شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 38 ـ
مزيني: قطعت العصابات الحميرية الاتصال بين قواتنا المتقدمة ومعسكر المرضى فلا نستطيع بعد اليوم إرسال أي مريض وسنضطر إلى وضعهم في المستشفى المتنقل معنا..
إيليوس: وهذا يعني أن من في معسكر المرضى الذي أنشأناه في الطريق سيستسلمون أو يموتون عن بكرة أبيهم..
مزيني: إنها كارثة سيدي القائد..
إيليوس: ليت اليهودي دانيال يتمكن من إرسال أحد أعوانه برسالة مني إلى قائد أسطولنا ليظل على اتصال بمن في المعسكر من مرضى وحراس..
مزيني: سأسأله إن كان يستطيع..
إيليوس: اذهب حالاً إليه وفي نفس القوت افعل المستحيل على خروجنا من هذه المنطقة قبل حلول الظلام..
مزيني: هل يوافق سيدي القائد؟
إيليوس: على ماذا يا مزيني..
مزيني: نضع كتيبة فدائية لمشاغلة الكتائب الحميرية.. وننسحب ببقية الجيش..
إيليوس: هذا يعني أننا سنضحي بهذه الكتيبة..
مزيني: هذا رأيي ولا شك لدى سيدي القائد الرأي الأفضل..
إيليوس: لا مجال للاختيار يا مزيني فالتضحية بكتيبة واحدة خير من التضحية بالجيش كله ومع ذلك استشر اليهودي دانيال قبل أن تقدم على تنفيذ هذه الخطة..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سيلاوس يقول):
سيلاوس: ألم أقل لك يا أبا داس إن القيادة الحميرية لا بد وأنها وضعت خططاً لإعاقة الزحف الروماني..
أبو داس: إنها بحق خطط بارعة تدعو إلى الفخر والإعجاب بالقيادة الحميرية..
سيلاوس: والقيادة الرومانية الآن في (حيص بيص) كما يقولون..
أبو داس: قيل لي إن مزيني خرج من عند (إيليوس) مربد الوجه ثم استدعى إليه اليهودي دانيال..
سيلاوس: لعلّهما يتشاوران في إيجاد مخرج من الورطة التي وقع فيها الجيش الروماني..
أبو داس: أترى يستطيع اليهودي القذر إيجاد المخرج..
سيلاوس: من يدري يا أبا داس فهؤلاء اليهود باتصالاتهم التجارية أصبحوا على معرفة دقيقة بمخارج بلاد اليمن ومداخلها.. ثم..
أبو داس: ثم ماذا؟..
سيلاوس: ثم لا شك أن لهم أوكاراً سرية بها أعوانهم الذين يلبسون لكل حالة لبوسها..
أبو داس: أتظن أن اليهود خلال هذه الحقبة من الزمن قد استطاعوا إيجاد جيوب لهم في بلاد اليمن يلجأون إليها حين الحاجة..
سيلاوس: اليهود خبثاء ماكرون يعرفون كيف يخلقون وأماكن التآمر والمكائد ليستعملوها في الوقت المناسب..
أبو داس: على كل حال أرى في المعسكر الروماني تحركات مريبة ولعلّها نذر الخطة التي اتفق عليها..
سيلاوس: سنرى ما سيكون عليه الأمر فالهجوم الحميري المتواصل قد أرهق ولا شك القوات الرومانية..
أبو داس: يلوح لي أنّ القيادة الرومانية تفكر في الخروج من هذا المكان قبل حلول الظلام حتى لا تتعرض لهجمات العصابات الحميرية..
سيلاوس: ليتها لا تهتدي إلى الخروج من هذا المأزق الذي هي فيه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزيني يقول):
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟..
مزيني: وافق اليهودي دانيال على الخطة ولو أنها تكلفنا بعض الضحايا..
إيليوس: بلى.. بلى.. ومن المؤسف أننا مضطرون لذلك..
مزيني: كما وافق على إرسال أحد أعوانه برسالتكم إلى قائد الأسطول الروماني لكي يتولى حراسة معسكر المرضى..
إيليوس: برافو.. دانيال.. برافو.. الرسالة جاهزة خذها إليه واشرعوا في تنفيذ خطة الانسحاب..
مزيني: وسيأخذنا دانيال اليهودي من طريق اقرب إلى (مارياما) من طريق المزارع الذي لا شك أن القيادة الحميرية قد زرعته بالعصابات وكتائب المقاومة..
إيليوس: يا له من دليل عبقري.. سنكافئه حتى يرضى..
مزيني: أرى أباد داس وسيلاوس في الطريق إلى سيدي القائد..
إيليوس: لقد جاءا في الوقت المناسب وسأبقيهما لدي حتى لا يعرفا بخطة الانسحاب فتكون مفاجأة لهما..
مزيني: ولا شك أنها مفاجأة غير سارة..
(موسيقى تصاحب دخول أبي داس وسيلاوس):
أبو داس: طاب يومك سيدي القائد..
إيليوس: ويومك يا أبا داس..
سيلاوس: لعلّ سيدي القائد لم تزعجه التحرشات الحميرية..
إيليوس: إنها تحرشات منتظرة ولكنها غير مزعجة بالشكل الذي لا بد وأن القيادة الحميرية قد قدرته لها..
أبو داس: صدق سيدي القائد.. هذه أمور منتظرة ولكن القوات الرومانية قادرة على سحقها والسير قدماً نحو هدفها..
سيلاوس: ليس عندي أدنى شك في مقدرة القوات الرومانية على سحق أي هجوم حميري وما قلت ما قلت إلا لاهتمامي براحة سيدي القائد..
إيليوس: من يدخل الحرب لا ينتظر الراحة إلا بعد كسب المعركة.. ونحن ما زلنا في بدايتها بل مقبلون على ذروتها..
أبو داس: أجل سيدي القائد أجل وسيكون النصر حليف جيشكم المظفر..
سيلاوس: ولقد أصبح الطريق مفتوحاً إلى (مارياما) ولن تعيقنا عنه التحرشات الحميرية الهزيلة..
إيليوس: يظهر أن القائد الحميري الموكول إليه صد زحف قواتنا من أبرع القواد الحميريين..
أبو داس: لا تقدر الرجال إلا الرجال وسيدي القائد خير من يقدر الرجال..
إيليوس: في الحقيقة هذا القائد الحميري عنده تخطيط سليم يدل على أنه قائد محنك..
سيلاوس: القيادة الحميرية تقدر مهارة سيدي القائد ولذلك رمت في الميدان بأحسن ما لديها من قواد..
إيليوس: أيعرف أحدكما اسم هذا القائد الحميري؟..
أبو داس: أنى لنا أن نعرف ونحن ملازمان لسيدي القائد..
إيليوس: على كل حال إن لم نعرف اسمه اليوم ففي غد سنعرفه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت القائد همام يقول)..
همام: توجه الكتائب الحميرية ضربات متواصلة للقوات الرومانية بقصد إضعاف مقاومتها وإنهاكها وإرغامها على البقاء حيث هي لتكون هدفاً صالحاً لهجومنا الليلي..
أصوات: بورك في الكتائب الحميرية.. بورك فيها..
همام: والقوات الرومانية تسعى جاهدة للخروج من المكان الذي هي فيه قبل أن يدخل المساء..
أصوات: يجب أن لا تتمكن من الخروج مهما غلا الثمن..
همام: ولكن القيادة الرومانية ستضحي بقسم من جنودها في سبيل الخروج من هذه الورطة..
أصوات: هل يستطيع؟
همام: أجل إذا دفعت الثمن غالياً..
أصوات: ما العمل أيها القائد؟
همام: يجب صد تحركات القوات الرومانية ومراقبتها بدقة.. ومنع أية اتصالات بينها وبين معسكر المرضى..
أصوات: رأي سديد.. رأي سديد.. سنعمل به.. سنعمل به..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت همام يقول):
همام: ما هذا الهرج والمرج والضجيج؟..
أصوات: قبضت دوريتنا على هذا اليهودي ومعه رسالة بلغة الرومان..
همام: إليّ به..
(يدخل اليهودي شمعون وهو يرتجف ويقول):
شمعون: لا تقتلوني.. لا تعذبوني.. سأعترف..
همام: هيا اعترف.. ما اسمك؟
شمعون: اسمي شمعون؟..
همام: من أرسلك؟
شمعون: القائد الروماني..
همام: القائد الروماني بالذات..
شمعون: لا..
همام: إذن من الوسيط؟..
شمعون: دانيال..
همام: ومن دانيال؟
شمعون: دليل الحملة الرومانية وهو يهودي مثلي..
همام: عرفناه من اسمه؟ والرسالة إلى من؟
شمعون: إلى قائد الأسطول الروماني..
همام: أتعرف فحوى الرسالة..
شمعون: لا.. لأني أجهل اللغة التي كتبت بها..
همام: وتحمل شيئاً لا تعرف محتوياته قد يكون مثلاً فيه أمر بإعدامك..
شمعون: ولكني واثق من عمي دانيال إنه لا يرسلني إلى حتفي..
همام: كيف وأنت الآن معرّض للقتل بتهمة حملك لرسالة أعدائنا. قل لي..
شمعون: ماذا أقول لك؟..
همام: ألم يلمح لك عمك دانيال بشيء عن فحوى هذه الرسالة..
شمعون: لا.. لا..
همام: خذوا هذا اليهودي القذر واجلدوه لعلّه يعترف..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الجلد مصحوباً بصرخات شمعون الذي يقول أخيراً):
شمعون: سأعترف.. سأعترف.. ارحموني من الجلد.. أشفقوا علي..
همام: قل ولا تكذب..
شمعون: قال لي عمي دانيال إن الرسالة تتعلق بمعسكر المرضى الروماني..
همام: وماذا بعد؟
شمعون: لا شيء.. لا شيء..
همام: اجلدوه وأشبعوه جلداً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الجلد مصحوباً بصرخات شمعون الذي يقول):
شمعون: سأقول.. ارحموني..
همام: لا رحم الله من يرحمك أيها اليهودي القذر.. قل.. (وإلا أمرتهم بأن يحموا أسياخ الحديد ويكووك بها..
شمعون: لا.. لا.. سأقول..
همام: قل بسرعة.. بسرعة..
شمعون: طلب القائد الروماني من قائد الأسطول إرسال إمدادات لحماية معسكر المرضى..
همام: وماذا بعد؟..
شمعون: لا شيء عندي ورب موسى أكثر مما قلت..
همام: والحملة الرومانية ما هي معلوماتك عن تحركاتها؟..
شمعون: لا أعلم شيئاً وأنّى لي أن أعلم..
همام: هيا.. أسياخ الحديد والنار والكي جاهز.. قل وإلاّ.. قل وإلاّ..
شمعون: أية تحركات.. هي في حركة دائمة..
همام: أقصد ما هي خطة القائد الروماني؟..
شمعون: كيف أعرف خطة القائد الروماني وأنا لا أتصل به..
همام: لا بد أن عمك اليهودي دانيال يعلم كثيراً عن خطة الرومان الجديدة..
شمعون: لعلّه يعلم ولكنه لم يقل لي شيئاً..
همام: أنتم اليهود لا تكتمون شيئاً عن بعضكم البعض. لا شك أنه قال لك شيئاً وأنت لا تريد أن تطلعنا عليه (ثم يصرخ) خذوه واكووا جلده بالنار..
شمعون: (مستجدياً) عمي.. عمي.. دانيال.. قال لي..
همام: قال لك ماذا؟..
شمعون: قال إن الجيش الروماني يعاني كثيراً من هجمات الكتائب الحميرية وأنه..
همام: وأنه ماذا؟
شمعون: وأنه يريد الخروج من مكانه قبل حلول الظلام خوفاً من هجوم العصابات الحميرية..
همام: وبعد يا شمعون وبعد..
شمعون: وإن القائد الروماني أمر بمشاغلة الكتائب الحميرية بكتيبة من الجيش الروماني لكي يتسنى لبقية الجيش الانسحاب قبل دخول الليل..
همام: وما دخل عمك دانيال في الأمر؟..
شمعون: لقد استشاره في الموضوع فوافق على الخطة..
همام: هل بدأ الجيش الروماني انسحابه؟
شمعون: أجل بدأ قبل خروجي من معسكره..
همام: كيف لم تلاحظوا ذلك يا قوم..
أصوات: لاحظنا تحركات رومانية ولكنها لم تكن غريبة فحسبناها تقل قوة من جهة إلى جهة أخرى..
همام: هل سار الجيش الروماني المنسحب عن طريق المزارع أو اتخذ طريقاً آخر..
شمعون: قال لي عمي دانيال إنه سيدل الجيش الروماني على طريق أقصر إلى (مارياما) من طريق المزارع..
همام: أيعني طريق الفهود؟
شمعون: بلى.. بلى..
همام: حسناً.. أيها الحراس.. خذوا شمعون.. حزوا رأسه واحملوه في طبق إلى سيدة القائد الروماني ليرى جزاء الخائنين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :602  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج