الحلقة ـ 38 ـ |
مزيني: قطعت العصابات الحميرية الاتصال بين قواتنا المتقدمة ومعسكر المرضى فلا نستطيع بعد اليوم إرسال أي مريض وسنضطر إلى وضعهم في المستشفى المتنقل معنا.. |
إيليوس: وهذا يعني أن من في معسكر المرضى الذي أنشأناه في الطريق سيستسلمون أو يموتون عن بكرة أبيهم.. |
مزيني: إنها كارثة سيدي القائد.. |
إيليوس: ليت اليهودي دانيال يتمكن من إرسال أحد أعوانه برسالة مني إلى قائد أسطولنا ليظل على اتصال بمن في المعسكر من مرضى وحراس.. |
مزيني: سأسأله إن كان يستطيع.. |
إيليوس: اذهب حالاً إليه وفي نفس القوت افعل المستحيل على خروجنا من هذه المنطقة قبل حلول الظلام.. |
مزيني: هل يوافق سيدي القائد؟ |
إيليوس: على ماذا يا مزيني.. |
مزيني: نضع كتيبة فدائية لمشاغلة الكتائب الحميرية.. وننسحب ببقية الجيش.. |
إيليوس: هذا يعني أننا سنضحي بهذه الكتيبة.. |
مزيني: هذا رأيي ولا شك لدى سيدي القائد الرأي الأفضل.. |
إيليوس: لا مجال للاختيار يا مزيني فالتضحية بكتيبة واحدة خير من التضحية بالجيش كله ومع ذلك استشر اليهودي دانيال قبل أن تقدم على تنفيذ هذه الخطة.. |
مزيني: أمرك سيدي القائد.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سيلاوس يقول): |
سيلاوس: ألم أقل لك يا أبا داس إن القيادة الحميرية لا بد وأنها وضعت خططاً لإعاقة الزحف الروماني.. |
أبو داس: إنها بحق خطط بارعة تدعو إلى الفخر والإعجاب بالقيادة الحميرية.. |
سيلاوس: والقيادة الرومانية الآن في (حيص بيص) كما يقولون.. |
أبو داس: قيل لي إن مزيني خرج من عند (إيليوس) مربد الوجه ثم استدعى إليه اليهودي دانيال.. |
سيلاوس: لعلّهما يتشاوران في إيجاد مخرج من الورطة التي وقع فيها الجيش الروماني.. |
أبو داس: أترى يستطيع اليهودي القذر إيجاد المخرج.. |
سيلاوس: من يدري يا أبا داس فهؤلاء اليهود باتصالاتهم التجارية أصبحوا على معرفة دقيقة بمخارج بلاد اليمن ومداخلها.. ثم.. |
أبو داس: ثم ماذا؟.. |
سيلاوس: ثم لا شك أن لهم أوكاراً سرية بها أعوانهم الذين يلبسون لكل حالة لبوسها.. |
أبو داس: أتظن أن اليهود خلال هذه الحقبة من الزمن قد استطاعوا إيجاد جيوب لهم في بلاد اليمن يلجأون إليها حين الحاجة.. |
سيلاوس: اليهود خبثاء ماكرون يعرفون كيف يخلقون وأماكن التآمر والمكائد ليستعملوها في الوقت المناسب.. |
أبو داس: على كل حال أرى في المعسكر الروماني تحركات مريبة ولعلّها نذر الخطة التي اتفق عليها.. |
سيلاوس: سنرى ما سيكون عليه الأمر فالهجوم الحميري المتواصل قد أرهق ولا شك القوات الرومانية.. |
أبو داس: يلوح لي أنّ القيادة الرومانية تفكر في الخروج من هذا المكان قبل حلول الظلام حتى لا تتعرض لهجمات العصابات الحميرية.. |
سيلاوس: ليتها لا تهتدي إلى الخروج من هذا المأزق الذي هي فيه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزيني يقول): |
مزيني: سيدي القائد.. |
إيليوس: ما وراءك يا مزيني؟.. |
مزيني: وافق اليهودي دانيال على الخطة ولو أنها تكلفنا بعض الضحايا.. |
إيليوس: بلى.. بلى.. ومن المؤسف أننا مضطرون لذلك.. |
مزيني: كما وافق على إرسال أحد أعوانه برسالتكم إلى قائد الأسطول الروماني لكي يتولى حراسة معسكر المرضى.. |
إيليوس: برافو.. دانيال.. برافو.. الرسالة جاهزة خذها إليه واشرعوا في تنفيذ خطة الانسحاب.. |
مزيني: وسيأخذنا دانيال اليهودي من طريق اقرب إلى (مارياما) من طريق المزارع الذي لا شك أن القيادة الحميرية قد زرعته بالعصابات وكتائب المقاومة.. |
إيليوس: يا له من دليل عبقري.. سنكافئه حتى يرضى.. |
مزيني: أرى أباد داس وسيلاوس في الطريق إلى سيدي القائد.. |
إيليوس: لقد جاءا في الوقت المناسب وسأبقيهما لدي حتى لا يعرفا بخطة الانسحاب فتكون مفاجأة لهما.. |
مزيني: ولا شك أنها مفاجأة غير سارة.. |
(موسيقى تصاحب دخول أبي داس وسيلاوس): |
أبو داس: طاب يومك سيدي القائد.. |
إيليوس: ويومك يا أبا داس.. |
سيلاوس: لعلّ سيدي القائد لم تزعجه التحرشات الحميرية.. |
إيليوس: إنها تحرشات منتظرة ولكنها غير مزعجة بالشكل الذي لا بد وأن القيادة الحميرية قد قدرته لها.. |
أبو داس: صدق سيدي القائد.. هذه أمور منتظرة ولكن القوات الرومانية قادرة على سحقها والسير قدماً نحو هدفها.. |
سيلاوس: ليس عندي أدنى شك في مقدرة القوات الرومانية على سحق أي هجوم حميري وما قلت ما قلت إلا لاهتمامي براحة سيدي القائد.. |
إيليوس: من يدخل الحرب لا ينتظر الراحة إلا بعد كسب المعركة.. ونحن ما زلنا في بدايتها بل مقبلون على ذروتها.. |
أبو داس: أجل سيدي القائد أجل وسيكون النصر حليف جيشكم المظفر.. |
سيلاوس: ولقد أصبح الطريق مفتوحاً إلى (مارياما) ولن تعيقنا عنه التحرشات الحميرية الهزيلة.. |
إيليوس: يظهر أن القائد الحميري الموكول إليه صد زحف قواتنا من أبرع القواد الحميريين.. |
أبو داس: لا تقدر الرجال إلا الرجال وسيدي القائد خير من يقدر الرجال.. |
إيليوس: في الحقيقة هذا القائد الحميري عنده تخطيط سليم يدل على أنه قائد محنك.. |
سيلاوس: القيادة الحميرية تقدر مهارة سيدي القائد ولذلك رمت في الميدان بأحسن ما لديها من قواد.. |
إيليوس: أيعرف أحدكما اسم هذا القائد الحميري؟.. |
أبو داس: أنى لنا أن نعرف ونحن ملازمان لسيدي القائد.. |
إيليوس: على كل حال إن لم نعرف اسمه اليوم ففي غد سنعرفه.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت القائد همام يقول).. |
همام: توجه الكتائب الحميرية ضربات متواصلة للقوات الرومانية بقصد إضعاف مقاومتها وإنهاكها وإرغامها على البقاء حيث هي لتكون هدفاً صالحاً لهجومنا الليلي.. |
أصوات: بورك في الكتائب الحميرية.. بورك فيها.. |
همام: والقوات الرومانية تسعى جاهدة للخروج من المكان الذي هي فيه قبل أن يدخل المساء.. |
أصوات: يجب أن لا تتمكن من الخروج مهما غلا الثمن.. |
همام: ولكن القيادة الرومانية ستضحي بقسم من جنودها في سبيل الخروج من هذه الورطة.. |
أصوات: هل يستطيع؟ |
همام: أجل إذا دفعت الثمن غالياً.. |
أصوات: ما العمل أيها القائد؟ |
همام: يجب صد تحركات القوات الرومانية ومراقبتها بدقة.. ومنع أية اتصالات بينها وبين معسكر المرضى.. |
أصوات: رأي سديد.. رأي سديد.. سنعمل به.. سنعمل به.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت همام يقول): |
همام: ما هذا الهرج والمرج والضجيج؟.. |
أصوات: قبضت دوريتنا على هذا اليهودي ومعه رسالة بلغة الرومان.. |
همام: إليّ به.. |
(يدخل اليهودي شمعون وهو يرتجف ويقول): |
شمعون: لا تقتلوني.. لا تعذبوني.. سأعترف.. |
همام: هيا اعترف.. ما اسمك؟ |
شمعون: اسمي شمعون؟.. |
همام: من أرسلك؟ |
شمعون: القائد الروماني.. |
همام: القائد الروماني بالذات.. |
شمعون: لا.. |
همام: إذن من الوسيط؟.. |
شمعون: دانيال.. |
همام: ومن دانيال؟ |
شمعون: دليل الحملة الرومانية وهو يهودي مثلي.. |
همام: عرفناه من اسمه؟ والرسالة إلى من؟ |
شمعون: إلى قائد الأسطول الروماني.. |
همام: أتعرف فحوى الرسالة.. |
شمعون: لا.. لأني أجهل اللغة التي كتبت بها.. |
همام: وتحمل شيئاً لا تعرف محتوياته قد يكون مثلاً فيه أمر بإعدامك.. |
شمعون: ولكني واثق من عمي دانيال إنه لا يرسلني إلى حتفي.. |
همام: كيف وأنت الآن معرّض للقتل بتهمة حملك لرسالة أعدائنا. قل لي.. |
شمعون: ماذا أقول لك؟.. |
همام: ألم يلمح لك عمك دانيال بشيء عن فحوى هذه الرسالة.. |
شمعون: لا.. لا.. |
همام: خذوا هذا اليهودي القذر واجلدوه لعلّه يعترف.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الجلد مصحوباً بصرخات شمعون الذي يقول أخيراً): |
شمعون: سأعترف.. سأعترف.. ارحموني من الجلد.. أشفقوا علي.. |
همام: قل ولا تكذب.. |
شمعون: قال لي عمي دانيال إن الرسالة تتعلق بمعسكر المرضى الروماني.. |
همام: وماذا بعد؟ |
شمعون: لا شيء.. لا شيء.. |
همام: اجلدوه وأشبعوه جلداً.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الجلد مصحوباً بصرخات شمعون الذي يقول): |
شمعون: سأقول.. ارحموني.. |
همام: لا رحم الله من يرحمك أيها اليهودي القذر.. قل.. (وإلا أمرتهم بأن يحموا أسياخ الحديد ويكووك بها.. |
شمعون: لا.. لا.. سأقول.. |
همام: قل بسرعة.. بسرعة.. |
شمعون: طلب القائد الروماني من قائد الأسطول إرسال إمدادات لحماية معسكر المرضى.. |
همام: وماذا بعد؟.. |
شمعون: لا شيء عندي ورب موسى أكثر مما قلت.. |
همام: والحملة الرومانية ما هي معلوماتك عن تحركاتها؟.. |
شمعون: لا أعلم شيئاً وأنّى لي أن أعلم.. |
همام: هيا.. أسياخ الحديد والنار والكي جاهز.. قل وإلاّ.. قل وإلاّ.. |
شمعون: أية تحركات.. هي في حركة دائمة.. |
همام: أقصد ما هي خطة القائد الروماني؟.. |
شمعون: كيف أعرف خطة القائد الروماني وأنا لا أتصل به.. |
همام: لا بد أن عمك اليهودي دانيال يعلم كثيراً عن خطة الرومان الجديدة.. |
شمعون: لعلّه يعلم ولكنه لم يقل لي شيئاً.. |
همام: أنتم اليهود لا تكتمون شيئاً عن بعضكم البعض. لا شك أنه قال لك شيئاً وأنت لا تريد أن تطلعنا عليه (ثم يصرخ) خذوه واكووا جلده بالنار.. |
شمعون: (مستجدياً) عمي.. عمي.. دانيال.. قال لي.. |
همام: قال لك ماذا؟.. |
شمعون: قال إن الجيش الروماني يعاني كثيراً من هجمات الكتائب الحميرية وأنه.. |
همام: وأنه ماذا؟ |
شمعون: وأنه يريد الخروج من مكانه قبل حلول الظلام خوفاً من هجوم العصابات الحميرية.. |
همام: وبعد يا شمعون وبعد.. |
شمعون: وإن القائد الروماني أمر بمشاغلة الكتائب الحميرية بكتيبة من الجيش الروماني لكي يتسنى لبقية الجيش الانسحاب قبل دخول الليل.. |
همام: وما دخل عمك دانيال في الأمر؟.. |
شمعون: لقد استشاره في الموضوع فوافق على الخطة.. |
همام: هل بدأ الجيش الروماني انسحابه؟ |
شمعون: أجل بدأ قبل خروجي من معسكره.. |
همام: كيف لم تلاحظوا ذلك يا قوم.. |
أصوات: لاحظنا تحركات رومانية ولكنها لم تكن غريبة فحسبناها تقل قوة من جهة إلى جهة أخرى.. |
همام: هل سار الجيش الروماني المنسحب عن طريق المزارع أو اتخذ طريقاً آخر.. |
شمعون: قال لي عمي دانيال إنه سيدل الجيش الروماني على طريق أقصر إلى (مارياما) من طريق المزارع.. |
همام: أيعني طريق الفهود؟ |
شمعون: بلى.. بلى.. |
همام: حسناً.. أيها الحراس.. خذوا شمعون.. حزوا رأسه واحملوه في طبق إلى سيدة القائد الروماني ليرى جزاء الخائنين. |
|