شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 1 ـ
مالك: وصل بريد عِياضُ بن غَنْم فهل جاءك منه شيء يا عمير؟
عمير: بلى يا مالك بلى..
مالك: عسى أن يكون خيراً..
عمير: كله خير وبركة..
مالك: هات يا عمير هات..
عمير: كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى عياض بن غنم يأمره بتوجيهي لفتح ((عين الوردة))..
مالك: ((عين الوردة)) أين تقع؟
عمير: عين الوردة هي ((رأس عين)) أو رأس العين المدينة المشهورة في الجزيرة..
مالك: جزيرة عمرو بن هند كما كان يسميها مناذرة الحيرة..
عمير: بلى.. فالأراضي التي ما بين النهرين: دجلة والفرات تسمى الجزيرة وتشتمل على ديار مضر وديار ربيعة وهي صحيحة الهواء جيدة الربيع والنماء واسعة الخيرات..
مالك: أكل هذه المعلومات عندك عنها يا عمير..
عمير: هذا من فضل ربي ولكن عياض بن غنم جزاه الله خيراً قد أرسل لي هذه المعلومات في رسالة حتى أعرف طريقي إليها..
مالك: يا له من قائد محنك..
عمير: أليس هو السابق إلى فتح الجزيرة فهو ولا شك عليم بها أكثر مني..
مالك: و ((عين الوردة)) أو ((رأس عين)) لم سميت بهذا الاسم؟
عمير: ذلك لأن فيها عيوناً كثيرة عجيبة تجتمع كلها في موضع واحد هو المنبع الرئيسي لنهر الخابور..
مالك: إذن ((فعين الوردة)) تقع في شمالي العراق..
عمير: بلى يا مالك بلى..
مالك: ومتى تريدنا أن ننهد إليها..
عمير: ذلك يعتمد على المعلومات التي سوف تتوفر لدي عن قبائل تغلب وإياد.. وهل للروم حاميات قريبة من هذه المدينة..
مالك: هذا يعني أن غزوك سيأخذ وقتاً غير قليل..
عمير: هذا ما لا أستطيع الجزم به يا مالك ولكن معرفة قوة عدوك واستعداداته ضرورية حتى أضع على ضوئها تقديري للمعركة وأبعادها أما..
مالك: أما ماذا؟..
عمير: أما الهجوم الارتجالي فضرره أكثر من نفعه.. ولا سيما وقد امتنع فتح عين الوردة على عياض بن غنم من قبل.. ثم..
مالك: ثم ماذا؟
عمير: سر النجاح في صحة التقدير للمعركة..
مالك: صدقت سر النجاح في صحة التقدير للمعركة ومعرفة أبعادها ومتطلباتها قبل الدخول فيها.. وفقك الله.. وفقك الله..
عمير: اللَّهم آمين.. اللَّهم آمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها نائلة زوج عمير تقول):
نائلة: عبد الرحمن ‍‍..! عبد الرحمن!
عبد الرحمن: نعم يا أماه..
نائلة: أين كنت يا بني؟
عبد الرحمن: كنت عند أبي؟
نائلة: وماذا عنده من جديد؟
عبد الرحمن: غزو جديد..
نائلة: إلى أين؟
عبد الرحمن: إلى رأس عين أو عين الوردة..
نائلة: عين الوردة أجمل من اسم رأس عين..
عبد الرحمن: ولكن اسم رأس عين مأخوذ من العيون التي تتجمع في هذه المدينة في عين واحدة فتشكل نهر الخابور..
نائلة: عشنا وسمعنا.. متى سنغزو..
عبد الرحمن: لا أدري يا أماه..
نائلة: ولا أنا لن أعرف إلا ليلة الغزو.. فأبوك شديد السرية في تحركاته ونشاطاته..
عبد الرحمن: أليس أبي على حق في تصرفاته..
نائلة: كل الحق يا بني ولقد تعلم ذلك من الرسول القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة عمي طريقه حتى لا يعرف أعداؤه شيئاً من خطته..
عبد الرحمن: ونحن في بلاد محاطون فيها بالأعداء من فرس وروم ونصارى العرب..
نائلة: تقول نصارى العرب..
عبد الرحمن: أجل يا أماه فقبائل شمالي العراق من العرب أكثرهم نصارى..
نائلة: لا حول ولا قوة إلا بالله.. يجب أن ندخلهم في الإسلام قبل غيرهم من الفرس والروم..
عبد الرحمن: إنهم سيدخلون في هذا الدين عاجلاً أم آجلاً وسوف تسمعين إذا امتد بك العمر صوت المؤذن في ديارهم محل صوت الأجراس والنواقس..
نائلة: لقد تقدم بي العمر يا عبد الرحمن فأرجو أن تدركه أنت..
عبد الرحمن: إن شاء الله سيكون ذلك قريباً وقريباً أكثر مما تظنين يا أماه..
نائلة: إن شاء الله.. إن شاء الله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ثعلبة يقول):
ثعلبة: ماركو.. متى ينتظر أن تصلنا المعدات التي طلبناها من القيصر لتحصين مدينتنا (رأس العين) من هجوم المسلمين..
ماركو: ستصل قريباً يا ثعلبة.. قريباً..
ثعلبة: ولكن كلمة (قريباً) سمعتها منذ الهجوم الذي قام به المسلمون علينا وباء بالفشل.. اسمع يا ماركو..
ماركو: قل يا ثعلبة..
ثعلبة: إذا كنتم ستتأخرون فسأطلب المعدات من الفرس..
(ويضحك ماركو ويغرق في الضحك فيقول ثعلبة):
ولم هذا الإغراق في الضحك يا ماركو هل في كلامي ما يضحك..
ماركو: ضحكت لأنك مع الأسف لأنك لا تعلم أن المسلمين قد قوضوا عرش الأكاسرة بعد دخولهم عاصمتهم (المدائن) وقد هرب يزدجر ملكهم إلى مكان مجهول في فارس..
ثعلبة: وتقول صدقاً يا ماركو..
ماركو: ورب موسى وعيسى.. أما نحن فما تزال جيوشنا تدافع جيوش المسلمين وتصدها عن التوغل في بعض الأماكن.
ثعلبة: حسناً.. اتصل بقائدك ليعجل في إرسال المعدات ولا سيما المنجنيقات فنحن بحاجة ماسة إليها..
ماركو: سأرسل استعجله.. كن مطمئناً..
ثعلبة: ثق يا ماركو.. سيكون نهر الخابور آخر حد يصل إليه المسلمون إذا ما وصلتنا المعدات والإمدادات الطبية..
ماركو: المهم يا ثعلبة..
ثعلبة: المهم ماذا؟
ماركو: الرجال.. الرجال فالمعدات بدون رجال ليس لها أية قيمة..
ثعلبة: الرجال مستعدون للدفاع عن كل شبر من أراضيهم..
ماركو: ولكنني أخشى..
ثعلبة: تخشى ماذا؟
ماركو: أخشى أن ينضم رجالك العرب إلى إخوانهم المسلمين العرب كما فعل إخوانهم العرب في بلاد الشام..
ثعلبة: كلامك هذا يا ماركو قد يصدق على عرب الشام.. أما عرب العراق فهم مع الروم يداً واحدة وسوف تكشف الأيام لك صدق قولي..
ماركو: لقد أثلجت صدري يا ثعلبة.. شكراً.. سأذهب تواً للتعجيل في إرسال المعدات والتجهيزات..
ثعلبة: شكراً يا ماركو.. شكراً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مالك يقول):
مالك: يا أبا عبد الرحمن.. هل من جديد..
عمير: نحن كل يوم في جديد..
مالك: أقصد هل انتهيت من جمع معلوماتك عن المعركة القادمة..
عمير: الحمد لله.. لدي حصيلة طيبة منها..
مالك: إذن فسنشرع في الحملة قريباً..
عمير: بإذن الله.. بإذن الله..
مالك: والمعلومات التي توفرت لديك عن الأعداء عسى أنها لا تبعث على القلق والخوف..
عمير: المسلم الذي نذر نفسه للجهاد في سبيل الله لا يعرف الخوف ولا القلق ولا يخشى أحد إلا الله..
مالك: هذا صحيح ولكني أقول من قبيل العلم بالشيء ولا الجهل به..
عمير: أما إذا أردت العلم فاعلم أن الأعداء قد حشدوا وأعدوا وسينصرنا الله عليهم. بالرغم من استعداداتهم وتجهيزاتهم..
مالك: أترى الروم أم الفرس وراء ذلك؟
عمير: أما الفرس فقد أفل نحبهم بعد دخول جيوش المسلمين إلى المدائن وأما الروم فما يزالون يقاومون ويؤلبون علينا نصارى العرب..
مالك: من المؤسف أن يمتشق العربي سيفه في وجه العربي..
عمير: إنها سحابة صيف وستشرق شمس الإسلام فتملأ قلوبهم ونفوسهم بالإيمان بإذن الله..
مالك: أتعرف يا عمير اسم قائد نصارى العرب في رأس عين؟
عمير: بلى.. بلى..
مالك: ما اسمه..
عمير: ثعلبة التغلبي..
مالك: قاتله الله.. وقاتل من معه..
عمير: أدع الله أن يشرح صدره للإسلام كما شرح صدور غيره من نصارى العرب..
مالك: ما أنبلك يا عمير.. لقد صدق عمر بن الخطاب حين قال: عمير نسيج وحده..
عمير: اللَّهم ثبتنا على الإيمان وأكتب لنا الشهادة في سبيله..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزنة تقول):
مزنه: أرأيت ما يفعله أبي يا وائل..
وائل: بلى يا أختاه بلى.. إنه يشتغل ليل نهار في تحصين رأس العين بعد أن جاءته المعدات والتجهيزات من عند الروم..
مزنه: أيرضيك ما يفعله؟
وائل: ولم لا يا مزنه؟
مزنه: إن والدي يريد أن يبقى دائماً وأبداً تحت نير الروم واستعبادهم إننا نرزح تحت هذا النير مئات السنين فهل آن للعرب أن يتحرروا من هذا الرق والاستعباد؟
وائل: ولكن..
مزنه: ولكن ماذا؟
وائل: ماذا تقصدين من كل ما قلتيه.. أتريدين أن يستسلم والدي للمسلمين فيذلوه..
مزنه: قل لي هل أذل المسلمون العرب الذين نصروهم وآزروهم في حربهم مع الروم بالشام؟..
وائل: لا.. لقد عاملوهم وأكرموهم وسمحوا للذين ظلوا على نصرانيتهم أن يزاولوا بحرية طقوسهم الدينية..
مزنه: هل سبى المسلمون نساء وأولاد العرب الذين قاوموهم؟
وائل: لا..
مزنه: حسناً.. هل نسي أبي موقف الروم من العرب الذين ساعدوهم في حربهم ضد الفرس ماذا كان جزاؤهم؟
وائل: القتل والتشريد والتنكيل والتعذيب..
مزنه: إذن فأي خير يرتجي والدي من وراء نصرته للروم وهو يعلم ما فعل الروم بإخوانه العرب في بلاد الشام وفي غيرها..
وائل: إذن ما العمل يا أختاه؟
مزنه: يجب أن ننصحه..
وائل: أترينه يقبل بنصيحتنا ولا سيما ونحن ما زلنا أطفالاً في نظره..
مزنه: واجبنا النصح..
وائل: وإذا لم يقبل؟
مزنه: نتعاون مع المسلمين أو نفر إليهم على الأقل..
وائل: ونترك والدنا ليفتك به الروم أو المسلمون إذا ما انتصر أحدهما على الآخر..
مزنه: حسناً.. إذن متى تريدنا نذهب إليه لننصحه..
وائل: إنه مشغول الآن مع المقاتلين..
مزنه: إذن ترصده وعندما ترى الفرصة سانحة أسرع إلي لنتعاون معاً على أداء واجبنا نحوه ونحو بلدنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها أصوات التهليل والتكبير ثم صوت ماركو يقول):
ماركو: ما هذه الضجة والهرج والمرج يا ثعلبة؟
ثعلبة: إن المسلمين الذين يهاجمون مدينتنا أصابوا قوماً من فلاحينا وغنموا مواشيهم وفتكوا بهم..
ماركو: إنها بداية مخيفة لهجوم المسلمين ولكن..
ثعلبة: ولكن ماذا؟
ماركو: سوف ننتقم لهم؟
ثعلبة: كيف؟
ماركو: أنسيت أحجار المنجنيقات وحرائق النفط سوف تفتك بالمسلمين فتكاً ذريعاً سنبتدىء في استعمالها صباح الغد..
ثعلبة: وعندها سيرى المسلمون من بأسنا ما لم يروه من غيرنا..
ماركو: وإذا تم لنا النصر على المسلمين.. هل ستفي بوعدك لي يا ثعلبة؟
ثعلبة: أي وعد يا ماركو؟
ماركو: أنسيته؟
ثعلبة: ربما نسيته في زحمة الأحداث. قل ما هو..
ماركو: سأقوله.. سأقوله..
ثعلبة: قل لا عليك.. قل لا عليك..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1080  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 45
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج