شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 41 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: ما أفظع هؤلاء الحميريين يا مزيني أراهم يبدؤون هجوماً مركزاً على قواتنا من كل ناحية أتظن أنهم يستهدفون استعادة مدينة (مارياما) من أيدينا..؟
مزيني: لو يستطيعون لا يتأخرون ولكني أرى أن هجومهم هو من نوع المشاغلة حتى لا يتركوا لنا مجالاً للراحة وتنظيم صفوفنا..
إيليوس: ولا فرصة لمعالجة جنودنا المرضى..
مزيني: ماذا يأمر سيدي القائد؟..
إيليوس: ليذهب اليهودي المرسل من القبائل الشرقية العاصية ومعه الوعود والمغريات ويطلب منها مهاجمة القوات الحميرية على طول طريق العاصمة الحميرية.. هل عندك حل غير هذا يا مزيني..
مزيني: إنه رأي ما بعده رأي وأنها خطة رائعة بارعة فهجوم القبائل الشرقية سيخفف ضغط القوات الحميرية علينا إن لم يرفعه عنا..
إيليوس: أجل ولكن..
مزيني: ولكن ماذا سيدي القائد؟..
إيليوس: هل يستطيع جنودنا المرضى الزحف على العاصمة الحميرية؟..
مزيني: هذا ما سيقرره الأطباء المعالجون غداً سيدي القائد؟..
إيليوس: ما اصعب انتظار غد يا مزيني.. إنه انتظار على أحر من الجمر..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: يتلبد جو المعسكرات الرومانية بسحب مريبة تنذر بحوادث جسام..
سيلاوس: (متهكماً) أية حوادث جسام سيقوم بها جنود مرضى مكدودون..
أبو داس: الحوادث الجسام هي وجود هذا العدد الضخم من المرضى بين جنود الرومان وماذا سيكون من أمر (إيليوس) المغرور. أيستطيع الزحف قدماً صوب العاصمة الحميرية أم ينكص على عقبيه ويكتفي من الغنيمة بالإياب..
سيلاوس: الأمر يتوقف على قدرات من سلم من المرضى من الجنود وهل يمكنهم الزحف ومجابهة القوات التي حشدها الحميريون لصدهم عن اقتحام العاصمة..
أبو داس: هذا صحيح يا سيلاوس ولكن..
سيلاوس: ولكن ماذا؟..
أبو داس: ولكن الشخص الغريب الذي ترددت الإشاعات بشأن وجوده في معسكر الجيش الروماني يجعلني أفكر في أمور كثيرة..
سيلاوس: منها مثلاً يا أبا داس؟..
أبو داس: منها مثلاً أن يكون موفداً من قبل قائد الأسطول الروماني بشيراً بمجيء قوات وإمدادات رومانية ومنها.
سيلاوس: ومنها..
أبو داس: ومنها أن يكون الشخص الغريب مبعوث جهات تقاوم العهد الحميري وتريد أن تتعاون مع القوات الرومانية للقضاء على هذا العهد..
سيلاوس: حقاً إنها أمور خطيرة جسدها في خيالك صوراً حية وجود الشخص الغريب.
أبو داس: أتراها بعيدة عن الحقيقة يا سيلاوس؟
سيلاوس: لا يا أبا داس.. لا.. ولكن القوات الحميرية قادرة على إحباط أي تآمر على العهد الحميري كما أنها قادرة على إبادة أية إمدادات قد يرسلها الأسطول الروماني.
أبو داس: أرجو أن تكون صادقاً في تقديرك لكفاية القوات الحميرية وقدرتها على إحباط أية محاولات للجيش الروماني أو أعداء العهد الحميري الحالي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت القائد ريدان يقول):
ريدان: كيف ترون مشاغلتنا للجيش الروماني وهل تلمستم أي أثر لها؟
سنداح: لا شك أن لهذه المشاغلة مهما تكن ضآلتها ولا سيما على جيش بعد عن مراكز تموينه وأصبح يعتمد على ما يكسبه في ميدان القتال..
شداد: ما يقوله سنداح صحيح أيها القائد (ريدان - وأثر مشاغلتنا ظاهر في الحركة الدائمة للجيش الروماني مما يدل على انعدام فرص الراحة لديه وهذا من النتائج التي كنا نهدف إليها..
ريدان: ما رأيكما؟..
سنداح: في أي شيء أيها القائد؟
ريدان: هل سيصبر الرومان طويلاً على هذه المشاغلة أو يقومون بهجوم يائس على قواتنا للقضاء عليهما..؟
سنداح: منطق القتال يقتضي الجيش الروماني القيام بهجوم يائس كما قلت للقضاء على هذه المشاغلة والخروج من دور المدافع إلى دور المهاجم؟..
شداد: هذا إذا كانت لديه القوة الكافية يا سنداح..
سنداح: لا يا شداد.. ليس لدى الجيش الروماني الخيار فهو إذا لم يهاجم كان عليه أن يستسلم ولا أظنه بلغ من الضعف إلى حد الاستسلام..
ريدان: ما يقوله سنداح يا شداد لا يعدو الحقيقة.. فالجيش الروماني إما أن يهاجم بعنف وشدة للتخلص من هذه المشاغلة أو يرفع راية الاستسلام لأنه مضطر إلى ارتكاب أهون الشرين عليه.. والهجوم أشرف له من الاستسلام.. وعلينا إذن..
سنداح وشداد: أن نحتاط لأي هجوم يقوم به الجيش الروماني..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: هل ذهب اليهودي مبعوث القبائل الشرقية العاصية؟
مزيني: بلى سيدي القائد بلى..
إيليوس: هل احتطت لخروجه من العيون والأرصاد؟
مزيني: لقد فعلت المستحيل سيدي القائد..
إيليوس: عسى أن لا يكون مصيره مصير اليهود بين السابقين..
مزيني: إن هذا اليهودي يختلف عن اليهود السابقين فشكله قريب جداً من أشكال سكان هذه البلاد الأصليين كما أنه واثق من نفسه ومن اتصالاته..
إيليوس: كلهم كانوا واثقين من أنفسهم ولكنهم لم يكونوا واثقين من مصيرهم..
مزيني: لعلّ هذا اليهودي يؤاتيه الحظ أكثر ممن سبقوه؟..
إيليوس: بل قل لعلّ الحظ يؤاتينا نحن الذين يعتمد مصيرنا على نجاح مساعي هذا اليهودي. فهذه المشاغلة أنهكت قواتنا وأحرقت أعصاب المقاومة فيها..
مزيني: ظني أن اليهودي قد اجتاز منطقة الخطر؟..
إيليوس: كيف عرفت ذلك يا مزيني؟..
مزيني: لقد خرج اليهودي أمس مساءً من (مارياما) فلو قبض عليه لأهدانا الحميريون رأسه على رمح يماني..
إيليوس: دعنا نعيش على أملك هذا يا مزيني.. ما هو مصير الأمل الثاني وهو الاسم؟
مزيني: أي أمل ثانٍ مهم يا سيدي القائد؟..
إيليوس: أنسيت قرار أطباء الحملة؟..
مزيني: ويلي.. يا لغبائي.. لقد نسيت حقيقة هي أهم شيء كما يقول سيدي القائد..
إيليوس: ومتى ستخرج هذه الحقيقة أو هذه الفاجعة من أفواه أطبائنا؟
مزيني: هذا اليوم سيدي القائد.. هذا اليوم..
إيليوس: يا له من يوم عصيب يا مزيني.. إنه يوم يتقرر فيه مصيرنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزاحم يقول):
مزاحم: لقد أحرجني عبيدة بأسئلته يا شمس..
شمس: إنك اليوم وقعت في يده.. كيف بي أنا وأنا يومياً أتلقى هذه الأسئلة المحرجة..
مزاحم: إن ذكاء هذا الطفل خارق يا شمس..
شمس: لا شك أنه ورثه من جده وأبيه..
مزاحم: وتعلقه بهما غريب جداً.. إلى درجة الجنون..
شمس: لقد كانا ينفقان عليه وخاصة الذي كان عبيدة شغله الشاغل..
مزاحم: ما العمل يا أختاه؟..
شمس: ما العمل؟ هل لدينا وسائل للعمل؟ أين نحن وأين جده وأبوه؟
مزاحم: بعد الثريا عن الأرض..
شمس: ولا جديد من أخبار..
مزاحم: أنّى للأخبار أن تصلنا والحملة الرومانية في أقصى الجنوب الشرقي لليمن.. إنها على حدود الرمال الزاحفة والرياح العاتية السافية..
شمس: أجل.. أجل.. وعبيدة.. أرى صحته تسوء من تفكيره في جده وأبيه..
مزاحم: حبذا لو أخذناه إلى (جلّق) عند أقاربنا هناك فتغيير المنظر قد يلهيه عن التفكير في جده وأبيه هذا من جهة ومن جهة أخرى جو الشام أحسن لصحته من جو بلدنا هذا..
شمس: إنها فكرة رائعة فيها فائدة للطفل.. أمّا لنا نحن فستبعدنا عن أخبار أبي داس وسيلاوس..
مزاحم: نحن وراء صحة الطفل الذي بدأ يذوب كما يذوب الشمع..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: أما سمعت بالشائعات الجديدة يا سيلاوس؟..
سيلاوس: أية شائعات يا أبا داس؟..
أبو داس: عن الشخص الغريب..
سيلاوس: وماذا عنه..؟
أبو داس: يقال إنه اختفى فجأة منذ أمس..
سيلاوس: اختفى.. (أم غادر) (مارياما)؟..
أبو داس: الشائعات تقول إنه اختفى..
سيلاوس: إنها في رأيي تضليل من مروجيها لكي يمهدوا للشخص الغريب الخروج من (مارياما) من دون أن يلتفت إليه أو يتعقبه أحد..
أبو داس: سواء اختفى أو خرج. المهم إن وجود الشخص الغريب في (مارياما) كان حقيقة لا خيالاً..
سيلاوس: ولم لا تكون هذه الشائعات مختلقة أيضاً..؟
أبو داس: كيف لا سيلاوس وقد ترددت حتى بلغت حد التواتر..
سيلاوس: الناس هنا عندهم فراغ. كيف يشغلونه..؟ في رأيي لا سبيل إلى إشغاله إلا بإطلاق الإشاعات..
أبو داس: (ضاحكاً): الناس هنا عندهم فراغ.. وهذا الهجوم المتواصل من القوات الحميرية هل ترك لديهم فراغ..
سيلاوس: ولكن (إيليوس) قد عرف كيف ينظم مقاومته لهذا الهجوم بحيث أعطى فرص راحة كبيرة لجنوده..
أبو داس: أتظن ذلك يا سيلاوس؟..
سيلاوس: بل هذا هو الواقع يا أبا داس ولا ظل للخيال معه..
أبو داس: إذن فالهجوم الحميري لن يصل إلى الأهداف التي رمى من ورائها..
سيلاوس: هذا ما أرى إلا إذا خارت قوى الجيش الروماني الصحية..
أبو داس: كيف.. كيف..
سيلاوس: كان يصبح المرض المنتشر بين الجنود وباءً..
أبو داس: كلام سليم يا سيلاوس.. كلام سليم.. ولكن أنى لنا أن نعرف ما إذا كان المرض المنتشر بين الجنود قد اصبح وباءً؟..
سيلاوس: سنعرفه عندما يحاول (إيليوس) القيام بهجوم يائس للتخلص من هذه المشاغلة..
أبو داس: لقد كنا عند (إيليوس) هذا الصباح فلم نشعر بأي شيء..
سيلاوس: ولكن وجه (إيليوس) كان مربداً. إنه لم يكن كعادته..
أبو داس: بالطبع هذا لمرض يشغل (إيليوس) ويقلق باله.. لأن مصير حملته معلق على اتساع رقعة هذا المرض أو انكماشها..
سيلاوس: كما أن (مزيني) لم يكن كعادته أيضاً.. كان ساهماً واجماً..
أبو داس: إن (مزيني) صورة من سيدة (إيليوس) إن ضحك ضحك وإن بكى بكى وإن تألم تألم وهو لا يدري لماذا تألم؟.. ثم..
سيلاوس: ثم ماذا يا أبا داس؟..
أبو داس: لعلّ (مزيني) مشغول بالشخص الغريب الذي اختفى فجأة..
سيلاوس: عدنا إلى الشخص الغريب يا أبا داس.. عدنا إلى هذه الأسطورة..
أبو داس: يا رجل.. اسمعني.. يا سيلاوس اسمعني قلبي يحدثني أن شائعة الشخص الغريب ليست أسطورة بل حقيقة واقعة..
سيلاوس: حقيقة واقعة في خيالك الخصب يا أبا داس؟..
أبو داس: سنرى من منا يعيش على الخيال..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة نسمع بعدها صوت (مزيني) يقول بصوت حزين):
مزيني: سيدي القائد!!
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟
مزيني: قرار الأطباء..
إيليوس: ماذا قرروا..؟ قل.. أراك تتلعثم؟..
مزيني: قرروا أن المرض أصبح وباء وإن أكثر الجنود مصابون به..
إيليوس: (صارخاً) يا لها من كارثة.. لقد فشلنا.. فشلنا.. فلنسرع في العودة إلى الأسطول قبل أن نقع أسرى في أيدي القوات الحميرية..
(ثم يقول بألم):
يا للطريق إلى العاصمة الحميرية.. إنه طريق مسدود.. مسدود إلى الأبد..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :712  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.