الحلقة ـ 8 ـ |
عمير: إذن فلنسر إلى بلدة عانات على بركة الله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الحارث يقول): |
الحارث: أترى والدك يا عبد الرحمن قد قام بهجومه الكاسح على ما تبقى من حصون الفرات بعد أن تداعت مقاومة الروم.. |
عبد الرحمن: يخيل إلي أنه فعل وأننا بإذن الله سنلاقيه خلال الأيام القادمة.. |
الحارث: لقد أذهل الروم هجومكم المفاجىء بعد أن كادوا يبيدوننا ولعلّي لا أكون مبالغاً إذا قلت أنهم صعقوا.. أما سمعت أسراهم يتحدثون بذلك.. |
عبد الرحمن: بلى.. بلى.. |
الحارث: صدقني أنا أيضاً فوجئت بمجيئكم.. صحيح أنا كنت أنتظره وأنا الذي طلبت المُدد ولكني كنت غير واثق من نجاحكم في الوصول بهذا العدد الوفير من المُدد.. |
عبد الرحمن: إنه توفيق من الله سبحانه وتعالى ثم.. |
الحارث: ثم ماذا؟ |
عبد الرحمن: البركة في الدليل الناصح المنذر فهو الذي قادنا إليك بسهولة ويسر ما خُطر لي على بال بعد أن كنت أحسب إننا سنلاقي الروم اليوم قبل وصولنا إليك وكنت وأخي عاصم نعد العدة لذلك.. |
المنذر: الحمد لله الذي وفقني إلى ذلك.. |
الحارث: لا بد أن مزنه وفتانه قلقتان عليكما.. |
عبد الرحمن: أنسيت سماوة يا حارث إنها ولا شك أشدهم قلقاً ذلك لأنها كانت تخشى عليك من الروم.. |
الحارث: كان خوفها في محله.. والله الذي لا إله إلا هو لولا وصولكم في الوقت المناسب لكنتم الآن تترحمون علينا.. |
عبد الرحمن: وربما تغيرت مجرى المعارك بالنسبة لنا أيضاً.. ولكن شاءت إرادة الله لنا النصر فالحمد لله على ذلك.. |
المنذر: أين عاصم يا عبد الرحمن؟ |
عبد الرحمن: إنه يقوم بعملية استكشاف.. |
الحارث: استكشاف.. |
عبد الرحمن: أجل.. لقد جاء من أخبرنا أن الروم يزرعون الكمائن في طريق قوات المسلمون الزاحفة من قرقيساء إلى بلدة عانات.. |
المنذر: كنت أظن أنه قد قضى على الروم نهائياً يا عبد الرحمن.. |
عبد الرحمن: كيف يقضي عليهم وحدودهم قريبة من حدودكم.. |
الحارث: هذا صحيح.. هذا صحيح.. فالروم لن يفرطوا بسهولة في هذه الجهات.. قل لي.. |
عبد الرحمن: تفضل يا حارث.. |
الحارث: وبعد الاستكشاف.. |
عبد الرحمن: القيام بعملية تطهير وتمشيط للمنطقة من هذه الكمائن حتى لا يحدث ما يعيق القوات الزاحفة في الوصول إلى بلدة عانات.. |
الحارث: حسناً فعلت يا عبد الرحمن.. حسناً فعلت.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول): |
سماوة: قوات المسلمين يا مزنه تسير في حذر ويقظة.. |
مزنه: هذه خطة عمي القائد أنه لا يضع قدمه إلا على أرض ثابتة.. |
سماوة: صدقت.. صدقت.. فهذا ما أراه يفعله.. |
مزنه: وهذا سر نجاحه فأنت تعلمين يا خالتي أن رأس العين استعصت من قبل على غيره وهاهي قد فتح الله له أبوابها.. |
سماوة: أترين طريقنا إلى عانات قد أصبح ممهداً يا بنيتي.. |
مزنه: يخيل إلى يا خالتي أنه أصبح ممهداً.. وها أنت ترين أننا لا نلقى مقاومة تذكر من الروم في الحصون التي مررنا بها.. |
سماوة: يلوح لي أن الحملة التي قادها زوجك عبد الرحمن قد قامت مع رجال زوجي الحارث بدور فعّال في ذلك.. |
مزنه: ربما يا خالتي ربما.. |
سماوة: ولكني أكاد أجزم بذلك.. |
مزنه: أما أنا فلا لأني لا أعرف مصير حملة عبد الرحمن.. |
سماوة: ألم يأتكم نبأ عنها.. |
مزنه: لا يا خالتي.. وهذا ما يجعلني في قلق دائم.. |
سماوة: إنني وإن لم أتمرس فنون الحرب والقتال غير أن هذا الزحف الهادىء وكأننا في نزهة برية يوحي إلي بأن حملة عبد الرحمن قد وفقت إلى أبعد حد.. |
مزنه: أخشى أن يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة.. |
سماوة: يا إلهي أراك جد متشائمة اليوم وليس من خلق المسلم أو المسلمة التشائم فاطرحي عنك ذلك وابتسمي للحياة.. |
مزنه: سأحاول يا خالتي سأحاول.. (تبكي).. |
سماوة: أتبكين يا مزنه وقد كنت أعهد أن لك قلباً قد من الصخر.. |
مزنه: بلى كان ولكن.. |
سماوة: ولكن ماذا؟ |
مزنه: لا شيء يا خالتي لا شيء.. |
سماوة: الآن عرفت يا لغباء خالتك يا مزنه.. لكأني لم أمر بهذا الدور الذي تمرين به.. هوني عليك.. هوني عليك.. إنه بخير.. بخير.. إن شاء الله.. |
مزنه: إن شاء الله.. |
سماوة: والآن كفكفي دموعك وامسحي عبراتك فإني أرى سرباً من إخواننا الممرضات في طريقهن إلينا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمير يقول): |
عمير: الحمد لله الآن تأكد لدي انتصار حملة عبد الرحمن بعد أن تلاقت مقدمة جيشنا بقوة استكشافية يقودها عاصم.. |
مالك: وأين عاصم؟ |
عمير: إنه يتنقل بين إخوانه في الفصائل الزاحفة من قواتنا كل يسأله عما صادفه هو وعبد الرحمن في حملتهم.. |
مالك: عاصم فتى محبوب من جميع إخوانه في السلاح.. |
عمير: وإني أنتظر له مستقبلاً باهراً في ساحات الشرف والكرامة.. |
مالك: وأراني أرى مثلما ترى وأنتظر له مثلما تنتظر ولكن.. |
عمير: ولكن ماذا يا مالك؟ |
مالك: الشيء الذي يحيرني أن (عاصم) عازف عن الزواج مع أن أقرانه قد تزوجوا.. |
عمير: لعلّه لم يجد الزوجة التي تعجبه.. |
مالك: ربما.. ربما.. ما رأيك؟ |
عمير: رأي في أي شيء؟ |
مالك: سمعت من نائلة؟ |
عمير: ماذا سمعت؟ |
مالك: تتحدث عن ابنة للحارث حاكم بلدة عانات من زوجته سماوة لا تقل جمالاً وكمالاً عن مزنه.. |
عمير: قد يكون ما تقوله عن هذه الفتاة صحيحاً ولكن الرأي الأول والأخير لعاصم لأنه هو الذي سيتزوج لا أنت أو أنا.. |
مالك: هذا صحيح.. هذا صحيح.. على كل حال ربما يكون قد رآها خلال المعارك التي خاضها مع ابيها الحارث في بلدة عانات.. |
عمير: اللَّهم اختر له الزوجة الصالحة.. |
مالك: اللَّهم آمين.. آمين فإن عاصم يعز علي كثيراً يا عمير.. إنه وعبد الرحمن في منزلة واحدة.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سماوة تقول): |
سماوة: هل ارتاح بالك وهدأت أعصابك يا مزنه.. لقد كنت في حالة عصبية سيئة حتى خشيت عليك.. |
مزنه: ولكنك كنت تعرفين السبب.. |
سماوة: بلى.. بلى.. يا بنيتي ولكن الصبر شعار المسلم في الشدائد.. أتدرين؟ |
مزنه: لا يا خالتي؟ |
سماوة: كنت في حالة كرب وهم وغم ربما أكثر منك لأني أعلم أن الروم سوف يعرفون من جواسيسهم بمجيء وفدكم وسوف ينتقمون من زوجي أشد الانتقام.. |
مزنه: أجل.. أجل.. |
سماوة: وكنت في نفس الوقت خائفة جداً من أن المدد الذي أرسله عمك عمير ربما يبيده الروم وهو في طريقه إلى بلدة عانات ومع ذلك فقد تحملت وتجملت وصرت أعلل النفس وأوحي إليها بأن المدد قد وصل.. |
مزنه: هذا ما لاحظته يا خالتي ولكن.. |
سماوة: ولكن ماذا؟ |
مزنه: أعطني قليلاً من متانة أعصابك وسعة صدرك وصبرك.. |
سماوة: هذا ما يجب أن تتعوّديه وتروضي نفسك عليه فأنت وزوجك قد دخلتما في حومة الجهاد في سبيل الله طريق الجهاد محفوف بالمفاجآت.. |
مزنه: صحيح ما تقولين يا خالتي وإني أشكرك على هذه النصائح القيّمة والتوجيه السديد وسأعمل به.. |
سماوة: حسناً تفعلين يا بنيتي بنفسك وبزوجك فأنتما تشتركان في أمر يتطلب متانة أعصاب وضبطاً للشعور والعواطف.. |
مزنه: صدقت.. صدقت.. |
سماوة: أين عاصم يا مزنه.. |
مزنه: ربما يكون مع أترابه.. أتريدينه يا خالتي.. |
سماوة: لا.. ولكنني أريد أن أسألك عنه.. |
مزنه: تفضلي وسلي.. |
سماوة: من أي القبائل عاصم؟ |
مزنه: من بني النجار.. أخوال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.. |
سماوة: إذن فهو كريم المحتد.. |
مزنه: بلى.. بلى.. |
سماوة: ووالداه أهما على قيد الحياة.. |
مزنه: الذي سمعته أن والده يشترك في المعارك التي يخوضها المسلمون في شمالي إفريقية.. |
سماوة: وأمه؟ |
مزنه: تقيم بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.. |
سماوة: هل له أخوات؟ |
مزنه: هذا ما لا أدريه ولكن.. |
سماوة: ولكن ماذا يا مزنه؟ |
مزنه: لم كل هذه الأسئلة يا خالتي وكأننا في ساحة القضاء.. |
سماوة: لا شيء ولكني أحب أن أجمع أكبر كمية من المعلومات عن الأشخاص الذين تجمعني بهم ظروف غير عادية.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الحارث يقول): |
الحارث: هل رأيت عبد الرحمن اليوم يا منذر؟ |
المنذر: لا.. لقد جئت أسألك نفس السؤال.. |
الحارث: ألم تتقصى عنه بين جنوده؟ |
المنذر: يقولون إنه ذهب مع بعض رجاله إلى جهة مجهولة.. |
الحارث: جهة مجهولة.. ولكنه لم يخبرني.. |
المنذر: إنه كتوم كأبيه والولد سر أبيه.. |
الحارث: ولكني أخشى عليه من كمائن الروم.. |
المنذر: لا تخشى عليه فقد تمرس قتالهم وأحاط بوسائلهم وحبائلهم.. |
الحارث: ولكني ما أزال قلقاً عليه.. |
المنذر: لعلّه سار في أثر عاصم بعد أن استطال غيابه.. |
الحارث: ما رأيك في إرسال بعض رجالي للبحث عنه؟ |
المنذر: رأي سديد فإن كان في حاجة إلى الرجال فقد جاءه المدد وإن لم يكن أعلموه بقلقنا عليه.. |
الحارث: قل يا منذر.. |
المنذر: تفضل يا حارث.. |
الحارث: عندما سألت عن عبد الرحمن من رجاله هل أشاروا إلى الجهة التي سار إليها.. |
المنذر: إنهم لم يؤكدوا الجهة ولكنهم قالوا ربما توجه غرباً.. |
الحارث: إن صح ما قالوه فإن عبد الرحمن قد سار صوب (هيت).. |
المنذر: (هيت).. وماذا هناك.. |
الحارث: لعلّه سمع شيئاً عن الروم.. |
المنذر: ويقوم بهذه المغامرة بهذه القلة من الرجال.. |
الحارث: إنه إقدام الشباب الذين لم تصقلهم بعد حنكة الشيخ.. وتجارب الحياة.. |
المنذر: أرجو له السلامة.. |
الحارث: إنني أدعو الله له بالسلامة ولا سيما وهو في بلادي وأنا مسؤول عنه أمام والده وأمام ضميري.. |
المنذر: هيا أرسل رجالك للبحث عنه.. |
الحارث: هيا معي يا منذر هيا.. |
(صهيل الخيل وقعقعة السلاح وصليل السيوف وأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت المنادي يقول): |
المنادي: يا أهل بلدة عانات.. يا أهل بلدة عانات جيوش المسلمين تصل مشارف بلادكم هيا لاستقبالهم هيا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت المنذر يصرخ قائلاً): |
المنذر: انظر يا حارث.. عبد الرحمن على رأس جيش أبيه.. |
الحارث: الحمد لله.. مرحبا بعبد الرحمن وبأبي عبد الرحمن.. |
|