شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 48 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سيلاوس يقول):
سيلاوس: لقد عميت الأخبار عن (إيليوس) ومن معه وإنيّ أراه من الهالكين..
أبو داس: لا يا سيلاوس.. إنيّ أرى الآن (إيليوس) وهو يتسلق الصخور والشوك يدمي قدميه مهلهل الثياب ممزقها.. الأرض فراشه والسماء غطاؤه..
سيلاوس: يا لخيالك الخصب يا أبا داس.. أيستطيع (إيليوس) تسلق الصخور والمشي على الشوك والحجارة والحصى بعد أن كان يمشي على الديباج والحرير.. إنه في رأيي لا يستطيع تحمل ذلك..
أبو داس: إن (إيليوس) جبار عنيد يا سيلاوس.. والجبابرة أوتوا قوة خارقة من الصبر والتحمل..
سيلاوس: ولكن قطاع الطرق وذئاب الليل سيجهزون عليه ومن معه ولا سيما إذا علموا أنه روماني..
أبو داس: من يدري فقد يكون معه من أصحابه وبقية جنوده من يدفعون عنه لصوص الليل وقطاع الطرق..
سيلاوس: أيستطيع (إيليوس) أن يضلل مطارديه بهذا الشكل وأن يخلق لهم هذه الحيرة ويرمي بالبلبلة بين صفوفهم وفي آرائهم..
أبو داس: لعلّ هذا من أسرار عظمته ودهائه ولولا الوباء الذي نزل بجنوده لكان اليوم يأمر وينهي من قصر الحكم في العاصمة الحميرية..
سيلاوس: أكنت إلى هذا الحد مؤمناً بقدرة (إيليوس) على هزيمة الحميريين والإطاحة بملكهم..
أبو داس: لم يخامرني شك في ذلك يا سيلاوس. خذ مثلاً لو فرضنا أن جيش (إيليوس) لم يتفش فيه المرض عندما قامت القبائل الشرقية بهجومها الكاسح على القوات الحميرية أما كان باستطاعة (إيليوس) أن يقوم بهجوم كاسح يطوق به القوات الحميرية ويبيدها عن بكرة أبيها ويدخل العاصمة الحميرية دخول الفاتحين.
سيلاوس: هذا صحيح.. هذا صحيح.. ولقد كانت فرصة ذهبية سيموت (إيليوس) وهو يعض على أصابعه أسفاً على أن الوباء اختطفها من بين يديه..
أبو داس: إن (إيليوس): قائد موهوب ولكن حظ الحميرين يفلق الصخر كما يقول المثل.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (إيليوس) يقول والإعياء بادٍ في كلامه:
إيليوس: مزيني! مزيني!
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: أما نزال بعيدين عن مدينة (نجرانا)؟..
مزيني: غداً مساءً سندخل (نجرانا) كما يقول الدليل..
إيليوس: غداً ما أطوله وأبعده أرجو أن لا يحدث ما يمنع دخولنا (نجرانا)..
مزيني: لو فرضنا ذلك سيدي القائد..
إيليوس: (ضجراً) تقول لو فرضنا ذلك..
مزيني: الدليل هو الذي يقول سيدي القائد..
إيليوس: ماذا يقول الدليل؟..
مزيني: يقول الدليل لو حدث ما يمنع دخولنا (نجرانا) فعنده طريق جانبية توصلنا إلى البحر ومنه نستقل أحد المراكب إلى الأسطول..
إيليوس: الأسطول.. الأسطول.. أين أنت أيها الأسطول الحبيب. متى نلتقي بك يا أعز شيء عندنا في الوجود..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزاحم يقول):
مزاحم: شمس! شمس!
شمس: ما وراءك يا مزاحم.. أنا آتية..
مزاحم: تعالي.. تعالي..
شمس: ها.. ما عندك يا مزاحم؟..
مزاحم: أخبار سارة عن أسطول دول بحر القلزم..
شمس: ما هي يا مزاحم؟
مزاحم: حصلت مناوئة بين أسطول دول بحر القلزم والأسطول الروماني.. خسر فيها الأسطول الروماني بعض سفنه ولولا المدد الذي جاءه في حينه لحلت به الكارثة..
شمس: يا لها من أخبار سارة.. أن يكون لنا أسطول يستطيع مواجهة الأسطول الروماني وإنزال الخسائر الفادحة به..
مزاحم: إنها في الحقيقة معركة مشرفة ولا سيما وقائدها عربي حميري..
شمس: بم يمتاز علينا الرومان أو غير الرومان.. فعندما تتهيأ الظروف وتتكافأ الفرص فلا شك أن كفتنا هي الراجحة فلنا من قوة التحمل والصبر والجلد والشجاعة ما نفخر به ونعتز..
مزاحم: أما أخبار القائد الروماني (إيليوس) فلا شيء عنها البتة..
شمس: ولكن هنالك قوات حميرية مطاردة ألم تقبض عليه؟..
مزاحم: إنها لم تعثر له على أثر كأن الأرض ابتلعته ومن معه لقد مضى ما يقرب ستين يوماً على انهزام (إيليوس) من (مارياما) ولا أحد يعلم هل هو حي أم جرفته السيول فيمن جرفت من جنود الرومان؟..
شمس: ووالدنا وزوجي يقيني أنهما فيمن جرفتهم السيول من جنود الرومان..
مزاحم: لا نستطيع الجزم يا أختاه فكارثة السيول التي حلت بالجنود الرومان أفظع من كارثة أي معركة..
شمس: كلامك هذا يا مزاحم يؤكد يقيني من أن والدنا وزوجي كانا في عداد الهالكين الرحمة لهما ولنا العزاء والصبر والسلوان..
مزاحم: أما كنت تتمنين لهما الموت يا شمس؟..
شمس: كنت أتمنى موتهما عندما كنت أظنهما خائنين لأمتهما أما وقد عرفت أنهما التحقا بالحملة الرومانية بقصد إحباط أهدافها وغاياتها فقد أكبرت عملهما..
مزاحم: على كل حال نحن نعيش في عصر المعجزات.. من يدري فقد نسمع أن والدنا وزوجك ما يزالان على قيد الحياة.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت القائد يافع يقول):
يافع: كانت معركة حامية الوطيس تلك التي خضناها ضد الأسطول الروماني..
يوهمامى: في الحقيقة إنها أول معركة نخوضها ضد أسطول قوى كالأسطول الروماني..
يافع: ولقد كنتم جميعاً عند حسن الظن بكم فقد أديتم الواجب مع جنودكم ببسالة ما يزال الناس يتحدثون عنها..
يوهمامى: لا شك أن لقيادتكم الحكيمة الفضل فيما أحرزنا من انتصار ولو لم تأت الإمدادات للأسطول الروماني لقضينا عليه..
يافع: عسى أن ننجح في محاولاتنا القادمة فما زلنا في بداية المعركة والأسطول الروماني تتجدد قواه بهذه الإمدادات..
يوهمامى: ولكننا رجال هذا البحر وأعرف بمداخله ومخارجه وصخوره وشعابه ولعلّنا في المرات القادمة نستطيع أن نرمي به في منطقة الصخور والشعاب المرجانية فتحل به الكارثة التي نهدف إليها..
يافع: كان هذا هدفنا كما تعلمون منذ ابتدأت المعركة وكاد الأسطول الروماني يدخل في منطقة الصخور والشعاب المرجانية لولا أن جاءته الإمدادات فاضطررنا للانسحاب مكتفيين بما حققنا من انتصار..
يوهمامى: لقد خسر الرومان سفينتين برجالهما وعتادهما ولم ينج من بحارتهما فيما أعتقد أحد ولا شك أنها خسارة كبيرة بينما خسارتنا زهيدة جداً..
يافع: إن بحارتنا بحاجة إلى مران وفن كالذي رأيناه من بحارة الأسطول الروماني ولولا خفة بحارتنا وسرعتهم في التسلق والقفز من جهة وبراعتهم في الغطس إلى الأعماق ما استطعنا الوقوف أمام براعة البحارة الرومان..
يوهمامى: لقد تمرس البحارة الرومان المعارك البحرية أثناء استيلائهم على بلدان البحر الأبيض المتوسط وممالكه أما نحن فربما كانت أول معركة بحرية نخوضها أمام أسطول هائل كالأسطول الروماني..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: ترامت بعض الأخبار أن جماعة غريبة شوهدت وكأنها تائهة بين الجبال التي تطل على منطقة نجرانا والتهائم..
سيلاوس: جماعة غريبة تائهة في تلك الجبال.. لا شك أنهم من الرومان وأن (إيليوس) بينهم إن كان من الأحياء.. أبو داس وعدد هذه الجماعة يربو على الـ (200) شخص..
سيلاوس: إنها سرية يا أبا داس إن صدق ظني..
أبو داس: أجل يا سيلاوس أجل..
سيلاوس: ومتى شوهدت هذه الجماعة؟..
أبو داس: شوهدت منذ عشرين يوماً عندما ابتدأت تتسلق هذه الجبال الممتدة من المرتفعات المشرفة على الوادي الرهيب الذي ابتلع جنود الرومان..
سيلاوس: أخبار قديمة يا أبا داس ولكنها تدل على أن سرية من جنود الرومان قد نجت من السيول. ولعلّ (إيليوس) بينها..
أبو داس: إنني موقن أن (إيليوس) بين هذه الجماعة لأنه كان يخيم على هذه المرتفعات وقت كارثة السيول..
سيلاوس: من الصعب اللحاق بهذه الجماعة بعد هذه المدة الطويلة لأنها ربما تكون الآن في (نجرانا) أو على سطح الأسطول الروماني..
أبو داس: يقيني أن هذه الجماعة قد وصلت (نجرانا) وجاوزتها إلى الأسطول..
سيلاوس: إذا كان تقديرك يا أبا داس صحيحاً فعلينا أن نسرع في إرسال رسالة إلى شمس لترحل مع عبيدة وأخيها مزاحم إلى مكة قبل أن يعود (إيليوس) إلى مصر..
أبو داس: هذا أمر كان يجب أن نفكر فيه منذ فارقنا (إيليوس)..
سيلاوس: لا أدري كيف غفلنا عن ذلك يا أبا داس..
أبو داس: يجب أن توصي زوجك بأن ترحل في حذر وسرية وكتمان كأن تذيع إنها مسافرة إلى (جلق) مثلاً..
سيلاوس: لا تخف فشمس لها من ذكاء أبيها الشيء الكثير.. إنها تدرك خطورة ما هي مقدمة عليه..
أبو داس: يا إلهي إن أول عمل سيقوم به (إيليوس) عندما يصل إلى مصر هو القبض على زوجتك وابنها وأخيها وكل من يمت لنا بصلة..
سيلاوس: وسوقهم مشاة حفاة والسياط تلهب ظهورهم إلى مصر حيث يتفنن في تعذيبهم لعلّه يشفي بعض غليله منا..
أبو داس: ولذلك أرى أيضاً لو أوعزنا إلى شمس بأن تتصل بأقاربنا وأفراد قبيلتنا وتقنعهم بالرحيل معها إلى مكة خشية أن يبطش بهم (إيليوس)..
سيلاوس: إننا نحمل شمس فوق طاقتها.. أخشى أن يفتضح الأمر فيبلغ الرومان في مصر أو أعوانهم وعملاءهم في بلادنا فيحدث ما لا تحمد عقباه..
أبو داس: إن مصير أهلنا وأقاربنا التنكيل والتعذيب والموت الوحشي عندما يصل (إيليوس) فليعلموا بهذا المصير قبل عودة (إيليوس) ويهربوا قبل أن يقعوا بين يديه الآثمتين..
سيلاوس: إنك أقدر مني يا أبا داس على تصوير هذه الأمور وبيان أبعادها ونتائجها فاكتب أنت الرسالة وسأوقعها معك..
أبو داس: حسناً يا سيلاوس حسناً يجب أن لا نمكن (إيليوس) المغرور من رقاب أهلنا وعشيرتنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: سيدي القائد!
إيليوس: ما وراءك يا مزيني..
مزيني: أشرفنا على (نجرانا) وها هي أنوارها تتراقص أمامنا..
إيليوس: قل لدليلك يبعث من قبله من يكتشف لنا (نجرانا) هل هي خالية من القوات الحميرية. ولكن..
مزيني: ولكن ماذا سيدي القائد؟
إيليوس: كيف نطمئن إلى أن هذا الدليل لن يسلمنا إلى القوات الحميرية إذا كانت هناك..
مزيني: لقد وثقنا به كل هذه المدة وعند شاطىء الأمان نخشاه..
إيليوس: أنا أخشى أن يكون شاطىء الأمان مصيدة لنا يا مزيني..
مزيني: سيدي القائد ماذا ترى؟ مر وعليّ التنفيذ..
إيليوس: لا أدري يا مزيني بماذا آمر.. لقد شل التعب والنصب تفكيري..
مزيني: أنمشي إلى (نجرانا) من دون أن نستكشف ما بها.. وليكن ما يكون..
إيليوس: لعلّ رأيك هذا أسلم عاقبة.. فقلبي يحدثني أن مدينة نجرانا محتلة من قبل قوات أسطولنا لأنها مركز هام لتموينهم..
مزيني: رأي سيدي القائد في محله فقوات الأسطول يجب أن تجد لها مصدراً لتموينها و (نجرانا) ومنطقتها غنية بخيراتها..
إيليوس: أصدر الأوامر بالسير وليكن ما يكون..
(اختلاط ومشي الجنود وصليل سيوفهم وهمساتهم وغمغماتهم نسمع بعدها صوت مزاحم يقول):
مزاحم: شمس.. رأيت عبيدة حزيناً هذا الصباح.. هل يشكو من شيء؟
شمس: لا يا مزاحم..
مزاحم: إذن ما سر حزنه؟
شمس: لا أدري يا أخي لا أدري..
مزاحم: أخشى أن يكون رآك تبكين.. وأنت تتذكرين والدنا وزوجك..
شمس: ربما يا مزاحم ربما.. ولكني لا أظن أنه رآني..
مزاحم: بل ربما يكون سمعك وأنت تجهشين بالبكاء في غرفة نومك..
شمس: قد يكون وقد لا يكون ولكن لهذا الولد حاسة مرهفة يا مزاحم..
مزاحم: إن ذكاءه لمّاح يا أختاه فلعلّه استشف من تعابير وجهك ما يدل على ما تخفين في نفسك..
شمس: سواء كان حزنه لهذا أو لذلك فلا سبيل إلى إخفاء ما يجيش بصدري من لوعة وحزن..
مزاحم: أرجو أن تتجلدي وتصبري وتعملي كل ما في وسعك على الترفيه عن عبيدة فإني أخشى أن تقتله حساسيته..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: (بصوت عالٍ) سيدي القائد. وصلنا (نجرانا) ها هي تعج بجنود أسطولنا..
إيليوس: السلام عليك يا نجرانا السلام عليك يا نجرانا..
أصوات الجنود: السلام عليك يا نجرانا.. السلام عليك يا نجرانا..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :643  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج