شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 35 ـ
سيلاوس: واجتماع مكة المرتقب أرجو أن يتم قبل أن يقوم إيليوس بهجوم غادر..
أبو داس: اجتماع مكة ليس هو اليوم يا سيلاوس؟..
سيلاوس: بلى يا أبا داس ولكني لا أدري هل طرأ على موعده شيء؟..
أبو داس: لو طرأ شيء على موعده لذاع وانتشر فأخبار السوء لا تخفى..
سيلاوس: سأظل أتقلب على جمر القلق حتى أعرف ماذا سيتمخض عنه الاجتماع.
أبو داس: سواء قلقت أم أخلدت للسكون فما قدر سيكون..
سيلاوس: ولكني لا أستطيع كبح سورة القلق التي تساورني وتستحوذ على مشاعري تطالعني في صباحي ومسائي وليلي ونهاري..
أبو داس: التجلد وكبت الشعور مطلوب منا في الظروف التي نعيشها.. فنحن محاطون برقابة شديدة تحصي علينا أنفاسنا وحركاتنا وسكناتنا..
سيلاوس: صه يا أبا داس فمزيني قادم إلينا..
أبو داس: لعلّنا نستطيع أن نستشف من حديثه بعض ما يخبىء في صدره..
سيلاوس: إنه خبيث مثل سيد إيليوس.. وسره لا يطلع من صدره بسهولة..
أبو داس: على كل حال سنرى..
(يدخل مزيني فيقول له سيلاوس):
سيلاوس: مرحباً بك أيها القائد مزيني..
مزيني: وبك يا سيلاوس..
أبو داس: لقد أسعدتنا بهذه الزيارة..
مزيني: إني أنا السعيد يا أبا داس. فمجلسك الأنيس يتسابق إليه المتسابقون..
أبو داس: أخجلتني يا مزيني بلطفك وظرفك وكمالك..
سيلاوس: ذلك غير مستغرب من مزيني الروماني العريق..
أبو داس: لقد كان انتصارك الرائع على القائد الحميري مثار إعجاب الناس الذين يتوقعون لكم انتصارات باهرة في زحفكم القادم..
سيلاوس: كانت معركة هائلة تجلت فيها أصالة الجندي الروماني وعراقته في ميدان القتال..
أبو داس: أنسيت القيادة الحكيمة الموجهة يا سيلاوس..
مزيني: أنا الآن الذي يحق لي أن أقول: أخجلتم تواضعي يا ناس.
سيلاوس: كلمة الحق يجب أن تقال أيها القائد..
مزيني: المناطق التي دارت فيها المعركة ضد القائد الحميري كانت جبلية وعرة إنها تذكرنا بمناطق شمالي إيطاليا.. ولا أدري..
أبو داس: ولا تدري ماذا يا مزيني؟..
مزيني: لا أدري هل جميع بلاد الحميريين بهذه الوعورة..
أبو داس: سيلاوس أعلم مني يا مزيني وهو دليل هذه الحملة..
سيلاوس: بلاد الحميريين أكثرها جبلي وعر حتى أنه في بعض المناطق لا تستطيع الخيل المشي ويضطر المرء إلى المشي على رجليه أو امتطاء البغال والحمير..
مزيني: حتى المناطق الساحلية بهذا الشكل يا سيلاوس..
سيلاوس: المناطق الساحلية أكثر أراضيها سهلية..
مزيني: وعاصمة الحميريين تقع بلا ريب في المناطق الجبلية..
سيلاوس: بلى يا مزيني بلى..
مزيني: إذن فالوصول إليها ليس هيناً..
سيلاوس: بالطبع.. بالطبع..
مزيني: ما هي أقرب مدينة مأهولة لعاصمة الحميريين؟..
سيلاوس: (مارياما) على ما أعتقد.. وهي البلد الآهل بالسكان.. قد توجد أماكن أقرب ولكنها غير مأهولة..
أبو داس: البلد المعمور خير من الخرب.. ومارياما أرى ضرورة احتلالها من قبل الجيش الروماني..
مزيني: هذا شيء لا أستطيع أن أقرره أنا أو أنت يا أبا داس..
أبو داس: من دون شك.. من دون شك يا مزيني.. فالأمر أولاً وآخراً بيد سيدي القائد المظفر: إيليوس..
مزيني: أجل يا أبا داس أجل.. ما أسهل الدخول في الحديث عن الحروب وما أصعب الخروج منه..
سيلاوس: ذلك لأنه حديث الساعة وهو الهدف الذي جاء بنا إلى هذه البلاد..
مزيني: يا لها من بلاد صعبة. ما أقسى طبيعتها وما أفظع مناخها وجوها لقد أطلت عليكم الحديث فإلى اللقاء.
أبو داس: إلى اللقاء يا مزيني.. إلى اللقاء..
(وقع أقدام مزيني وهو يغادر المكان نسمع بعدها صوت سيلاوس يقول):
سيلاوس: ما رأيك يا أبا داس؟..
أبو داس: لقد جاء مزيني يجمع معلومات ينقلها إلي سيده إيليوس ليرسم على ضوئها خطة المستقبل..
سيلاوس: ألا يكون هدفه من جمع هذه المعلومات هو لمقارنتها بما لديه من معلومات من مصادر أخرى.
أبو داس: ليس ذلك ببعيد.
سيلاوس: ألا ترى أن أسئلة مزيني هي من قبيل التعمية..
أبو داس: كل شيء ممكن يا سيلاوس.. ولا سيما من تلميذ إيليوس المغرور..
سيلاوس: أرجح أن إيليوس قد رسم الخطة بسبيل تنفيذها وأنه أرسل مزيني لزيادة التوضيح..
أبو داس: وإن البلد الذي سيهاجمها إيليوس هي مارياما..
سيلاوس: إذن يجب أن يحاط المسؤولون هناك بذلك..
أبو داس: أجل يا سيلاوس أجل ولكن..
سيلاوس: ولكن ماذا يا أبا داس؟..
أبو داس: أما لاحظت شيئاً بين أفراد الجيش الروماني وفي مدينة (نجرانا) بالذات.
سيلاوس: ما هو.. لم ألاحظ شيئاً..
أبو داس: أينما ذهبنا في (نجرانا) نجد كثيراً من المرضى معصوبي الرأس.. وكذلك بين أفراد الجيش الروماني..
سيلاوس: أتظن أنه مقدمة وباء.
أبو داس: لا يستبعد.. فقد تساقط كثيراً من القتلى من الطرفين في الطريق إلى (نجرانا)..
سيلاوس: وكذلك قتلى المعركة التي قتل فيها القائد الحميري..
أبو داس: إذا كانت هذه بوادر وظهور مرض وبائي فقل على الحملة الرومانية السلام فسيقضي عليها الوباء قبل أن تفتك بها سيوف الحميريين..
سيلاوس: وقل علينا أنت وأنا السلام..
أبو داس: مرحباً بالموت في سبيل إنقاذ بلادنا من المعتدين الظالمين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مزاحم يقول):
مزاحم: البشرى يا شمس البشرى..
شمس: بشرك الرب بالخير.. ما وراءك؟..
مزاحم: نجح اجتماع مكة وتصالحت القبائل المتناحرة وعادت تنتظم مكانها في التجمع العربي..
شمس: بورك في أمير مكة.. بورك فيه..
مزاحم: أما قلت لك إن القادة الصالحين موجودون بين العرب..
شمس: حمداً لك يا إلهي وشكراً..
مزاحم: ولكن..
شمس: ولكن ماذا يا مزاحم ماذا؟
مزاحم: أحرز الرومان انتصاراً باهراً حول مدينة (نجرانا) قتل فيه القائد الحميري (صرواح)..
شمس: خسارة لا تعوّض.. هذا ثاني قائد حميري يذهب في ميدان الشرف والكرامة..
مزاحم: ولكن القائد (ريدان) الذي يخشاه الرومان قد استرد صحته وعاد إلى الميدان للدفاع عن العاصمة الحميرية..
شمس: هذه بشرى أو بالأحرى تعزية لنا فيمن فقدنا من قادة في حربنا مع الظالمين المعتدين..
مزاحم: والشيء الذي يشغل بال الناس هو ما هي الخطوة التالية للقوات الرومانية..
شمس: هل غير عاصمة الحميريين؟..
مزاحم: هذا مسلم به ولكن هل سيهاجمون العاصمة الحميرية رأساً أو يحتلون (مارياما) ومنها يستعدون للزحف على العاصمة الحميرية..
شمس: أنا أرى أن الرومان سيحتلون (مارياما) أولاً ثم يزحفون على العاصمة الحميرية بعد ذلك..
مزاحم: كيف يا شمس كيف استنتجت ذلك؟..
شمس: ذلك لأن (مارياما) في أقصى الجنوب الشرقي والطريق منها مفتوح إلى العاصمة الحميرية إن لم توجد مقاومة فعّالة من الحميريين.
مزاحم: ولكن الاتصال بين الأسطول البحري الروماني والحملة الرومانية البرية سيكون مفقوداً..
شمس: ولكن أمل القيادة الرومانية في الاحتلال السريع للعاصمة الحميرية يهون عليها هذه المخاطرة..
مزاحم: على كل حال ليت القوات الرومانية تقوم بهذه المخاطرة فتبتعد عن حماية الأسطول لها وتقع تحت رحمة القوات الحميرية..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (إيليوس) يقول):
إيليوس: مزيني!
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: ولتبق قوات الأسطول مرابطة حيث هي إلى أشعار آخر..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
إيليوس: وأمر أبا داس وسيلاوس بأن يكونا في طليعة القوات الرومانية الزاحفة..
مزيني: لقد رأيتهما في الطليعة قبل أن آتي إلى سيدي القائد..
إيليوس: على كل حل بلغهما أمري هذا..
مزيني: أمرك سيدي القائد..
(تصدح موسيقى الزحف الحربية ويبتدأ الجيش الروماني في السير في طريق (مارياما) نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: لقد صدقت تكهناتك وتكهناتي يا سيلاوس.. فالجيش الروماني يزحف صوب (مارياما) في أقصى الجنوب الشرقي من العاصمة الحميرية..
سيلاوس: وأنه ليزحف نحو مصيره المحتوم..
أبو داس: كيف يا سيلاوس كيف..؟
سيلاوس: إن (مارياما) تقع على حدود الأماكن الصحراوية القاحلة.. وسيعود الرومان إلى قتال الصحراء وخبرتهم فيها قليلة ولذلك فالهزيمة أمر محتوم..
أبو داس: ذلك ما كنا نبغي يا سيلاوس.. أليس كذلك؟
سيلاوس: بلى يا أبا داس بلى.. ولكن..
أبو داس: ولكن ماذا؟
سيلاوس: أخشى من نشوة الانتصارات التي حققها الجيش الروماني أن تمنحه نوعاً من قوة الصمود والجلد والمثابرة كما أخشى..
أبو داس: تخشى ماذا يا سيلاوس؟..
سيلاوس: أخشى ألا يجد الجيش الروماني أمامه أية مقاومة فيتخذ طريقه إلى العاصمة الحميرية..
أبو داس: ولكن المرض الذي ظهر بين أفراد القوات الرومانية سيفتك بها حتى ولو لم تكن هنالك مقاومة حميرية..
سيلاوس: إنك متفائل جداً يا أبا داس..
أبو داس: أنا دائماً متفائل حتى في أحرج الأوقات..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت إيليوس يقول):
إيليوس: مزيني!!
مزيني: سيدي القائد..
إيليوس: كيف سير الحملة يا مزيني..
مزيني: هائل.. هائل سيدي القائد.. لا مقاومة ولا عصابات.. لولا..
إيليوس: لولا ماذا يا مزيني..
مزيني: لولا ظهور مرض خبيث بين الجنود..
إيليوس: (صارخاً) مرض خبيث.. يا إلهي.. لقد هزمنا.. هزمنا..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :607  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 35 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.