شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 6 ـ
عمير: قبل الخوض في تفاصيل المغامرة أحب أن أبشرك يا مزنه أن خالتك وزوجها قد اعتنقا الإسلام على يدي..
مزنه: بشرك الله بالخير يا عماه..
عمير: والآن..
عبد الرحمن: تفضل يا أبي..
عمير: الحارث حاكم بلدة عانات هو زوج خالتك سماوة أليس كذلك يا مزنه..
مزنه: بلى.. بلى..
عمير: والحصون الممتدة من قرقيساء حتى بلدة عانات شحنها الروم بالمقاتلين..
عبد الرحمن: نعم يا أبي نعم..
عمير: واحتلال هذه الحصون أمر ليس بالهين يا ولدي..
مزنه: هذا صحيح.. يا عماه..
عمير: فإذا استطعنا استمالة الحارث حاكم بلدة عانات وقومه إلى جانبنا أمكننا القضاء على حاميات الروم في حصون الفرات بيسر وسهولة.
عبد الرحمن: ولكن كيف الوصول إلى ذلك يا أبي؟
عمير: تحدثت مع المنذر زوج فتانه في الأمر فتطوع بأن يذهب هو وزوجه إلى الحارث لإقناعه بعد تزويدهما برسالة من عندي ولكنهما طلبا..
عبد الرحمن: طلبا ماذا؟
عمير: أن تصحبهما مزنه لأن لها سلطاناً كبيراً على خالتها سماوة وزوجها..
عبد الرحمن: طلب فظيع يا أبي.. ولا سيما والطريق إلى بلدة عانات مليء بحاميات الروم وعيونهم ولذلك أرى عدم تلبية طلبهما.. لما فيه من الخطر على حياة مزنه وعلى حياتهما أيضاً..
عمير: ولكن المنذر يقول إنه يعرف طرقاً ليس للروم فيها حاميات أو عيون..
عبد الرحمن: قد يكون ذلك قبل وصول جيوش المسلمين إلى الجزيرة أما اليوم فما أظنهم يتركون هذه الطرق بدون حراسة أو خفارة.. لم لا يذهب المنذر وحده من دون النساء..
عمير: لقد قلت له هذا ولكنه أصر على ذهاب زوجه ومزنه معهما حتى يكون مطمئناً على نجاح مهمته.. فما رأيك يا مزنه؟
مزنه: قلت يا عماه إن ما تطلبه مني هو مغامرة والمغامر يجب أن يضع الأخطار والمصاعب نصب عينيه وإلا لا حاجة إلى تسمية ما طلبته مني مغامرة إذا لم تكن محفوفة بالمكاره..
عمير: منطق سليم يا مزنه بورك فيك.. قل يا عبد الرحمن.. ما رأيك؟
عبد الرحمن: في أي شيء يا أبي؟
عمير: أن تذهب أنت وعاصم معهم كتابعين وحارسين في نفس الوقت..
عبد الرحمن: الآن أوافق على المغامرة.. الآن فقط..
عمير: ولكن..
عبد الرحمن: ولكن ماذا؟
عمير: تحسنان التنكر كما لو كنتما من أهل الجزيرة..
مزنه: هذا بيدي يا عماه فسأعلمهما ما ينقصهما..
عبد الرحمن: وعاصم يا أبي من سيبلغه؟
عمير: سأتولى ذلك بنفسي والآن..
عبد الرحمن: والآن ماذا؟
عمير: إذن خذ أنت وزوجك يا عبد الرحمن في الاستعداد وللسفر وسأشعر المنذر بذلك.
عبد الرحمن: ومتى تأمر أن تقوم بهذه المهمة؟
عمير: غداً إن شاء الله..
عبد الرحمن: إن شاء الله..
مزنه: توكلنا على الله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت الحارث حاكم بلدة عانات يقول):
الحارث: ما بك يا سماوة ساهمة شاردة اللب.. أتشكين من شيء؟
سماوة: لا يا حارث..
الحارث: ولكن آثار القلق والألم المكبوت تكاد تصرخ من عينيك..
سماوة: وكيف لا أتألم.. بل كيف لا أكون قلقة وأنا لا أدري مصير ابنتي بل وأعز من ابنتي مزنه.. وأخشى فتانه بعد سقوط رأس العين وقرقيساء في أيدي المسلمين..
الحارث: أي مصير تخشينه عليهما..
سماوة: أن يكونوا في عداد السبايا..
الحارث: كوني مطمئنة فالمسلمون لا يسبون نساء العرب ولا أولادهم..
سماوة: أتقول حقاً يا حارث أم أنك تريد أن تهدهد آلامي وأحزاني..
الحارث: صدقيني يا سماوة صدقيني فالأخبار المتواترة تؤيد ما قلت..
سماوة: جوزيت خيراً ولكن..
الحارث: ولكن ماذا؟
سماوة: أنَّي لي أن أعرف هل هما على قيد الحياة أم كانا في عداد الضحايا فالمعارك التي خاضها المسلمون في رأس العين وقرقيساء كانت ضارية..
الحارث: أخبار السوء لا تخفى يا سماوة.. فلو حدث لهما شيء لسمعنا عنه.. لقد سمعنا أن ثعلبة وقومه دخلوا في الإسلام ولعلّ مزنه معهم..
سماوة: وفتانه أختي وزوجها أعندك نبأ عنهما..
الحارث: لم يمض زمن طويل على احتلال المسلمين لمدينة قرقيساء ولذلك فلم تصلنا بعد أية أنباء..
سماوة: أخشى أن يكون الروم هم الذين يكتمون أخبار المسلمين حتى لا يدخلوا الوهن في صفوف من هم معهم من العرب..
الحارث: هذا صحيح.. فالروم يحاولون جاهدين ألا تتسرب أخبار المسلمين إلينا إلا بعد أن يشوهوها ويلبسوها غير لباسها..
سماوة: كيف يا حارث كيف..
الحارث: مثلاً أول الأخبار الواردة من مدينة رأس العين تقول إن المسلمين انتهكوا أعراض نسائها ونهبوا أموال أهلها وسبوا أولادهم..
سماوة: يا للفظاعة.. يا للفظاعة..
الحارث: ثم جاءت الأخبار الموثوقة لتكذب ما أشاعه الروم عن المسلمين ولتقول إنهم أحسنوا معاملة الناس هناك وأبقوا لهم أموالهم وأراضيهم ومنحوهم حريتهم الدينية.
سماوة: يا إلهي.. حتى حرية مزاولة الشعائر الدينية..
الحارث: أجل يا سماوة أجل..
سماوة: إنها منتهى السماحة.. منتهى العدالة.. منتهى السمو في حسن المعاملة الآن أدركت لم يدخل الناس أفواجاً أفواجاً في دين الإسلام..
الحارث: إنه لا فرق في المعاملة بين المسلم وغير المسلم فحقوق الجميع مكفولة بموجب أحكام قرآنهم وسنة نبيهم محمد..
سماوة: لعمري إنه لهو الدين الذي سيسود بلاد العرب أجمعين..
الحارث: هذا ما تؤكده مجريات الأخبار التي نسمعها عن عدالة هذا الدين وسماحة تعاليمه..
سماوة: حارث.. هل لي أن أسألك؟
الحارث: وهل أستطيع أن أمنعك من السؤال.. قولي..
سماوة: ماذا قررت.. هل ستحارب مع الروم أو تدخل فيما دخل فيه إخوانك من عرب لواء الجزيرة..
الحارث: إنني في أشد الحيرة يا سماوة..
سماوة: وهذا ما يكاد محياك أن يبوح به..
الحارث: ما رأيك أنت؟
سماوة: أرى أن نجم الروم آخذ في الأفول.. ثم..
الحارث: ثم ماذا؟
سماوة: المسلمون عرب من دمنا ولحمنا.. لقد صبرنا على استعباد الروم مئات السنين وقد آن لنا أن نتحرر على أيدي أهلنا وقومنا..
الحارث: ولكنني أخشى حاميات الروم المنتشرة على شواطىء الفرات.. فما لدي من قوات لا تستطيع الصمود لو عطفوا علينا..
سماوة: لم لا تحاول الاتصال بقائد المسلمين في قرقيساء وتطلب منهم إمدادك بالرجال والعتاد.. أو على الأقل..
الحارث: على الأقل ماذا يا سماوة..
سماوة: تأخذ الأمان من المسلمين لك ولقومك..
الحارث: هذا ما أفكر فيه ليل نهار ولكني لا أدري كيف السبيل إليه..
(عواء الذئاب وبعض الحيوانات الضارية نسمع بعدها صوت المنذر يقول):
المنذر: نحن نمر بأجمة بعض الوحوش الضارية.. ضعوا أيديكم على سلاحكم فقد نهاجم من قبل هذه الحيوانات..
عبد الرحمن: كن مطمئناً يا منذر فسنقوم بالحراسة أنا وأخي عاصم.. كيف أنت يا مزنه هل تشعرين بخوف أو تعب؟
مزنه: ما دمت بجانبي فلا اشعر إلا بالهناء والسعادة والراحة..
عبد الرحمن: وخالتك ألا تسألينها كيف هي؟
مزنه: إنها معتادة على هذه الرحلات ولعلّك لا تعرف أنها صيادة ماهرة..
عبد الرحمن: لعلّها معتادة على صيد الطيور والغزلان..
المنذر: والذئاب والضباع يا عبد الرحمن..
عبد الرحمن: أكنت تسمعنا يا منذر..
المنذر: في الغابة يسمع المرء دبيب النملة..
عبد الرحمن: أما زلنا بعيدين عن عانات منذر؟
المنذر: لم تبق إلا مرحلة واحدة ولكنها خطيرة..
عبد الرحمن: كيف؟
المنذر: سنكون قريبين من حصن به حامية رومية كبيرة..
مزنه: وبماذا تنصحنا..
المنذر: تترجل ونمشي على حذر ونجعل من الأشجار الكثيفة ستاراً..
عبد الرحمن: ولكن فتانه ومزنه هل تستطيعان المشي..
مزنه: من قال لك يا عبد الرحمن إننا لا نستطيع المشي فالتي تقوم بمثل ما نقوم به يجب أن توطن نفسها على تحمل المشاق والمصاعب..
عبد الرحمن: بورك فيك.. بورك فيك..
(نقلة صوتية مسبوقة موسيقى نسمع بعدها صوت المنذر يقول):
المنذر: أتسمعون؟
عبد الرحمن: نقيق الضفادع وحفيف الأشجار..
المنذر: لقد وصلنا بلدة عانات.. وهانحن ندخل أولها..
عبد الرحمن: الحمد لله.. الحمد لله..
مزنه: أتمشي أم نركب يا منذر..
المنذر: أتعبت يا مزنه؟
مزنه: لا ولكن..
المنذر: ولكن ماذا؟
مزنه: منظرنا ونحن نمشي ونقود البهائم قد يلفت الأنظار..
عبد الرحمن: هذا صحيح يا منذر..
المنذر: حسناً أركبن وسرن إلى قصر الحارث فأنت وفتانه تعرفان الطريق إليه وسنتبعكما عن كثب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت عمير يقول):
عمير: أرى حصون الفرات مجهزة بمقاتلي الروم أكثر مما حسبت يا مالك..
مالك: إنها معركة حياة أو موت بالنسبة للروم يا عمير..
عمير: صدقت فالمعركة مصيرية بالنسبة لهم ولنا أيضاً ولذلك فهم يستميتون في الدفاع عنها..
مالك: ولكن هذه الحصون ستتساقط كأوراق الخريف بإذن الله عندما تنجح مهمة الوفد الذي أرسلته..
عمير: إن شاء الله ا مالك فإني جد قلق على مصير الوفد.. ولا سيما وأن بينهم امرأتان..
مالك: الله معهم ولكن قل لي.. ما هي خطتك في حال نجاح الوفد في مهمته..
عمير: سأرسل حملة من رجالنا إلى بلدة عانات لكي تقوم بهجوم مفاجىء على مؤخرة الحصون.
مالك: وأنت من الأمام وعندها لا يجد الروم مفراً من التسليم أو الموت..
عمير: ذلك ما أرجو أن يتحقق بعون الله وتأييده..
مالك: ولكنك يا عمير تشتد في مهاجمة هذه الحصون فما هو هدفك؟
عمير: إنني أهدف إلى مشاغلة الروم وتركيز انتباههم إلى جيشنا المهاجم وبذلك أعطى الفرصة للوفد كي يبلغ محله..
مالك: رائع.. رائع.. ومتى تنتظر عودة الوفد..
عمير: اليوم أو غداً على أكبر تقدير هذا إذا وفق..
مالك: قلبي يحدثني أن الوفد قد نجح وأنه في طريق عودته الظافرة إلينا بإذن الله..
عمير: أرأيت نائلة اليوم يا مالك فإني لم أرها منذ أيام لانشغالي بسير المعارك..
مالك: إنني أذهب إليها كل يوم فأرها قائمة بالدعاء للوفد..
عمير: إنها امرأة صالحة.. أرجو أن يتقبل الله دعاءها..
مالك: وإذا عاد الوفد موفقاً فهل الحملة جاهزة للسفر؟
عمير: بلى يا مالك إنها جاهزة وتنتظر مني الأمر..
مالك: هل اخترت قائداً للحملة؟
عمير: بلى.. بلى..
مالك: من هو؟
عمير: إنه (يتلكأ)..
مالك: إنه.. من..
عمير: عبد الرحمن ومعه عاصم..
مالك: ولكنهما سيعودان متعبين من الرحلة..
عمير: إنهما في عنفوان شبابهما.. ثم لا تنسى..
مالك: أنسى ماذا؟
عمير: الأجر على قدر المشقة..
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر..
عمير: مالك.. انظر ما موجبات هذا التهليل والتكبير..
(يقول مالك):
مالك: البشرى.. البشرى.. عاد الوفد سالماً والحمد لله..
عمير: الحمد لله.. الحمد لله..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :733  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.