الحلقة ـ 50 ـ |
(أبواق السفن نسمع بعدها صوت إيليوس يقول): |
إيليوس: مزيني! مزيني! |
مزيني: سيد القائد! |
إيليوس: هل عادت جميع قواتنا من منطقة نجرانا؟.. |
مزيني: أجل سيدي القائد. عادت جميعها سالمة... |
إيليوس: هل راقبت ذلك بنفسك يا مزيني؟ |
مزيني: بلى سيدي القائد... بلى... |
إيليوس: نسيت أن أسألك في زحمة فرحتي بالعودة إلى الأسطول.... |
مزيني: ما هو السؤال سيدي القائد؟... |
إيليوس: ما هي أخبار المرض الخبيث؟... |
مزيني: ما تبقى من جنودنا بعد حادثة السيول كانوا جميعاً أصحاء بدليل أنه لم تظهر أية إصابة أو عوارض مرض بينهم طيلة رحلتنا الشاقة التي تكشف الجسم السليم من العليل... |
إيليوس: إذن فقد دفنا المرض في أودية مارياما.. |
مزيني: وأعدنا إلى الحميريين هديتهم التي كانوا أعطوها لنا يوم دخولنا نجرانا. |
إيليوس: يقولون أن ذلك المرض منتشر بين اليهود ولذلك لا يتزوج منهم أهل البلاد الأصليون... |
مزيني: سواء أكان المرض مصدره اليهود أو غير اليهود فقد أبقيناه حيث هو ولم ننقله معنا إلى روما... |
إيليوس: هذا صحيح. متى ترى أن تعود إلى مصر يا مزيني؟... |
مزيني: عندما يأمر سيدي القائد... |
إيليوس: لقد كانت أمنيتي ألاَّ أعود إلى مصر قبل أن أهدم البيت الذي بناه إبراهيم بمكة كما فعل أسلافي بهيكل سليمان في أورشليم.. ولكن حظ أهل مكة أقوى من حظ اليهود... |
مزيني: لو يأمر سيدي القائد أنفذنا قوة من مشاة أسطولنا لتقوم بهذه المهمة... |
إيليوس: ضاحكاً أتريد لهذه القوة أن تلحق بما قدمنا من ضحايا في حملتنا على هذه البلاد لقد سبق السيف العذل. ونجا بيت إبراهيم من معاول الرومان إلى الأبد... |
مزيني: إذن متى يأمر سيدي بالعودة إلى مصر؟ |
إيليوس: التفكير في العودة ليس هيناً يا مزيني... |
مزيني: كيف سيدي القائد... كيف؟ |
إيليوس: إن أساطيل دول بحر القلزم لنا بالمرصاد... |
مزيني: إذن ما العمل سيدي القائد؟... |
إيليوس: يجب تضليل هذه الأساطيل كما ضللنا القوات الحميرية المطاردة... |
مزيني: ألا يرى سيدي القائد أننا كلما أسرعنا في الإقلاع كان أسلم عاقبة لنا. |
إيليوس: ماذا تقصد يا مزيني؟... |
مزيني: أقصد العودة بسرعة قبل أن تصل القوات الرئيسية الحميرية إلى الشاطئ فتتشجع قوات أساطيل دول بحر القلزم وتقوم بهجوم واسع قد يكون مدمراً لأسطولنا... |
إيليوس: رأيك سليم يا مزيني... ادع إلى قائد الأسطول للتشاور معه في الأمر... |
نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول: |
أبو داس: ها نحن نصل ثانية إلى مدينة نجرانا يا سيلاوس بعد غياب دام أكثر من ثلاثة شهور... |
سيلاوس: يا له من غياب طويل يا أبا داس؟.. |
أبو داس: رأيك مصيب يا سيلاوس فقد عدنا لنرى نجرانا خالية تماماً من القوات الرومانية.... |
سيلاوس: لقد أخلتها القوات الرومانية بعد أن نهبت ما فيها من ثروات وخيرات. |
أبو داس: وعاد إيليوس مع فلول قواته محللاً بالخزي والعار إلى الأبد... |
سيلاوس: كنت أظنه في عداد الهالكين ولكنه جباركما قلت والجبابره أوتوا قوة خارقة.... |
أبو داس: لو لم يكن إيليوس جباراً عنيداً أكان يستطيع تسلق الجبال والمشي على الصخور والحجارة التي كأنها خناجر حادة؟... |
سيلاوس: والسير أياماً وليالي على هذه الحال وهو يعلم أن الموت يترقبه في كل خطوة يخطوها... |
أبو داس: المهم نجا إيليوس من الموت في البر... أتراه ينجو من الموت في البحر.. |
سيلاوس: كيف يا أبا داس كيف؟ |
أبو داس: ألا ترى أن أساطيل دول بحر القلزم ستقوم بهجوم كاسح على الأسطول الروماني..؟.. |
سيلاوس: لا أظنها تفعل قبل أن تصل القوات الحميرية البرية إلى الشاطئ القريب من الأسطول الروماني. ولكن... |
أبو داس: ولكن ماذا يا سيلاوس؟ |
سيلاوس: أينتظر إيليوس حتى تصل القوات البرية الحميرية وتتعاون مع قوات أساطيل دول بحر القلزم فتنزل ضربة قاضية بالأسطول الروماني... |
أبو داس: لا أظنه ينتظر حتى يقع في المصيدة ثانية بعد أن أفلت منها بأعجوبة. وإن كنت لا أستغرب من هذا الرجل الجبار أن يقوم بعمل لم يكن بالحسبان... |
سيلاوس: لقد مرغت الهزيمة كرامته وجبروته وتفكيره أيضاً وما أظنه يجرؤ على التفكير في شيء غير العودة إلى مصر وبأسرع وقت... |
أبو داس: أنني ما زلت أخشى من إيليوس أن يقوم بهجوم مفاجئ على مكة ليهدم البيت الذي بناه إبراهيم فإنها أعز أمنية لديه... |
سيلاوس: لقد ضاعت الفرصة من يد إيليوس فمكة أبعد من النجم وأميرها كما ترددت الأخبار قد حشد قوات كبيرة تحسباً لأمنية إيليوس... |
أبو داس: إنني دائماً أتهيب إيليوس وأحسب كثيراً لمغامراته... |
سيلاوس: ستسمع غداً أو بعد غد أن إيليوس أفلت بأسطوله من وجه أساطيل دول بحر القلزم كما فعل بقواته في مارياما. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزاحم يقول): |
مزاحم: وحدثت المعجزة يا شمس. أما قلت لك أننا نعيش في عصر المعجزات... |
شمس: أية معجزة يا مزاحم؟.. |
مزاحم: عندي لك بشرى وما بعدها بشرى... |
شمس: ما هي يا مزاحم؟... |
مزاحم: رسالة من والدنا وزوجك... |
شمس: (بفرحة عارمة) رسالة من زوجي ووالدنا.. |
مزاحم: أجل يا شمس أجل... |
شمس: أنا لا أصدق ذلك... |
مزاحم: حتى لو رأيت توقيعهما... |
شمس: لا هذا فأني أصدقه.. أين الرسالة.. هاتها.. طمئني... |
مزاحم: خذي.. واطمئني... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت شمس وهي تقول): |
شمس: حمداً لك يا رب.. حقيقة إننا نعيش في عصر المعجزات. ما كنت أصدق أبداً أن والدنا وزوجي على قيد الحياة بعد المخاطر والمصاعب التي تعرضا لها... |
مزاحم: أليست يا شمس بشرى ما بعدها بشرى... |
شمس: أجل أنها بشرى لا تعد لها أية بشرى أبداً... |
مزاحم: ولكن هذه الرسالة ألقت عليك وعلي عبئاً ثقيلاً... |
شمس: صحيح ولكني أرجو أن تكون عند حسن ظنهما بنا وتقديرهما لنا... |
مزاحم: يجب أن نخطط تخطيطاً دقيقاً لتنفيذ ما جاء في هذه الرسالة ولعل أول شيء هو الكتمان يا شمس أليس كذلك؟ |
شمس: بلى يا مزاحم بلى فبلادنا تزخر بعيون الرومان وعملائهم... |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت عمرو يقول): |
عمرو: ما هي آخر الأخبار عن الرومان يا شداد؟... |
شداد: إنهم قابعون في أسطولهم يتهيأون للعودة... |
عمرو: ألا يمكن لأساطيل دول بحر القلزم أن تقوم بعمل تلقن فيه الأسطول الروماني درساً لا ينساه... |
شداد: المعلومات التي لدي تفيد أن أساطيل دول بحر القلزم تنتظر وصول القوات الحميرية الضاربة إلى الشاطئ لتتعاون معها فتكون معركة برية بحرية... |
عمرو: ولكن وصول القوات الحميرية الرئيسية قد طال يا شداد... |
شداد: القوات الحميرية مشغولة بالبلاء الذي خلفته وراءها الحملة الرومانية. |
عمرو: ما هو يا شداد؟ |
شداد: الجنود الرومان المرضى, وخشية الحميريين, انتقال العدوى إلى الجنود والأهليين الحميريين.. وهي عملية استنفدت وقتاً طويلاً للتخلص من المرض ومنع العدوى... |
عمرو: لقد كان المرض وباء... ليت الرومان يعودون به إلى بلادهم... |
شداد: تخلصوا منه أيها الأمير ورموا به في بلادنا وأنا لندعو الله سبحانه وتعالى أن يكون الحميريين قد تمكنوا من تطهير البلاد منه... |
عمرو: نرجو الله سبحانه وتعالى أن يكونوا قد توقفوا في القضاء على المرض لأن خطره على بلاد العرب سيكون عظيماً إذا لم يتغلب الحميريون عليه.. |
شداد: يقيني أنهم يستطيعون فلديهم أطباء من بلاد الهند لهم خبرة وإلمام بهذا النوع من المرض لأنه متفشٍ في بلادهم بشكل وبائي... |
عمرو: في الحقيقة مشكلة عويصة وخطيرة في نفس الوقت تركها لهم القائد الروماني نسأل الله تعالى أن يعينهم على حلها والخلاص بها.. |
شداد: أجل أيها الأمير أجل هذه محنة يجب أن يدعو كل واحد منا لهم بالخلاص منها والتغلب على أخطارها... |
(أبواق السفن وهدير الموج وارتطامه بالسفن نسمع بعدها صوت يافع القائد العام لأساطيل دول بحر القلزم يقول: |
يافع: وعادت فلول القوات الرومانية البرية إلى الأسطول كما أخلت قواتهم البحرية منطقة نجرانا بعد أن أمعنت فيها نهباً وسلباً لخيراتها وثرواتها.. |
يوهمامى: والقوات الحميرية أين هي ساعة قام الرومان بعملية النهب والسلب الواسعة؟.. |
يوهمامى: ويل للرومان ما أفظعهم يدعون أنهم رسل حضارة ومدنية وما هم إلا قطاع طرق ولصوص في ثياب جنود... |
يافع: ماذا ستكون الخطوة التالية للقوات الرومانية؟.. |
يوهمامى: في رأيي أنها لن تكون إلا العودة إلى بلادهم ولكن... |
يافع: ولكن ماذا؟ |
يوهمامى: ولكن بطريقة بارعة كالتي أفلتوا بها من القوات الحميرية البرية... |
يافع: إذن فعلينا ألا نمكنهم من ذلك... |
يوهمامى: هذا هو الرأي الصائب أيها القائد ولكن ما هي الوسيلة؟... |
يافع: هذا ما اجتمعنا من أجله.. بل هذا ما كنت أراه وكنت عازماً على القيام به لو كانت القوات الحميرية الرئيسية قريبة من الساحل.. |
يوهمامى: أتعني هجوماً برياً وبحرياً... |
يافع: بلى أيها القائد يوهمامى... |
يوهمامى: ولكن متى ينتظر وصول القوات الحميرية البرية؟.. |
يافع: خلال الأيام القليلة القادمة... |
يوهمامى: أترى ينتظر الأسطول الروماني هذه الأيام القليلة أم يقلع فجأة وبدون سابق إنذار... |
يافع: هذا ما يجب علينا أن نترصده ونرقبه... |
يوهمامى: لو فرضنا وتحرك الأسطول الروماني فجأة متخذاً من موقعنا الجامد ستاراً لإقلاعه وهربه؟ ما هو موقفنا؟ |
يافع: الهجوم والمطاردة.. |
يوهمامى: هذا رأي جيد ولكن أخطار المطاردة لا تخفى عليك.. |
يافع: كيف أيها القائد؟.. |
يوهمامى: سفن الأسطول الروماني أقوى من سفننا وأسرع حركة.. وقد تسحبنا وراءها حتى نبعد عن أماكن تمويننا فتعطف علينا وتعطينا درساً لا ننساه... |
يافع: كلام سديد.. إذن ما الرأي؟.. |
يوهمامى: هل تستطيع أساطيلنا مواجهة الأسطول الروماني في وضعه الحالي؟.. |
يافع: لا أرى لا سبيل لنا إلا المناوشة في شكل قرصنة فكلما تطرف شيء من سفنه أغرنا عليه وأغرقناه أو أسرناه... |
يوهمامى: أرى إذن أن نترك الأسطول الروماني يعود ونكتفي بعودته خشية أن نمنى بضربة قاضية منه قد تثير أطماعه فيفكر بجولة ثانية. |
يافع: ما رأيكم أيها القادة؟.. |
أصوات: موافقون.. موافقون... |
|