعيداً عنا يا منذر.. |
عبد الرحمن: إن المنذر يا أبي هو البطل بحق وحقيق فقد كان الدليل الماهر الذي قادنا إلى هذا النصر المؤزر.. |
عمير: إنها إرادة الله سبحانه وتعالى شاء يا بني أن تتحقق على يدي المنذر والحارث ورجاله.. فالحمد لله على ذلك.. |
الجميع: الحمد لله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنه تقول): |
مزنه: تهانينا يا خالتي تهانينا.. فها أنت تجدين الحارث وأختي الشيماء على خير صحة وعافية وأمن وسلامة.. |
سماوة: الحمد لله يا مزنه.. كدت لا أصدق عيني وأنا أرى الحارث والشيماء.. |
مزنه: ولقد رأيتك تجهشين بالبكاء.. |
سماوة: لقد غلب السرور علي حتى أني من شدة فرحتي بكيت.. |
مزنه: وأين تركت الشيماء يا خالتي؟ |
سماوة: إنها تتعرف على أخواتها الممرضات المسلمات اللائي فرحن بها ورحن يتلقفنها من جماعة إلى أخرى.. |
مزنه: لا شك أنها ستسحر الجميع برقتها ودماثة أخلاقها وعذب حديثها.. |
سماوة: لقد كانت نائلة زوج عمك عمير أكثر الحاضرات فرحاً وابتهاجاً وترحيباً بالشيماء.. |
مزنه: إنها نعم السيدة الفاضلة.. إنها لي يا خالتي الأم الرؤوم.. إنها تحب الشيماء لأنها الشيماء ولأنها أخت لي.. |
سماوة: صدقت.. صدقت.. |
مزنه: وليتك رأيتها يا خالتي يوم أن قابلت لأول مرة خالتي (فتانة) في مدينة قرقيساء.. |
سماوة: ماذا فعلت؟ |
مزنه: لقد ظن من رآها أن خالتي (فتانه) أخت لها لم ترها منذ سنوات فقد غمرتها بالقبلات وبما تستطيع كل خلجة في نفسها التعبير عنه.. |
سماوة: مزنه.. |
مزنه: نعم خالتي.. |
سماوة: لقد كلمتني نائلة في أمر لم أشأ أن أبت فيه قبل أن آخذ رأيك؟ |
مزنه: ما هو؟ |
سماوة: أنت تعرفينه وقد سألتك عنه من قبل فأجبتني بصراحتك المعهودة.. |
مزنه: أوه يا لغبائي.. عاصم.. |
سماوة: أجل عاصم.. لقد خطبت ((الشيماء)) له.. |
مزنه: وبماذا أجبتها؟ |
سماوة: أجلت الإجابة حتى أسألك وحتى ترى هي ((الشيماء)) رؤيا العين.. |
مزنه: والآن وقد رأت ((الشيماء)) هل أعادت الكرة؟ |
سماوة: بلى.. وإنها تستعجلني الجواب؟ |
مزنه: وبماذا أجبت؟ |
سماوة: قلت لها فليتقدم عمك عمير إلى أبيها.. |
مزنه: وعمي الحارث هل عنده سابق علم بالأمر؟ |
سماوة: أجل.. أجل.. لقد كنت أطلعه على كل شيء في حينه.. |
مزنه: هل هو راضٍ؟ |
سماوة: إنه معجب بعاصم إعجابه بعبد الرحمن.. |
مزنه: إذن فاسمحي لي أن أهنيء نفسي وأقول مبارك.. مبارك.. |
سماوة: الله يبارك فيك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مالك يقول): |
مالك: ها يا عمير ماذا وجدت في (هيت).. |
عمير: وجدت سعد بن عمرو بن حرام الأنصاري.. |
مالك: سعد بن عمرو الأنصاري ماذا يفعل هناك.. |
عمير: أرسله عمار بن ياسر وإلى الكوفة من قبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. |
مالك: وحده أم مع جيش.. |
عمير: على رأس جيش ليغزو منطقة الأنبار ويطهرها من بقايا الروم ومتنصرة العرب.. |
مالك: هل خلفت سعد بن عمرو الأنصاري في هيت؟ |
عمير: لا يا مالك.. لقد أتخذ طريقه إلى الأنبار بعد أن اطمأن إلى ما عندي واطمأننت إلى ما عنده.. |
مالك: وكيف تسير الأمور؟ |
عمير: إنه يقول: تسير الأمور من حسن إلى أحسن ويدعو الله ونحن معه أن يثبتنا على الإيمان ويحمينا من شرور العابثين والمفسدين.. |
مالك: ماذا تقصد بهذا الدعاء الأخير؟ |
عمير: ألا تريدني أن أدعو بمثل ذلك.. |
مالك: لا ولكنك كنت تدعو وكأنك تحس بشر.. |
عمير: ربما يا مالك لأنه تساورني أحياناً بعض الهواجس بعد أن توسعت رقعة الخلافة وانضوى تحت لوائها كثير من الأجناس والشعوب والأمم.. |
مالك: بلى.. بلى.. |
عمير: وبعد أن قوّض المسلمون ودكوا عروشاً وأطاحوا بدول وحكام.. |
مالك: بلى.. بلى.. |
عمير: هؤلاء الذين انضووا تحت لواء الإسلام إما حباً في الإسلام وإيماناً به وإما خوفاً على أنفسهم.. |
مالك: كلام سليم.. |
عمير: هؤلاء الخائفون والموتورون كما يجب أن أسميهم أتظن أنهم يستكينون.. |
مالك: لم لا.. بل ربما يهديهم الله إلى الإسلام.. |
عمير: هذا ما ندعو الله لهم.. ولكن.. |
مالك: ولكن ماذا؟ |
عمير: الذين لم يشرح الله صدورهم للإسلام بل امتلأت بالحقد والكيد للإسلام.. هؤلاء هم الذين أخشى.. |
مالك: تخشى ماذا؟ |
عمير: أن يستغلهم الروم وبقايا فلول الأكاسرة واليهود فيخططوا معهم لتدمير الإسلام.. |
مالك: لا أظن أنهم يستطيعون فالخلافة ما تزال قوية بعون الله.. |
عمير: الحمد لله ولكنهم سيعملون في الخفاء على الدس والوقيعة ولا سيما.. |
مالك: ولا سيما ماذا؟ |
عمير: أولئك الذين أصبحت المدينة تزخر بهم من بقايا عروش الروم والأكاسرة وصنائعهم.. |
مالك: ولكنهم لا شك موضوعون تحت رقابة شديدة.. أنسيت مسلمة بن مخلد.. |
عمير: لا يا مالك.. لا يا مالك.. لم أنسه ولكن.. |
مالك: ولكن.. ولكن.. لم تطوف بك هذه الهواجس والظنون ونحن والحمد لله في عنفوان قوتنا ومضائنا وعزيمتنا.. |
عمير: اللَّهم أجرني من شر هذه الهواجس والظنون واصرفها عنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت المنذر يقول : وعاد والدك سريعاً من هيت يا عبد الرحمن..). |
عبد الرحمن: أجل يا منذر.. هل رأيت الحارث بعد عودته مع أبي؟ |
المنذر: لا يا عبد الرحمن.. قل لي.. |
عبد ارحمن: تفضل.. |
المنذر: ما هو برنامج أبيك بعد عانات.. |
عبد الرحمن: ينوي السير إلى الرقة.. |
المنذر: أهنالك ما يدعو لذلك.. |
عبد الرحمن: ربما يا منذر فوالدي شديد السرية في أعماله.. |
المنذر: يلوح لي أنه يريد تطهير منطقة الجزيرة تماماً من بقايا الروم وفلولهم.. |
عبد الرحمن: لعلّك على حق في استنتاجك هذا.. |
المنذر: ولكن ماذا بعد الرقة؟ |
عبد الرحمن: انتظار أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.. |
المنذر: عسى أن يوليه الجزيرة فقد أحب أهلها أباك إذ أنقذهم الله على يديه من نير الروم واستعبادهم.. |
عبد الرحمن: روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أحب الله إنساناً نادى مُنادي في السماء والأرض إني أحب فلاناً فأحبوه.. فعسى أن يكون والدي من هؤلاء.. |
المنذر: يقيني أن والدك منهم يا عبد الرحمن فهو على جانب عظيم من الورع والتقوى والزهد والصلاح.. |
عبد الرحمن: أحمد الله يا منذر وابتهل إليه أن يقدرني على ترسم خطي والدي والسير على منواله.. |
المنذر: أرجو أن يتقبل الله دعاءك.. |
عبد الرحمن: هيا بنا يا منذر.. |
المنذر: إلى أين؟ |
عبد ارحمن: أنسيت موعدنا مع والدي.. |
المنذر: يا إلهي كدت أنساه.. شكراً لك على تذكيري به فلو لم تذكرني به لنسيته ولتعرضت إلى غضب أبيك فإنه دقيق وحريص على حفظ المواعيد.. |
عبد الرحمن: جلّ من لا ينسى.. جلّ من لا ينسى.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الحارث يقول): |
الحارث: هل كل شيء جاهز يا سماوة لاستقبال عمير وصحبه.. |
سماوة: أجل.. أجل.. |
الحارث: والشيماء هل أحسست برأيها في عاصم؟ |
سماوة: لقد سكتت حين سألتها رأيها فيه؟ |
الحارث: السكوت إقرار ولكن.. |
سماوة: ولكن ماذا؟ |
الحارث: ومزنه ألم تستطيع معرفة رأي الشيماء في عاصم؟ |
سماوة: بلى.. بلى.. |
الحارث: ما هو؟ |
|