شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 51 ـ
(نسمع صوت أبي داس يقول):
أبو داس: أرى أساطيل دول بحر القلزم واقفة جامدة في مكانها ولا أثر للحركة بين سفنها..
سيلاوس: لعله السكون الذي يسبق العاصفة يا أبا داس...
أبو داس: ولكني أرى تحركات مريبة بين سفن الأسطول الروماني...
سيلاوس: لعله يقوم بمناورة بارعة للفرار كالمناورة التي أفلت بها: إيليوس من مارياما.
أبو داس: لا يستبعد ذلك من إيليوس يا سيلاوس... ولكن..
سيلاوس: ولكن ماذا؟...
أبو داس: يلوح لي أن أساطيل دول بحر القلزم لا تستطيع تحدي الأسطول الروماني...
سيلاوس: ربما... ولكنها تحدته من قبل وأنزلت به خسارة كادت تكون كارثة لو لم تصل للأسطول الروماني إمدادات كبيرة في الوقت المناسب قلبت ميزان المعركة.
أبو داس: لعل هذه الإمدادات غيرت وجه المعركة فعادت أساطيل دول بحر القلزم إلى اتخاذ موقف المدافع بدلاً من المهاجم...
سيلاوس: وهذا بالطبع سيهيئ الفرصة للأسطول الروماني للانسحاب بدون خسارة...
أبو داس: إن حظ إيليوس قوي جداً يا سيلاوس إنه يفلق الحجر كما يقولون..
سيلاوس: أبى حظ يا أبا داس وعار الهزيمة يجلل رأس إيليوس وهذا الفشل الذي واكب حملته منذ أن وطئت أقدامها بلاد العرب...
أبو داس: أقول أنه بالرغم من كل ذلك ينجو إيليوس من القتل أو الأسر على أبسط احتمالات...
سيلاوس: ولكن إيليوس قتل معنوياً إلى الأبد ولن تقوم له بعد اليوم قائمة...
(أجراس الدواب نسمع بعدها صوت شمس تقول):
شمس: الآن أستطيع أن أتنسم عبير الحرية الذين يتضوع من هذه الفيافي والصحاري.
مزاحم: أجل يا شمس أجل.. إننا الآن نشعر بالأمان والاطمئنان بعد أن عشنا في دوامة من القلق والرعب والفزع...
شمس: كنت أخشى على عبيدة من وعثاء السفر ولاسيما في الليل عندما يسمع عواء الذئاب ولكنها كانت أنغاماً حلوة في أذنيه.. أنه يسألني في لهفة وتشوق متى يرى جده وأباه...
مزاحم: أنت يسألك عن جده وأبيه أما أنا فيرهقني بأسئلته عن كل شيء يراه في هذه الصحارى والتلال والوديان.
شمس: إنه يجب أن يعرف كل شيء يا مزاحم. والطفل في هذا السن تكثر أسئلته وكثيراً ما نخجل حينما لا نجد الجواب المقنع على سؤاله...
مزاحم: لا أدري ما هو وقع رحيلنا بأهلنا وعشيرتنا على عملاء الرومان وأذنابهم...
شمس: لعل أهم شيء سيغيظهم ويكبتهم هو أن يعرفوا أن أبا داس وسيلاوس على قيد الحياة بعد أن كانوا يظنون أنهم هلكوا فيمن هلك من جنود الرومان..
مزاحم: ولعل في طليعة المغتاظين. إيليوس. القائد الفاشل المغرور...
شمس: ما كنت أعتقد أننا ننجح بهذه السرعة في رحيلنا من دون أن يعلم بنا أحد...
مزاحم: السرية التابعة هي التي كانت تتوج خطتنا حتى أوصلتنا إلى هذا النجاح...
شمس: لا شك أن أبا داس وسيلاوس قد سبقانا إلى مكة...
مزاحم: بكل تأكيد ولاسيما وقد دعاهما أمير مكة للسكنى بها واقطعهما دوراً وأراضٍ لهما ولعشيرتهما...
شمس: إن أمير مكة لا شك يقدر الجهود التي بذلها والدنا وزوجي في سبيل إحباط الحملة الرومانية...
مزاحم: وقد علمت أن ملك سبأ وذو ريدان قد أجزل لهما العطاء ودعاهما إلى السكنى في عاصمته مكرمين معززين ولكنهما فضلا سكن مكة على غيرها من البلدان...
شمس: وهل هنالك بلد تجبى إليه ثمرات كل شيء مثل مكة التي شرفها الله ببيته العتيق وأكرمها بنعمة الأمن والاستقرار والخيرات والبركات...
(أبواق السفن وارتطام الأمواج نسمع بعدها صوت يافع يقول):
يافع: التحركات التي نشاهدها في الأسطول الروماني تدل على أنه ينوي الإقلاع إلى بلاده...
يوهمامى: ألا ترى إنها مناورة أو مقدمة لهجوم مفاجئ علينا..
يافع: ربما أيها القائد يوهمامى ومع ذلك فنحن مستعدون لأي هجوم طارئ ولكن.
يوهمامى: ولكن ماذا أيها القائد يافع...
يافع: أشرعة السفن الرومانية أكثرها متجهة إلى الشمال..
يوهمامى: إذن فهي عملية استدراج لأساطيلنا كما حسبت ذلك...
يافع: لعل تقديرك في محله غير أني استبعد الهجوم من قبل الأسطول الروماني وأرجح انسحابها وما هذا الذي تراه في الأسطول من أشرعة صوب الشمال وأخرى إلى بقية الجهات إلا تضليل وتعميه...
يوهمامى: قد تكون مصيباً أيها القائد فإيليوس بارع في فنون التضليل والتعميه..
يافع: أرى...
يوهمامى: ماذا ترى أيها القائد؟...
يافع: أرى أن نقوم بهجوم خاطف على سفن الأسطول الروماني المتجهة أشرعتها للغرب...
يوهمامى: ولكننا اتفقنا على عدم مهاجمة الأسطول الروماني لنفسح أمامه طريق الهرب...
يافع: ولكنها فرصة لإغراق بعض سفنه أو أسرها بمن فيها...
يوهمامى: ألا تخشى وأنت تهاجم السفن المتجهة للغرب أن تلتف حولك السفن الرومانية المتجهة أشرعتها للشرق فتقع في المصيدة...
يافع: الرياح اتجاهها شمالي وأراها فرصة ذهبية لإيقاع بعض الخسائر في سفن العدو الروماني...
يوهمامى: أنت القائد المسؤول وما علينا إلا السمع والطاعة...
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: كيف رأيت أساطيل دول بحر القلزم يا سيلاوس؟...
سيلاوس: أنها أساطيل يفخر المرء بها ويتباهى...
أبو داس: لقد أخلفت ظنك وظني فيها كنا نعتقد جازمين أنها لن تقدر على مهاجمة الأسطول الروماني فإذا بها تبرهن أنها تعرف كيف تقتنص النصر من فم الأسد...
أبو داس: يا لها من معركة وإن لم يشترك فيها الأسطول الروماني بكامله لا أن سفنه التي أراد بها تغطية إقلاعه وهوية كان نصيب بعضها الغرق والأسر للبعض الآخر...
سيلاوس: صدقني كنت خائفاً على أساطيل دول بحر القلزم حين رأيتها تقوم بهجوم خاطف على سفن التغطية الرومانية إن تلوى عليها بقية سفن الأسطول الروماني فتقع بين فكي الأسد ولكن ضربتها السريعة الخاطفة قضت على كل محاولة...
أبو داس: وأنا مثلك يا سيلاوس كنت ارتجف كالعصفور بلله القطر حيث رأيت القسم الآخر من سفن التغطية الروماني يحاول الدخول في المعركة فإذا به يجد سداً منيعاً من سفن أساطيل دول بحر القلزم وإذا به يفضل السلامة على المخاطرة فيلحق بالأسطول الرئيسي للرومان.
سيلاوس: وهكذا خسر الأسطول الروماني خمس سفن من أسطوله برجالها وعتادها.
أبو داس: الشيء الذي يحيرني هو لماذا لم تشترك قوات الأسطول الروماني الرئيسية في المعركة؟..
سيلاوس: يلوح لي أن إيليوس حين رأى هجوم أساطيل دول بحر القلزم خشي أن يكون مقدمة لجره إلى معركة قد حددت لها هذه الأساطيل ووطئت...
أبو داس: هذا صحيح.. هذا صحيح..
سيلاوس: ثم إن تغيير اتجاه الأسطول الروماني من الاتجاه شمالاً إلى الاتجاه جنوباً يأخذ وقتاً تكون فيه أساطيل دول بحر القلزم قد قضت على سفن التغطية الرومانية.
أبو داس: وهكذا اختار إيليوس أهون الشرين ورضي من الغنيمة بالإياب...
سيلاوس: والآن وقد شهدنا فشل الحملة الرومانية أما آن لنا أن نخلد إلى الراحة يا أبا داس...
أبو داس: أجل يا سيلاوس يجب أن نذهب إلى مكة حيث الأمان والاستقرار فقد دعانا أميرها للسكن بها وأقطعنا وعشيرتنا الدور والأراضي...
سيلاوس: يا له من أمير جليل وسيد كريم.. هيا بنا.. هيا بنا فلا شك أن أهلنا وعشيرتنا هم الآن في طريقهم إلى مكة.
(أبواق السفن وهدير الأمواج نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: يا لها من نهاية أليمة يا مزيني....
مزيني: أجل سيدي القائد أجل..
إيليوس: ما كنت أظن قيادة أساطيل دول بحر القلزم بهذه المهارة والبراعة.
مزيني: لا شك سيدي القائد... لا شك...
إيليوس: لقد انكشفت لهم خطة انسحابنا فبادروا بهذه الضربة السريعة التي دمرت خمس قطع من سفن أسطولنا وكادت تدمر غيرها لولا أن أسرعنا في...
مزيني: في ماذا سيدي القائد...
إيليوس: في.. في... الهزيمة يا مزيني.. إنها نهاية محزنة لحملتنا البحرية أشبه بمأساة حملتنا البرية...
مزيني: بلى سيدي القائد بلى وبكل أسف.. سؤال هل يسمح لي به سيدي القائد؟
إيليوس: قل ما هو يا مزيني؟..
مزيني: ألم يكن باستطاعة سيدي القائد تفادي هذه الخسارة وتلقين أساطيل دول بحر القلزم درساً لن ينسوه...
إيليوس: لقد جال ذلك بخاطري ولكني خشيت أن يكون لأساطيل دول بحر القلزم قوات كبيرة وإن هجومهم لم يكن إلا لاستدراجنا إلى معركة قد حددوا زمانها ومكانها فرضيت من الغنيمة بالإياب..
مزيني: ليس ذلك ببعيد سيدي القائد... إن أساطيل دول بحر القلزم لم تقم بهذا الهجوم الخاطف دون أن تكون مستعدة كل الاستعداد لتقبل النتائج المترتبة عليه ذلك لأنها تحسب لأسطولنا الجبار حسابه...
إيليوس: ماذا أقول يا مزيني أننا نعود مجللين بالخزي والعار والهزيمة والثأر..
(أجراس الدواب ووقع أقدامها نسمع بعدها صوت شمس تقول):
شمس: أرانا قد اقتربنا من مكة يا مزاحم...
مزاحم: بلى يا شمس بلى...
شمس: إننا الآن نسير بمحاذاة الساحل...
مزاحم: أجل وأنها الطريق التي تمر بها القوافل التجارية تلك القوافل التي صادفنا بعضها.
شمس: ولكنها لم تكن كثيرة يا مزاحم...
مزاحم: الناس في فزع وخوف في الحملة الرومانية ولذلك تعطلت قوافلهم التجارية وانخرط بعضهم في صفوف المقاومة والبعض الآخر هرب إلى أماكن نائية عن مناطق القتال...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :556  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 51 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.