الحلقة ـ 37 ـ |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزيني يقول): |
مزيني: سيدي القائد! |
إيليوس: ماذا وراءك يا مزيني؟.. |
مزيني: طلع الفجر وتوقف هجوم العصابات الحميرية. فماذا يأمر سيدي القائد؟.. |
إيليوس: يجب أن نغادر هذا المكان ويكفينا ما مُنِينَا به من خسائر في الرجال والعتاد.. |
مزيني: هل نسير في الطريق الذي أشار به دليلنا اليهودي دانيال أو نسلك طريق آخر يعرفه سيدي القائد؟ |
إيليوس: دليلنا هو قائدنا فلنسر في الطريق الذي يشير به ما دمنا واثقين منه.. |
مزيني: ما رأى سيدي القائد لو استشرنا أبا داس وسيلاوس في الأمر.. |
إيليوس: رأي سديد.. ادعهما إليّ حالاً.. |
مزيني: ها هما قادمان سيدي القائد.. |
إيليوس: فليدخلا حالاً.. |
(دخول أبي داس وسيلاوس بعدها صوت أبي داس يقول): |
أبو داس: طاب صباحك سيدي القائد.. |
إيليوس: وصباحك يا أبا داس.. |
سيلاوس: أرجو أن لا يكون هجوم العصابات الحميرية قد سبب إزعاجاً لسيدي القائد. |
إيليوس: لا شك ولكن مزيني قد قام بالعبء خير قيام وأنتما أراكما منهوكين يظهر أنكما لم تناما أبداً.. |
أبو داس: لقد كنا نقاتل مع جيشكم المظفر.. |
إيليوس: بورك فيكما.. بورك فيكما.. |
أبو داس: لقد كانت مقاومة جيشكم الباسل رائعة جداً حتى أفسدت على المهاجمين خطتهم ومنعتهم من تحقيق أهدافهم.. |
سيلاوس: لقد أدار مزيني المعركة بنفسه وكان موفقاً كل التوفيق وهذا شيء لا يستغرب على مواهب قائد فذ مثل مزيني.. |
إيليوس: يسعدني أن أسمع هذا الثناء وإنني معكما أيضاً في تقديري لمواهب مزيني.. |
مزيني: إن كنت قد وفقت فما ذلك إلا بفضل إرشادات وتوجيهات سيدي القائد.. |
إيليوس: لقد رأيت قبل أن اصدر أمري إلى مزيني بمغادرة هذا المكان إلى (مارياما) أن آخذ رأيكما في أي الطريق نسلك.. |
أبو داس: أرى والرأي الأول لسيدي القائد أن نسلك طريق المزارع فإنها طريق مأهول بالسكان عامر بالضياع والقرى.. |
إيليوس: إذن أصدر الأوامر بالزحف على (مارياما) عن طريق المزارع.. |
(قعقعة السلاح وصليل السيوف وصهيل الخيل ووقع أقدامها نسمع بعدها صوت (ملك سبأ وذو ريدان) يقول): |
الملك: تقترب الحملة الرومانية من منطقة (مارياما).. |
اليشرح: والعصابات الحميرية ألم تفعل شيئاً.. |
الملك: يظهر أنها لم تتوفق في إعادة تقدم القوات الرومانية.. |
اليشرح: هذا شيء غريب.. يجب محاسبة قائد هذه العصابات.. |
الملك: إنه القائد همام وهو من القواد الذين يعتمد عليهم.. |
اليشرح: لعلّ الحملة الرومانية كانت تهجع بالليل في أماكن حصينة تدرأ عنها هجمات العصابات الحميرية أو على الأقل تحد من خطورتها.. |
الملك: ربما يكون هذا هو السبب فالحملة الرومانية تستعين بدليل يهودي اسمه دانيال يعرف مداخل الطريق إلى (مارياما) ومخارجها.. |
اليشرح: يجب اغتيال هذا الدليل اليهودي بأي ثمن كما يجب أن نتخلص من اليهود الموجودين في (مارياما) قبل دخول القوات الرومانية إليها.. |
الملك: لقد هرب اليهود الموجودون في (مارياما) إلى داخل مملكتنا بمجرد سماعهم بالزحف الروماني.. |
اليشرح: إذن علينا أن نعتمد على العصابات الحميرية في إعاقة الزحف الروماني مهما كانت التضحيات ومهما تعرضنا فيها إلى خسائر.. فأعاقت تقدم الزحف الروماني يعطينا الفرصة لاستكمال استعداداتنا.. |
الملك: لا يمكنني إعطاءكم بياناً بالخطة التي يسير عليها القائد (ريدان) لأنه كثيراً ما يغير خططه وفقاً لمتطلبات المعركة.. |
اليشرح: إذا سلكت الحملة الرومانية طريق المزارع فمن الصعب إيقاف تقدمها لسهولة الطريق وعدم وجود أماكن تستطيع العصابات الحميرية مهاجمة الحملة الرومانية.. |
الملك: المفروض أن اليهودي دانيال سيدل الحملة على طريق المزارع.. |
اليشرح: حبذا لو تقوم العصابات الحميرية باحتلال المركز الذي أقامه الرومان لمرضاهم في منتصف الطريق بين مارياما ونجرانا.. |
الملك: ولكن المرضى من سيعتني بهم.. |
اليشرح: الأطباء الرومان الذين يعالجونهم حالياً.. |
الملك: ولكن ذلك يكلفنا عبئاً قد لا نقدر عليه ثم إنك كنت قبل هنيهة تطلب عدم تعقب الحملة الرومانية في حال ارتدادها من (مارياما) لذلك فإننا نخشى من العدوى على جنودنا.. |
اليشرح: صدقت أيها المليك صدقت.. كنت أريد عمل أي شيء لإعاقة تقدم القوات الرومانية.. |
الملك: الذي أراه أن همام قائد العصابات الحميرية سيلاحق الحملة الرومانية وسوف لا يترك لها أية فرصة للراحة في الليل.. |
اليشرح: عسى أنه يهتدي إلى هذا الرأي.. |
الملك: لا شك عندي أنه سيعمل بهذا الرأي. وأن هذه الملاحقة والمطاردة سوف تؤثر على معنويات جنود الرومان وستجعلهم في حالة فزع مستمر. إنها حرب أعصاب وما أفظع حرب الأعصاب.. |
(قعقعة السلاح وصليل السيوف وهمسات المشائين نسمع بعدها صوت القائد همام يقول): |
همام: لقد سلك عدوكم طريق المزارع محاولاً تفويت فرصة مهاجمتكم له.. |
أصوات: ما أري يا همام..؟ |
همام: أرى أن نلاحق الحملة ونتعقبها فلا نترك لها سبيلاً للراحة مع دفن آبار المياه ووضع الصخور والجنادل في طريق الحملة.. |
أصوات: رأي سديد.. رأي سديد.. |
همام: وكنت حسبت حساب تفويت الفرصة فأرسلت قسماً من إخوانكم لتدمير الآبار ووضع الحجارة والصخور في الممرات الضيقة وإتلاف المزارع التي قد يستفيد منها أعداؤكم.. |
أصوات: بورك فيك أيها القائد همام.. بورك فيك.. |
همام: والآن علينا أن نسير بسرعة لمطاردة الحملة الرومانية ومنعها من إرسال المرضى إلى المعسكر الذي وضعوه في منتصف الطريق بين (نجرانا) و (مارياما) وبذلك نزيد في انتشار المرض بين جنود الرومان من جهة وتخلق لهم صعوبات جديدة لم يكونوا ليحسبوا حسابها.. |
أصوات: هيا بنا أيها القائد.. هيا بنا.. |
(قعقعة سلاحهم ووقع حوافز دوابهم وهمهماتهم وزمزماتهم نسمع بعدها صوت أبي داس يقول): |
أبو داس: الحملة الرومانية تسير بسرعة مذهلة ولا شيء يعيق تقدمها يا سيلاوس.. |
سيلاوس: من يدري فنحن لا ما زلنا في بداية الطريق ولا بد أن القيادة الحميرية قد أعدت للحملة الرومانية ما يعيق تقدمها.. |
أبو داس: ولكن لا يوجد في الطريق موانع جبلية قد تستغلها القيادة الحميرية لمهاجمة الحملة الرومانية.. |
سيلاوس: في الطريق طرق ضيقة ومسالك وعرة يمكن للعصابات الحميرية أن تهدد الحملة الرومانية منها أو تعيق تقدمها وسيرها.. |
أبو داس: إذا لم يفتك المرض بأفراد الجيش الروماني فلا أعتقد أن القيادة الحميرية تستطيع إيقاف تقدمها. |
سيلاوس: أراك اليوم يائساً يا أبا داس وعهدي بك لا يعرف اليأس إلى قلبك سبيلاً.. |
أبو داس: لا.. لست يائساً ولكني حانق لأن العصابات الحميرية لم تتمكن من إيقاف الزحف الروماني وتركته يسير بهذه السرعة الفائقة.. |
سيلاوس: أتعرف كم كانت خسائر الجيش الروماني البارحة؟ |
أبو داس: لا.. ولكني أعتقد أنها جسيمة.. |
سيلاوس: لقد بلغت أكثر من مائة جندي ما عدى الخسائر في الميرة والعتاد.. |
أبو داس: ما علمت بهذه الخسائر إلا الآن.. |
سيلاوس: ولذلك أسرع (إيليوس) في مغادرة هذا المكان خشية أن يهاجم في المساء مرة ثانية وتكون الخسارة أعظم.. |
أبو داس: والدليل اليهودي دانيال ألا يمكن عمل شيء من أجل التخلص منه يا سيلاوس.. |
سيلاوس: إن هذا اليهودي القذر شديد الاحتراس.. إنه موجود دائماً مع (مزيني) أو (إيليوس) لا يفارقهما لقد ربط مصيره بهما.. |
أبو داس: يا له من يهودي شيطان لعين.. لقد عرف كيف يحافظ على حياته.. |
سيلاوس: صه يا أبا داس فمزيني قادم إلينا وهو يزهو كالطاووس.. |
أبو داس: من حقه أن يزهو ويتبختر وقد أصبحت أبواب مدينة (مارياما) مفتوحة أمامه.. |
سيلاوس: هذه حقيقة يجب أن نعترف بها حتى الآن.. ولكنها قد تتغير.. |
أبو داس: إذا حدثت المعجزات وهل نحن في عصر المعجزات.. |
(وصول موكب مزيني الذي نسمعه يقول): |
مزيني: طاب يومكم.. |
أبو داس: طاب يومك أيها القائد.. |
مزيني: كيف ترى طريقنا يا سيلاوس؟ |
سيلاوس: هيّن ليّن ولا أرى هنالك ما يمنع قوات الجيش الروماني المظفر من احتلال (مارياما).. |
مزيني: إذا سارت الأمور بهذا الشكل فسنحتل (مارياما) بأسرع مما قدرنا لاحتلالها.. |
أبو داس: هل تتوقعون مقاومة حميرية على هذا الطريق أيها القائد؟.. |
مزيني: لقد عودنا العرب على المفاجآت ولا يستبعد أن نواجه مقاومة من القوات الحميرية.. |
سيلاوس: ولكن مسيرة جيشكم هذا اليوم أحسن مسيرة رأيتها.. |
مزيني: لا تتعجل حسن الظن يا سيلاوس.. انظر.. إني أرى قائد قوات الطليعة يسرع نحونا.. |
أبو داس: لعلّه يأتينا بأخبار سارة.. |
مزيني: سارة أو غير سارة من يدري؟ |
سيلاوس: الجواب عند قائد قوات الطليعة.. |
(ركض فرس قائد الطليعة الذي نراه يدخل ثم يسر إلى (مزيني) بشيء يقول على أثره): |
مزيني: أما قلت لك يا سيلاوس بأن لا تتعجل حسن الظن.. فقد أخبرني قائد الطليعة أن قوات المقاومة العربية دمرت الآبار وأحرقت المزارع ووضعت الجنادل والصخور في الممرات الضيقة.. |
أبو داس: ستزيلها قوات الطرق بسرعة.. |
مزيني: هل تمكنها قوات المقاومة العربية من ذلك.. |
سيلاوس: لا أظن أن قوات المقاومة العربية تستطيع أن تثبت أمام قواتكم العتيدة. |
مزيني: سنرى يا سيلاوس.. سنرى.. |
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت شمس تقول): |
شمس: ألا أخبار جديدة عن الحملة الرومانية يا مزاحم..؟ |
مزاحم: بلى يا أختاه بلى.. |
شمس: ما هي يا أخي؟ |
مزاحم: تقول الأخبار إن القوات الرومانية بدأت زحفها صوب (مارياما).. |
شمس: يا لها من أخبار مزعجة.. مزعجة جداً.. |
مزاحم: وإن الحميريين لا ينوون الدفاع عن (مارياما).. |
شمس: كيف.. أيتركون مدينة كهذه تقع لقمة سائغة في أيدي الرومان.. |
مزاحم: لقد حشد الحميريون قوات كبيرة على المرتفعات المؤدية إلى عاصمتهم. |
شمس: أليست هنالك عصابات جهزت لتعيق تقدم القوات الرومانية؟.. |
مزاحم: لا شك يا شمس ولكنها ليست من القوة بحيث تصد الزحف الروماني.. |
شمس: المهم أن يشعر الرومان بمقاومة مهما تكن ضآلتها.. |
مزاحم: أخشى أن يقوم الرومان بحركة تضليل بارعة.. |
شمس: ما هي مثلاً يا مزاحم؟.. |
مزاحم: كأن يعدلون فجأة عن احتلال (مارياما) ويسرعون صوب العاصمة الحميرية.. |
شمس: ألا ترى معي أن القيادة الحميرية لا بد أنها حسبت لمثل ذلك.. |
مزاحم: قد يكون وقد لا يكون.. |
شمس: ولكن الذي أعرفه وأسمعه من أبي وزوجي أن (مارياما) هي مفتاح الطريق إلى العاصمة الحميرية.. |
مزاحم: كفة الرومان أراها ترجح منذ احتلالهم لمدينة (نجرانا) ولا أدري هل يستطيع الحميريون تغيير مجرى الحوادث.. |
(أصوات مدوية وصرخات مرعبة نسمع بعدها صوت (إيليوس) يقول): |
إيليوس: مزيني! مزيني! |
مزيني: سيدي القائد.. |
إيليوس: أبدأت العصابات العربية تهاجم في وضح النهار..؟ |
مزيني: لا.. سيدي القائد.. |
إيليوس: إذن ما هذا الذي أسمع.. |
مزيني: إنها كتائب صغيرة من الجيش الحميري تهاجمنا محاولة إعادة تقدمنا صوب (مارياما). |
إيليوس: عجيب أمر القيادة الحميرية.. |
مزيني: إن هذه الهجمات على شكل موجات صغيرة تهدف إلى إضعاف قوة الصمود لدى قواتنا وكسر معنوياتها وإدخال الرعب في صفوفها.. هذا من جهة.. |
إيليوس: ومن جهة أخرى ماذا يا مزيني.. |
مزيني: إيقاف سيرنا وحبسنا في هذه المنطقة الصعبة حتى يحين المساء لتهاجمنا العصابات العرببة.. |
إيليوس: تخطيط بارع تقوم به القوات الحميرية.. يجب مقاومته بتخطيط أبرع.. |
مزيني: من سيدي القائد نطلب التوجيه والإرشاد.. |
إيليوس: يجب الخروج من هذه المنطقة قبل حلول الظلام مهما كلف الثمن.. |
مزيني: أمرك سيدي القائد.. ولكن.. |
إيليوس: ولكن ماذا؟.. |
مزيني: ولكن هجمات الكتائب الحميرية المتكررة أنهكت قوى جيشنا بالإضافة إلى الحالة الجديدة التي تجابهنا اليوم. |
إيليوس: ما هي يا مزيني.. ما هي.. |
|