الحلقة ـ 2 ـ |
ماركو: مزنه يا ثعلبة مزنه.. |
ثعلبة: هي لك إذا ما انتصرنا على المسلمين.. |
ماركو: سننتصر وسندفنهم في خنادق مدينة رأس العين.. |
ثعلبة: سنرى.. سنرى.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت عبد الرحمن يقول): |
عبد الرحمن: يا إلهي إن أحجار المنجنيق ولهيب النفط يفتك بالمسلمين فتكاً ذريعاً يا أماه وإني أخشى على أبي من مصير المعركة.. |
نائلة: أتظن أباك لم يكن دقيقاً في تقديره للمعركة.. |
عبد الرحمن: يلوح لي ذلك ولا بد أن خالي مالك هو الذي أوقعه في هذه الورطة.. |
نائلة: مالك.. لا يا بني لا تتهم مالكاً فإنه من خلص أصدقاء أبيك.. |
عبد الرحمن: قد يكون مخلصاً في صداقته ولكنه لا يفقه في الحروب ومتطلباتها.. |
نائلة: المهم يا عبد الرحمن.. |
عبد الرحمن: المهم ماذا؟ |
نائلة: أن نقوم بعمل شيء قد يساعد أباك في ورطته هذه.. |
عبد الرحمن: وماذا عساي أو عساك أن نفعل يا أماه وفرساننا يحجمون عن الهجوم.. |
نائلة: المدن الحصينة لها مداخل ومخارج سرية.. |
عبد الرحمن: بلى.. بلى.. ولكن لا يعرفها إلا الخاصة الموثوقون ثم.. |
نائلة: ثم ماذا؟ |
عبد الرحمن: أنى لنا أن نعرف مداخل المدينة أو مخارجها.. |
نائلة: أنا أريد أن تذهب إلى أبيك وتشير عليه بذلك.. |
عبد الرحمن: حسناً سأذهب إليه.. |
(ويتطلع فيرى مالكاً في طريقه إليهما فيقول): أماه! أرى مالكاً في طريقه إلينا.. |
نائلة: أهو وحده أم مع أبيك؟ |
عبد الرحمن: وحده يا أماه! |
نائلة: شيء غريب أن يرى مالك وحده.. ترى أين عمير والدك يا عبد الرحمن.. |
عبد الرحمن: لعلّه مشغول برتق الصدع.. |
(يدخل مالك وهو يقول): |
مالك: السلام عليكما.. |
عبد الرحمن: وعليك السلام يا خالي.. أين أبي؟ |
مالك: جئت أسأل عنه لأنه اختفى فجأة.. |
نائلة: ومن يقود المعركة؟ |
مالك: رافع الأوسي.. |
عبد الرحمن: كيف اختفى ألم تسأل رافعاً عنه؟ الآن عرفت لماذا أرسلني والدي إليك يا أماه.. |
نائلة: لا بد وأن لديه خطة لا يريدك أن تشترك فيها لأنك لست من رجالها أو فرسانها.. |
عبد الرحمن: ولكنك يا خالي لم تجبني على سؤالي؟ |
مالك: لقد سألت رافعاً عنه فلف ودار وتركني في حيرة اضطرتني أن أسرع إليكما لعلّ عندكما ما ينير لي الطريق.. |
(ويصرخ عبد الرحمن قائلاً): |
عبد الرحمن: سألحق بوالدي فإما وجدته وشاركته في جهاده أو مت في سبيل التفتيش عنه.. |
مالك: ولكنك تخالف بذلك أوامر أبيك بأن تبقى بجانب والدتك.. |
عبد الرحمن: ولكن الطريقة التي اختفى فيها والدي تضطرني على ركوب هذا المركب.. |
نائلة: أسمع كلام خالك يا بني.. |
عبد الرحمن: لعلّي لأول مرة أعصي لك ولخالك أمراً.. |
مالك: ووالدك أيضاً ومع ذلك فامض يا بني فسأتحمل عنك مسؤولية عصيانك الأوامر سأقول لوالدك إني أذنت لك.. إمض على بركة الله.. |
عبد الرحمن: شكراً لك يا خالي.. ادعى لي يا أماه.. |
نائلة: الله معك.. الله معك.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت مزنه تقول): |
مزنه: أسمعت بوعد والدي لماركو يا وائل.. |
وائل: نعم يا مزنه.. نعم.. |
مزنه: هل أنت راضٍ عن هذا الوعد؟ |
وائل: الرضاء لك أولاً وآخراً.. فإذا كنت راضية فأنا راضٍ.. |
مزنه: أتريد أختك أن تتزوج علجا من علوج الروم وكأنه لا يوجد بين العرب الأقحاح فتى أولى بي من هذا الرومي القذر.. |
وائل: ولكنك تعلمين الأسباب الداعية لهذه الموافقة.. |
مزنه: نعم ولكني لا أريد أن أكون قربان المذبح.. |
وائل: دع العواطف جانباً يا مزنه واصغ لضميرك فإنه يناديك بأن تحافظي على والدك وعلى حياته وسيادته على قومه.. |
مزنه: ولكن حياة والدي ستكون في مأمن مع المسلمين أكثر مما تكون مع الروم.. |
وائل: كيف وقد اندلعت الحرب وسالت الدماء فيها.. |
مزنه: نحن ما نزال في بداية المعركة.. |
وائل: كيف تقولين في بدايتها والمسلمون قد ينهونها في أية لحظة فلديهم قيادة ماهرة ورجال يؤثرون الموت على الحياة.. |
مزنه: ولكني سأضمن لوالدي حياته وسيادته على قومه.. |
وائل: كيف تستطيعين وأنت بين أسوار هذه المدينة المحروسة برجال أشداء من كل جانب.. |
مزنه: أستطيع إذا وافقتني على رأي.. |
وائل: ما هو؟ |
مزنه: إن المسلمين متوقفون عن القتال الآن.. أتدري لماذا؟ |
وائل: لأن خسائرهم كانت فادحة من المنجنيق وحرائق النفط.. |
مزنه: هذا من جهة ومن جهة أخرى ليفتشوا على مداخل المدينة فقد اصبحوا يعرفون مداخل المدن التي حصنها الروم من سابق خبرتهم بفتح أمثالها.. |
وائل: ولكن مداخل مدينتنا محصنة بالرجال الأشداء.. |
مزنه: توقف المسلمين عن القتال أوحى لرجالنا بفشل المسلمين وأعطاهم نوعاً من الراحة والطمأنينة وسوف لا يكون حراس مداخل المدينة يقظين ساهرين كالعادة.. |
وائل: هذا كلام أشك في صحته.. |
مزنه: حسناً لو فرضنا أنهم يقظون فأتزيا بزي أحد فتياتنا وأخرج وأقابل قائد المسلمين وآخذ لأبي الأمان مقابل تسليم المدينة.. هل توافق؟ |
وائل: أوافق ولكن.. |
مزنه: ولكن ماذا؟ |
وائل: إذا انكشفت للحراس.. |
مزنه: لكل عقدة حلال.. |
وائل: ما دمت مصممة فسأذهب معك لحراستك.. |
مزنه: هيا بنا.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عمير يقول): |
عمير: يا بني أترى ذلك الباب.. |
عبد الرحمن: نعم يا أبتاه إنه أحد مداخل هذه المدينة كما يظهر.. |
عمير: بل هو يا عبد الرحمن لأن مداخل المدن التي يحصنها الروم ومخارجها تشبه بعضها البعض وقد بلوت كثيراً منها في معارك الشام.. |
عبد الرحمن: أنت على حق يا أبي فقد اكتسبت ذلك بخبرتك.. |
عمير: اسمع.. تتسلق أنت وعاصم بحذر السور وتنزلان وتختلطان بالحراس فلباسكما مثل لباسهم والليلة حالكة السواد ولا أظنهم سيتعرفون عليكما.. |
عبد الرحمن: حسناً، وبعد.. |
عمير: وبعد ذلك تفتحان البوابة إما بالحيلة أو بالقوة والأمر متروك لتقديركما.. توكلا على الله. |
أصوات: عاصم وعبد الرحمن: توكلنا على الله.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنه تقول): |
مزنه: الليلة حالكة السواد يا وائل.. |
وائل: أتراها من حسن حظنا أم من سوئه.. |
مزنه: بل من حسن حظنا فالليل ستار.. هيا بنا.. |
وائل: هيا بنا.. |
مزنه: أنت تعرف الطريق أكثر مني يا وائل فتول أنت القيادة.. |
وائل: حسناً.. أمسكي بيدي حتى لا يفقد أحدنا الآخر.. |
مزنه: حسناً.. حسناً.. |
وائل: صه يا مزنه.. صه.. فإني أرى اثنين ينزلان من أعلى الحصن في حذر ويقظة.. |
مزنه: أراهن أنهما من المسلمين.. |
وائل: ولكن لباسهما مثل لباس رجالنا.. |
مزنه: ربما للتعمية.. هيا بنا نتبعهما في حذر.. |
وائل: إني أراها ليلة ليلاء يا مزنه.. |
مزنه: وسيعقبها الصبح المبين.. |
وائل: من يدري.. ضعي يدك على سلاحك استعداداً للطوارىء.. |
مزنه: إني على تمام الاستعداد.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت عبد الرحمن يقول): |
عبد الرحمن: إن الحراس نيام يا عاصم وسأسرع لفتح البوابة فاحمني من سيوفهم.. (ويهمس وائل لمزنه قائلاً).. |
وائل: صدقت يا مزنه فإنهما من رجال المسلمين.. |
مزنه: سنحميهما وحمايتنا لهما ستكون يداً لنا على المسلمين نستطيع بها أخذ الأمان لأبي من قائدهم الذي سيدخل من هذه البوابة.. |
وائل: حسناً.. |
(يحس الحراس بعبد الرحمن وهو يحاول فتح البوابة.. نسمع ضجيجاً وأصواتاً تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت مزنه تقول): |
مزنه: سلموا تسلموا ألقوا السلاح أيها الحراس.. افتح يا هذا.. لا تخف نحن معك.. |
وائل: أجل نحن معك.. |
(ويفتح عبد الرحمن البوابة وتنطلق أصوات التهليل والتكبير نسمع بعدها صوت ثعلبة يقول): |
ثعلبة: لقد أخذنا على غرة يا ماركو.. أخذنا على غرة.. ما العمل؟ |
ماركو: سنقاتل.. سنقاتل؟ |
ثعلبة: تقاتل ومداخل المدينة قد فتحت لاستقبال المسلمين من كل جهة.. |
ماركو: ألا تقاتل في سبيل الحفاظ على ابنك وائل وابنتك مزنه.. |
ثعلبة: وأين هما.. لقد اختلط الحابل بالنابل.. |
ماركو: ولكني سأذهب باحثاً عنهما لأقف بجانبهما.. |
(تدخل مزنه ووائل وعمير وعبد الرحمن.. تقول مزنه): |
مزنه: لا تكلف خاطرك يا ماركو.. لقد سلمت المدينة للمسلمين ألق سلاحك يا ماركو.. |
ماركو: أأصبحت مع أعداء أبيك يا مزنه وأنت يا وائل.. إنها خيانة.. خيانة.. |
مزنه: لقد أصبحت مع أهلي وقومي ضد عدونا المشترك أنتم الروم أنتم الروم.. ألا تريد أن تسلم سلاحك يا ماركو.. |
ماركو: لا.. يا مزنه.. لا.. |
مزنه: إذن خذها من يد حرة عربية.. |
(وتطعنه بالرمح فيسقط على الأرض وهو يصرخ ويقول): |
ماركو: مرحبا بالموت من يدك يا مزنه.. يا مزنه.. |
وائل: أبي.. لقد أخذنا لك الأمان من قائد المسلمين عمير الذي هو أمامك.. |
ثعلبة: وماذا عن النساء والأطفال هل سيأخذونهم سبايا.. |
عمير: لا يا ثعلبة.. نساؤكم وأولادكم كنسائنا وأولادنا لن يسبي العربي المسلم امرأة عربية ولا فتى عربياً.. |
ثعلبة: وهل سندفع الجزية كالذميين.. |
عمير: لا يا ثعلبة.. لا.. سنزيد الصدقة إلى الضعف.. |
ثعلبة: وماذا عن الأرض.. |
عمير: سنعيدها إلى أصحابها.. |
ثعلبة: والدين الذي نحن عليه.. |
عمير: لكم الخيار.. ولكم الحرية المطلقة في مزاولة دينكم وشعائركم.. |
وائل: أرأيت يا أبي مبلغ سماحة الإسلام وأهل الإسلام لو كان الفاتحون من الروم لهتكوا أعراضنا وسبوا نساءنا وأولادنا.. |
مزنه: ونهبوا أراضينا وأموالنا.. |
ثعلبة: أجل يا ولدي إنكما تقولان حقاً.. ما أكرم الإسلام وأهل الإسلام.. |
عمير: لم لا تدخل فيه يا ثعلبة كما دخل الألوف من إخوانك العرب في الشام والجزيرة.. |
ثعلبة: ما تقول يا وائل؟ |
وائل: ما تقولين يا مزنه.. |
مزنه: أما أنا فأقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. |
وائل: وإني مثلك يا أختاه أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. ثعلبة: لقد سبقتماني يا ولدي.. هات يدك يا عمير.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. |
أصوات: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. |
|